أجمعت النقابات الديموقراطية والمناضلة المغربية، على إدانة التوجه الحكومي وسياسة الزيادات المتوالية في أسعار المواد الغذائية والإجهاز على القدرة الشرائية للشغيلة المغربية بمختلف أصنافها. فقد تعالت أمس أصوات العمال والموظفين وكل شرائح الفئات الشعبية بمناسبة اليوم العالمي للشغل، ففي الدارالبيضاء التي احتفت فيها الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل، بالعيد الاممي وتبادلت المركزيات حضور قيادييها في مختلف التظاهرات وتبادل الوفود في إشارة الى جو التنسيق والعمل المشترك، واختارت المنظمة الدمقراطية للشغل الاحتفاء بمدينة الرباط عبر مسيرة، في حين اختار الاتحاد العام للشغالين ملعب مولاي عبد الله بالرباط حيث نظم تجمعا مركزيا شارك فيه منتسبوه من جميع أنحاء المغرب. ودعما للجبهة الاجتماعية الموسعة ، لمواجهة التراجعات الحكومية ودفاعا عن الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، لبى المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نداء المركزيات النقابية ، حيث مثل الحزب بوفد تشكل من كل من الحبيب المالكي ، محمد محب ، حميد اجماهري، واحمد ابوه، في احتفالات الفدرالية الديموقراطية للشغل بالدارالبيضاء والذي تم تنظيمه بساحة البريد، وألقيت فيه كلمات ونظمت مسيرة حاشدة لمختلف القطاعات ، كما نظمت الفدرالية استعراضات في باقي المدن المغربية، بمساهمة محلية لمنتسبي ومنتسبات النقابة، ومسانديها والمتعاطفين معها، كما مثل كل من كمال الديساوي وعبد المقصود الراشدي حزب الاتحاد، بمشاركتهما الاتحاد المغربي للشغل، احتفاله السنوي بالدارالبيضاء، والذي مر في أجواء حماسية، وحمل شعارات قوية تطالب بالعدالة الاجتماعية والكرامة. كما شارك الاتحاد الاشتراكي في الاستعراض النقابي ،للمنظمة الديموقراطية للشغل ممثلا في أعضاء المكتب السياسي، عبد المجيد بوزوبع ، حنان رحاب، وعبد الجليل طليمات، ومثل الاتحاد أيضا في التجمع الجماهيري للاتحاد العام للشغالين بعضوي المكتب السياسي محمد درويش وبديعة الراضي. وحضر مصطفى عجاب ومحمد علمي عضوي المكتب السياسي، في احتفالات الفدرالية الديموقراطية للشغل بفاس، في ضيافة الاتحاد الجهوي بفاس للفدرالية الديموقراطية للشغل، وبالرباط حضر الاستعراض الفدرالي في ضيافة الاتحاد المحلي عضوا المكتب السياسي، يونس مجاهد وفتيحة سداس. وعرفت هذه التظاهرات العمالية سخطا كبيرا على الحكومة وسياستها التفقيرية والتجويعية للشعب والطبقة العمالية، واحتجاجات كبيرة على القرارات الاقتصادية التي تضرب القدرة الشرائية للفئات الاجتماعية المتعددة، كما طالبت الشعارات المرفوعة برحيل بنكيران وحكومته المحافظة التي أجهزت على العديد من المكتسبات الشعبية والتي تضرب في الصميم القدرة الشرائية، ولا تسعى للحوار الجدي مع الفرقاء النقابيين من أجل الوصول الى تنفيد الالتزامات السابقة، وتطوير منظومة الحوار والارتقاء به الى شكل مؤسس. وفي هذا الإطار شكل الإجهاز على المكاسب النقابية والحقوق والحريات، النقاط الاساسية التي ركز عليها خطاب الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، ميلود موخاريق، الذي أوضح أن منطق انحياز الحكومة للمحظوظين، وخدمتها لمصالح الرأسمال المتوحش، يقود إلى مخططات تصفية المكاسب النقابية، التي حققتها الطبقة العاملة، بفضل نضالاتها، وتضحياتها لعقود من الزمن، وذلك ما نشهده من خلال ضرب الحريات والحقوق النقابية، والقيام بحملة مسعورة على حق الإضراب المكفول دستوريا، والمحمي بالمواثيق والمعاهدات الدولية، كما أنها لم تتردد في اللجوء إلى الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي، من أجل متابعة المسؤولين النقابيين، المدافعين عن حقوق العاملات والعمال. وفي ظل هذه الأجواء المعادية للحق النقابي، ذكر موخاريق أن المجلس الوطني للاتحاد المغربي للشغل قرر تنظيم حملة وطنية انطلاقا من هذا اليوم، وطيلة شهر ماي، للدفاع عن الحريات والحقوق النقابية. من جهته توعد حميد شباط بحضور حشد من أنصاره بالرباط، الحكومة بمزيد من المعارك النضالية، وحمل بنكيران مسؤولية ما يتخبط فيه المغاربة من يأس وحيف. وأكد حميد شباط في عرضه أنه كان يتوقع «رفع الأجور بنسبة تسمح بعودة الروح للقدرة الشرائية المغتالة بمفعول سياسة الزيادات المتواصلة والمتلاحقة وهو الأمر الذي لم يحصل». وشدد أمين عام النقابة على «هذه هي غاياتنا في الاتحاد العم للشغالين بالمغرب ولذلك دائما نركز على العدالة الاجتماعية في الحقوق والواجبات أيضا. وإذا كانت التوازنات الماكرواقتصادية واجبة، فهي في العنصر البشري أوجب- ولذلك فإن موقفنا من السياسة الحكومية هو أنها سياسة لا شعبية، وإلا فما معنى الفرملة القوية التي أحدثتها بتقليصها من الاستثمار؟ وما معنى الإقدام على رفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة في كل شيء وعلى كل شيء؟ وما معنى المساس المباشر بالقوت اليومي للطبقات الشعبية الفقيرة بالمضي قدما في الرفع الممنهج للدعم عن صندوق المقاصة؟ والزيادات في ثمن المحروقات والمقايسة، وما معنى تعطيل إخراج سياسة واضحة سليمة في الأجور مبنية على التقييم الحقيقي للكلف ؟» مواقف باقي النقابات في اليوم العالمي للشغل، نستعرضها في الملف المخصص للتظاهرة العمالية. تكريسا لتقليد نضالي تاريخي ، نلتقي كل سنة بمناسبة فاتح ماي العيد الأممي، عيد الطبقة العاملة المغربية لنعرب لكم عن تضامننا ودعمنا الدائم لنضالاتكم ومطالبكم المشروعة. نلتقي اليوم لنسائل معكم الحكومة عما قامت به منذ السنة الماضية عن طبيعة الاجراء الملموسة التي اتخذتها لفائدة الشغيلة المغربية في الحواضر وفي البوادي.. عن مآل وعود الأمس اليوم. نلتقي اليوم وكما يعلم الجميع والأوضاع الاجتماعية في تدهور مستمر.، يتميز أساسا ب: - تنامي البطالة خاصة في صفوف النساء والشباب -إغلاق عدد متزايد من المقاولات، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة والتي تشكل العمود الفقري لاقتصادنا الوطني. -تراجع القطاعات الأكثر تشغيلا مثل قطاع البناء. هذه الأوضاع المتأزمة هي نتيجة السياسة الاقتصادية والمالية المتبعة والتي تعتمد النهج الليبرالي الهجين الهادف إلى تحكم السوق في كل شيء، مع تراجع الدولة عن مهامها الأساسية . هذه الأوضاع متأزمة نتيجة الارتجال وغياب رؤية واضحة مع الانفراد باتخاذ القرارات الكبرى التي لها وقع مباشر على ظروف العمل والحياة اليومية للمواطنين، حيث السلطوية في كل شيء من أجل التحكم في كل شيء: أي نهج سياسة الإقصاء من طرف الحكومة. وقد تابعنا كيف أنه، و منذ ثلاث سنوات: تدهور القدرة الشرائية لفئات اجتماعية واسعة من جراء تحرير أثمنة عدد من المواد الأساسية، ومن أهمها أثمنة المحروقات - تحت غطاء الإصلاح، إصلاح صندوق المقاصة - التوازنات ، الكلفة الاقتصادية والاجتماعية و منذ ثلاث سنوات: لم تعد الظروف الامنية في مدننا وجامعاتنا مطمئنة، بل تعرف انحرافات خطيرة تتجسد في العنف الدموي المفضي الى القتل. و بعد ثلاث سنوات : تأكد أن الحكومة عاجزة عن إصلاح القضاء، التعليم، بل أخطر من ذلك تأكد عجزها عن جعل دستور 2011 واقعا ملموسا يعيد الطمأنة والثقة لدى الجميع. بعد منذ ثلاث سنوات: تأكد أن الحكومة لا تحاور أحدا: لا تحاور المعارضة خلافا لما جاء به الدستور ، أو تحاور تحت الضغط بين الفينة والأخرى المركزيات النقابية ،كما حصل بعد مسيرة الغضب يوم 6 أبريل الاخير. النتيجة أن هذه الإجراءات تبقى مجرد مسكنات وحلول ترقيعية فقط عوض التوجه نحو اتخاذ القرارات الضرورية الخاصة بالحريات النقابية ومراجعة المادة 288 من القانون الجنائي. ونحو الحوار الثلاثي مع إشراك أرباب العمل ووضع منهجية في التفاوض على مستوى القطاعات. فالطبقة العاملة المغربية لا تحتاج الى هدايا ملغومة ليلة عيدها الأممي، فهي في حاجة الى احترام كرامتها من خلال تحقيق مطالبها. إن السؤال الذي يشغلنا جميعا هو :ما العمل لمواجهة السياسة الحكومية الحالية؟ ما العمل للحد من تعميق الفوارق الاجتماعية؟ ما العمل لإدماج الطاقات الشابة والنسائية اقتصاديا ومجتمعيا، عوض التهميش والانتظارية؟ وفي سياق تقديم الجواب نذكر بإنه ، منذ أزيد من سنة، بادر الاتحاد الاشتراكي من أجل جبهة اجتماعية واسعة (تضم أساسا النقابات المناضلة) . إيمانا منه بإنها ضرورة وطنية من أجل الحفاظ على استقرارنا الداخلي والخارجي على أساس الدفاع عن المكتسبات من جهة، مع تحقيق مطالب الشغيلة المغربية من جهة أخرى. وقد تم قبول هذه المبادرة بارتياح كبير من طرف المركزيات النقابية الحليفة حيث ساهمت في تجاوز مخلفات الماضي، وسنستمر في القيام بواجبنا خدمة لشعبنا وفي هذا السياق أيضا: نثمن عاليا العمل الوحدوي بين الاتحاد المغربي للشغل FDT/CDT ونأمل صادقين أن يتوسع ليشمل نقابات أخرى مناضلة. إن هذا التنسيق يشكل معطى أساسيا سيفتح آفاقا جديدة، كما سيجعل من الطبقة العاملة قوة أساسية لها كلمتها في كل ما يهمها، وشريكة في القرار وفاعلة في ضمان تطبيقه . ، فقد أكدت كل التجارب ، بالرغم من المد والجزر، أن حركية التغيير من أجل البناء مرتبطة بوحدة الطبقة العاملة التي تشكل القلب النابض لشعبنا. فعلينا جميعا ان نكون في الموعد، وفي مستوى تحديات المرحلة.. أبوه: الحكومة الحالية تعادي الشعب المغربي بقراراتها اللاشعبية قال أحمد أبوه «إن هذه الحكومة التي يقودها عبد الإله بنكيران حكومة معادية للشعب المغربي بكافة فئاته، بسبب القرارات اللاشعبية، وذلك بالزيادة في المواد الاساسية في ضرب صارخ للقدرة الشرائية للشعب المغربي «. وأضاف رئيس نقابة التجار والمهنيين، باسمهم ، في تظاهرة فاتح ماي التي شاركت الفيدرالية الديمقراطية للشغل في احتفالاتها لهذه السنة « إن هذه الحكومة وضعت المغرب لدى المنظمات العالمية في ترتيب أدنى بسبب القروض المالية التي أغرقت المغرب في المديونية .» وشدد أحمد أبوه على حل مشاكل التجار والمهنيين وما تسبب في إغراقهم في مشاكل ضريبية وتنافس غير شريف . وطالب بإعادة هيكلة التجارة الداخلية وحماية التجار والحرفيين والمهنيين الصغار والمتوسطين من المنافسة الأجنبية الشرسة والإفلاس بسبب إغراق السوق الوطنية بالسلع المهربة، وإلغاء المادة 145 مكرر من قانون المالية واحترام الحريات والحقوق النقابية وحق الاضراب والتظاهر السلمي. «وتحالفنا مع المركزيات النقابية، يقول رئيس النقابة التجار والمهنيين، مؤشر على مناهضة التردي السياسي من طر ف هذه الحكومة ونتضامن مع الطبقة العاملة» يختم أحمد أبوه . لطفي : كفى من الحوار الترقيعي ونطالب بالزيادة في الأجور نددت المنظمة الديمقراطية للشغل بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية للحكومة في ظل الزيادات المتتالية وضرب القدرة الشرائية المواطنين، وطالبت حكومة عبد الاله بنكيران بضرورة الزيادة في أجور الموظفين بعد ضرب القدرة الشرائية مع ارتفاع المواد الاساسية . وقال علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل في تظاهرة فاتح ماي، بحضور الدكتور عبد المجيد بوزوبع وحنان رحاب عضوي المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مخاطبا حكومة عبد الإله ابن كيران «كفى من اتباع سياسة مملاة من المؤسسات المالية الدولية والتي تهدف الى تفقير الشعب المغربي». ويجب على الحكومة الزيادة في أجور الموظفين وللطبقة العاملة. وأضاف لطفي «كفى من الزيادة في أسعار المحروقات وما يترتب عنها من زيادة في أسعار المواد الغذائية والخدمات الاجتماعية. كفى من تحميل المسؤولية للطبقة العاملة وأمة الفقراء فالمسؤولية تعود لكم ولفشل مقارباتكم الاقتصادية والاجتماعية، التي أدت الى إثقال بلادنا بالديون الخارجية». وطالب بالزيادة في الأجور والتعويضات وفي معاشات التقاعد بما يضمن ويحقق حياة مهنية ومعيشية أفضل للعمال والموظفين والمتقاعدين وذوي حقوقهم. كما طالب الكاتب العام بالتوزيع العادل للثروات، وتفعيل الجهوية المتقدمة، والقضاء على الفوارق المجالية بين جهات غنية وجهات فقيرة . وطالب الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل باعتماد نظام تعليمي ديمقراطي وحداثي ومتطور يستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة، والرقي الاجتماعي والقطع مع المقاربات الفرنكفونية، وتشجيع اللغات الوطنية العربية والامازيغية كلغات أقرها الدستور وتعميم الحماية الاجتماعية من تقاعد وتأمين صحي والحماية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية والتعويض عنها، واحترام مقتضيات مدونة الشغل الوطنية والتصديق على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالشغل والعلاقات المهنية ،وخلق فرص شغل كافية للعاطلين عن العمل عبر تطوير الصناعة الوطنية والصناعة الفلاحية والغذائية وتحديث وتطوير الإدارة ومحاربة الفساد والرشوة، والتعويض عن العطالة وفقدان الشغل وإدماج حاملي الشهادة الجامعية وخريجي كليات الطب والصيدلة والهندسة والمعاهد العليا للممرضين والتقنيين في أسلاك الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية. ودعا علي لطفي الى إعادة هيكلة التجارة الداخلية وحماية التجار والحرفيين والمهنيين الصغار والمتوسطين من المنافسة الأجنبية الشرسة والإفلاس بسبب اغراق السوق الوطنية بالسلع المهربة، وإلغاء المادة 145 مكرر من قانون المالية واحترام الحريات والحقوق النقابية وحق الاضراب والتظاهر السلمي. وشدد علي لطفي على احترام حقوق العمال المهاجرين وأسرهم وفق الاتفاقيات الدولية والإنسانية في هذا المجال وتعزيز خطة الادماج الاجتماعي للمهاجرين، وحماية حقوق المهاجرين المغاربة في المهجر ضد العنصرية والتمييز ومساعدة العائدين منهم الى وطنهم الأم في إعادة الادماج وصيانة حقوقهم في الحماية الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي والنفسي . وفي الاخير طالب لطفي بإطلاق سراح المعتقلين من الأطر المعطلين وكافة المعتقلين السياسيين بمن فيهم معتقلي مسيرة 6ابريل والمعتقلين 9 التسعة من الأطر المعطلة المتابعين جنائيا عن جرم لم يقترفوه، وهدفه إسكات صوتهم ومطالبتهم بالإدماج وتنفيذ القانون والأحكام القضائية ضد الحكومة، وتكريس استقلال القضاء ضمانا للاستقرار الاجتماعي. عبد العزيز إيوي: إعلان الحكومة عن إجراءاتها الاجتماعية جاء خاضعا ومتحيزا لأرباب العمل باسم مناضلات ومناضلي المركزيات العمالية الثلاث: الاتحاد المغربي للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل نحيي عاليا الطبقة العاملة المغربية بمناسبة تخليدها للعيد الأممي للعمال، ونعتز اعتزازا كبيرا بالمجهودات الفكرية والعلمية والبدنية التي تقوم بها في أماكن الانتاج لتطوير الاقتصاد والمساهمة الفعالة في التنمية الشاملة للبلاد، بوعي وطني يستحضر تحديات العولمة وإكراهاتها ومتطلباتها في خوض غمار المنافسة الشرسة واللامتكافئة في اقتصاديات العالم. تحية خالصة لكافة العاملات والعمال على حضورهم النضالي، دفاعا عن الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية، وهي النضالات التي تندرج في إطار الحفاظ على التوازنات الاجتماعية وتأمين الاستقرار. ذلك أن الطبقة العاملة التي كانت رائدة النضال، بالأمس من أجل الاستقلال وتحرير الأرض من قبضة الاستعمار إلى جانب كل مكونات الشعب المغربي وفئاته الاجتماعية، في المدن والقرى والمداشر، بروح من الوطنية الخالصة، هي الطبقة ذاتها التي تؤطر نضالات الشعب المغربي وكفاحه في زمننا المعاصر بنفس الروح والمرجعية نفسها التي مازالت تحكم الفعل النقابي للحركة العمالية المغربية، قصد المساهمة في بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي المؤسس على القيم الانسانية والوطنية الرفيعة. في نفس السياق نعبر عن تضامننا المطلق مع إخواننا في النقابة الديمقراطية للعدل الذين يواجهون منذ أكثر من سنتين غطرسة وزير العدل وحملته الانتقامية ضد العمل النقابي، وآخر أشواطها القرار الجائر بإعفاء الأخ يوسف الحمومي عضو المكتب الوطني للنقابة رئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بالرباط من مهامه، ذنبه الوحيد هو أنه مسؤول نقابي. إن معركة اخواننا في النقابة الديمقراطية للعدل هي معركة من أجل استقلال القضاء والكف عن اعتباره قطاعا استثنائيا، ذلك أنه لا يمكن أن تستقيم أي ديمقراطية في ظل هيمنة الجهاز التنفيذي أو الدولة على جهاز العدل. فتحية باسمكم لكافة الاخوة والاخوات على صمودهم في وجه هذا الطاغوت المقنع، منددين في نفس الوقت بهذا القرار الجائر ومطالبين بالتراجع عنه. أخواتي، إخواني، ضيوفنا الأعزاء، أخواتي، اخواني، بهذا الوعي المرتبط بالشرط التاريخي والوطني، وبهذه الأهداف والمنطلقات، أقدمت المركزيات العمالية الثلاث على توحيد مبادراتها النقابية والنضالية بغاية ترسيخ وحدة الطبقة العاملة، في زمن التشتت والتشرذم، كقوة اجتماعية فاعلة ومؤثرة في الساحة الوطني، بما يعيد التوازن والتماسك المجتمعيين. فهنيئا للطبقة العاملة على هذا الانجاز التاريخي الذي انطلق يوم 29 يناير 2014 بمقر الاتحاد المغربي للشغل، وسيظل موشوما في ذاكرة العمال، وفي ذاكرة كل الشرفاء ببلادنا، وفي الذاكرة الوطنية، إذ أكدت المركزيات الثلاث: أننا وحدويون، ونمتلك القدرة على تجاوز معوقات وثقل الماضي لمصلحة الطبقة العاملة، وللمصلحة العليا للوطن، برؤية تتجه نحو المستقبل. هذا المستقبل الذي سيعرف وضعا أكثر صعوبة وتعقيدا بفعل استمرار أزمة النظام الرأسمالي المتوحش، وتداعياتها وانعكاساتها الاجتماعية على الطبقة العاملة وعلى المجتمعات. وهو وضع يدعونا إلى مزيد من الوحدة العمالية للحفاظ على المكتسبات الاجتماعية للعمال، ولمواصلة النضال دفاعا عن حقوقهم المادية والاجتماعية والمهنية، وحقهم في الممارسة النقابية وصونا لكرامتهم. الأخوات والاخوة، ضيوفنا الاعزاء، الحضور الكريم، لقد استأثر حدث المسيرة الوطنية العمالية الاحتجاجية ليوم 6 أبريل 2014 بمدينة الدارالبيضاء باهتمام الرأي العام العمالي، والوطني والدولي. هذه المسيرة الحاشدة والناجحة بكل المقاييس والمعايير، التي مرت في نظام وانضباط عمالي حضاري رفيع، وبأسلوب سلمي، علينا كمغاربة جميعا أن نعتز بهذه الصورة الرائعة التي قدمها العمال في مسيرتهم الوطنية الاحتجاجية الاجتماعية المطالبة بالتفاوض الجماعي ثلاثي التركيبة، بهدف إنصاف العمال عبر تحصين الحقوق والمكتسبات وتطوير عالم الشغل، وللاحتجاج أيضا على التجاهل الحكومي لمطالب المغاربة ولمضامين نداءات ومذكرات المركزيات النقابية. إنها المسيرة التي أعطت الأمل للطبقة العاملة ولمكونات المجتمع، وأكدت أن الوحدة ممكنة للمساهمة الجماعية في بناء مغرب آخر ممكن، مغرب يتسع لكل أبنائه وبناته، مغرب الحقوق والحريات والمؤسسات وتكافؤ الفرص، والعيش الكريم والمساواة... مغرب الديمقراطية التشاركية كما نص الدستور على ذلك. لكن، مع كامل الأسف، عوض أن تلتقط الحكومة عمق هذا الحدث الوطني الاجتماعي، تمادت في تعاليها وتبخيسها لكل الحركات الاحتجاجية الاجتماعية السلمية المشروعة، وهي بذلك تنتقص من قيمة المغاربة، ملتجئة في ذلك إلى خطاب التضليل والتحريف من قبيل أن »المسيرة سياسية«. إن الطبقة العاملة اليوم تسائلكم السيد رئيس الحكومة: ما معنى السياسة؟ وماهي دلالتها في قاموسكم الجديد؟ إن السياسة »أيتها الحكومة« الموقرة هي الترجمة العلمية للحاجيات الاجتماعية الاساسية للمواطنين، فبهذا المعنى، فإن مطالبنا سياسية، ومذكرتنا المشتركة في مضامينها ومطالبها وبنودها الاجتماعية هي عين السياسة. إننا نربأ بأنفسنا كحركة نقابية تاريخية عن الدخول في هذا الجدال العقيم، فالزمن الوطني يتطلب إعمال العقل، وابتكار الحلول، للملفات الكبرى والقضايا التي ترهن مستقبل المغرب، وتتطلب الاجتهاد في خلق وتنمية الثروة الوطنية، ومحاربة كل أنواع الفساد، وصياغة التصورات الاستراتيجية التي تمكن المغرب من التقدم والتطور المنشودين. وفي هذا السياق العام وجهت المركزيات الثلاث: مذكرة مشتركة يوم 11 فبراير 2014. مذكرة مع كامل الأسف، لم يتم فهم عمقها الاجتماعي ودلالاتها الاصلاحية ومعانيها الوطنية العميقة من طرف الحكومة. أخواتي العاملات، إخواني العمال السيدات والسادة ممثلي وسائل الاعلام والصحافة الوطنية والدولية، الحضور الكريم، لقد تعاملت الطبقة العاملة بروح عالية من المسؤولية الوطنية، مقدرة الوضع الاقتصادي الهش، والأزمة الاجتماعية للبلاد، وأمهلت هذه الحكومة، التي تتمادى في رفع الأسعار وتجميد الأجور، أزيد من سنة ونصف، أملا في أن تعود إلى رشدها وتعتمد ثقافة الحوار والتفاوض مع كل الشركاء الاجتماعيين للبحث المشترك عن سبل التجاوز وتوفير شروط الإصلاح. وبهذه الروح شاركنا في أشواط الحوار الاجتماعي الأخير مع هذه الحكومة رغم تأخره. وفي انتظار أن تكتمل أشواط الحوار الاجتماعي في الجلسات المقررة بعد فاتح ماي 2014، نسجل باستنكار كبير، استمرار معاناة العمال من أجل فرض احترام الحق النقابي. ففي العديد من المقاولات يتم طرد المسؤولين النقابيين بمجرد علم إدارة المقاولة بتأسيس مكتب نقابي، وفي مقاولات أخرى يتم استعمال كل الوسائل الدنيئة من أجل تركيع النقابيين ودفعهم إلى التخلي عن ممارسة حقهم الدستوري. وعندما يضطر المأجورون إلى ممارسة حقهم الدستوري، تلجأ الدولة إلى إجراءات لا قانونية تتمثل في الاقتطاع من الأجور أو تشهر في وجههم الفصل 228 من القانون الجنائي لتجريم ممارستهم الدستورية، و هنا يفتح الباب أمام فبركة الملفات، والاعتقالات التعسفية، والمحاكمات الصورية. منذ عدة سنوات لازال المأجورون المغاربة ينتظرون وفاء الدولة بتعهداتها والتوقيع على الاتفاقية رقم 87 لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالحق النقابي، كما لازالوا يناضلون من أجل ملاءمة القوانين الوطنية مع المواثيق الدولية التي صادق المغرب عليها. إن الديمقراطية لا يمكن أن تكون إلا شاملة أو لا تكون، فنذ مجيء هذه الحكومة ارتفعت حدة الصدامات الاجتماعية، وارتفع القمع ضد المواطنين العاطلين المطالبين بحقهم في العيش الكريم وفي الشغل. وقد دفع اليأس بالعديد منهم إلى اللجوء إلى أساليب احتجاجية غير مسبوقة يعرضون فيها حياتهم للخطر، وهو ما يؤشر على تراجع خطير في حياتنا الديمقراطية التي من المفروض فيها أن تبعث على الأمل في المستقبل. إننا اليوم، ومن موقع مسؤوليتنا النقابية والاجتماعية والسياسية أيضا، ننبه إلى خطورة استمرار الحكومة في هذا النهج الذي سيؤدي ببلادنا إلى كارثة اجتماعية. أخواتي إخواني، ضيوفنا الكرام قبل يومين استدعتنا الحكومة لجلسة حوارية هي الثالثة خلال شهر أبريل 2014. وكان أملنا أن يكون لنا عرضها الاجتماعي في مستوى انتظارات المأجورين لنزفه للعمال والمأجورين بمناسبة فاتح ماي. غير أننا صدمنا مرة أخرى، حيث تأكدت تخوفاتنا بغياب أي تصور للحكومة لمقاربة الملف الاجتماعي، وغياب أية إرادة لها في اتخاذ إجراءات اجتماعية جريئة لرفع الحيف عن المأجورين و لو في حدوده الدنيا. إن إعلان الحكومة أمس عن إجراءاتها الاجتماعية من طرف واحد جاء ضعيفا، ومتحيزا وخاضعا لإرادة أرباب العمل، فالزيادة في الحد الأدنى للأجور على هزالتها جاءت مجدولة على مرحلتين، إلى جانب بعض الإجراءات مثل التعويض عن فقدان الشغل، وعلاج الأسنان، وبعض الإجراءات الرمزية في القطاع العام. إن الحكومة لاتزال مصرة على رفض مراجعة الضريبة على الدخل، كما ترفض مناقشة السلم المتحرك للأسعار والأجور، وترفض رفع الحد الأدنى للمعاشات ليتساوى مع الحد الأدنى للأجور على الأقل. كما أن هذه الحكومة لازالت تتجاهل التزاماتها وفق اتفاق 26 أبريل 2011. لقد أجمعت النقابات في بلاغها الصادر يوم 30 أبريل على تعبئة صفوفها بعد تظاهرة فاتح ماي بجمع أجهزتها التقريرية خلال شهر ماي لمواجهة الموقف الحكومي بكل ما يلزم من حزم ومسؤولية دفاعا عن كرامة المأجورين وحقوقهم. أخواتي إخواني، ضيوفنا الكرام، إن الوضع الاجتماعي بالمغرب يعرف اختلالات هيكلية، بفعل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي قد تهدد تماسك المجتمع، وتفقده توازنه، لتظل البلاد مفتوحة على كل الاحتمالات في ظرفية دقيقة وصعبة وطنيا ودوليا. لقد اتسعت دائرة الفقر والبطالة، والتفاوتات المجالية والاجتماعية في صفوف المأجورين والمسحوقين. وانتشرت الرشوة والزبونية والمحسوبية والامتيازات، وانعدام تكافؤ الفرص رغم تضخم الخطاب الحكومي بمحاربة الفساد، وتفاقم الغلاء، وتدهورت القدرة الشرائية لدى عموم الفئات الشعبية في المدن والبوادي. واستمرت الخدمات الاجتماعية في التراجع والتدهور من تعليم وصحة بسبب عدم القدرة على الولوج للخدمات الطبية والعلاج، وهو ما يتطلب إصلاح هذا القطاع الصحي الذي يرتبط بالحق في الحياة الذي شدد الدستور على ضمانه لكافة المغاربة. كل هذه المؤشرات الخطيرة تدعونا إلى المطالبة بإصلاح حقيقي وعميق لكل القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بمنظور يؤمن التنمية الاقتصادية، ويضمن الأمن الغذائي، والاستقرار الاجتماعي في بلادنا. هذا بالإضافة إلى ما تقتضيه الحاجة الوطنية من إصلاح للمنظومة القضائية ويدمجها ضمن صيرورة دمقرطة المجتمع بدلا من إبقائها في مجال الاستثناء. في قلب هذا السياق الاجتماعي والاقتصادي، وفي مقابل الأداء الحكومي المفصول عن قضايا وإشكاليات المجتمع نضع مطالب الطبقة العاملة، التي لخصتها المذكرة المشتركة للمركزيات النقابية الثلاث في أربع محاور: أولا: وعلى رأسها مطالب تتعلق بتحسين الدخل والأجور ثانيا: تتعلق تنفيذ بنود اتفاق 26 أبريل 2011 الذي لا نقبل أي تفاوض جديد حوله. ثالثا: مطالب لها علاقة بالحريات النقابية: ذلك أن أساس أي تفاوض أو تعامل هو احترام ممارسة الحق النقابي وإرجاع المطرودين لأسباب نقابية. رابعا: مطالب لها علاقة بالحماية الاجتماعية وتحسين أوضاع المتقاعدين. أخواتي إخواني، ضيوفنا الأعزاء، القضية الوطنية: في مثل هذا الوقت من السنة الماضية عرفت قضيتنا الوطنية مسارا عسيرا اضطر المغرب إلى استعمال كل وسائله من أجل تجاوز النفق الذي كان يعمل خصوم وحدتنا الترابية على إدخالها فيه. واليوم، ورغم ذلك تتواصل مبادرات المغرب الرامية إلى إشراك المزيد من مواطني الأقاليم الجنوبية في المجهود التنموي والديمقراطي، والمتمثلة في إرساء فروع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في كل من العيون وبوجدور، وتعديل قانون المحاكم العسكرية، وتقديم نموذج جديد لتنمية الأقاليم الجنوبية وغيرها في طريقه نحو التنفيذ. إننا في الوقت الذي نؤكد فيه على تشبثنا الراسخ بوحدتنا الترابية، فإننا نعتبر الاستمرار في تعميق الاختيار الديمقراطي بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية هو السبيل الأمثل لإحباط مخططات الخصوم. كما إن الاستمرار في فضح مأساة ومعاناة إخواننا في مخيمات العار بتندوف في كل المحافل هو السبيل أيضا لإنهاء هذا الملف المفتعل، وفضح الخطابات المضللة التي يروج لها الخصوم حول حماية حقوق الإنسان في المنطقة، في الوقت الذي يتغاضى فيه المجتمع الدولي، وبشكل فاضح عما يجري في هذه المخيمات من خرق سافر لحقوق الإنسان. وفي هذا الإطار، فإننا في المركزيات النقابية الثلاث نطالب الدولة بوضع مخطط استراتيجي لتحرير الأراضي المغتصبة في الشمال، إذ لم يعد من المقبول ولا المعقول في القرن 21 أن تظل أراضينا مستعمرة من طرف الإسبان. لقدآن الأوان ليسترجع المغرب أراضيه، وعلى الدولة الإسبانية أن تعترف بمغربية أقاليمنا في الشمال. القضية الفلسطينية: أخواتي إخواني، ضيوفنا الكرام نود بهذه المناسبة أن نوحه تحية حارة ملؤها الاغتباط والابتهاج على المبادرة الوحدوية التي أقدم عليها إخواننا الفلسطينيون في الأيام الفارطة بالتوافق المعلن بين حماس وفتح، في أفق تكوين حكومة وحدة وطنية. لقد وضعت هذه المبادرة حدا لسنوات من التمزق والتفرقة استفاد منها العدو الصهيوني الغاشم وتضررت منها القضية الفلسطينية بشكل كبير. لقد شكلت القضية الفلسطينية بالنسبة لكل المغاربة قضية وطنية، وكانت تستقطب تضامن الشعب المغربي بشكل لا مشروط لأننا ندرك أنها تشكل العنصر المركزي في حركية الصراع ضد الكيان الاسرائيلي في عمقه السياسي والحضاري. إن تضامننا لابد أن يتضاعف ويتزايد لدعم الطرف الفلسطيني في مواجهة غطرسة النظام الصهيوني الذي يعمل باستمرار على تقويض دعائم وحدة الشعب الفلسطيني من خلال تماديه في استعمال كل الآليات التدميرية للمعالم الحضارية والثقافية الوطنية والروح والإنسانية الفلسطينية.