هي ليلة من ليالي الطرب الانس بمسرح محمد السادس بالدارالبيضاء يحضرها المبدعون والفنانون يمتزج فيها الغناء بالموسيقى ليشكلا دعوة مباشرة للقاء بين جمهور من الزمن الاول يعشق اللون المغربي الاصيل عبر خالداته «راحلة ، الصنارة، ما أنا إلا بشر، الما يجري قدامي....» لقاء تحضره كل الاطياف الفنية من مسرحيين وكتاب ومخرجين وملحنين.. غايتهم النبش في ماضيهم الجميل حتى يستأنس به الجيل الجديد من الشباب الذي لا يعرف عن الاغنية المغربية العريقة إلا استحدث منها. وسط هذا المشهد الفني التقت «الاتحاد الاشتراكي»، وكما دأءبت على ذلك، الفنان المسرحي صاحب الأدوار ذات اللون المغربي الامازيغي محمد اليازيدي مشموم، الذي زلف المغاربة وجهه عبر شاشة التلفزيون في سلسلات من نوع السيتكوم ومسرحيات.. كان آخرها سلسلة «ناس الحومة» لمخرجها رشيد الوالي شهر رمضان المنصرم وقبل ذلك سلسلة « سير حتى تجيش وكان معه الحوار التالي: } كيف كانت البدايات الأولى للفنان محمد اليازيدي مشموم؟ هل عرفت تجربتك المسرحية تكوينا خاصا؟ بالفعل دخلت باب المسرح من بابه الرئيس، حيث درست سنة 1977 بمعهد الدارالبيضاء، حيث كانت تلقن دروس الصولفيج إلى جانب دروس في التمثيل والتشخيص المسرحي، ومن هناك التحقت ب «مسرح التجربة» الذي كان يتولى تدبيره أستاذ بنفس المعهد، لأنتقل بعد ذلك للعمل بمسرح الخلفي مع «فرقة الفنانين المتحدين» ثم تدرجت هنا وهناك الى اليوم. } الملاحظ أنك تشارك بشكل لافت في الأعمال التلفزيونية. هل هذا يعني أنك لا تهتم بالسينما؟ على العكس من ذلك، لقد عشقت السينما منذ زمن بعيد، وشاركت في أعمال باللغة الفرنسية وأخرى ألمانية، بالاضافة إلى أعمال لاتحضرني اللحظة عناوينها، لكن التجربة كانت مفيدة وهامة جدا، والزمن قد يذكرها في وقت لاحق إن لم تتنكر لي سويعاته. } الادوار التي تقدمها تكاد تتشابه في مجملها، هل مرد ذلك إلى نمطية اعتدت عليها، أم أن المخرج كل مرة يلبسك ثوبك السابق، أم أن الأمر شخصي؟ نريد توضيحات إن أمكنك ذلك؟ ربما الذين يعرفون مشموم جيدا يجدونه في أدوار متعددة ومختلفة ك «يوم وليلة»ل» نوفل براوي و»المعلمة» ل»مصطفى الخياط، ما يقع هو اللهجة أو اللكنة التي أقدم بها أعمالي تحافظ على إيقاعها، وهو ما يحيل المتفرج على هذه النمطية التي يعتقدها الجميع. أما من حيث الموضوع والأداء فالامر يختلف تماما. } دورك في «ناس الحومة» في شهر رمضان الفارط رجع بالمشاهد إلى ما تقدمه من وصلات إشهارية في التلفزيون بين الفينة والاخرى، هل هذا يعني أنك تتقن دور الحانوتي أو البقال إلى درجة يستحيل أن ينافسك فيه فنان آخر، مع العلم أن كل الأدوار متكافئة والمطلوب، هو الانسجام الفعلي والكلي مع الدور المسند؟ الأعمال الفنية لا تعترف بالتخصص لا في الدراما ولا في الكوميديا، لأن مايطلبه المشاهد هو المتعة الفنية سواء كان الدور أساسا أو هامشيا حسب موقعه وسط السيناريو المتعاقد عليه، وعندما يتم تكليفي بلون آخر أجتهد في تقديمه على الصورة المثلى إرضاء للمشاهد وهو ما حاولت القيام به في سلسلة «جيني كود» رفقة محمد الجم وآخرين. } الإشهار مادة دسمة للفنان يقدم من خلالها مشاهد قصيرة جدا عبر الكلمة والحركة لتبليغ رسالة تجارية بالطبع قد ترضي المشاهد كما يمكن أن تكون شرارة سخط على الفنان الذي قدمها بشكل او بىخر، ما تعليقك على هذا الكلام؟ الإشهار بكل صراحة هو مادة للاسترزاق ومورد للعيش في ظل ظروف يجد فيها الفنان نفسه عاجزا عن تلبية مجموعة من الاغراض اليومية له ولإسرته، حيث القدرة الشرائية ضعيفة والمتطلبات كثيرة وهو ما قلت سيف دو حدين تكسب منه لقمة عيش إضافية لكن في بعض الاحيان تفقد بسببه نقطا ترتقي بها سلم مجدك الفني وهذا امر طبيعي إن لم أقل حتمي. أتمنى أن أتوفق في تقديم أشياء مفيدة وذات رسالة نبيلة تخدم المواطن أكثر ما تفيد المستشهر. } سأعود بك الى الرسالة الفنية التي يسعى الفن بمختلف مواده تبليغها للمشاهد وهل يمكن القول أن الممارسين في هذا الحقل يحترمون أذواق الناس ويجتهدون في تقديم الاجود والافيد؟ هذا سؤال كبير والاحاطة به في مثل هذه الفرص قد تكون غير موفقة الى حد بعيد لكن سأحاول في عجالة ملامسة هذا الجانب لاقول لك بك صراحة جمهور المشاهدين عموما لايقبل الا ما كان صادقا ومعبرا عن همومه ليس هذا فقط بل تقديم الحلول وفق مقاربات يمكن الاشتغال عليها وبالتالي ايجاد بدائل تستطيع أن تمثل اجوبة آنية ومستقبلية لاسئلة مستعصية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وهو ما يجب أن نحرص على بلورته من خلال الاعمال الفنية التي توكل إلينا من طرف الكتاب والمخرجين ويجب أن يحرص الفنان على أن يكون موفقا في ذلك الى ابعد الحدود وهذا هو الضامن الاوحد لنجاح أي عمل في الدراما. } انطلاقا من من حديثك عن كيفية تقديم الاعمال وما يصاحب العملية من إكراهات مادية وزمنية والتزامات اسرية ناهيك عن مؤهلات مسرحية وفنية مطلوبة ألا تعتقد ان الكاريزما الفنية والحضور المتميز للفنان يرفع من قيمة العمل كيفما كانت النصوص من حيث التيمة أو الكتابة السبنوغرافية؟ أكيد أن لكل فنان خضوره الخاص إن على الخشبة أو أمام الشاشة الصغيرة أو العملاقة لكن هذا الحضور تحكمه مجموعة من الخصائص تكون ما سميته بالكاريزما التي هي موهبة أولا ثم تأتي لتكون فعلا مكتسبا مع توالي الاعمال خاصة إذا كان يطبع هذه الاخيرة القوة التي تشد المشاهد حينها يظهر هذا التأثير الذي تصدره كاريزما الفنان وهو ما ينتزع المتتبع للقنوات الفنية الاخرى خاصة الاجنبية من ذلك الاستيلاب الخطير والذي بالطبع نساهم فيه بشكل أو بآخر حينما تطبع أعمالنا الرتابة والابتدال.ولكي تكون ناجحا في عملك الفني عليك ان تجتهد وتبحث وتقرأ أجل عليك أن تقرأ ما يدور حولك حتى لاتكون خارج السياق. } مارأيك إذن في ما يقدم على شاشة التلفزيون من أعمال لكتاب مغاربة ؟وما رأيك كذلك في الاقتباس؟ كنت أتمنى أن تعفيني من مثل هذه الاسئلة التي تعتبر محرجة نوعا ما لسبب واحد أنني أدخل في بوتقة من تسألني عنهم لكن سأحاول بشيء من المجاملة الافتراضية أن أقول الاختلاف رحمة وما لايتوفق فيه كاتب أو مخرج قد يجد فيه آخر نجاحا كبيرا وهكذا رغم أن القاعدة التي يجب أن تسود هي الجودة العالية والمواضيع البناءة والسيناريوهات المحبوكة التي تقدم الجديد بحيث تكون قريبة من المعيش اليومي على أن تقدم التراجيكوميديا في أبهى صورها الممكنة.أما الاقتباس فهو فن ليس بالسهل حيث يقع في غالب الاحيان الخروج عن الموضوع الام للفكرة ويتم تناولها من زوايا رديئة بشخوص غير مناسبة فيصبح النص المقتبس غائبا. } وصلنا إلى نهاية الحوار أتمنى أن تحدثني عن جديد أعمالك الفنية هذه السنة وطبيعتها؟ إلى حدود ساعة هذا اللقاء لا جديد ولا تعاقدات أتمنى أن يكون القادم خير، وها نحن نتدرج مع دوائر الزمن دون كلل ولا تعب ومتى بإذن الله بلقاء مع الجمهور المغربي الذواق للفن، سأقول كلمتي من جديد بنفس وجهد مغايرين لما سبق حتى يرضى عني الجمهور كما هو املي دائما.