قصص وحكايا ل «إفريقيات» جئن من دول جنوب الصحراء في رحلة البحث عن الذات.... فمنهن من أتت عابرة نحو الضفة الأخرى ففشلت في ذلك الحلم الوردي ... وأخريات اخترن المغرب ملجأ لهن هربا من الفقر وويلات الحروب الأهلية.... ومنهن من جاءت لمتابعة الدراسة وأمام الإغراءات غيرت المصير .... يوحدهن لون البشرة...كما وحدتهن الغاية من ولوج عالم الليل والدعارة.... لهن زبائن من المغاربة والأجانب... كيف أصبحت ل «الإفريقيات» تنافس ممتهنات أقدم مهنة في التاريخ بالمغرب؟ و ما هي المدن والأماكن التي اقتحمنها؟ وكيف هي ظروف عيشهن؟ أسئلة عديدة يجيب عنها هذا التحقيق في تفاصيل أكثر... كانت البداية من مدينة الرباط حيث تعتبر من المدن التي تنشط فيها الإفريقيات بكثرة ،فهن يملان أحياء اليوسفية والتقدم ثم حي المحيط وحي النهضة ثم بعضهن بديور الجامع وحي يعقوب المنصور ثم حي الفتح و القامرة واقتحمن أيضا أحياء بعمالة تمارة.... يختلفن في عيشهن من فئة إلى أخرى، فالطالبات اغلبهن يسكن بالأحياء الجامعية والمهاجرات بوثائق قانونية تعيش في أحياء غير شعبية، بينما الأخريات اللواتي هن في وضعية غير قانونية تعيش بشكل جماعي في بيت غالبا ما يكون صغيرا أو في حالة إذا كان كبيرا فهي وشركائها المختلطين من الذكور والإناث يضعون جدولا لتوقيت التواجد في البيت فهم يقسمن اليوم إلى مرحلتين أو ثلاث بمعنى أنهم أذا كانوا 30 فردا مثلا فبإمكان كل 10 أفراد النوم 6 ساعات والخروج ليدخل الوفد الثاني وبعدها الثالث وفي اليوم الموالي يغيرون النظام ذالك ما يجعل القاطنات في بحث دائم عن مكان يشغلن فيه ما تبقى من الزمن المخصص لهن،اذ تجدهن غالبا ما يخترن النوم بالنهار للعمل وإخلاء البيت بالليل . ملهى (ي) موقع استراتيجي لتوافد الإفريقيات بكثرة ملهى (ي) من بين الملاهي الليلية التي تأدب الإفريقيات على زيارتها كما تعتبر قبلة للراغبين في الحصول على متعتهن، وهو المكان المفضل لدى الأفارقة عموما حيث يقمن حفلاتهم الخاصة و أحيانا يحتكرون المكان ،لكن هناك فئات أضحت تزاحمهم من مختلف الجنسيات راغبين في الوصول إلى صاحبات البشرة السوداء هناك من تقوم بالاستعراض بشكل علني وهي تتجول بين الزبناء بحثا عن من يدفع لها ثمن ليلتها وهناك أخريات فقط يرقصن ويتغنون في أماكنهن ،لهن طرق خاصة في التواصل مع زبائنهن إما عبر وسيط معروف بالمكان أو عبر تبادل أرقام الهواتف من أجل تحديد السعر وطريقة اللقاء... ليرشكا 28 سنة من الغابون حاول زميل لي بالجريدة التواصل معها أو استدراجها كمعجب وربما مشروع زبون لتحكي له تفاصيل رحلتها نحو المغرب، حيث قالت "أن المغرب ليس وجهتي الرئيسية. كنت أريد فقط أن أعبره نحو أوروبا، فحلمي أن أرى باريس وأعيش في فرنسا وطالما حلمت بأن أعيش في تلك البلدان الراقية، هذا لا يعني أن المغرب بلد غير راقي، نعاني فقط أحيانا من الميز العنصري بسبب اللون، لقد تعذبت كثيرا في هذه الرحلة، لم يكن حلمي أن أمتهن الدعارة، لكن لا جدوى لي الآن غيرها، لقد جئت أنا وعشيق لي مغامرين لتحقيق حياة أفضل، لكن بمجرد ما وصلنا إلى المغرب، تغير كل شئ، أنا قررت الاستقرار بعد أن كانت السلطات الاسبانية تعتقل المهاجرين في معبر الحدود وتقوم بإرجاعهم وليس لي استعداد للعودة وما شجعني هو وجود العديد من الأجانب في الرباط ما يدل على حسن الاستقرار فيه، خاصة من بلدان إفريقيا بينما عشيقي قرر مواصلة الرحلة ولا أدري مصيره إلى الآن. كنت في البداية أبيت في الشوارع قرب البرلمان أو أمام مكاتب الأمن، خوفا من أن أتعرض لخفافيش الليل إلا أن استوقفتني سيدة اقترحت علي الاشتغال عندها في البيت مما سيضمن لي الاستقرار وقبلت عرضها، برغم أنها لم تدفع لي كثيرا، لكن كان هدفي بداية هو بيت يحميني، إلى أن نصحها أحد أقاربها بالتخلي عني خوفا من المتابعة، كونها شغلتني بدون صفة قانونية حينها كنت قد تعرفت على إحدى الإفريقيات التي تقطن بحي حسان وهي قادمة من دكار، واتصلت بها ثم استقبلتني وجرتني إلى عالمها هذا الذي صرنا نعيش منه سويا..." مصير مشابه أو أكثر تعيشه أخريات، لا يعلمن المصير الذي ينتظرهن ،في المقابل حضرنا صدفة لمأساة إحداهن تعشن في حي العكاري بالرباط حيث وجدت لوحدها في البيت بينما رفيقاتها خرجن للعمل ،إذ تسلل إليها أحد الجيران وهو في حالة سكر طافح محاولا اغتصابها بينما استيقظت على وجودها قربها حيث لم تعرف كيف فتح البيت ربما لسبات نومها العميق لم تحس به، أو كانت تظنه أحد القاطنين، صرخت تطلب النجدة لا مستجيب أخذت قارورة زجاجية للمشروبات الغازية من الحجم الكبير بينما حاولت الدفاع عن نفسها قام هو بخطف القارورة وكسرها فوق رأسها خرجت و هي تعوم في دمائها إلى الشارع قرب مستشفى مولاي يوسف لا أحد استطاع أن يقربها سوى أحد الشباب الإفريقي خرج من سيارة أجرة من الحجم الكبير يصرخ ويبكي بألم "لما هذا الظلم لما العنصرية" سألها إن كانت تتوفر على وثائقها القانونية أجبته بإشارة بأصبعها نافية ما يدل على أنها لازلت في كامل قواها العقلية ،كان حائرا في أمرها من أن يوصلها لمستشفى عمومي ويتسبب لها في مشاكل تردد قليلا وهو يقول "انها بدون وثائق" ثم طلب الاتصال بالإسعاف وهو يردد أنا مستعد للتكفل بعلاجها و لو ببيع ما أملك لأنها غريبة و أنا غريب أيضا وليس لنا سوى الله... فاس تجمع بين إفريقيات الدعارة والتصوف إلى مدينة فاس مدينة لها روابط تاريخية بالأفارقة لكن العلماء منهم حيث يرقد جدهم سيدي أحمد التيجاني قرب ضريح مولاي إدريس وجامع القرويين والذي تحج إليه الأفارقة والتجانيين ومورديهم من بقاع العالم كما ملأت العائلات الأصيلة من فاس أغلب مدن السنيغال وغنيا عبر التجارة تاريخيا، ولا زالت لحدود الساعة ،لكن سوف تختلط هذه النخبة بفئات أخرى إفريقية حيث تتواجد الشابات الإفريقيات بكثرة ممن ولجن عالم الدعارة... بفندق (ن) يوجد ملهي يجمعهن مع من يرغب في دفع ثمن المتعة ونحن نسكن في الفندق المجاور والساعة الثانية صباحا استيقظنا على صراخ مغربيات ينعتهن بأقبح النعوت وخرجن إلى الشارع لإتمام المشاجرة يبدو أنهما في حالة سكر كل من هما تسب الأخرى بلغتها وفي الأخير ترشقا بالأحذية ولا نعلم ما السبب وفي اليوم الموالي سألنا أحد حراس السيارات بالمكان في الصباح عن سبب الصراخ أجابنا «دئما العزيات مخاصمات مع المغربيات على الرجال». الدارالبيضاء عاصمة التعايش والأحلام يبدو أن المغاربة وحتى الأجانب من الشرقيين والأوروبيين أصبحوا يختارون مصاحبة السمراوات الإقبال عليهن ربما متعلق بانخفاض الأثمان حسب باتريسيا25 سنة طالبة من النيجر في أحد معاهد البيضاء حيث صرحت أن معظم الطالبات تقتنصهن وسائط وشبكات الدعارة عبر الملاهي الليلية ،"في البداية كنا نذهب لملاهي عين الذياب بغية تغيير الجو للرقص واللهو بعيدا عن روتين الدراسة لكن سوف تكون(البلية) كما يقول المغاربة على ذالك العالم وليست لدينا الإمكانيات فالعائلة غالبا ما تتكلف بمصاريف الدراسة فقط في البداية كنت أبحث فقط عن رفيق يتكلف لي بمصاريف السهرة لأجد نفسي وسط الزبناء بشكل عادي خاصة لما يضاف إلى السهر بلية القمار و أشياء أخرى والزبناء يفضلن الطالبات الإفريقيات عن غيرهن أولا لصغر أعمارهن ثم لضمان أنهن خاليات من الأمراض المعدية والزبناء متنوعي الجنسيات..." وتتحدث باتريسيا عن سهرات راقية تقام في بعض الفيلات بأحياء راقية بالدارالبيضاء ويحضر فيها شخصيات راقية تغريها البشرة السوداء و أحيانا تحضر معهم ممتهنات مغربيات لكنهم يحسن بالمضايقة بوجودهن كما تقام ببعض الملاهي الخاصة حفلات مميزة وحصرية حيث يمنع دخولها من طرف العموم... كما عبرت عن إعجابها وكل الإفريقيات اللواتي صادفتهم فيها بالحياة في الدارالبيضاء وحبهم لسكانها، خاصة في قدرتهم على التعايش عكس مدن أخرى أحسسن فيها بالغربة، وجدنا أنفسنا كزاويات بسرعة" حسب تعبيرها.... هذا لا يعني أن كل الإفريقيات المقيمات بالمغرب يمارسن الدعارة، فشانهن كشأن بنات جلدتهن يعشن على اختياراتهن وقناعتهن، هناك من سلكت الطرق المشروعة للعيش الكريم حيث رأينهم يشتغلن في التجارة وفي البيوت وفي الصالونات بعرق جبينهن وهناك من اختارت التسول أو البقاء دون أكل على أن تبيع جسدها... لربما الظروف التي دفعت غيرهن ربما نفسها من جعلتهم يتواجدن بهذا الميدان يبقى الخوف من انتشار الأمراض الفتاكة بين الجميع خاصة والتقارير التي تقر بها المنظمات الدولية الخاصة بالصحة مثل منظمة أطباء بلا حدود تكشف عن أرقام مهولة في الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية أهمها الايدز والفيروس الكبدي ما يستدعي الحضر والمسؤولية في انتشار مثل هذه الآفات بالمجتمع.