نجدية الحجيلان أول مذيعة سعودية عرفت باسم «سلوى إبراهيم»، بدأت العمل في الإذاعة السعودية في أوائل الستينات وكانت أول صوت إذاعي نسائي في المملكة، لم تدرس الإعلام ولكنها عشقت تلك المهنة منذ نعومة أظافرها، عاشت مع عائلتها في القاهرة وانتقلت بعدها للعيش في السعودية بعد زواجها من السفير الراحل عباس فائق غزاوي، الذي كان يتولى منصب أول مدير عام للإذاعة والتلفزيون، وفي عهده تأسست شبكة الإذاعة والتلفزيون وصدر نظام المؤسسات الصحافية. عملت الحجيلان في الإذاعة السعودية لمدة أربع سنوات وقامت بصحبة زوجها بالاشتراك في دورة تدريبية في ال«بي بي سي» وكذلك التلفزيون الإيطالي. { كيف بدأت مسيرتك المهنية الإعلامية؟ عشت مع عائلتي في القاهرة، كنت أعشق التلفزيون والإذاعة منذ أن كنت صغيرة، كنت أحاول تقليد المذيعات المصريات متمنية بأن أكون مثلهن، تزوجت في سن ال20 بعباس غزاوي الذي كان يدرس الحقوق في القاهرة، وانتقلت للعيش معه في المملكة، وبتشجيع من شقيقي وزير الإعلام السابق جميل الحجيلان وزوجي الذي كان يشغل حينها منصب مدير عام الإذاعة والتلفزيون قمت باختبار للصوت، لأنه كانت هناك حاجة إلى أن يكون هناك برنامج نسائي تقدمه امرأة. بعد ذلك تمت الموافقة على أن أقدم برنامج «البيت السعيد». وبعدي انضمت الكثير من الزميلات إلى الإذاعة للعمل كمذيعات، وبعدها بشهور بدأن في المشاركة في إذاعة بث برامج ونشرات أخبار بالإنجليزية والفرنسية. { من قام بتدريبك على الإلقاء والتقديم؟ أنا لم أدرس الإعلام ولا الصحافة، إلا أنني أعشق مهنة المتاعب، التي كانت ولا تزال هوايتي المفضلة، ولكني خضعت للتدريب على الإلقاء ومخارج الحروف واللفظ الصحيح على يد زوجي الذي كان من أكثر المشجعين لمسيرتي المهنية، وقام بمساندتي كثيرا في الإذاعة والتلفزيون. { كيف انتقلت من الإذاعة إلى التلفزيون؟ عملت في الإذاعة لمدة أربع سنوات، وبعد تطوير المؤسسة الإعلامية جرى افتتاح التلفزيون السعودي. ولم ألتحق بالتلفزيون ولكني كنت مشتركة مع زوجي في اختيار المذيعات. { ما هي الفئة العمرية التي كانت تتابع برامجك؟ في البداية لم تكن هناك فئة عمرية من المستمعين أو المشاهدين لأنه لم تكن هناك خيارات كثيرة أمامهم، وبالتالي كانت الإذاعة هي المتنفس الإعلامي الوحيد للجميع. { كيف تصفين عملك في التلفزيون؟ كنت مسؤولة عن مهمة مونتاج البرامج الأجنبية التي كنا نجلبها من الإذاعة البريطانية «بي بي سي» وعدة قنوات أخرى، فكنت أقوم بحذف المقاطع التي لم يكن يسمح بعرضها لأن التلفزيون كان شيئا حديثا بالنسبة للمجتمع، مما أوجب وجود الرقابة على بعض المشاهد. { كيف يمكنك المقارنة ما بين التلفزيون والراديو؟ العمل في التلفزيون فيه الكثير من الوضوح، والبرامج الحية لا يجوز فيها الخطأ مما يحتم على المذيع مسؤولية كبيرة، ولكن للإذاعة سحرها أيضا، خصوصا أنني بدأت مسيرتي الإعلامية منها. { برأيك ما أهمية الثقافة لدى المذيع؟ الثقافة مطلوبة لدى مذيع التلفزيون أو الراديو، وهي تشكل مفتاح النجاح للإعلامي، في الماضي كان عمل المذيع أصعب من أيامنا هذه، فلم تكن لدينا وسائل تسهل عملية القراءة على سبيل المثال، مثل القارئ الإلكتروني «أوتو كيو»، فكنا نقرأ فقرات كتبت بخط اليد، والأمر كان أصعب بكثير من اليوم. { كيف تصفين الإعلام المعاصر؟ توجد زحمة إعلامية غير عادية ومزعجة، كما أن المحطات الإذاعية والتلفزيونية مسيسة جدا، فيكفي أن تسمع خبرين عبرها لتعرف خلفيتها السياسية. { ما رأيك بالمذيعين والمذيعات السعوديين؟ من الصعب الحكم على المذيعات السعوديات الآن لأنهن بدأن متأخرات في وسط منافسة قوية جدا بين لقنوات الفضائية، مع الملاحظة أنهن يبذلن جهودا كبيرة. ولا يمكنني أن أشهد أو أعلق على المذيعات السعوديات لأنني كنت واحدة منهن، وابنتي التي اختارت العمل كمذيعة تقوم بتكملة الدور الذي بدأته. { ما العناصر التي تؤهل المذيع؟ الثقة بالنفس، وعدم الاعتماد على الشكل كثيرا ولو أنه مهم، والصوت، والوضوح في الإلقاء، وعدم الغرور. { كيف تواكبين الأخبار؟ أبدأ يومي بمتابعة نشرة الأخبار على قناة ال«بي بي سي»، بحكم إقامتي شبه الدائمة في لندن، وبعدها أنتقل لمشاهدة الأخبار على قناة «العربية» وبعض القنوات الفضائية، وتعجبني قناة ال«إم تي في» اللبنانية ومحطات الأخبار الفضائية المنوعة. { ما الذي ينقص الإعلام العربي؟ اتحاد الكلمة، فأنا أصف المعارك الكلامية اليومية على القنوات العربية بحرب عالمية «إعلامية» ثالثة. وأتمنى أن تكون المصداقية في الخبر هي الأهم، خصوصا في هذه الفترة. { حدثينا عن العائلة والحياة الدبلوماسية. تنقلت مع زوجي للعيش في عدة بلدان عندما كان سفيرا للمملكة، فانتقلت في بادئ الأمر إلى روما حيث كان زوجي في منصب وزير مفوض، وبعدها انتقلنا إلى تشاد في أفريقيا وعدنا إلى المملكة بعدها لفترة سبع سنوات، انتقلنا بعدها إلى تونس لمدة عامين، وأخيرا ألمانيا حين عين زوجي سفيرا واستقررنا بها لمدة 16 سنة. { إلى أي بلد تشعرين بالانتماء؟ الدبلوماسية تلغي الانتماء من الفرد، وهذه مشكلة حقيقية، ولكني تمتعت بكل إقاماتي في جميع المدن والبلدان لأنها تختلف بعضها عن بعض. ولكني أحب لندن التي انتقلت للعيش فيها بصفة غير دبلوماسية، فلم تكن هناك علاقات دبلوماسية مع الدول العربية، وعندما وضعت ابني فيها اضطررت إلى تسجيل ولادته في السفارة الباكستانية. { ما صفات الإعلامي الناجح؟ يجب عليه حب الإعلام وتوصيل الحقيقة إلى المتلقي إن كان مستمعا أو قارئا أو مشاهدا، وأن يكون دبلوماسيا وهادئا في الحوار. { ما الذي كان يزعجك في عملك في بدايته؟ لم يزعجني في عملي إلا التعصب والقلق والتردد من عدم رضا المستمع عن الفقرات التي كنا نقدمها. { كيف تصفين إقامتك في ألمانيا لفترة طويلة؟ كانت فترة طويلة بالفعل، واكبت خلالها أهم حدث وهو وقوع جدار برلين في 9 نونبر 1989 . كما أتذكر جيدا حين ذهبنا للاحتفال بالوحدة بين برلين الشرقية والغربية في عام 1990 بمنطقة البرلمان وشاهدت العدد الهائل من الجماهير الذي حضر الاحتفال، كانت لحظات مؤثرة. وإلى الآن ما زلت أحتفظ بقطع من حائط برلين للذكرى، كما أنني قمت بزيارة برلين الشرقية والغربية قبل انهيار الجدار وكانتا تختلفان بشكل واضح وكانت برلين الغربية صغيرة وتتفوق على برلين الشرقية على عكس ما آلت إليه هذه الأخيرة اليوم. برأيي السبب هو أن برلين الشرقية بدأت بتخطيطات جديدة على الطريقة الحديثة مع أنها بلد به الكثير من الآثار والمعالم القديمة التي جرى ترميمها لاحقا. { كيف تصفين الألمان؟ الألمان لا يحبون أن يتفوق عليهم أحد، وغير ناجحين على صعيد البروتوكول حيث لا تهمهم المظاهر بقدر الفعل، فهم عمليون لأقصى درجة. ولكن يجب القول أيضا إن هناك صدقا في المعاملة، ولهذا كانت فترة إقامتنا في ألمانيا مريحة جدا. { تقولين إنك إذا اتبعت البروتوكول لا تصلين إلى مكان، كيف؟ ما قصدت قوله هو أن الإنسان لن يصل إلى الرد الذي يرغب فيه بسرعة إذا اعتمد على البروتوكول، فالعلاقات الشخصية مهمة جدا للوصول إلى الهدف. { ما رأيك بشبكات التواصل الاجتماعي؟ إنها الشريان الرئيس للإعلام اليوم، فالعيش من دون التواصل من خلاله أشبه بالحبس الانفرادي، فنحن نصحو وننام على تلقي الأخبار من جميع المصادر. لدي حساب على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ولكني لا أغرد كثيرا على «تويتر». { ما هو الخلل في الإعلام العربي؟ الغيرة ما بين المذيعين، والمنافسة غير الشريفة، وهذا الأمر لم يكن موجودا في أيامي، فكنا نعمل كفريق، والنجاح كان جماعيا وليس فرديا.