"اكتساح قسنطينة" يفرح البركانيين    قمع احتجاج أمازيغي يثير سخط الحقوقيين    الجيش الإسرائيلي يقر بحصول "إخفاقات مهنية متعددة" في واقعة مقتل 15 مسعفا في غزة    ميرسك تلاحق صحيفة دنماركية قضائيًا بعد اتهامات باطلة بشأن شحنات أسلحة إلى إسرائيل.. وجهات معادية تقف وراء استهداف ميناء طنجة    الثانوية التأهيلية المجد بامطل تختم فعاليات الدورة الأولى للأيام الثقافية للمؤسسة    البوليساريو... الذراع العسكرية لإيران في شمال إفريقيا برعاية جزائرية    الأمن يتفاعل بسرعة مع أحداث عنف في القصر الكبير ويوقف ثلاثة مشتبه فيهم    الحسيمة.. انعقاد الاجتماع التشاوري الأول حول مخطط التدبير التشاركي للفرشة المائية غيس – النكور    المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة وجدة تشهد تأسيس أول نادٍ سينمائي    خمس لاعبين مغاربة ضمن التشكيلة المثالية لكأس إفريقيا للفتيان    مغاربة داعمون للقضية الفلسطينية يحتجون أمام ميناء "طنجة المتوسط"    ابن تمسمان الأستاذ سعيد بنتاجر، يقارب الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي في معرض الكتاب بالرباط    ترامب يعيد هيكلة الخارجية الأمريكية    تفاصيل حريق المسبح البلدي بالناظور    الدرك يطيح بأحد كبار مروجي الخمور باقليم الدريوش    "نداء القنيطرة" يدعو لإصلاح الإعلام    أفاية: قراءات اختزالية تستهدف "النقد المزدوج" عند عبد الكبير الخطيبي    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وفاة طفلين في حضانة غير مرخصة بالدار البيضاء    لقاء إقليمي بالحسيمة يسلط الضوء على آفاق الاستثمار في إطار قانون المالية 2025    برلماني يسائل وزير الفلاحة حول توتر العلاقة بين أعضاء من الغرفة الفلاحية والمديرية الإقليمية بطنجة    مستشار ترامب: الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء لا لبس فيه    المغرب يتصدر صادرات الفواكه والخضروات عالميًا: ريادة زراعية تنبع من الابتكار والاستدامة    مقاولون يقاضون "التيكتوكر" جيراندو بالمغرب وكندا بتهم التشهير والابتزاز    السعدي: الحكومة ملتزمة بتعزيز البنية التحتية التكوينية المخصصة للصناعة التقليدية    القوات المسلحة تُكوّن ضباطًا قطريين    "موازين" يواصل جذب نجوم العالم    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في فعاليات معرض "جيتكس إفريقيا"    القفطان يجمع السعدي وأزولاي بالصويرة    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحتفي بالمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة إثر تتويجه باللقب القاري    الفنان الريفي عبد السلام أمجوظ يتألق في مسرحية سكرات    عبد العزيز حنون يدعم البحث في اللسانيات الأمازيغية بأطروحة حول التمني بأمازيغية الريف    تفاصيل اجتماع نقابات الصحة مع مدير الوكالة المغربية للدم ومشتقاته    بعد القرار الأمريكي المفاجئ .. هل يخسر المغرب بوابته إلى السوق العالمية؟    "الكاف" يختار المغربي عبد الله وزان أفضل لاعب في البطولة القارية للناشئين    الأرصاد الجوية تتوقع نزول زخات مطرية متفرقة اليوم الأحد    بنكيران: الأمة بكل حكامها تمر من مرحلة العار الكبير ولا يمكن السكوت على استقبال سفن السلاح    الآلاف يتظاهرون ضد ترامب في الولايات المتحدة: لا يوجد مَلك في أمريكا.. لنُقاوِم الطغيان    الاتحاد الوطني للشغل يدعو إلى تعبئة شاملة في فاتح ماي    " هناك بريق أمل".. رواية جديدة للدكتورة نزهة بنسليمان    ندوة علمية تناقش الحكامة القضائية    الكوكب يسعى لتحصين صدارته أمام الدشيرة والمنافسة تشتعل على بطاقة الصعود الثانية    دراسة تدعو إلى اعتماد استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن السيبراني في المغرب    الأساتذة المبرزون يحتجون الخميس المقبل    لقاء يناقش دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    دورة برشلونة لكرة المضرب: ألكاراس يتأهل للمباراة النهائية    برشلونة يضع المدافع المغربي إدريس أيت الشيخ تحت المجهر … !    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    أنور آيت الحاج: "فخور بمغربيتي"    قناة إيرلندية تُبهر جمهورها بسحر طنجة وتراثها المتوسطي (فيديو)    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرنسي يصف أصناف الحب وطقوسه عند مغاربة 1919: لماذا تنتشر الخيانة الزوجية؟ وما طقوس العيش في الحريم؟
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 05 - 04 - 2014

والمغرب يعيش تحت سلطة الحماية الفرنسية، نشرت «الدار الفرنسية للفن والنشر» الباريسية كتابا لا يتجاوز عدد صفحاته 104 صفحة، يحمل عنوان «أصناف الحب المغربية».
المؤلف صدر بالضبط في سنة 1919، وهو يحمل توقيع أندري رِبِيِيِند، الكاتب الفرنسي الذي سيحصل لا حقا على جائزة الماريشال لويس-هوبير ليوطي في عام 1958 عن كتابه «نصب ليوطي التذكاري».
وخلافا للكتابات الاستعمارية المغرقة في التصورات المسبقة عن علاقات الحب والزواج في المغرب، وعن قدرات المغاربة الخارقة جنسيا، وعن طبائع رعايا السلطان مولاي يوسف بن الحسن البدائية، فإن الكاتب حاول، قدر ما يسمح له بذلك وضعه كسليل للدولة الحامية، وصف المجتمع المغربي في تلك الحقبة بدون توابل عجائبية. ولعله فعل هذا نظرا لاعتناقه لتصور ليوطي لنظام الحماية الذي كان يقضي بضرورة محافظة المغرب على تقاليده مع عصرنته وتحديثه.
يضم الكتاب، بالإضافة لمقدمة وتمهيد، تسعة فصول تصف الطقوس والممارسات المغربية، حضريا وقرويا، في مجالات الخطوبة وما يليها، وعرس الزواج، وتعدد الزوجات، والحريم، ولثام النساء والدعارة.
نقترح على قراء «الاتحاد الأسبوعي» موعدا كل سبت للاطلاع على ترجمة شبه كاملة لمضامين المؤلف.
أندري رِبِيِيِند
تركنا العريسين الشابين في اللحظة التي قدما خلالها برهان عذرية الفتاة للمدعوين الذين لا هم لهم سوى ذلك حينها. ويتحول دليل العذرية الثمين، الذي هو عبارة عن سروال أو قميص ترصعه قطرات الدم، إلى أحد مكونات إرث شرف العائلة، لذلك يتم رشه بالعطر وطيه قبل وضعه بناية في صندوق الذكريات الخشبي، مثلما تحتفظ العرائس الكاثوليكيات بتيجان زفافهن المصنوعة من أزهار الليمون.
والويل، كل الويل، للشابة المغربية التي تحرم الكنز العائلي من هذه الجوهرة الثمينة التي هي فريضة عليها! وبالفعل، فأعراس الزفاف المغربية لا تعرف دائما نهاية سعيدة، ذلك أن طائر العذرية يكون قد غادر، طويلا قبل الاحتفالات، عشه، فما العمل في مثل هذه الحالة؟ إنه لغز قاس بكل تأكيد...
في حالة فقدان العذرية قبل ليلة «الدخلة»، يكون هناك احتمالان: إما أن الشابة منحت جسدها لرجل آخر غير خطيبها وهو ما يفرض عليها العمل على خداعه لتجنب الفضيحة، وإما أن الخطيب هو من حرمها قبل الأوان مما تفكر فيه عزيزي القارئ... علما أن الاحتمالين معا يعتبران محرجين بنفس القدر.
عادة المغاربة ألا يعترفوا بأخطائهم، وفي حالة صاحبتنا العروس، فإن إقرارها بالذنب مستبعد إلى ابعد درجة، نظرا لتأكدها من أن لا محيطها سيسامحها، ولا زوجها سيغفر لها. ولذا، ستفضل اللجوء إلى ساحرة تتقن التمويه في مثل هذه المواقف، وتدفع لها مقابلا ماليا طائلا لتزودها بالسر الضروري لكي تخدع الجميع، بما في ذلك الزوج.
إن الوصفة المستعملة من طرف الساحرة لمعالجة وضع من هذا القبيل، جد بدائية ويوظف فيها الحمام والسمك، وهي لا تفشل في خداع الناس إلا نادرا، كما أن نجاعتها ستستمر في المغرب إلى حين انخراط الإسلام في العصر وتوفره على أطباء وكيميائيين قادرين على كشف حقيقة العذرية بواسطة تحليلات علمية.
أما حين يكون الشاب هو من ساعد خطيبته على فقدان رأسمالها من العفة، فإن الأمور تأخذ مجرى مغايرا.
رغم أن الخطيب قام بتصريف فعل الحب قبليا مع التي ستصبح زوجة له ليلة «الدخلة» على سنة الله ورسوله، فإنه سيتردد كثيرا قبل التواطؤ معها في أكذوبة الدم، لأنه يعتبر الأمر خطيئة جسيمة من وجهة نظر تعاليم القرآن. ومن ثمة، فإنه سيسعى إلى التكفير عن ذنبه عن طريق الاعتراف به جزئيا فحسب، لكنه اعتراف جزئي لا يخلو من فقدان الشرف.
بعد دخوله إلى غرفة «الدخلة»، يتظاهر الخطيب بالإصابة بنوبة تعب مفاجئة أو بالدوار أو يبحث عن أي مبرر لتأجيل ساعة انجلاء الحقيقة، ثم ينسحب واعدا الحاضرين أنه سيصبح في اليوم الموالي زوج زوجته. ونظرا لكون الضيوف لا يركزون كل اهتمامهم، خلال اليوم التالي وبقية أيام الاحتفالات، على انتظار ما أصبحوا متيقنين من عدم حصوله، فإنهم لا يبدون ريبة كبيرة حين يتم إخبارهم بأن الأمر قد قضي في غيابهم. ومع ذلك، فهم سيخبرون الجميع، بعد عودتهم إلى بيوتهم، بأنهم حضروا عرس زفاف «عاهرة»!
ولا أنسى الإشارة إلى أن العروس المشكوك في عذريتها لا تتعرض للتطليق في الصباح الموالي لليلة العرس واكتشاف أمرها. إن الأزواج الصارمون إلى هذه الدرجة قليلون، أما الأغلبية، فهي تفضل تفادي فضيحة التطليق بهذه السرعة القياسية، بينما يقرر البعض الآخر التمتع بالحقوق التي يمنحها إياهم أداء الصداق. ويحدث لهؤلاء أن يتعودوا على زوجتهم فيحتفظون بها، وخاصة لما تنجب لهم أطفالا. (...)
ألتمس منك العذر أيها القارئ، فالعرس لم يختتم بعد!... إنه لا ينتهي في أوساط الأغنياء إلا في يومه السابع، وفي أوساط الفقراء في يومه الثالث، وطوال هذه المدة يمنع على الزوجة مغادرة غرفة «الدخلة»، ففيها تقدم لها وجبات الأكل، وفيها تستقبل زيارات زوجها القصيرة.
لا يسافر المغاربة بمناسبة زواجهم، بل إن الشابات المسلمات لا تعرفن حتى شهر العسل، وتتعرضن أحيانا لهجر الزوج غداة العرس. أجل، إن بعض الأزواج لا ينتظرون نهاية احتفالات الزفاف للتعاطي للخيانة الزوجية، ولذا تجدهم يدعون أصدقاءهم إلى بيوت يستأجرونها لهذا الغرض، وفيها يمارس معهم الجنس بفظاعة.
بمناسبة حلولي في فاس خلال السنة الماضية، كنت شاهد عيان على حفلة من هذا الطراز. كان لزوج ليلة أمس خليلة تشتغل مغنية، أي «شيخة»، وقد استدعاها للحضور معنا برفقة مجموعتها الغنائية قصد تسليتنا. بفعل تأثير الخمر، لم يجد مضيفنا ما يفعله أفضل من محاكاة ما قام به بالأمس مع زوجته مستعينا هذا اليوم بخليلته، وقد أقدم على فعلته أمام جميع ضيوفه!
وحتى أقدم لك، أيها القارئ الكريم، صورة متكاملة على جو الفحشاء الذي تستمر في رحمه الحضارة الإسلامية الموغلة في التاريخ، أخبرك أن أعمام وإخوان الزوج الجديد خليل «الشيخة» حضروا، وعلامات السعادة والبهجة بادية على وجوههم، هذه المحاكاة الفظة والفاحشة لمؤسسة الزواج النبيلة!
ها نحن الآن في نهاية العرس، ولم يبق ثمة إلا طقس واحد قصير ليختتم كل شيء. يتعلق الأمر بطقس «إطلاق» الزوجة الشابة الذي تحضره النساء بمفردهن. تساعد النگافة (هي مرة أخرى!) على النزول من غرفة «الدخلة» وتقودها، ممسكة بيدها، إلى وسط عرفة الاستقبال، ثم تضع بعض الخضر في قفطانها بعد أن تكون قد رفعت أسفله، وبعدها، تعطيها مكنسة لتمسك بها في يدها وتقول العبارة التالية: «تعرفين وتملكين الآن كل ما يجب لتكوني امرأة، تقدمي في طريق الحياة!» (...)
* * *
تستمر الأفراح، على الأقل في مدينة فاس، ستة أيام بعد عرس الزواج. وكل مساء، مع حلول وقت صلاة العشاء، يغادر الزوج أصدقاءه لقضاء بقية الليلة مع زوجته.
خلال هذه المدة، تضع الشابة لباسا جديدا، لكنها تترك شعرها مربوطا ولا تضع حزاما. وفي اليوم السابع، يفك يأخذ الرجل شعر زوجته ويأخذها إلى الحمام، ليضع لها بعد ذلك الحزام و»الحنتوز»، وهي زينة تميز النساء حديثات العهد بالزواج.
طوال السنة الأولى من الزواج، تنظم بين الفينة والأخرى حفلات بحضور «النگافات» و»الحنايات» ... وبعدها، تحل أوقات الجد مع ميلاد الطفل الأول الذي يطلى جسمه بالحناء من الرأس إلى أخمص القدم، ويدهن بالزبدة ويلف بقطعة قماش فاخر.
وبمناسبة ولادة الطفل، يتم ذبح خروف من طرف فقيه أو شريف وهو يتلو كلاما مقدسا. يمكث المولود في البيت لا يغادره طيلة أربعين يوما، ليأخذه الأهل، في فاس، بعد انقضاء هذه المدة إلى ضريح مولاي إدريس، حاملين الشموع والهدايا.
لكننا تركنا الآن منطقة الحب، لنجد أنفسنا في رحم الحياة الأسرية، وهو موضوع لا يدخل ضمن بحثنا هذا.
لننتقل إذن إلى الطريقة التي تتم بها الخيانة الزوجية في المغرب، هذه الخيانة التي هدفها وضع بعض التوابل في الحياة الأسرية بشكل غير شرعي.
لا تفاجأ كثيرا عزيزي القارئ بالمفارقة التي تحملها الكلمتان: الخيانة الزوجية والأسرة. إنهما متجاوران في الحضارة الإسلامية أكثر من وضعهما في حضارتنا، لدرجة أصبحت معها شبه علاقة قرابة تربطهما. ... لن أذهب إلى حد القول إن الخيانة الزوجية، بما في ذلك تلك المنتشرة في العالم الإسلامي، تشكل إحدى دعائم المجتمع. علينا بالطبع تفادي المغالاة، لكنه لا يمكن لأبسط ملاحظ إلا أن يشعر بالدهشة حيال الوتيرة التي يخون بها الأزواج والزوجات المغاربة. وبدل أن يمثل تعدد الزوجات حاجزا أمام الرجال، فإنه يشكل في الواقع مهيجا لهم. أما النساء، فإنهن يمارسن الخيانة بالفطرة وليس لأسباب أخرى.
لا أعتقد أنه يوجد في العالم أزواج تخونهم زوجاتهم أكثر من الرجال المسلمين، لكنه يجب أن يكون المرء «روميا» لاكتشاف ذلك، وهذا أمر مفهوم!
قد يتساءل المغربي: «كيف أكون ضحية للخيانة الزوجية؟ لا يرى الرجال زوجتي، وهي لا تخرج من المنزل إلا مرة أو مرتين في الأسبوع لزيارة والدتها أو للذهاب إلى الحمام أو الصلاة. لديها خادمات ومجوهرات وأنا لا أعنفها، فكيف لها أن تقدم على خيانتي؟»
لكن طرح السؤال، سواء بالعربية أو بالفرنسية، لا يعني دائما إيجاد الجواب عنه. ولذا، سأحاول تفنيد مبررات صاحبنا جوزيف، عفوا، صاحبنا محمد.
أجل، ما الذي يدفع المغربية الجميلة غلى خيانة زوجها؟
يبدو أن الجواب واضح وضوح الشمس، وأنه يجب علينا البحث عنه في طريقة زواج المغاربة نفسها، في عقده وتتويجه.
إن النساء اللواتي تزوجن عن حب جد نادرات في العالم الإسلامي. فكثيرات من بينهن تمت التضحية بهن وتعانين الخيبة! الزواج يجعلهن تهبن أجسادهن فقط، وبما أنهن بعن للزوج، فإنه لا يمكنهن احترامه ولا الثقة فيه. فكيف نطالبهن لاحقا بالوفاء الكامل له؟
ومن جهة أخرى، فإن النفاق وغريزة الخيانة تبدوان من بين أهم خصائص الذهنية المغربية، وخاصة ذهنية النساء. لقد كثر الحديث عن حسن الضيافة لدى العرب، ومن ثمة عن الثقة التي يجب علينا أن نوليها لأقوالهم. أظن شخصيا أن الأحاديث من هذا القبيل تشكو من المبالغة، وأن الأمثلة التي يتم الاستشهاد بها غير كافية لجعلنا نتيقن ونصدق ما يقال. يجب أن يكون المرء قد عاش مدة طويلة مع العربي، وخاصة المغربي، لمعرفة مناخ انعدام الثقة الذي يحيط به. ويجب أن يكون المرء قد حضر شخصيا للمناقشات التي يمارس المغاربة الكذب خلالها، وأياديهم على قلوبهم وعيونهم تحذق في مقدمة بلغتهم، يجب أن يكون قد ربط صداقات متينة مع بعضهم، أن يكون قد استقبل في بيوتهم، ليستوعب جيدا خاصية النفاق والخيانة الغريزية المميزة لهم.
ليس ثمة أفضل من سرد حكاية طريفة كنت شاهدا عليها لدعم أقوالي السالفة، وهي واقعة عشتها في مدينة مغربية كبيرة قبل سنوات. كان لدي صديق مسلم متزوج، تعشقه فتاة مغربية، لكنه ظل يصدها لتفادي التورط في مغامرة ستجبره على الزواج منها. كانت شرفة إقامتي محاذية لشرفتها التي كانت تتكلم معه منها، ومن هناك أخبرته أنها مقدمة على الزواج، واعدة إياه بخيانة رفيق حياتها معه بمجرد غداة عقد القران. بعد عشرة أيام فقط على زواجها، وبينما زوجها في رحلة قصيرة، خانته زوجته التي وهبته بكارتها قبيل أيام معدودات.
إن هذا مجرد مثال من ضمن أمثلة عديدة تؤكد جميعها أن المرأة المغربية جاهلة، وأنها لا تعير أدنى انتباه للإخلاص الزوجي حين تقدم على خيانة زوجها بهدف المتعة أو بحثا عن المال، ذلك أنهن لا تقدمن على الأمر جميعا بدون طمع في النقود مثل الزوجة الشابة التي تحدثت عنها.
ونجد من بين اللواتي يقدمن على الخيانة الزوجية نساء جد عمليات، خاصة المتزوجات من رجال بخلاء، والنساء اللواتي نلن نعمة (أو نقمة) وضع شفاههن الجميلة في كأس خمر. تتعاطى الأخيرات خيانة الزوج بدون أدنى تردد مع أي رجل يستطيع تلبية رغبتهن في احتساء المشروبات المسكرة.
صرح لي أحد المغاربة وهو يكتشف قنينات المشروبات الروحية الموضوعة على طاولة في بيتي: «تتوفر على ما ينبغي لغواية نصف نساء فاس!»
ليس ثمة، من بين المغاربة الذين يخالفون تعاليم القرآن ويشربون الخمر، رجل واحد يحتسي كأسه بمعية زوجته، ذلك أن السلوك هذا سيؤدي به إلى فقدان سلطته عليها. لذا، وبمجرد تناول مغربية لهذه الفاكهة المحرمة، فإنها ستهب نفسها كاملة لشغفها الجديد، ومن ثمة لكل من يستطيع مساعدتها على تلبية احتياجاتها من الكحول. وسأضيف، في هذا المقام، أن المغربية من هذا الصنف لا تترك عشيقها يلمسها طالما هناك قطرة في قنينة المشروب الروحي الذي يختليان لمقارعته.
ثقوا بي، إن هذا التعاطي للمحرمات الدينية، وكل هذا الفساد الأخلاقي، لا يشكلان حالتين استثنائيتين. لقد لاحظت وجودهما في كل أرجاء المغرب، سواء لدى قبائل بني مسكين غير المتحضرة أو في أوساط نخبة فاس الراقية. وإنني جد متحسر نظرا لعجزنا عن إصلاح هذا الواقع المشين، كما أتأسف لكون القرآن يجبر، بشكل من الأشكال، المرأة المسلمة على خلق ملذات محظورة في كنف نمط عيش سري.
(لننتقل الآن إلى موضوع الحريم). الحريم! هذه الكلمة بمفردها كافية لجعل الأوربي، ذي الزوجة الوحيدة، يتمثل فردوسا شهوانيا، بذخا لا ينقطع وذروة اللذة. يتخيل الأوربي، في هذا السياق، رجالا سعداء تحيط بهم الحوريات، تتوفر لهم الإثارة الجنسية باستمرار ويتمتعون بسعادة لا تنضب ملؤها ممارسة الجنس مع نساء متعددات في نفس الوقت والقبلات الدائمة.
يا له من سراب!
ليس الحريم (والكلمة تعني باللغة العربية «الشيء المقدس»)، بكل بساطة، سوى جزء البيوت العربية المخصص للنساء والأطفال والخادمات. إنه «الزريبة» (نظرا لكون المذكورين أعلاه يوضعون فيه مثل بهائم) التي يحظر ولوجها على غير رب البيت والخدم المخصيين. كما أن ابتسامة الفرح غير معششة في رحمه.
«حين تستقبل امرأة في الحريم الشريف، يقول أحد الكتاب، فإنها لن تتجاوز بعد ذلك عتبته إلا إذا فتح بابه في وجهها بفضل نيلها حظوة خاصة».
تعيش في الحريم مئات من بنات حواء، من اللواتي بلغن سن الحيض توا إلى المسنات صاحبات الشر الأبيض، ذلك أنه يمنع على الجميع، الصغيرات السن والعجائز، مغادرته إلا في اتجاه القبر. والحياة في هذا الفردوس الشهير لا تؤثثها البسمات والسعادة، بل تخضع لانضباط صارم للنساء الخاضعات للسلطة القاسية لزنجية تحظى بثقة رب البيت وتتوفر على قبضة حديدية، زنجية تسمى «العريفة» في البلاط.
توزع هذه الأخيرة «المونة» على نساء الحريم تعين لهن غرف إقامتهن. كما تسهر على نظافتهن ووسائل ترفيههن، بل تحدد دور من ستنال منهن شرف الذهاب إلى سرير السيد. وبالطبع، فالخصومات سائدة في أوساط هذه المجموعة من النسوة، وغيرة الحادة بمختلف أشكالها، والتكتلات العاصفية.
ويتوفر الحريم على تنظيم قضائي قصد الحفاظ على النظام داخله، يصدر عقوبات تتمثل عموما في الحرمان من «المونة»، أي التجويع، أو الجلد. (...)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.