خلايا الخميرة في خدمتنا منذ آلاف السنين، في الخبز، كما في بعض الادوية والمحروقات البيولوجية. هذه الخمائر سمحت بتحقيق سبق عالمي صناعة مورث (كروموزوم) كامل وعلمي لخلية تتوفر على نواة تضم معدات جينية كما هي متوفرة لدى جميع الحيوانات، خلافا للبكتيريا أو الفيروسات. هذا الاختراق العلمي أنجزه فريق دولي (أمريكي، فرنسي، هندي) حيث نشر نتائج أبحاثه في مجلة »علوم«. تحليلات من شأنها أن تفيد في فهم أفضل لعمل الجينات، وتصور إمكانية تحسين أداء هذه الخلايا. الخميرة المسماة »خميرة الخباز« هي أحد المكونات الأكثر دراسة في المختبرات، وهي تتوفر على 16كروموزوما تحمل حوالي 12 مليون »حرف« جيني تعرف بحوالي 6000 جينة وقد اهتم فريق الباحثين في البيولوجيا التركيبية بالكروموزوم III الذي يضم حوالي 300 ألف حرف مرتبة ترتيبا محددا. وبفضل التجهيزات المتطورة والعديد من الأذرع الطلابية، تمكن الفريق من إعادة تركيب كامل ومماثل للوحدة الجينية من خلال جمع الأحرف واحدا واحدا. وقد تطلب هذا العمل في مختبر »جيف بويك« بجامعة جون هوبكينز ثماني سنوات. وكان أحد أهداف هذا التمرين هو فهم أعمق للعمل الشامل للكروموزوم، وهكذا أدخل الباحثون بعض التغييرات الصغيرة على الجينات تسمح بتشغيل أو تعطيل بعض الجينات، وخاصة الجينات التي تعتبر غير اساسية. ولاحظ الباحثون أن الجينوم كان يتوفر على قوة وتمدد أكبر بفضل هذه التقنيات. وبمجرد إدخال هذا الكروموزوم الاصطناعي في خلية خميرة حية، تمكن الباحثون من رؤية عواقب هذه التغييرات من خلال زرعها في مغذيات مختلفة وفي ظروف مختلفة. وهكذا لاحظوا مثلا أن بعض الخلايا تنمو بشكل أبطأ من خلايا أخرى. وبتغييرات مختلفة للجينات وتنمو بشكل أسرع. ويأمل الباحثون بعد تحديد »العلاقات« الجيدة للجينات في الحصول على خلايا تنتج ايتانول أكثر، أو بمقدورها أن تنمو بشكل أفضل في بيئات صعبة. وبإمكانها الجواب عن أسئلة جوهرية. لكن أحد مسؤولي هذا البحث يؤكد أنه مازال هناك عمل يجب القيام به لدراسة مجموع كروموزمات الخميرة وصنع الخمسة عشر المتبقية في المختبر. فالعمل الذي يتطلب 8 سنوات يتطلب اليوم 4 الى 5 أشهر. وأن البحث يسير حاليا بسرعة أكبر خاصة بعد تشكيل مجمع دولي لهذا الغرض. ويؤكد المسؤول أنه بالرغم من أن الامر لا يتعلق بتلاعب يرمي الى إدخال جينات خارجية في الخلية. فإننا معنيون ومتنبهون للقضايا الأخلاقية. ومن السابق لأوانه القول ما إذا كان ممكنا تطبيق هذا النوع من التقنيات على أجسام أخرى مثل دود التراب أو الدوسوفيل لكن سيكون من الممكن قريبا صناعة مصبغات جديدة من هذه الفصيلة تشمل نباتات أو حيوانات.