ينشغل أغلبنا بالزيارة المرتقبة أو بالأحرى المناورة المقبلة للرئيس الأمريكى « باراك أوباما « بالمملكة العربية السعودية و الصراع بين قطبى السياسة العالمية الولاياتالمتحدة و روسيا الاتحادية و التعنت القطرى من استمرار دعمها لجماعة الإخوان و لا نرى علامة الاستفهام الكبرى التى تدور حول سلطنة عُمان منذ سنوات . فبعيدا عن مناورات اوباما التى قد تكون نهايتها الفشل كانت هناك مناورات منذ سنوات طويلة بين نظام الخمينى بطهران و سلطنة عُمان، و اتضحت بعض معالمها للعيان أثناء زيارة « محمود أحمدي نجاد « لسلطنة عُمان فى عام 2007م و ترجم ذلك إلى تطور المناورات العسكرية بين وحدات القوات البحرية و الجوية الإيرانية و نظيراتها العُمانية و كان دائما المسؤولين من كلا الجانبين يصرحون بأن تلك المناورات تهدف إلى رفع مستوى التدريب على عمليات الإنقاذ بمياة الخليج، كما صرح من قبل قائد البحرية الإيرانية الأدميرال « حبيب الله سايارى « و من قبلة العقيد « رامين تقوي بور « . و فى عام 2009م ظهرت سلطنة عُمان كمفتاح للملف الإيرانى لدى صناع القرار بالبيت الأبيض بعد أن تدخل السلطان « قابوس بن سعيد « و لعب دور الوسيط بين واشنطن و طهران فى الإفراج عن ثلاثة سائحين أمريكيين عبروا الحدود العراقية إلى داخل إيران . ثم جاء دور عُمان الدبلوماسى بخصوص الأزمة بين إيران و الغرب بشأن البرنامج النووى الايرانى بعد أن استدعى السلطان «قابوس « الصحفية الأمريكية «جوديت ميلر» المقربة من ديك تشينى و أحد أبرز أقلام ال CIA و صرح لها « أنه من الممكن إيجاد حل للصراع الأمريكي الايرانى و أنه قد حان الوقت لذلك « و بالطبع الإشارة قد وصلت فى لحظتها إلى صناع القرار بالولاياتالمتحدة ليأتى الرد مع نفس الصحفية واصفة السلطان « قابوس « بعدد من عبارات المدح قائلة « إنه سياسى محنك و هادىء و رجل داهية « لكى تمهد بعدها السلطنة لإيران الطريق إلى جنيف بعد أن عقد العديد من الاجتماعات السرية بين مسؤولين من الولاياتالمتحدة و إيران بالعاصمة مسقط بالعام الماضى و من ثم المماطلة فى المفاوضات ليصل الأمر لزيارات متبادلة من الطرفين أبرزها الزيارة الأخيرة ل « كاثرين اشتون « مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي إلى طهران لمقابلة « حسن روحانى « و هى مرتدية النصف حجاب لإحياء العلاقات بين الاتحاد الأوربى و إيران كما صرحت « اشتون « . و بعد أن انكشفت العديد من الأمور التى تم التكتم عليها على مدار سنوات فى علاقة السلطنة بطهران صرح مؤخرا وزير الشؤون الخارجية بسلطنة عُمان « يوسف بن علوي بن عبد الله « بأن لسلطنة عُمان دورا في عملية التقارب الغربي الإيراني وهذا الدور بدأ منذ أيام الرئيس الأمريكي « بيل كلينتون « ثم استمر مع بقية الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض، وصولاً إلى الرئيس الحالى باراك أوباما. و الغريب أن فى الوقت الذى يتصدر فية أمن الخليج العربى كل مؤشرات السياسة فى المنطقة استقبلت منذ أيام قليلة سلطنة عُمان رئيس الجمهورية الايرانية « حسن روحانى « استقبال الفاتحين . و صرح المسؤولون من كلا الطرفين أنه تم توقيع العديد من الاتفاقات في المجالات التجارية والاقتصادية و النفطية والغازية و المالية والمصرفية والثقافية و الاستثمارات التى قد تجعل حجم الاستثمارات الإيرانية فى سلطنة عُمان قد يصل لعشرة مليارات دولار هذا بجانب مشاريع الاستثمار و التطوير بموانئ الساحل العُمانى و على رأسهم ميناء الدقم و ذلك يعد باختصار عمل منفذ ضخم لإيران على بحر العرب يؤمن لها سهولة الوصول إلى القرن الأفريقى و قت ما تشاء مع تنفيذ فكرة مد أنبوب الغاز الإيرانى إلى عُمان خلال عامين من ألان كما تم إعادة طرح مشروع ربط البلدين بجسر بحرى فوق مضيق هرمز . و بوصول إيران إلى سلطنة عُمان صار هناك طريقا آخر بريا أكثر أمناً من الطريق البحرى الذى كلف طهران الكثير لإرسال المعدات العسكرية إلى الحوثيين باليمن . جدير بالذكر أن السلطان « قابوس « قد كان أول من زار « حسن روحانى « بعد تولى منصب رئاسة الجمهورية الإسلامية . فقد بات بالمنطقة بوقا جديدا بدلا من قطر التى احترقت أغلب كروتها خاصة بعد طلب المملكة العربية السعودية خلال اجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجى في الرياض بغلق قناة الجزيرة و إغلاق مراكز أبحاث في الدوحة أبرزها مركز بروكينغز و مؤسسة راند والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يديره النائب العربي الإسرائيلي « عزمي بشارة « مستشار حاكم قطر السابق « حمد بن خليفة آل ثاني « و ابنة الحاكم الحالى « تميم بن حمد آل ثاني « . حقيقة الأمر لقد كتبت تلك المقالة منذ فترة طويلة و لكن ترددت فى نشرها أملا فى رجوع أصحاب القرار بسلطنة عُمان إلى القرار الحكيم لما فيه خيرا لوطننا العربى و أن تكون عُمان شريكا للدفاع عن المصالح الاستراتيجية لدول الخليج العربى و أمنه القومى و أن لا تكون معضلة جديدة فى المنطقة، و لكن يبدو أن الأمر تعدى كل الخطوط الحمراء فعلى الأشقاء أن يتذكروا أن من يغرد خارج سرب العُقبان و الصقور هو الخاسر . * المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية [email protected]