تلبية للدعوة التي تقدمت بها الشركة العربية الإفريقية للتوزيع والنشر والصحافة «سبريس» التقى عدد من ممثلي الصحف الوطنية ومديري الوكالات الجهوية، يوم الثلاثاء 18 مارس 2014، في لقاء تشاوري وتحاوري على ضوء ما يشهد قطاع الصحافة المكتوبة من أزمة والتي تتجلى في انخفاض المقروئية. وقد شكل هذا اللقاء فرصة مواتية لمناقشة مستقبل الصحافة وصحافة المستقبل وقسوة الظروف وشراسة المنافسة والتحولات المتسارعة والثورة العارمة التي يعيشها الإعلام بصفة عامة، مما يطرح على المهنيين في القطاع تحديات كبرى تفرض عليهم البحث بجدية لابتكار أساليب جديدة في التحرير والنشر والتوزيع لمواكبة هذا التطور وتمكين الصحافة الورقية من ضمان البقاء والاستمرار، ومسايرة آثارها على طبيعة القراء وحاجياتهم، للارتقاء إلى مستوى المنافسة المتزايدة وما يفرضه الإعلام الحديث ووسائل الاتصال العصرية الكاسحة. كما مكن هذا الاجتماع، مجموعة «سبريس»، من طرح عدة اقتراحات وتصورات وآمال، مساهمة بذلك في رفع التحدي المستمر الذي يواجه الصحافة المكتوبة خاصة والقطاع عامة الذي لا يمكنه أن يبقى على الهامش، وتماشيا مع الإرادة الصريحة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله في دعم الصحافة انطلاقا من الوعي بدورها المتميز في مشروع بناء مجتمع ديمقراطي وحداثي وترسيخ مبادئ حرية التعبير وحقوق الإنسان حيث قال: «... تمكين قطاع الصحافة المكتوبة من هيئة مهنية تسهر على تنظيمه وضبطه قانونيا وأخلاقيا وتحصنه من الممارسات المخلة بنبل رسالته...» (خطاب جلالة الملك بتاريخ 30 يوليوز 2004). وخطاب جلالته لم يكن سردا فقط ولكنه كان من وعيه التام لأهمية الصحافة المكتوبة وانعكاسها على المجتمع والفرد، ودورها في الانتصار لكونية حقوق الإنسان وإشاعة فلسفة التعدد وثقافة الاختلاف، وضمان مقومات صحافة القرب جودة وتنوعا. وإذا كان من الطبيعي أن نعرف بدورنا تعدد المنابر للجرائد على اختلاف أشكالها وألوانها وتوجهاتها، فليس من المقبول أن يستمر الوضع في توجه يؤدي إلى ما هو ملاحظ من تمييع واستخفاف بطبيعة القارئ الذي أربك في اختياراته بما تم به إغراق سوق الصحافة المكتوبة، وانتهاج بعض الصحف إلى طريقة «نسخ لصق» باقتباس المواضيع، والمنافسة الغير الشريفة، واقتراح جلالته لهيئة مهنية فهو واقع لا بد منه لصد مثل هذه التجاوزات والاختلالات التي يعرفها القطاع. وقد كان في هذا اليوم الدراسي حضور بارز مكثف من جل ناشري الصحف الوطنية، حيث استعرضوا خلاله مجموعة من المشاكل ونوقشت فيه عدة مواضيع وطرحت عدة حلول سيتم معالجتها والعمل عليها في القريب العاجل، كما أن تدخلات المشاركين في هذا الجمع، الذي كان هدفه تنمية المبيعات والرقي بالصحف، كان له كذلك أثر إيجابي وموقف أحادي لخلق نفس جديد للصحف الورقية، واتفقوا بالإجماع على العمل بكل أمانة على القيام بحملات تحسيسية من أجل محاربة كراء الصحف والثقافة المجانية والتشجيع على القراءة، والعمل سويا، الناشر والموزع، على البحث عن سبل لانقاد الصحافة المكتوبة من هشاشتها التي تكاد تكون مزمنة. وهكذا تأكد للمشاركين في اللقاء أن تطوير الصحافة المكتوبة هو قرين بدعم قطاع التوزيع الذي هو المحور الرئيسي لانتشار الصحافة وإيصالها إلى المناطق النائية وإلى يد الجالية المغربية المقيمة بالخارج وللحيلولة من تفاقم أزمة الصحافة الورقية، ولأن لازال هناك عدد غفير من الناس تربطهم علاقة عاطفية بالورقة والقلم، فإن دعم قطاع التوزيع لا يقتصر على إزدهار الصحف فقط بل يتعداه إلى تطوير الكتاب، وتشجيع على القراءة التي تساهم في نهضة البلد وفي صقل المواهب.