جلالة الملك يترأس جلسة عمل بشأن مراجعة مدونة الأسرة    المغرب يستعد لإطلاق خدمة الجيل الخامس من الانترنت    حملة اعتقال نشطاء "مانيش راضي" تؤكد رعب الكابرانات من التغيير    دياز يثني على مبابي.. أوفى بالوعد الذي قطعه لي    إسبانيا.. الإطاحة بشبكة متخصصة في تهريب الهواتف المسروقة إلى المغرب    بقيادة جلالة الملك.. تجديد المدونة لحماية الأسرة المغربية وتعزيز تماسك المجتمع    فرنسا تحتفظ بوزيري الخارجية والجيوش    العراق يجدد دعم مغربية الصحراء .. وبوريطة: "قمة بغداد" مرحلة مهمة    إدانة رئيس مجلس عمالة طنجة بالحبس    إرجاء محاكمة البرلماني السيمو ومن معه    "بوحمرون" يستنفر المدارس بتطوان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء            الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    أخبار الساحة    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع المؤسسة بين التنظير و الأجرأة : ماهي البدائل المثلى لتفعيل" مشاريع المؤسسات " بالمدرسة المغربية ؟

يعتبر مشروع المؤسسة آلية من آليات تفعيل الحياة المدرسية ، و دعامة من دعائم التجديد التربوي ، و هو فلسفة تتغيا و تتوخى الرفع من مستوى التعليم و التحصيل لدى المتعلمين و المتعلمات ، والسمو بجودة علاقات المؤسسة التربوية بمحيطها السوسيواقتصادي من خلال انخراط كل الفاعلين سواء من داخل الفضاء المدرسي أو من خارجه ؛ في بلورة مشاريع منسجمة مع حاجيات المتعلمين و المتعلمات و المؤسسة ، و ملائمة لانتظارات المجتمع المدني المحلي و الوطني.
* فما هو مشروع المؤسسة ؟
* و ما الذي ينبغي أن يحققه و يحترمه ؟
* ما مفهوم المؤسسة ؟
* و ما المقصود بالمؤسسة التعلمية ؟
* ما هو الإطار الإداري و التنظيمي لمشروع المؤسسة ؟
* بماذا يتميز راهن " مشروع المؤسسة " في الجسد التعليمي ببلادنا ؟
* ما هي الإكراهات التي يواجهها هذا المشروع ؟
* و ما هي جهود الوزارة الوصية لتجاوزها ؟
* هل من بدائل قمينة بإنجاح مشاريع المؤسسات التعليمية ؟
هذه مجموعة من الأسئلة سأحاول الإجابة عنها من خلال هذه المقالة التربوية المتواضعة ، و التي أعتبرها محاولة نابعة من انشغالاتي اليومية كواحد من المهتمين و الممارسين البيداغوجيين بقطاع التربية و التكوين ، وذلك بغية تقديم بعض الاقتراحات في شأن موضوع "مشروع المؤسسةّّ "، و من أجل ملامسة جوانب هامة من الإكراهات التي تواجهها أجرأة هذا المشروع على أرض الواقع .
المصطفى الحسناوي (*)
* تعريف المشروع بشكل عام :
يرتبط هذا المفهوم بالتقدم ، فهو أنموذج للرفع من قيمة النشاط...كما يمكن تعريفه كتصرف توقعي يفترض تخيل زمن المستقبل من خلال بناء متواليات من الافعال و الاحداث الممكنة و المنظمة مسبقا دون معالم صادقة وصحيحة . و هو منظور قائم على مرجعيات فلسفية و ثقافية ، و فعل قصدي و صريح ، و هو كذلك فعل فردي و جماعي .1
و بالتالي فالمشروع عبارة عن مجموعة من الأنشطة المتكاملة و المبرمجة خلال فترة زمنية محددة ، و في مكان معين ، و ذلك بغية تحقيق أهداف و نتائج محددة و حسب مراحل متتابعة و جد مرتبطة ببعضها .2
* تعريف المشروع التربوي للمؤسسة :
المشروع التربوي خطة و نظام متوقع تعده المؤسسة التربوية ، و ترسم إجراءات تنفيذه ، و يمكن للمشروع أن يكون متصلا ببنية صغرى مثل المؤسسة ، أو متصلا ببنية كبرى ، أي أن يكون مشروعا تربويا شاملا يتصل بالنظام التربوي ككل .3
مشروع المؤسسة إطار منهجي و آلية عملية ضرورية لتنظيم و تفعيل مختلف الإجراءات التدبيرية و التربوية ، الهادفة إلى تحسين جودة العملية التعليمية-التعلمية ، و أجرأة الإصلاحات التربوية داخل كل مؤسسة ، فهو خطة تربوية يعدها المجتمع المدرسي وفق المقاربة التشاركية و مقاربة التدبير بالنتائج ، انطلاقا من منظور محلي شمولي لجودة المدرسة و التعلم المنشودين ، في توافق مع الغايات و الأهداف الوطنية و الجهوية .4
المشروع التربوي للمؤسسة حسب " شامبرلاند" هو إدماج لمجموعة من المعارف و المهارات قصد تحقيق إنجاز معين أي أنه مجموعة من الأفعال المثبتة مسبقا و المدمجة مع بعضها البعض لتحقيق إنجاز تربوي ؛ يجعل المتعلم (ة) طرفا مسؤولا في بناء معارف و مدارك و كفايات معينة مرتبطة به.
من هذا المنظور يمكن القول : إن المشروع التربوي للمؤسسة هو عبارة عن ممارسة تربوية و استراتيجية معقلنة ، تدخل في إطار التدبير التربوي الهادف إلى إشراك مختلف الشركاء و المسؤولين عن القطاع ، بهدف ترسيخ استراتيجية اللامركزية و الللاتمركز ، و فتح المؤسسة على محيطها الداخلي و الخارجي و النهوض بالعنصر البشري بغية الانخراط في المستقبل بكل تحدياته و أبعاده و امتداداته .5
و كل هذا لن يتحقق إلا بالانخراط مع القطاعات الحكومية و منظمات المجتمع المدني و الشركاء الاقتصاديين و الاجتماعيين ، وكذا بتعبئة كل القطاعات البشرية و الموارد المادية المتوفرة و الممكن توفيرها .6
و بالتالي فمشروع المؤسسة هو: " منظور شمولي لرسالة المؤسسة في التربية و التكوين ، ينبثق من المدرسة و محيطها ، و يتيح توافق المعنيين به حول توجهات و قيم و أولويات تؤسس العمل الجماعي ، و هو عبارة عن خطة تربوية منسجمة و متكاملة ، تنطلق من تشخيص الوضعية الحالية و الوضعية المنشودة لتحسين التربية و التكوين بالمؤسسة ، و تتألف هذه الخطة من أهداف و أعمال و أنشطة و موارد ووسائل تترابط فيما بينها .7
* تعريف المؤسسة بشكل عام :
يعني مفهوم المؤسسة بشكل عام ؛ كل ما هو معطى من الثقافة و كل ما هو موضوع و مثبت من قبل المجتمع .
و تتميز كل مؤسسة حسب تعريف " مالتفسكي " باشتمالها على ثلاث خصائص رئيسية هي :
- إنطلاقها من مجموعة مبادئ قارة أو من قاعدة محددة .
- اعتمادها على مجموعة من الأشخاص يطبقون هذه المبادئ و يسهرون عليها .
- تميزها بسياسة خاصة لأجرأة المبادئ وفق استراتيجيات محددة و مضبوطة .
و المؤسسة كلمة يحيل مفهومها الإصطلاحي العادي إلى فعل التأسيس و البناء ، أي إقامة شئ ما للمرة الأولى ، كما يراد بها كل ما هو مؤسس ؛ أي منظم و معقلن .8
* تعريف المؤسسة التعليمية / التربوية :
المؤسسة التعليمية فضاء لتأسيس مجموعة من المبادئ و القيم ، وذلك من أجل تهيئ أفراد قادرين على التكيف و التطوير و الخلق و الابتكار ، و دخول عالم المنافسة و المعرفة الحديثة ، و بالتالي المساهمة في تطوير رأس المال البشري (التنمية البشرية ) ، الذي يعتبر محرك التنمية الأساس و عنصرها الأول ، لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية و علمية شاملة للبلاد .9
و ينبغي أن تكون العلاقات الإنسانية بهذا الفضاء / المدرسة قائمة على أساس احترام الأفراد لبعضهم البعض من أجل ضمان الاحترام المتبادل بينهم و تقدير الكرامة و تشجيع الموهبة و التحفيز على العمل و زيادة الإنتاج ، قال " ألكسندر بيتون " بخصوص نجاح أفراد مؤسسة ما في مشروعهم : " قدرة مجموعة من الأفراد على التكاثف بإصرار و مثابرة لتحقيق هدف مشترك هو أساس نجاح أي مشروع "10
* الإطار الإداري و التنظيمي لمشروع المؤسسة :
نصت مذكرات التربية الوطنية منذ سنوات مضت :
( المذكرة :73 سنة 1994 -، المذكرة : 27 سنة 1995 - ، المذكرة 133 سنة 1996 -، النذكرة 121 - سنة 2009 -) على مشروع المؤسسة كآلية لدعم التجديد التربوي في المؤسسات التعليمية ، و قدمت نماذج حملت المزيد من الوعود ، لكن سرعان ما انقطع العمل بمشاريع المؤسسات نظرا للتركيز على المفاهيم النظرية و إغفال العمل الميداني ، كما نص الميثاق الوطني للتربية و التكوين في مادته 68 على كون " المدرسة ترمي إلى اكتساب الكفايات التقنية و المهنية و الرياضية و الفنية المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية و الاقتصادية للمحيط المحلي و الجهوي للمدرسة " كما قامت الوزارة الوصية على قطاع التربية و التكوين بتنظيم منتديات الإصلاح منذ سنة 2005 ، بغية الإرتقاء بجودة التعليم ، وذلك في إطار مشاريع المؤسسات ، وسارت المذكرة الوزارية رقم (:76 2005 ) في نفس الاتجاه حيث أعطت الضوء الأخضر لمجالس التدبير من أجل تشخيص وضعية المؤسسات وصياغة مشاريع لها.
هذا وجاء البرنامج الاستعجالي : 2009 - 2012 بدوره ليؤكد على أهمية مشاريع المؤسسات ، إذ أولى أهمية كبيرة لجمعية مدرسة النجاح و اعتبرها دعامة أساسية لزرع نفس جديد في مسلسل إصلاح منظومتنا التعليمية ، حيث ساهمت هذه الجمعية في نجاح عدد من مشاريع المؤسسات التربوية .
و لتسهيل آليات تفعيل " مشروع المؤسسة " قامت الوزارة الوصية مؤخرا بإطلاق مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية المغربية (( PAGESM، و تخويل قيادته لمديرات و مدراء المؤسسات التعليمية ، لكون هذا المشروع يتيح مجموعة من الإمكانيات ؛ كإمكانية التواصل و المصاحبة و الاستشارة بالشكل الذي يمكن المدراء من تدبير أمثل للمؤسسات التعليمية و الرفع من جودة خدماتها .11
* من أجل إعمال مقاربة نقدية واقعية لمشروع المؤسسة بالمدرسة المغربية :
لازال " مشروع المؤسسة "بمنظومتنا التعليمية يراوح نفسه بين سيادة التنظير و نشدان التفعيل ، إذ هناك أعطاب أسياسية و إرغامات مازالت سائدة بالمدرسة المغربية - لحد الآن- ؛ منها هيمنة المنظور التقني و الأمني للنسق التعليمي على الجانب التربوي القيمي ، إضافة إلى غياب التنسيق بين كافة الفرقاء التربويين و الاستهانة بالمشاريع التربوية بشكل عام ، هذا زيادة على عدم الوعي بالمسألة التربوية و التنمية الاجتماعية في بعدها الإنساني .12
كما أن اعتماد التدبير بأشكال بيروقراطية روتينية يحول دون نجاح مثل هذه المبادرات الإصلاحية التي تهدف إلى تحقيق الجودة لمنتوجنا التربوي ، ناهيكم عن ضعف مساهمة بعض شركاء المؤسسات في تفعيل " مشروع المؤسسة " خاصة و أن جمعيات المجتمع المدني هي قطب الرحى في كل تنشيط محلي ، و يمكنها أن تقوم بدعم مختلف الأنشطة السوسيوتربوية بالمؤسسات التعليمية . 13
و في نفس السياق ، تعد إشكالية ضعف تكوين الموارد البشرية في أي مشروع تربوي جديد من معيقات نجاح أي إصلاح منشود في ميدان التربية و التكوين ، الذي لازال يشكو من استمرار التخطيط بطريقة عمودية ؛ لا تعطى فيها الأولوية للحاجات الملحة للمؤسسات التعليمية ، كما أن التخطيط يقتصر غالبا على الجوانب الكمية و تحديد الأهداف المتوخاة ، دون التركيز على الموارد الضرورية و على المؤشرات النوعية " الكيفية " 14
إضافة إلى غياب رؤية واضحة و مستقبلية في مجال تدبير بعض المؤسسات التربوية ، مما ينعكس سلبا على مختلف الأنشطة بها.
* جهود الوزارة الوصية : من أجل تفعيل أمثل لمشاريع المؤسسات التربوية :
لا أحد ينكر الجهود التي بذلتها بلادنا لإصلاح قطاع التربية و التكوين من خلال تفعيلها لمبادئ الميثاق الوطني للتربية و التكوين ، و زرعها نفس جديد في هذا القطاع الحيوي خلال فترة البرنامج الاستعجالي ، و مواصلتها للمسار الإصلاحي حاليا ؛ فالرهانات التي رفعتها حتى و إن لم تحقق المطلوب ، ساهمت في إرساء ثقافة جديدة ، جعلت كل مكونات مجتمعنا المغربي يحس ضرورة إنخراطنا جميعا في إصلاح مدرستنا العمومية و التعليم بشكل عام .
ومن بين المنجزات التي يمكن الاستشهاد بها في هذا الصدد ؛ تنظيم ورشات تكونية حول " شبكات الجودة " بتعاون بين وزارة التربية و الوطنية و منظمة " اليونسيف " إيمانا من الوزارة الوصية بكون هذه الشبكات أداة لتشخيص الوضعية القائمة ببعض المؤسسات التعليمية ، لذلك تم التركيز في هذه الشبكات على المقاربات الأربع المعتمدة من قبل " اليونيسف " و هي :
- المقاربة التشاركية .
- مقاربة النوع الاجتماعي
- مقاربة البرمجة (التي تعتمد على حقوق الإنسان) .
- مقاربة التدبير المؤسس على النتائج .
و لهذه الغاية تكونت الفئة المستهدفة من التلاميذ و الأساتذة و الإداريين و شركاء المؤسسة ، هذه الاخيرة حاولت الشبكات المذكورة تقديم صور حقيقة عن محيطهاو بنيتها التحتية و مواردها البشرية ، و عن العتاد الديداكتيكي و التقويم التربوي و المواظبة و تدبير زمن التعلمات و الدعم الاجتماعي و السلوكات و المواقف وحقوق و واجبات التلاميذ و الأطر التربوية و الإدارية 15
كما لا يمكن التقليل كذلك من الجهود التي بذلت من قبل الوزارة الوصية لإنجاز عدة أوراش إصلاحية من قبيل إنجاز " جمعيات دعم مدرسة النجاح " و تشجيع المؤسسات التي نجحت في صياغة و تتبع و تنفيذ و تقويم .... " "مشروع المؤسسة" ما دام ذلك يصنف في إطار الجودة و الإمتياز و التميز .
* بدائل و اقتراحات قمينة بإنجاح " مشاريع المؤسسات التعليمية " بالمدرسة المغربية:
من خلال تتبع بعض الأنشطة المختلفة التي تعرفها مؤسساتنا التعليمية ، يمكن تسجيل مجموعة من الاختلالات أهمها : قلة - إن لم نقل غياب - البناء لفعلي لمشروع المؤسسة ببعض مؤسساتنا التربوية ، و هذا ما يدعونا جميعا إلى التفكير الجدي لتشخيص أسباب إخفاق الكثير من المشاريع المؤسساتية ، في أفق إبراز السبل الكفيلة بالنهوض الشامل بالمدرسة المغربية وفق فلسفة تنموية جذرية .
إن الكلام عن " مشروع المؤسسة " كمشروع بيداغوجي و مؤسساتي و اجتماعي ، يتطلب تدبيرا محكما و ديمقراطيا للمشاريع ، و تفعيلا تواصليا للتصورات المختلفة ، و ربطا محكما بين كافة الفاعلين ، و هو ما يعني أن الحكامة التربوية في حاجة إلى تأسيس فعلي و جدي ، لأن غياب تفعيلها يمثل صلب أزمة المنظومة التربوية ، و بالتالي فتفعيل هذه الحكامة هو المدخل الأساس لتحديث المؤسسات التربوية إداريا و قانونيا و بيداغوجيا، 16
و في ذات السياق هناك من يربط تحقيق الجودة في التعليم بضرورة إرساء الشراكة الحقيقية مع المدرسة ، و إرساء فلسفة المشاريع و التركيز على المتعلم (ة) باعتباره(ها) القطب الرئيس في العملية التربوية ، و المناداة بجعل المدرسة فضاءخصبا يساعد على تفجير الطاقات الإبداعية و اكتساب المواهب في مختلف المجالات ، لا فضاء للعنف و العنف المضاد .
و لا يفوتنا اقتراح بعض البدائل الأخرى ؟، مثل إقرار التكوين المستمر لفائدة أطر التربية و التعليم ، و توفير إطار قانوني لضبط كيفية اشتغال مجالس تدبير المؤسسات التعليمية لتجاوز الصعوبات التي تحول دون أداء مهامها على الوجه المطلوب و تجاوز اعتماد أشكال التدبير البيروقراطي الروتيني في الوسط المدرسي 17
و أمام صعوبة استغلال استمارة في هذا الموضوع الهام، نظرا لعدم نجاح مجموعة من مشاريع المؤسسات بالبلدة التي أشتغل فيها ، بسبب وجود عدة إكراهات، حاولتُ استثمار آراء مجموعة من الفاعلين التربويين ، الذين دعا بعضهم إلى تكريس " مشروع المؤسسة " داخل الفصول الدراسية ، و ذهب بعضهم إلى أهمية صياغة مشاريع تروم محاربة الهدر المدرسي ، و تفعيل أدوار الدعم التربوي ، كما أكد بعضهم على ضرورة استثمار المبادرات و الخبرات المحلية في إنجاح مثل هذه الأوراش التربوية .
كما أشاد البعض الآخر بشبكات الجودة ، لأنها تشكل أداة لتشخيص الوضعية القائمة في المؤسسات التعليمية ، و لكونها تتضمن محاور و مؤشرات لقياس و تقييم جودة هذه المؤسسات ، ويمكن اعتبار هذه الأداة منطلقا لصياغة " مشروع المؤسسة " وفق مقاربة تشاركية إشراكية .
لذا ، أصبح ضروريا أكثر من أي وقت مضى ، مواصلة أجرأة مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية المغربية (PAGESM ) ، وذلك من أجل تتبع إنجاز مشاريع المؤسسات التعليمية من قبل المنسقين الإقليميين ، مع الإصرار على أهمية انفتاح المؤسسات التعليمية علىالآباء و الامهات و الأولياء ، و على مختلف الفاعلين و الشركاء لمعرفة آرائهم و مناقشة مقترحاتهم ؛ ذات الصلة بكل ما من شأنه أن يعود بالنفع على المؤسسة كما حان الوقت لوضع " مشروع المؤسسة " في مساره الصحيح عبر جعله على رأس أولويات المؤسسة التعليمية و تعبئة الموارد و البشرية قصد إنجاحه ، مع ضرورة إخضاع اللجان التي تسهر عليه لدورات تكوينية .18
من هذا المنظور ، يمكن اِقتراح مجموعة من البدائل ، التي يمكن أن تكون بمثابة خارطة طريق لصياغة و تتبع جميع الخطوات و المراحل الرامية إلى نجاح مشاريع المؤسسات التعليمية ، و من بين هذه المقترحات نورد مايلي :
- توفير الإمكانيات المادية و البشرية التي تضمن نجاح المشروع .
- اقتسام المسؤولية بين الشركاء ، بدل تحميلها إلى جهة واحدة.
- تنويع القرارات و الاستشارات ، بدل إبقائها حبيسة توجه ذاتي أو أحادي .
- إرساء سياسة ترتكز على التكامل بين جميع الفاعلين التربويين.
- إرساء ثقافة التقييم المرحلي.
- نهج التدبير المعقلن للموارد البشرية و المالية.
- اعتماد مبدإ التدرج في العمل مع وضوح المرجعيات.
- إرساء آليات المواكبة و المتابعة الدائمة .
- نهج رؤية واضحة و مستقبلية ، تعتمد على الكيف لا على الكم فحسب .19
- اعتماد المقاربة المجددة القاضية بالقطع مع الأساليب الماضية.
- المصاحبة و تشجيع سلوك التغيير الإيجابي عن طريق إشراك مختلف المتدخلين ، و تشجيع مقاربة مختلفة كلية تقوم على منهجية " المشروع " ...20
* تخريج عام :
لقد آن الآوان للتفكير مليا في " مشروع المؤسسة " بوصفه أداةً فاعلة للنهوض بالمؤسسة التعليمية المغربية ، و جعلها حقلا للتجارب ، لذلك يجب على جميع الفاعليين التربويين الإنخراط الكلي و الدائم في هذا المشروع ، كما على المسؤوليين على قطاع التربية و التكوين مساندة المدرسين بالتخفيف عن كاهلهم من الساعات الثقيلة و الطويلة داخل القسم ، و عدم إزعاجهم بدعوى المسؤولية في تطبيق المذكرات الوزارية و الأكاديمية و النيابية بغرض التعويض أو سد الخصاص ، في مؤسسات بعيدة أحيانا عن مؤسساتهم الأصلية ، إن شئنا فعلا خلق أجواء مفعمة بالحياة داخل أسوار مدارسنا العمومية. 21 ، وذلك من أجل الحصول على أفضل النتائج في المدرسة و الرفع من مستوى التعليم بها ، و تعميق ارتباطها بمحيطها و اندماجها في مجالها الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي 22
اعتبارا لكون القناعة الراسخة لدى الجميع اليوم ، تتمحور الاستثمار في العنصر البشري كحل أنسب وأمثل لتحيقيق التقدم العلمي و الحضاري و الاقتصادي و الأخلاقي لأية أمة من أمم المعمور.
(*) باحث تربوي من إقليم خنيفرة
المراجع و الهوامش :
1 أ.د.عبد الكريم غريب (2006) " المنهل التربوي " الجزء ، الثاني ، منشورات عالم التربية ، مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء - ص :781
2 دليل خاص بتكوين أعضاء جمعيات المجتمع المدني : www.ads.ma
3 أ.د.عبد الكريم غريب 2006 " المنهل التربوي " الجزء ، الثاني ،مرجع سابق ص: 783
4 المملكة المغربية ، وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي، قطاع التعليم المدرسي، المذكرة رقم : 121 في موضوع " مشروع المؤسسة " بتاريخ 31 غشت 2009 ، المرجع " البرنامج الاستعجالي : مشروع E1 P12 "
5 ذ. نور الدين العوني (( 2005 " المشروع التربوي و دوره في تنظيم المؤسسة و إشعاعها " ( جريدة الاتحاد الاشتراكي ) العدد : 8130، الأربعاء 08 - 12 - 2005
6 المملكة المغربية ، وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي، قطاع التعليم المدرسي، المذكرة رقم : 76 في موضوع " المبادرة الوطنية للتنمية الشرية" بتاريخ 9 يونيو 2005
7 المملكة المغربية ، وزارة التربية الوطنية و التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي (ورشات مشروع المؤسسة للارتقاء بالجودة والملاءمة : مشروع " ألف " ) بتعاون مع الأكاديميات الجهوية و التكوين لحهات الدار البيضاء الكبرى و الشاوية ورديغة و مكناس تافلالت و الجهة الشرقية ، السنة الدراسية : 2005 - 2006 ص : 28
8 ذ. نور الدين العوني 2005 مرجع سابق، نفس الصفحة
9 ذ. نور الدين العوني 2005 مرجع سابق، نفس الصفحة
10 د. عبد الرحيم تمحري 2013 " شخصية المدرس المغربي : الهوية و التوافق " منشورات مجلة علوم التربية ( العدد 34) مطبعة النجاح الجديد الدار البيضاء ، الطبعة الاولى : 2013 ، ص : 45 - 46
11 ذة - صباح الفيلالي 2014 " اللجنة الجهوية لتنسيق و تدبير مشروع دعم تدبير المؤسسات التعليمية تَجْتَمعُ بكلميم" جريدة " الأحداث المغربية " العدد 5200 ، ( الحمعة 7 - 2 - 2014 ) ص : 9
12 ذ - عبد اللطيف الخمسي 2009 " مدرسة النجاح : الحاجة إلى مشروع فعلي للمؤسسة و حكمة تربوية ناجعة " الجريدة الأولى " العدد 416 ( الأربعاء23 / 9 / 2009) - تربية و تعليم - ص : 8
13 ذ - محمد مكسي ( 2008 - 2009 ) " مشروع المؤسسة : من التدبير اليومي إلى التدبير بالنتائج ، - المرشد التضامني، ص: 30
14 ذ.محمد فاتحي 2001 " التدبير التشاركي رهان الحكامة الجيدة في التربية و التعليم 1 / 2 " جريدة الاتحاد الاشتراكي العدد 9698 ( الخميس 3 / 2 / 2011) ، الملف التربوي ص : 10
15 ذ عبد القادر كترة (( 2012 0 أكاديمية الجهة الشرقية : تنظم ورشات تكوينية حول " شبكات الجودة " يتعاون مع وزاة التربية الوطنية و " اليونيسيف " ) جريدة " المساء " العدد : 1665 ، الثلاثاء 31 / 1 / 2012) ،المساء التربوي-ص20
16 ذ- عبد اللطبف الخميسي 2009 مرجع سابق ، نفس الصفحة
17 ذ- عزيز التجيتي 2011 " التنطيم الهيكلي مدخل لحكامة الشأن التربوي " جريدة الاتحاد الاشتراكي العدد : 9698 ( الخميس 3 / 2 / 2011) ، الملف التربوي ،ص : 9
18 ذة - صباح الفلالي 2014 مرجع سابق ، نفس الصفحة
19 ذ. محمد بهاوي 2011 ، " الحكامة و تفعيل دور الجهوية في تدبير و تسيير القطاع التربوي " مجلة عالم التربية العدد 20 ( ملف الحكامة في التربية و التكوين ) ، منشورات عالم التربية ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدارالبيضاء ، ص : 423 - 424 - 425
20 د. محمد عزيز الوكيلي (( 2009 " أهم مرتكزات الخطة الإصلاحية الإستعجالية ، الجريدة التربوية ، العدد : 24 ( 30 ملرس 2009 ) ص : 9
21 ذ. نور الدين العوني (2005) مرجع سابق، نفس الصفحة
22 د .محمد الدريج 2005 " تطوير المناهج الدراسية و التحولات في المشهد التربوي المعاصر " ، مجلة التدريس " مجلة كلية علوم التربية ، جامعة محمد الخامس ، السويسي ، الرباط " العدد 3 (2005) ص 57


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.