قمة الجولة السابعة بين الجيش والرجاء تنتهي بالتعادل    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على هاشم صفي الدين خليفة حسن نصر الله    بنسعيد يدعو إلى التواصل مع المغاربة.. وبركة يقر بفشل دعم استيراد الأضاحي    تعادل الرجاء والجيش بالدوري الاحترافي        سلطات الجديدة، تسمح بحضور الجماهير في مباراة الدفاع الحسني الجديدي والمغرب التطواني    البطولة الوطنية.. التعادل السلبي يحسم موقعة "الكلاسيكو" بين الرجاء الرياضي والجيش الملكي    حملة مقاطعة واسعة تعيد الشاب بلال إلى جادة الصواب    تفاصيل صادمة عن الصفقة بين المخابرات الجزائرية ومنظمة إرهابية    نصاب بهوية أمنية مزورة يسقط في أصفاد الشرطة القضائية    مشاركة أكثر من 93 ألف مرشح في اختبارات ولوج أسلاك الشرطة    توقيف فرنسي من أصول غينية بالدار البيضاء مطلوب دولياً بتهمة الاتجار بالمخدرات    مجلس جماعة الدار البيضاء يصادق على مشروع الميزانية برسم سنة 2025    دولة الإكوادور تقرر تعليق اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية" الوهمية    رئيس الفيفا يشكر المغرب على استضافة النسخ الخمس المقبلة من كأس العالم للسيدات لأقل من 17 عاما    الداخلة: البحرية الملكية تعترض مركبا على متنه 38 مرشحا للهجرة غير النظامية    تعديل حكومي يتوقع أن يطيح بوزراء بارزين ويستقبل وجوها جديدة    من أوحى له بمقترح التقسيم؟    خلال 3 سنوات ونصف رفعت مديونية الخزينة من 885 إلى 1053 مليار دهم    ‬المؤتمر العالمي حول الذكاء الاصطناعي ودور المغرب في تنفيذ اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية    توقعات احوال الطقس : انخفاض درجة الحرارة بمنطقة الريف    حادث يلقي بزوجة شيبو في الحراسة النظرية    "النقد" يتوقع نموا بنسبة 2.8 % بالمغرب    منتخب الشاطئية ينهزم أمام مصر (2-3)        المحكمة الإدارية بمراكش تعزل رئيسة جماعة ابن جرير ونائبها الثاني    لمجرد يروج لأغنيته الجديدة "صفقة"    زيارة وفد جائزة خليفة التربوية للمغرب    المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب .. توقيع عقد لنقل الغاز الطبيعي عبر أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي    إسرائيل مستمرة في "خطة الجنرالات" التهجيرية    وفاة الداعية فتح الله غولن "عدو أردوغان اللدود"    رحيمي الأعلى تنقيطا في قمة الهلال والعين        فيروس جدري القردة يثير القلق في ألمانيا بعد تسجيل إصابة جديدة    المحفظة العمومية تضم 271 مؤسسة ومقاولة عمومية    شبهات حول برنامج "صباحيات 2M" وإدارة القناة مطالبة بفتح تحقيق    أحمد التوفيق: فتح 1154 مسجداً متضرراً من زلزال الحوز قبل رمضان المقبل    بلينكن يصل إلى "إسرائيل" لإحياء محادثات وقف إطلاق النار    البرازيل تحبط تهريب شحنة كوكايين    جيش إسرائيل يرفع حصيلة قتلى غزة    إعادة تأهيل مرضى القلب: استعادة السيطرة على الصحة بعد حادث قلبي    المكسرات صديقة المصابين بداء السكري من النوع الثاني    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسي الأجير في خدمة البيروقراطي المتسلط

الدولة الحديثة التي تمارس فيها السلطة العقلانية بواسطة الشرعية البرلمانية. لا نريد سياسة المشاعر الخالية من المعنى، التي يحترفها ذلك السياسي العامل بأجر أو موظف براتب، بل نريد الرجل الجاد الذي يحيا من أجل السياسة ويتوفر على موهبة وطموح السلطة ويتمتع بمؤهلات وكفاءات عالية يضعها في خدمة قضية تعطي لحياته معنى ما، الأمر الذي يبعده عن سياسي الحرفة بلا دعوة. لكن ما علاقة السياسي الأجير بالبيروقراطي الموظف؟، وهل بإمكان البيروقراطية أن تنتج لنا سياسيين يدبرون الدولة؟ ألا تصبح بذلك السياسة في خطر تتهددها النزعة الفردانية واللاإنسانية؟.
يعترف ماكس فيبير في كتابه الرائد رجل العلم، رجل السياسة بأن البيروقراطية لا يمكن أن تنتج لنا سياسيين لأن البيروقراطي تلقى تكوينا من أجل الوظيفة، حيث يعتمد على معلوماته وخبراته، على عكس السياسي الذي لا يفيده كثيرا التكوين بقدر ما تفيده الموهبة وقدرته على التأثير على الآخرين، لكي يحصل على أكبر عدد من المؤيدين له، فالسياسي الحكيم يكون رجل قضية مخلصا لأمته، أما البيروقراطي فهو موظف ينتظر أجره، يطبق القرارات بفردانية وسرية في القفص الحديدي وتغلب عليه مشاعر الصراع، وهذا ما يقود إلى التوجه البيروقراطي للدولة، فماهي الدولة البيروقراطية؟ هل هي التي يسيرها بعض الموظفين الكبار؟ أم تلك التي يتحكم فيها محترفو السياسة الذين تجدهم في كل حكومة؟
الواقع أن سيطرة البيروقراطية لا يمكن أن تقود إلى دولة سلطوية يجد داخلها المواطنون أنفسهم مجردين من حقوقهم وحرياتهم، وتتم إدارتهم كأنهم قطيع من الأغنام. إذ يحول كل موظف القطاع الذي يسيطر عليه إلى إقطاعية سرية بدعوى سرية المهنة، مما يضمن له عدم تعرضه للمراقبة فتصبح الغاية عنده تبرر الوسيلة، وغايته تقنية تراعى فيها الظروف الاقتصادية بالأساس.
هكذا يتحول الوزير، وهو موظف الدولة المركزي إلى تيتان قاهر الأبرياء بواسطة أداة القهر وتتجلى في المراقب المالي الذي يحرم الناس من حقوقهم بدون سبب، ولكن جمع الضرائب يكون بالعنف والتهديد الميكيافيلي، ولعل هذا ما يعجل بالفشل وإضعاف الدولة وبخاصة عندما تتأثر علاقة السياسي بالإداري وتتحول إلى صراع شرس يكون ضحيته المواطن.
ولذلك يجب وضع حد للمد البيروقراطي والسلطة المطلقة من خلال لجان للمراقبة والتحقيق، بإمكانها الاطلاع على الملفات السرية ومتابعة الإدارة البيروقراطية ومعرفة جميع أسرارها خدمة للمصلحة العامة، بيد أن هذا يكون في الدول الديمقراطية، حيث: «الرؤساء الذين انتخبوا عن الشعب وظيفتهم هي تنفيذ القوانين».
والحال أن إخفاق النظام البرلماني وتحوله إلى مسرح هزلي وتراجيدي في نفس الوقت، لأن وجود سياسيين بدون مؤهلات، وبدون دعوة وإيمان بقضية وفراغ روحي من التربية السياسية والأخلاق، ساعد على تقوية الاتجاه البيروقراطي ومنحه سلطة مطلقة إلى درجة أن حكومة التيقنوقراط هي التي تسير البلاد، وتؤثث فضاءاتها تلك الأحزاب التي أنهكها التاريخ، لكن ما العمل؟ وكيف يمكن تأسيس دولة عقلانية حديثة؟، بل من له الحق في الحكم؟، ولماذا يجب علي أن أطيع؟، وما هي الخصائص التي ينبغي أن يتجلى بها رجل السياسة؟
إنها أسئلة تنمو بجوار الأمل، في مغرب لا يمكن إلا أن نحبه، ولذلك فإن الدولة التي نشتاق إليها تنطلق من التنظيم الحديث الذي يكون نتيجة للعقلانية،وبلغة ماكس فيبير: «فالدولة الحديثة هي الدولة التي تمارس فيها السلطة العقلانية ويسودها الاعتقاد بشرعية السلطة، وشرعية من يملك الحق في احتكار الإكراه البدني، وذلك لأن هناك قوانين وأنظمة تنظم هذا الاحتكار ويجب أن يخضع لها حتى من يطبقها». دولة تكون لها رسالة حضارية وثقافية: عدالة، ديمقراطية، معرفة. وبذلك تضع حدا للصعود المرعب للسلطة البيروقراطية التي باتت تهدد الفرد والفردانية، وإبعاد هؤلاء السياسيين الذين لا يصلحون لممارسة السلطة والقيادة. لأنهم غير قادرين أن يخلقوا المعنى ويحددوا الأهداف الملائمة للمشاكل التي يعاني منها المجتمع. فالسياسة هي إلزام وإكراه كما أن الأخلاق رياضة وتربية.
الواقع أن السياسي الذي لا ينظر إلى علاقة الوسيلة بالغاية في برنامجه إلا من الزاوية الأخلاقية يحكم على نفسه بالجمود والعجز ويؤهل نفسه إلى التقوقع داخل معارضة شرسة للعقلانية والتنظيم الحداثي للدولة.
لن توجد وصفة أخرى تبعد الدولة عن الدمار، سوى إنقاذها من البيروقراطية ومحترفي السياسة الذين طال أمدهم في الحكم، إذ ينتقلون من بناية إلى أخرى، لأنهم يعيشون من سياسة باهتة براتب مرتفع على حساب شعب يستشهد من أجل كوميرا.
نعم إن مفهوم الدولة ورجل السياسة القويين هي نماذج مثالية وبناء فكري لأنشطة موجهة بطريقة عقلانية يتفاعل وجودها مع الظواهر الاجتماعية وهذا يتطلب أخلاق المسؤولية، لأنها وحدها قادرة على إبداع رجل السياسة القوي والذي سيتمكن من أخذ زمام الحكم داخل الدولة، يتصرف بواسطة مبادئ يؤمن بها، بغض النظر عن الأهداف التي يريد الوصول إليها. فماهية السياسة لا تنفصل عن إرادة القوة. إذ ليس أمامنا سوى خيار واحد إما الديمقراطية كاملة، وإما البيروقراطية المتسلطة. وقد تتحول إلى ديكتاتورية، مغطاة بغطاء الشرعية التي تكتسبها من خلال محترفي السياسة، إنها ديكتاتورية بيروقراطية، تحافظ على مصلحة مجموعة من الأعيان هدفها الفوز بأصوات الانتخابات وبمراكز سياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.