سمحت يومية المساء لنفسها بأن تتنبأ بموت الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ودعت الى «خيمة» العزاء بعض الباحثين والأسماء التربوية، التي دأبت على التحليل السياسي ليؤكدوا لها خبر الوفاة. وعوض أن تتحدث الى المعنيين بالجنازة التي أقامتها على صفحتين (حق العزاء لأهله أليس كذلك؟) في عدد يوم أمس، اختارت عن قصد مبيت أن تعلن وفاتنا جميعا بدون علمنا وبدون إشعارنا بأن موعد الوفاة ، اقترب أو فات! لا بأس، تعودت اليومية أن تتخصص في الأمعاء الداخلية للاتحاد عوض مناقشة مواقفه وأدبياته ومعارضته، وذلك كخيار يريد في كل لحظة أن يجعل من الحياة الداخلية لحزب يتحرك ويناقش ويعلن على الملأ ما يدور فيه ، دليلا على وفاته. واكتشفنا معها أن خير دليل على الموت هو .. الحركة والاختلاف والنقاش، والتذكير بالضوابط واستحضار القواعد المتفق عليها في بنا الذات الجماعية. لا نريد من اليومية أن تكون محايدة، لأنها فعلا إن مارست المهنة .. ستموت لا محالة! نريد منها فقط أن تكون دقيقة في نقل الاخبار، وأن تترك الحنين الشخصي للواقفين عليها الى نهاية الاتحاد .. الى من هم عاريون في الحقيقة الواضحة للعداء الدائم للاتحاد الاشتراكي. ستنتظر المساء طويلا قبل أن تحضر جنازة الاتحاد .. وهذا يعلمه الواقفون عليها. ننتقل الآن الى من يعلنون بوجوه سافرة عن إرادتهم في التدخل في الشأن الداخلي للاتحاد من موقع المسؤولية الحكومية. فقد تعودنا من اليوميات التي لا تشاطر الاتحاد تاريخه ومواقفه وعناوينه الكبرى أن تعلن ذلك، من موقعها في الحراك المجتمعي، ولم نرد إلا بما يسعف الفضاء التعددي في البلاد بقليل من الهواء النقي والنقاش الصحي، لكن أن تتجرأ يومية التجديد« المتحدثة باسم العدالة والتنمية، والمدافعة عن حكومة مدرائها وصانعيها الذين أصبحوا في سدة الحكم، بالتدخل في شؤون الاتحاد فإننا نذكر بما يلي: أولا : لا نعتقد أن الحركات التي جاءت من أجل اغتيال القادة الذين وقفوا في وجه الاستبداد، والذين وقفوا الى جانب الشعب المغربي، جدير بها أن تقدم لأحزابهم الدروس. ثانيا، يومية الحركة التي تحتضن الإرهاب الفكري وتقدم له المسوغات «المؤسساتية» للاستمرار فيه، لا يمكن بأي حال أن تكون مرجعا للاتحاديين أيا كانت مواقعهم. ثالثا ، هؤلاء الاتحاديون بدون استثناء يدركون أنه كلما تحدثت اليومية عن حزب، فإنها لا تفعل ذلك باسم الحفاظ على هويته ولا عن وجوده، ولا عن شراكته في البناء الديموقراطي في البلاد. وهم بالسليقة وطبيعة انتمائهم يتجهون غير الوجهة التي تريدها لهم. ولذلك نقول لنائب الرئيس في «التوحيد والاصلاح» والحزب معا، السيد امحمد إن الاتحاديين شرفاء ولا ينتظرون منك أن تنتقي منهم من يسايرك في شماتتك من هذا الحزب، ودق الإسفين بين مناضليه، وعوضا عن ذلك انتبه إلى حزبك والى أخلاقه التي خدعت المغاربة للوصول الى السلطة «والتكالب» على المستضعفين في الارض!! واترك الاتحاد فهو فوق طاقتك ولن تستطيع في ذلك صبرا. يعتقد البعض، عند كل أجندة سياسية، أن «العتبة» للتدرب على الفهم السياسي هي النيل من حزب المهدي وعمر (هل نذكر القتلة بما اقترفوه قبل أن ينتحبوا خوفا عليه؟) وعبد الرحيم بوعبيد وتمريغ سمعته في التراب. فقد مررنا بتجارب باهظة الثمن وتمرنت أقلام كثيرة وترنحت عقول عديدة في الإجهاز عليه ولم تنجح، وما لا يقتلنا يقوينا. لسنا في معرض الرد الهجمي، لكن الذي لا يمكن أن نقبله اليوم هو أن يعطي البعض، وهو في قمرة التدبير الحكومي، لنفسه القدرة على «العناية»، ( هل تذكرون أيام كانت تعني «ادريس البصري؟) بالاتحاد وبتاريخه، لأن للاتحاد شعبا يحميه!