شيعت تطوان عصر يوم الأحد 2 مارس الجاري في جو جنائزي مهيب، الحاج الطيب الصمدي عن سن يناهز 90 سنة ، إلى مثواه الأخير بمقبرة سيدي المنظري بتطوان في جنازة شعبية ووطنية حضرتها أطياف المشهد السياسي المحلي والجهوي والوطني ، حيث حضر الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل عبد الرحمان العزوزي ، وكل مكونات الحركة السياسية بكل أطيافها بالمدينة ورجال المقاومة بالشمال ، هذا إلى الحضور البارز و المكثف لرفاق الراحل في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سواء وطنيا أو جهويا أو محليا، اعترافا منهم بما قدمه الراحل للحزب بهاته المدينة ، حيث عرفت الجنازة إلقاء كلمة تأبينية تكفل بإلقائها رفيق دربه المناضل عبد السلام بنصالح . وكان الراحل الحاج الطيب الصمدي ، المعروف بالحاج السريفي بين أوساط المقاومة ، من الرعيل الأول لحزب القوات الشعبية ، حيث انخرط في العمل السياسي المحفوف بالأهوال العظام وشبح السجون في الزمن الصعب، واختار معسكر الصمود وطريق الكرامة في بداية الستينات . في زمن خبر فيه الاتحاديون شتى أنواع الترهيب والتعذيب . وهكذا ومباشرة بعد انتهاء مساره الدراسي والتحاقه بالتعليم بمدينة شفشاون في أواخر الخمسينات وبداية الستينات، عمل على تأسيس النواة الأولى لحزب القوات الشعبية ، ليعود هاته المرة في بداية الستينات إلى مدينة تطوان مصفد اليدين وينال حقه من التعذيب والتنكيل في أقبية الأمن الوطني ، الذي لم ينل منه شيئا، وظل وفيا لقيم الحركة التقدمية والحركة الاتحادية الأصيلةليختاره الحزب لتمثيله في إنتخابات 1963 بالدائرة البحرية لإقليم شفشاون . وبعد عودته إلى مدينة تطوان اشتغل في ثانوية جابر ابن حيان وشرع في خلق وجمع الحركة الاتحادية والنقابية بالمدينة مما جعله هدفا للأجهزة الأمنية بالمدينة ، ليضرب له التاريخ موعدا مع الاعتقال الذي طال الحركة الاتحادية بالمغرب سنة 1973 ، ويزج به خلف القضبان رفقة الشاعر محمد الميموني والدكتور محمد النشناش والحاج بوشتى أتباتو والعديد من رفاق الدرب . كما تشهد قرارات 30 يوليوز على الحاج الطيب الصمدي ، بكونه أحد الموقعين على تلك القرارات وذلك بإسم الحاج السريفي ، ليتم انتخابه عضوا للجنة الادارية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية التي انبثقت عن المؤتمر الاستثنائي سنة 1975 . كما كان للحاج السريفي دور بارز في تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سواء على المستوى الوطني أو المحلي ، حيث ساهم إلى جانب مجموعة من رفاقه في جمع الحركة النقابية من بينهم عبد السلام بنصالح وبوشتى أتباتو ومحمد أشقرة وآخرون . كما لعب دورا اجتماعيا و تواصليا مع مطرودي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1979 ، حيث كان يقاتل في صمت من أجل أن يضمن لمطرودي الكونفدرالية العيش الكريم وحفظ كرامتهم ، من أجل ذلك كان يسهر على جمع المساهمات لأجلهم في سرية تامة ودون علم المناضلين قبل أجهزة الأمن . هذا المسار النضالي جعله يتبوأ منصب عضوية الكتابات الاقليمية للاتحاد بتطوان مند المؤتمر الاستثنائي إلى سنة 1996 لكونه كان دائما نموذجا للوفاء والإخلاص ، كما أنه كان جزءا من الحل و ليس جزءا من المشكلة ، لذا تقديرا من الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية اختاره رفاقه أن يكون على رأس القيادة إلى أن اختار الركون إلى زاوية الظل التي كان يعشقها . كما أن تطوان لاتزال تتذكر الحاج الطيب الصمدي حينما انتخبته ساكنتها عضوا بالمجلس البلدي لمدينة تطوان سنة 1983 حيث تحمل مسؤولية نائب الرئيس في المجلس الذي كان يرأسه المرحوم المناضل احمد اجزول، والذي عرفت فيه تطوان نموذج المسؤول الاتحادي الأصيل ، المرتبط بهموم ساكنتها .