لم تمض سوى ساعات على اختيار اللاعب المغربي يونس بن مرزوق حمل القميص الفرنسي، حتى جاء خبر من إسبانيا مفاده أن لاعبا مغربيا آخر فضل اللعب للجارة الإيبيرية، ويتعلق الأمر بمنير الحدادي البالغ من العمر 17 سنة. وإذا كان بن مرزوق، لاعب جوفنتوس الإيطالي تحت 19 سنة، قد سبق ولعب للفريق الوطني للفتيان في كأس أمم إفريقيا (سجل خلالها 4 أهداف في 5 مباريات ) و كأس العالم لأقل من 17 عاما بالإمارات، فإن منير الحدادي لم يسبق له أن حمل قميص الفريق الوطني للفئات الصغرى، ولم يتم الاتصال به أو بأسرته أي مسؤول مغربي، رغم تألقه رفقة فريق برشلونة الاسباني للناشئين، وقبلها مع ماخاداوندا المغمور وأتلتيكو مدريد، علما بأنه كان محط أنظار مانشستر سيتي وريال مدريد وفولهام، لكننا قد نجد العذر لمسؤولي الشأن الرياضي الغارقين في تفاهاتهم وصراعاتهم التي لا تنتهي، دون اعتبار لمصلحة الوطن، الذي يبقى في حاجة إلى كل أبنائه الذين لم يختاروا الهروب طوعا أو عشقا في الآخر، أو تنكرا لوطن آبائهم، وإنما خوفا على مستقبلهم في وطن لا يتقن مسؤولوه سوى الكلام في كل شيء، دون أن يقوموا بأي شيء. لم يعد مفهوما ما يجري في هذا الوطن السعيد بعد أن توالت الأحداث والنكسات دون أن نجد مسؤولا واحدا يملك الشجاعة للتدخل ووقف النزيف، ولو من باب النهي عن المنكر في أضعف حالاته. فكرتنا الوطنية تعيش حالة شاذة في غياب جامعة مسؤولة، ووزير للرياضة غارق في شكليات التوقيع على الشراكات مع دول لم يعد لها وجود على الخريطة الرياضية العالمية، ومتفنن في توزيع الوعود على بعض الجامعات بعينها وكأن مشاكل الكرة لا تعنيه، علما بأنه أقام الدنيا ولم يقعدها قبل وخلال الجمع العام للجامعة، ليحصل ما حصل ويبتلع لسانه بعد انتقادات الفيفا وقراراتها التي أضرت بسمعة الكرة الوطنية، وكأن الوزير المحترم يتصرف بحكمة الفقهاء « وكم من حاجة قضيناها بتركها «. اليوم، وإن كان المغرب لم يحسن التصرف، أو لم يهتم بضياع لاعبين متميزين، لينضافا إلى قائمة طويلة من اللاعبين الذين حملوا ألوان منتخبات أخرى، كعادل رامي بفرنسا، وياسين الغناسي وبوستة وإبراهيم أفلاي وبولحروز بهولندا، والأخوان العبداللاوي بالنرويج، فإن مسلسل الاستنزاف مرشح للارتفاع مع تواجد العديد من اللاعبين الشباب بالبطولات الأوربية المختلفة، كيوسف كمال لاعب ريال مدريد، بعد أن ألحقه مورينيو بتدريبات النادي الملكي، وزكرياء بقالي لاعب أيندوفن الهولندي وياسر بالدي لاعب أوكسير الفرنسي، لاعبون يبقون في حاجة لمن يلتفت إليهم ويخلصهم من الضغوطات التي يتعرضون لها رفقة أسرهم من طرف مسؤولي الجامعات والفرق التي يلعبون لها، لكن بعيدا عن الخطابات السابقة، التي كانت تقدم دروسا في التربية الوطنية لإقناع اللاعبين بحمل القميص الوطني دون اعتبار لظروف نشأتهم في مجتمعات تؤمن بأشياء أخرى.