شد رواق المغرب بالمعرض الدولي للفلاحة المقام حاليا بالعاصمة الفرنسية باريس أنظار العديد من الزوار الذين استهوتهم روائح الزعفران وماء الورد وزيت الأركان وأنواع الكسكس.. المعروضة ضمن حوالي 50 منتوجا محليا تتباهى بها المملكة في واحد من أكبر المعارض الفلاحية في العالم. ساعات قليلة بعيد افتتاحه، تحلق حول الفضاء المغربي الممتد على مساحة 325 مترا مربعا، عدد كبير من الفرنسيين والسياح الأجانب تجذبهم بداية لوحات راقصة لفرقة أمازيغية جاء بها المنظمون لتنشيط الرواق، قبل أن تثير فضولهم منتوجات تين الصبار وأصناف التمور القادمة من واحات تافيلات وزاكورة وطاطا وعلب الكبار وزيت الزيتون .. وهي كلها من إنتاج تعاونيات فلاحية صغيرة تحاول وكالة التنمية الفلاحية الدفع بها لتطوير قدراتها الانتاجية والتسويقية من خلال إشراكها في معارض دولية من هذا القبيل، بهدف تمكينها من الانفتاح على أسواق جديدة والبحث عن زبناء محتملين في الاسواق الأوربية. و»ليست هذه بالمهمة السهلة، يقول محمد الكروج مدير وكالة التنمية الفلاحية «نتوفر حتى الآن على أزيد من 50 تعاونية في مجال المنتوجات المحلية، استطاعت بفضل التأطير والدعم المادي واللوجستي الذي تستفيد منه في اطار مخطط المغرب الاخضر، أن تجد لنفسها مكانا في السوق الوطني بل إن عددا منها تمكن بالفعل من خوض تجربة التصدير ، نحن اليوم بصدد تأهيل حوالي 130 تعاونية صغيرة تضم في المجموع أزيد من 10 آلاف فلاح نحاول مساعدتها لتصل هي الأخرى مرحلة النضج». ويعترف المسؤولون بأن هذه المهمة ليست بالسهلة على قطاع مازال يعاني من صعوبة الولوج الى التجارة المهيكلة، حيث يباع 75 % من المنتجات المحلية عبر قنوات غير رسمية، وهو ما دفع وزارة الفلاحة منذ بضع سنوات الى بلورة استراتيجية مندمجة لتسريع عملية تطوير المنتجات المحلية، من خلال تشجيع التعاونيات على تثمين منتوجاتها و خلق التجمعات ذات النفع الاقتصادي لتكثيف الانتاج، ووضع سياسات تسويقية لكل منتوج والتعريف بها من خلال إشراكها في الملتقيات الفلاحية والمعارض الدولية.. غير أن إشكالية التعاونيات الفلاحية في المغرب، وخصوصا تلك التي تشتغل على المنتوجات المحلية، تكمن في كون عدد كبير من الفلاحين الصغار لا يلتزمون بتجميع منتوجاتهم في التعاونيات المنخرطين ضمنها ، ويفضلون تحت ضغط الحاجة الاسراع ببيعها بشكل غير مهيكل دونما تثمين، بدل الانتظار لشهور طويلة قبل الحصول على مستحقاتهم من التعاونيات التي تجد نفسها هي الأخرى وجها لوجه أمام صعوبات البحث عن زبناء في السوق المهيكل أو في الأسواق الكبرى، غير أن قلة المنتوج وعدم انتظاميته، يحرمها من ولوج هذه الأسواق. ولرفع هذه الصعوبات تعمل وكالة التنمية الفلاحية حاليا على التوسط للتعاونيات، بغية تطوير شراكات مع مجمعين كبار من أجل تسهيل تسويق المنتجات المحلية وذلك للرفع من كمية العرض وتحسين المنتوج وتنويعه ليلج إلى الأسواق المحلية وأسواق التصدير. ورغم كل هذه المجهودات تبقى الحاجة قائمة لإطار قانوني ملائم لخلق شراكات عادلة تضمن للفلاحين الصغار حقوقهم كاملة، وتحميهم من الجشع كما تضمن للمجمعين أنفسهم التزام الفلاحين بشروط التعاقد لزرع الثقة بين كل الأطراف، ودون ذلك سيبقى التجميع الحلقة الأصعب في مخطط المغرب الأخضر.