اعتبر مجموعة من الباحثين والممارسين القضائيين مدة عشر سنوات بالمدة الكافية لتقييم حصيلة تطبيق مدونة الأسرة ومدى تحقق الأهداف الكبرى التي سطرها المشرع المغربي، من أجل ضمان استقرار وكرامة الأسرة المغربية بكل مكوناتها، وذلك من وجهة نظر مجموعة من المحاضرين في ندوة علمية تحت عنوان « عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة: الحصيلة والآفاق في ضوء الممارسة العملية» التي قدمها الباحث ونائب المحافظ العقاري بسطات عبد الصمد أبو الفتح عن مركز الدراسات القانونية والأبحاث العقارية وقضايا التوثيق والأسرة كجهة منظمة للندوة وأدارها نقيب هيئة المحامين بسطات ذ المصطفى درايكي، بفضاء دار المحاماة بسطات يوم الجمعة 14 فبراير 2014، مداخلات ونقاش اكد على وجود ثغرات قانونية استغلها البعض من أجل التحايل على القانون من قبيل دعوى ثبوت الزوجية التي أجازتها المادة 16 من المدونة كترخيص استثنائي لمن حالت ظروف قاهرة من أجل توثيق عقد الزواج، ثغرات هذه المادة فصلتها الدكتورة لبنى الشروقي المحامية بهيئة سطات وعددت نتائجها ووقفت على آثارها السلبية على الأسرة والمجتمع حيث اعتبرت سكوت المشرع عن إعطاء تعريف للسبب القاهر ترك المجال مشرعا للاجتهاد الفقهي والقضائي كما أن وسائل الإثبات بالاكتفاء بشاهدين أو ثلاث عوض الأصل الشرعي في الشهادة وهو 12 شاهدا ممن حضر الحفل والوليمة والمهر أو عدلين ، وهي أسباب فتحت الباب على ممارسات متناقضة مع روح المدونة وخولت للبعض التحايل على مسطرة التعدد وتزويج القاصرات، وشجعت على بعض الظواهر المجتمعية الشائنة كالزنا والعلاقات غير الشرعية، معتبرة بعض الأحكام القضائية القاضية بثبوت الزوجية مشوبة بالنقص والعوار. فيما تساءل سعيد الناوي قاضي الأسرة هل يمكن للقضاء أن يرفض زواجا يعرض عليه؟ وهل كل لاجئ لمسطرة سماع ثبوت الزوجية تحايلا؟ معتبرا أن الراغب في الزنا لا يلجأ إلى المحكمة، معتبرا أن القاضي ملتزم بروح قانون مدونة الأسرة حفاظا على التماسك الأسري ويلجأ من أجل ذلك إلى تطويع النص في بعض الحالات مستشهدا باجتهاد لمحكمة بن سليمان «الصلح القبلي « فيما يخص التطليق للشقاق مستحضرا تجارب مقارنة كتونس ومصر بإحداث هيئة قضائية تختص بتقريب وجهات النظر بين الزوجين. وفي ذات السياق قدم المحامي عبد الإله عزمي أرقاما إحصائية حول أحكام التطليق للشقاق التي تتزايد نسبها سنويا في تناقض مع غاية تماسك الأسرة وتآزر المجتمع التي رسمها المشرع حيث وصل عدد القضايا التي قضت بالتطليق للشقاق إلى ما يفوق 32000 سنة 2013 بعدما كانت محصورة في 10000 سنة 2005، وهي أرقام مخيفة تؤدي إلى تدمير الأسر المغربية الأمر الذي يتطلب اعتماد آليات قانونية واجتماعية وتربوية وإعلامية من أجل تهذيب هذه مسطرة. صندوق التكافل العائلي الذي احدث سنة 2011 للتكفل بالمرأة المطلقة المعوزة وفق شروط وتعويضات اعتبرها الأستاذ الجامعي أحمد قيلش مجحفة في حق المرأة المغربية كالوثائق الكثيرة التي تتطلب جهدا ووقتا ومالا وإقناعا للإدارة، الامر الذي يرهق كاهل المرأة المعوزة التي تتطلب استصدار حكم قضائي يتولاه رئيس المحكمة وليس القضاة يقضي بتعويض هزيل بحسب عدد الاطفال محصور بين 350 ده و1000 ده،، وهي المستحقات التي تسقط على الحاضنة بمجرد تزوجها من زوج آخر أو وصول الاطفال لسن الرشد. النقاش اغنى مضامين المحاضرات القيمة وتتبعه حضور نوعي وعددي مع اسثناء غياب المجتمع المدني المهتم بقضايا الاسرة.