انعقدت أول أمس ندوة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء تحت عنوان: «»الأرشيف..تراث وحداثة وديمقراطية«« بمشاركة كل من: الأساتذة المحجوب الهيبة (المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان)، مصطفى بوعزي، منصف فخاخ من »تونس« الحسن المعلم، محمد إدصالح. في البداية، اعتبر السيد المندوب الوزاري المحجوب الهيبة أن كلمة «أرشيف» عادة ما تقترن بكلمات أخرى تدورفي فلكها وتجد مشروعية ذاكرتها بمثل الحصر التأريخي، الذاكرة والتراث، التنظيم العقلاني وحسن التدبير، الحكامة الثقافية والمحاسبة.... إن بالإمكان اختزال كل الكلمات المتفاعلة في حميمية مع كلمة «أرشيف»، كما بالامكان اختزالها عبر ثلاثة أبواب وهي ما ورد بديوان الندوة» التراث الحداثة والدمقراطية». هذه الأبواب المعتبرة سدارج الدروب التي حاور فيها عن كلمة الأرشيف باستجابة من الزملاء المدعوين الأخ مصطفى بوعزيز زميل مؤرخ وأستاذ بكلية الآداب عين الشق الدارالبيضاء وفاعل سياسي وجمعوي وحقوقي بالإضافة إلى كونه مستشارا علميا »لمجلة« الزمان«. السيد »إدصالح محمد« أستاذ سابق في كلية علوم الإعلام وخبير في الأرشيف وهمه هو الأرشيف متنقلا بين شمال المغرب وجنوبه وشرقه وغربه. - من تونس الأخ »منصف فخاخ« وهو غني عن التعريف من الذين وضعوا ا لتنظيم الأرشيفي في المغرب وهو خبير دولي في هذا المجال. - السيد الحسن المعلم مدير مدرسة علوم الإعلام. ثم »الأخ« المحجوب الهيبة« المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان« الذي في باب «الأرشيف والتراث»، طرح السؤال. بم توحي للباحث هاتان الكلمتان: »الأرشيف والتراث«؟ لتفتتح الكلمة من طرف السيد منصف فخاخ،الذي استهل كلمته باعتزازه وشكره بالحضور إلى المغرب للمرة الثانية ،وخاصة بهذا المعرض،متطرقا لموضوع «الأرشيف والتراث» موضحا أنهما كلمتان تكادان تكونان متقابلتين مكملتين، لكن حديثه حول الموضوع، جلب تذكيرا لكلمة «الأرشيف»، حيث ليست كلمة عربية اعتمدت فقط في ثلاثة دول بالمغرب العربي، للجزائر في سنة 1970 تونس في سنة 1988 والمغرب في سنة 2007. وكلمة الأرشيف باللغة الفرنسية والإنجليزية معانيها مختلفة جدا.وبالرجوع لهذه المصطلحات والمفاهيم، تكمن الإشكالية المطروحة : «الأرشيف والتراث»، «الأرشيف والحداثة»، «الأرشيف والديمقراطية». إنها كلها مرتبطة بتحليل لمفهوم أرشيف.وقول كلمة «أرشيف» لا يمكن القصد بها معنى كلمة واحدة. البداية، كانت بنطق الكلمة باللغة الإنجليزية أنا وهي «»ريكوردز«« الوثائق الرسمية ولا يوجد لها مرادف وتنطلق هكذا حالما تأخذ كل صبغتها الأرشيفية وعند انتهاء صلاحيتها تسمى »»أركايز».« وتتميز اللغة العربية والفرنسية حيث التجربة الفرنسية، كانت مع كلمة أرشيف الى غاية سنة 1970 والمراد بها فقط الوثائق التاريخية.لم يكن في فرنسا وفي أغلب الدول الأوربية اعتماد وتنظيم للوثائق الجارية والوسيطة في الجهات الحكومية. كلمت «أرشيف» أخذت معنى جديدا بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي وأصبح يقصد بها الوثائق عبر المراحل العمرية التي تمر بها.وبالنسبة للغة العربية فتوجد وثائق، وتستعمل في معنى عام بدون التمييز بين الوثائق في دور الأرشيف و المكتبات ومراكز المعلومات. توجد كلمة »»محفوظات«« لدى المملكة السعودية ولبنان وسلطنة عمان، وهي بمفهوم »»أركايز»« باللغة الإنجليزية«. باعتبار كلمة «»أرشيف»« بالمغرب العربي، اعتمدت على المفهوم الفرنسي المندمج. وكلمة «أرشيف» تعني «الوثائق» منذ نشأتها وعبر المراحل الثلاث التي تمر بها. ورجوعا للعلاقة بين «الأرشيف» و»التراث» بمفهوم الدورة العمرية للوثائق، فالفترة الأخيرة هي انشاء أهم الوثائق التاريخية، وهي ركيزة الإدارة في الذاكرة الجماعية للبلد حيث توجد بها أعمال كل الأجهزة الحكومية أو أرشيف خاص بجهة معنية مما تدل على أعمال البلد بظرفية زمنية معنية. وقال السيد »الحسن لمعلم« مجيبا عن سؤال: »التراث» يختلف من الشخص عندما نتحدث عن الشخص أو المقاولة لأن «الأرشيف» ليس فقط من منظور التاريخ، لكن يوجد به الوقت الحالي للشخص أو المؤسسة أو المقاولة يعني ما ينتج إذن بالنسبة للمجتمع أو الشخص للتراث. يعني «الذاكرة «ما أنتج خلال مرحلة معينة التي تكون ذخيرة تبين الهوية والمعتبر كمنطلق لشيء ما بالنسبة للمقاولة «الأرشيف» بمفهوم »»ريكوردز»» أصبح اليوم ذخيرة، اليوم ذخيرة المقاولة ليس ما هو مادي، الذخيرة هو ما تنتجه من معرفة إذا المعرفة هي تراث المقاولة بمعنى كل ما تنتج. وقال مصطفى بوعزيز في المحور الأول «الأرشيف» و»التراث» التعليق الأولي هو الدولة والمجتمع. هذا الارتباط ،يعكس العلاقة بين الدولة والمواطن عبر قياس المحفوظ بالمكشوف للتداول، لأن الدول في توجهها المركزي العادي تحفظ، لأن الذاكرة عنصر من عناصر السلطة، ولن تترك للتداول إلا ما تريد. إذن في هذه العلاقة ما هي المسافة بين المحفوظ المعروض للتداول العام؟ هناك قياس لتطور العلاقة بين الدولة والمجتمع. وبطبيعة الحال،فالمسافة الأساسية هي أن ينتقل «الأرشيف» من تحكم الدولة الى ملكية المجتمع عبر سيادة رابطة القضاء. وهذا تطور تاريخي في المدى الطويل لم يتم انجازه بعد في المغرب بما أننا مازلنا في البحث للانتقال إليه. وقال المحجوب الهيبة هذه العلاقة بين الدولة المنتجة للأرشيف والحافظة ،أحيانا تحتكر الأرشيف ولا تسمح بالاطلاع عليه،إلا في دولة دخلت لما يسمى بالحداثة.وتنظيم الارشيف بدأ مع الثورة الفرنسية عندما اصبح المغاربة يتحدثون عن الارشيف وعن الأرشيف الوطني بمعنى أنه خرج من حلقة ضيقة إلى حلقة أوسع. منذ ذلك الحين تطورت الأمور. ويمكن اعتبار تنظيم الأرشيف وتيسير الولوج إليه، من المعايير التي يمكن اعتمادها لقياس مدى انسجام دولة وشعب أيضا وانخراطهما فيما يسمى بالحداثة. أما فيما يتعلق ب»التراث» فقد قدم السيد منصف فخاخ تعريفا ،يتعلق بتحديد المنهج الذي ينبغي توظيفه في دراسته وبنيةالمعقل المنتج لهذا التراث من جهة والحداثة بإشكالياتها وما يعتريها من غموض من جهة أخرى،وهي معادلة متعددة المجاهيل تجعل من حل الثنائيات ليس بالأمر الهين، ويتطلب الأمر بذل مجهودات فكرية من أجل تسليط الأضواء الكافية للفهم العميق والموضوعي.