يتعرض الوزير الأول التركي «رجب طيب أردوغان « منذ أشهر لحملة تتهمه بالفساد وبمحاباة المقربين منه، سياسيا وعائليا. مُثيرو هذه الحملة و حاملو حطبها رجال من القضاء والأمن والإعلام، كلهم مرتبطون بمنظمة دينية متغلغلة في مختلف دواليب الدولة، كانت إلى الأمس القريب حليفة لحزب العدالة والتنمية، و لعبت أدوارا مهمة في مساندته انتخابيا و كذا في شيطنة معارضيه خاصة من أفراد الجيش العلمانيين (الكماليين). في انتظار أن ينجلي الدخان عن هذه الحرب الطاحنة بين الجانبين، ارتأينا ترجمة هذا المقال عن صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية لتسليط النور على هذه الشبكة ذات الامتدادات الكبرى في تركيا و...عبر العالم. العمارة الصغيرة التي تقف في «كيزيلاي» ، في قلب أنقرة، هي مركز شبكات تربوية تابعة ل»الجماعة»، وهي الزاوية الإسلامية ذات النزوع الصوفي لصاحبها «فتح الله غولن»، و التي أصبحت هدفا لأحقاد الوزير الأول الإسلامي-المحافظ ، رجب طيب أردوغان. في الطابق الأرضي للعمارة، توجد المكتبة ، وهي متخصصة في الأدب الديني. وفوقها يوجد مكتب ممثلية جامعة الفاتح باسطمبول، وهي واحدة من بين أفضل الجامعات الخاصة بتركيا. وفي الطابق الأخير، توجد مكاتب «غوفن-در»، وهي إحدى الجمعيات الثلاث «درشان» المتخصصة في إعطاء دروس الدعم من أجل التحضير لمباريات الالتحاق بالجامعة. حوالي مليون و نصف مليون تلميذ تركي يتابعون دروس الدعم هاته بعد فترات الدوام المدرسي وفي العطل الأسبوعية، مقابل أجر سنوي يتراوح بين 300 و 1000 أورو. يقول رئيس هذه المؤسسة «إيوب كيلسي» بابتسامة واضحة: «في المرة الأولى التي حاولت السلطات فيها إغلاق «الدرشان»، كان ذلك عقب الانقلاب العسكري لسبتمبر 1980 . والآن ها هو وزير أول يدعي أنه مسلم جيد يريد أن يطاردنا». ومؤكدا على الطابع التربوي لمهمته يضيف: «كل واحد يريد حياة أفضل لأبنائه و الدرشان أساسية من أجل خلق تكافؤ للحظوظ، في الوقت الذي تبلغ فيه الدروس الخصوصية أثمنة باهضة» أبعد ما نكون عن الشر مشروع إلغاء «الدرشان «- و هي المصدر المالي الهائل للجماعة - الذي أعلن عنه في سبتمبر قد سرع من وتيرة النزاع، الكامن منذ سنتين، بين الجماعة من جهة و حزب العدالة و التنمية الحاكم منذ نوفمبر 2002 من جهة ثانية ، و اللذين كانا حليفين لمدة طويلة. ففي العمق لا شيء يفرق بين حركتي الإسلام السياسي التركيتين هاتين. فعقب الحملة الواسعة ضد الفساد في تركيا و التي تُوجت في 17 دسمبر الماضي باعتقال 25 من كبار أطر حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، وهي الحملة التي تورط فيها بلال أحد نجلي رجب طيب اردوغان، لم يتوقف هذا الأخير يوميا عن شجب «الدولة داخل الدولة» و«العصابة» قاصدا بذلك الجماعة، التي يتهمها بالتغلغل داخل القضاء و بتحريكها لخيوط المؤامرة. بل و ذهب به الأمر إلى درجة اتهام «فتح الله غولن» بسحر أتباعه، كما كان يفعل في السابق «شيخ الجبل» مع الحشاشين. وفي المقابل يقول «أيوب كيلسي» : «نحن نريد مساعدة المجتمع كي يتجه نحو القيم الحقيقية ...فنحن لا نكتفي بتقديم المعارف، و لكننا نخلق نماذج بإبعاد تلاميذنا أبعد ما يكون عن الشر»؟ فمن الممنوع على الأساتذة أن يشربوا الخمر أو يدخنوا، حتى خارج المؤسسات التعليمية، حيث لا يوجد هناك فصل بين التلاميذ و التلميذات». وبشاربه الأبيض الصغير المقصوص بعناية و بصلعته و نظراته الحادة، يبدو «أيوب كيلسي» و كأنه نسخة عن زعيم الجماعة «فتح الله غولن» و هو إمام سبعيني لجأ سنة 1999 إلى الولاياتالمتحدة. وانطلاقا من «سايلورسبورغ» في بنسلفانيا ، يوجه و يقود، من يلقبه أتباعه ب»حجة أفندي» (الأستاذ المحترم)، الحركة التي تتسم بالمرونة . تشتغل على غرار شبكة من الجمعيات المتنوعة الأهداف، وخاصة في مجال التعليم والتجارة والإعلام. غير أن الحركة «الغولينية» تبدو متماسكة و موحدة جدا. يقول «روسن شكير» وهو صحفي متخصص في الإسلام السياسي التركي ، مؤلف كتاب «الآية و الشعار» و هو كتاب حول الجماعة ظهر سنة 2005 : «الجماعة بنية مركزية، خصوصا وان فتح الله غولن حريص على المراقبة». اما غموض الشبكة وامتداداتها فهي عرضة لكل الخيالات و التكهنات. فلا أحد يعرف عدد مريديها مثلا. تقول عالمة الاجتماع «إيليز ماسيكار» أن «عدد المريدين يقدره بعضهم بعدة مئات من الآلاف، والبعض الآخر بعدة ملايين من الأفراد. فالجماعة ليست أهم منظمة دينية في تركيا منذ التسعينات بل هي أهم حركة من حركات المجتمع المدني في البلاد». تطهير و تحولات رأت الجماعة النور في نهاية السبعينات قبل أن تتحول إلى جمعية شاملة: فهي تراقب حوالي ألف مدرسة وجامعة في عدد من البلدان - من آسيا الوسطى حتى إفريقيا مرورا بالولاياتالمتحدة (بأكثر من مائة مؤسسة) و أوربا، خاصة في ألمانيا و فرنسا. كما أن أتباع «فتح الله غولن» يديرون مئات من مآوي الطلبة ودور النور ويوزعون آلاف المنح على الطلبة. وهم يراقبون أيضا عدة وسائل إعلامية مثل «زمان» (أول يومية في البلاد) وعدة محطات تلفزية. وبشكلها هذا تشبه الجماعة كثيرا، الحركات الإنجيلية الأمريكية. لكنها تتمتع بقوة تغلغلها داخل الدولة والإدارة، و هو الأمر الذي شجبته منذ مدة طويلة المعارضة العلمانية في تركيا. وفي هذا السياق يقول «سيزين تنريكولو» أحد نواب رئيس حزب الشعب الجمهوري و هو القوة الرئيسية لليسار: «لا نصبح أعضاء في الجماعة بعد بلوغنا خمسين عاما، لكن حين نكون شبابا، فهذا التغلغل يبدأ منذ سنين عديدة». ومنذ قطيعته مع أتباع الجماعة، الذين اعتمد عليهم لإبعاد النخبة الكمالية القديمة عن الإدارات، أطلق رجب طيب اردوغان الوزير الأول الإسلامي حملات تطهير غير مسبوقة في البوليس، منقلا حوالي 3000 إطار خارج مقاطعاتهم، و نفس الشيء قام به في عدة إدارات عمومية. وهو يحاول حاليا السيطرة على القضاء بتغييره قانون «المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة»، وهو ما يُقلق المعارضة والاتحاد الأوربي معا. وفي هذا السياق يقول «كمال أوساك» نائب رئيس مؤسسة الكتاب و الصحفيين، المقرب من الغولينيين: «من الواضح أن هناك إرادة حقيقية للقضاء علينا، لأن أردوغان لا يستطيع أن يتحمل أي بنية منظمة تنتقد سياسته، و خاصة إذا جاءت من الحركة الإسلامية» حتى الحشرات تستحق الاحترام لا يتحدث أتباع «فتح الله غولن» أو الغولنيون مع بعضهم عن الجماعة و لكن عن «الخدمة». فكثيرا ما يردد «غولن» المقولة التالية: «خدمة الناس هي خدمة الله». ومن جهته يقول «رضا نور ميرال» رئيس جمعية رجال الأعمال الغولينيين : «الربح ليس هو هدفنا الوحيد في الحياة ونحن نستخدم جزءا من أرباحنا لمساعدة الناس». وهذه الجمعية التي تقع في قلب الحي الأوربي باسطمبول، تضم 54 ألف عضو، بعض الشركات الكبرى ولكن أغلبها من الشركات الصغيرة والمتوسطة في مختلف أنحاء البلد وفي الخارج أيضا. يقول «ميرال» وهو ابن قاض عسكري ومهندس في الميكانيك تحول إلى مقاول: «نجتمع حول طاولة واحدة ونحن من حساسيات سياسية مختلفة وبمستويات إيمانية مختلفة هدفنا الواحد هو الابتعاد ما أمكن عن الصفقات العمومية حرصا منا على استقلاليتنا... ونحن نحترم الآخر، نحترم الحياة في جميع أشكالها «حتى الحشرات». والالتزام الحقيقي بالخدمة يتم عن طريق «الصحبة»، وهي بنيات صغيرة غير رسمية، يلتقي فيها أشخاص من القطاع نفسه لتبادل الآراء، يتم خلالها الاتفاق على التشارك لإنشاء «دار للنور» في ضاحية بعيدة، أو ثانوية في بلد إفريقي. لا تشبه الجماعة طائفة، فمن السهل دخولها كما أنه من الميسر الخروج منها. فهذا «تايلان شيشك» مثلا و هو مهندس مقاول في بلاد الأكراد يقول: «ليست لدينا بطاقة انخراط، فكلما كنا نشيطين كلما كنا أعضاء فالأمر عبارة عن انخراط شخصي يمكن أن يتغير حسب اللحظات» رجال الأعمال «الغولينيين» هؤلاء، الذين طالما حابتهم السلطات، يوجدون اليوم في مرمى نيران هذه السلطات نفسها. فالتفتيش الجبائي قد تضاعف وإلغاء العقود والصفقات كذلك إضافة إلى التهديدات المبطنة. والحكومة تبدي شراستها خصوصا حُيال «بنك آسيا» المؤسسة المالية الأهم بالنسبة للجماعة. أما الجماعة التي لا تني تردد أن «لا أهداف سياسية لها»، فتقول اليوم بصوت عال- وعلى لسان «فتح الله غولن» نفسه في حوار نادر لوول ستريت جورنال في منتصف يناير الماضي - ما يجعلها تعارض حكومة اردوغان : «المواطنون الأتراك غاضبون لأنه تم التراجع عن التقدم الدمقراطي خلال السنتين الماضيتين، في الوقت الذي ساندت فيه قواعد عريضة من السكان، من ضمنهم أعضاء الخدمة، حزب العدالة والتنمية في إصلاحاته وإرادته و وضع حد لوصاية الجيش على السياسة و تقدم تركيا نحو الاتحاد الأوربي». و فتح الله غولن، كان إماما موظفا ، مثل جميع أئمة تركيا، و هو الآن متقاعد، يستلهم أفكار الصوفي سعيد نورسي (1877 -1960) وهو مفكر تركي من أصول كردية يدعو إلى العقل والتقدم والتسامح، وكان يردد أن « أعداء البشرية الثلاث هم الجهل والفقر والتشرذم». متهم بأنشطة معادية للعلمانية و قد قام «حجة أفندي» بإعادة تأويل هذا التقليد في اتجاه أكثر حداثة، معتبرا أن أغلبية قواعد القانون الإسلامي تهم الحياة الخاصة، مقدما أمام سلطة الجمهورية الكمالية، مشروعا مجتمعيا مبنيا على الدمقراطية. ويعد هذا المُوالي للغرب و المقرب من الولاياتالمتحدة، و أحد دعاة الليبرالية الاقتصادية، وطنيا محافظا جدا. و يشهد على ذلك الدور الصغير الذي تقوم به النساء في حركته. كما أن الجماعة ظلت منافسة لحركة الإسلام السياسي الأخرى في تركيا وهي «الطريق الوطني» لنجم الدين اربكان، أستاذ رجب طيب اردوغان. ففيما كان الغولينيون يراهنون على»الإسلام التربوي»، وعلى العمل في المجتمع المدني و مواجهة الهيمنة الثقافية، كان أتباع أربكان يفضلون طريق السياسة و السيطرة على الحكم. و هكذا حاز أربكان على الوزارة الأولى في حكومة التحالف، إلا أنه أجبر في فبراير 1997، بعد أقل من سنة على تعيينه، على الاستقالة بضغط من الجيش و تعرض لحملة قمعية شرسة. في هذه الأثناء و بالرغم من أن «فتح الله غولن» ظل دائما يعتبر إسلاميا مقبولا، إلا أنه أصبح مشبوها أيضا، حيث فتحت في وجهه مسطرة للتحقيق من الاشتباه فيه بالقيام بأنشطة معادية للعلمانية. في هذه الفترة فر إلى الولاياتالمتحدة التي ظل بها رغم انتهاء التحقيق سنة 2008 بعدم ثبوت الاتهامات ضده. ومع الانتصار الانتخابي لرجب طيب اردوغان سنة 2002 سيتقارب التياران، خاصة وأن حزب اردوغان لم يكن يتوفر على الكوادر المكونة لتدبير شؤون الدولة، وهو ما زوده به الغولينيون الذين تغلغلوا منذ سنوات طويلة في دواليب المؤسسات وخاصة الأكثر حساسية. الحث على دراسة القانون تحويل دولة اعتُبرت خصما لمدة طويلة، بواسطة تغلغل مُمنهج في دواليبها خيار للغولينيين رغم أنهم لا يحبون الحديث عن هذا الموضوع. فقد كتب مصطفى يزيل رئيس منظمة الكتاب والصحفيين: «سيتوقف الناس عن الشعور بالخوف من الدولة حين يجد عدد معتبر منهم مكانه داخلها ويصبح بإمكانهم القول: هذه دولتي». وفي الثمانينيات، كان «غولن» من خلال خطبه ومواعظه يحث الشباب الواعدين المنتمين لمدارس ومآوي الحركة على دراسة القانون. وتبين أن هذا العمل ذا النفس الطويل فعال جدا. «زكريا أوز» قاضي التحقيق في إحدى المحاكم الخاصة لأسطمبول، وهو من أتباع «غولن» المعروفين، أصبح القاضي الرمز لسطوة الجماعة و سلطتها داخل الجهاز القضائي. فهو الذي أطلق حملة مكافحة الفساد التي طالت قمة حزب العدالة والتنمية والتي تقض مضجع «رجب طيب اردوغان». قبل أن تتم إقالته بعنف من طرف وزير العدل، تعرض «زكريا أوز» لتعريض الصحف المقربة من العدالة والتنمية التي اتهمته بالفساد وبأنه أمضى عطلة مع أسرته في دُبي سددت مصاريفها مقاولة تركية. هذا القاضي نفسه كان قبل فترة بطلا في أعين العدالة و التنمية، التي هنأته على تحقيقاته حول المؤامرات المفترضة للجيش والهادفة إلى زعزعة بل قلب الحكومة. وفي المقابل كانت منظمات حقوق الإنسان قد شجبت أسلوبه في التحقيق، الذي اعتقل بموجبه في مارس 2011 عدد من المعارضين السياسيين البسطاء، من ضمنهم الصحفيان «أحمد سيك» و«نديم سينر». هذان الصحفيان اللذان تعتبرهما الجماعة عدوين لها، لأنهما كانا أول من كشف مؤامرات الجماعة، التي أعد عنها «أحمد سيك» كتابا تمت مصادرته فورا. يروي أحمد سيك قصته كالتالي : «في حالتي، كما في عدة حالات، جاء رجال شرطة غولينيون لاعتقالي فجرا، ثم تم تقديمي أمام محقق غوليني عرضني فيما بعد على قاض غوليني. وكل هذا تحت تغطية صحف ومحطات تلفزية غولينية». من العسير تقدير وزن أتباع «غولن» داخل الجهاز القضائي، فهم يسيطرون على دواليب أساسية، خاصة على المحاكم التسع عشرة ذات الصلاحيات الخاصة التي تتمتع بسلطات واسعة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والفساد. كما يسيطرون على المحكمة العليا وعلى المجلس الأعلى للقضاء. وحول هذه النقطة يقول «عثمان كان» أستاذ الحقوق وعضو اللجنة المركزية للعدالة والتنمية في مقال له بصحيفة «فايننشال تايمز» : «هذا الأمر يسمح لهم بالتحكم في مجموع النظام القضائي رغم أنهم لا يمثلون أكثر من 15 بالمائة من القضاة». أما داخل جهاز الشرطة فهم أكثر قوة. فقد غذوا طيلة سنوات، خوف الحكومة من المؤامرات، مما برر تقوية موقعهم و سلطاتهم داخل هذا الجهاز الأمني. ففي 2006 مثلا، أكد «عادل سردار» و هو أحد قادة البوليس السابقين، أن الجماعة تسيطر على 80 بالمائة من مناصب المسؤولية. كما صرح من جهته «حانفي أوسي» (وهو رجل شرطة مشهور ألف كتابا حول شبكات الجماعة في غشت 2010 فاعتقل بعد ذلك بشهر وحُكم عليه ب15 سنة سجنا بدعوى ارتباطه بمنظمة يسارية متطرفة)، في منتصف يناير الماضي انطلاقا من سجنه: «الجماعة أقوى مما نتصور داخل جهاز الشرطة وهي تملك الوسائل للحصول على المعلومات عن أي شخص تريد». هذه الأمور كلها لطخت صورة ومصداقية الحركة التي تزعم أنها لا تهتم سوى بالتربية والعدالة الاجتماعية والخير. وأمام شجب الوزير الأول «لامبراطورية الخوف التي فرضتها هذه الجماعة» قام «ادريس بال» و هو واحد من النواب القلائل (7 من 326) التابعين للعدالة والتنمية الذين انسحبوا من الحزب مستهجنين هجمات أردوغان على الجماعة، فقال ردا على ذلك: «من الظلم مهاجمة جماعة بأكملها بدون أدلة وليست جريمة أن نحترم شخصا يؤمن بإسلام عصري ويريد علاقات طيبة مع اليهود و النصارى». لن يكون هناك سوى خاسرين إذا كانت الجماعة حركة قوية في المجتمع المدني، فإنها تظل ضعيفة على الساحة السياسية، بالرغم من أنها لازالت تملك أذن كثير من قادة العدالة والتنمية التركي، و من ضمنهم رئيس الدولة عبد الله غول الذي ينأى بنفسه عن اردوغان في محاولة منه للسيطرة على الحزب. وحول هذه النقطة يقول «مندريس سينار» : «انتخابيا، لا تشكل الجماعة أكثر من 3 إلى 5 بالمائة من الأصوات، لكنها من خلال شبكاتها وتأثيرها على الرأي العام، فبإمكانها إلحاق ضرر كبير بمصداقية أردوغان» ويشير هذا الأستاذ بجامعة «بسكنت» في أنقرة، إلى أنه في هذه الحرب الأخوية بين العدالة والتنمية من جهة و بين الغولينيين من جهة ثانية «فلن يكون هناك سوى خاسرين». وفي انتظار ذلك، فإن الرأي العام يتابع مفتونا توالي القضايا والفضائح من المعسكرين معا. بينما تعد المعارضة النقط وتنقسم إلى صفين: أولهما يعتبر خصمه الرئيسي هو رجب طيب أردوغان، مع نزوعه المستمر نحو التسلط، وثانيهما، وهو الأكثر، مع شجبه لتسلط أردوغان يعتبرونه منتخبا من طرف صناديق الاقتراع وينبغي أن يُطرد من خلال هذه الصناديق نفسها. وهؤلاء يحذرون من السلطة الخفية للجماعة التي لا تخضع لأي رقابة دمقراطية.