قرارات مؤتمر رؤساء الدول في الاتحاد الإفريقي تكرس اعتبار ملف الصحراء اختصاصا حصريا للأمم المتحدة    الدريوش: فخورة بالانتماء إلى "الأحرار" وراضية عن أداء ونتائج وزرائه    بنك المغرب يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2,25 في المائة    ارتفاع حصيلة غارات إسرائيل على غزة إلى 413 قتيلا على الأقل    المغرب يعزز دفاعاته بنشر وحدات للحرب الإلكترونية قرب سبتة ومليلية    لقجع يكلف إسماعيل الفتح بإجراء خبرة شاملة لمنظومة التحكيم المغربي    تسجيل هزة أرضية قوية بالجارة الشرقية الجزائر    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بذكراه الثلاثين ويكشف عن أعضاء لجنتي التحكيم    مقتل المتحدث باسم "سرايا القدس"    وداد برطال: أهدي التتويج ببطولة العالم للملاكمة إلى الملك محمد السادس    حماس تعلن أسماء قياديين قتلوا بضربات إسرائيل على قطاع غزة    "حلق لحية السرباية" يثير خلافات أرباب المقاهي والمطاعم المغاربة    "الرشيدي" يترأس اجتماعا يَهٌمٌ النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة    الجزائر ترفض قائمة بجزائريين تريد فرنسا ترحيلهم إلى وطنهم الأم    أيوب كريطع يتوج بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الناظور.. العثور على بقايا حمار يثير مخاوف من تسويق لحوم غير صالحة للاستهلاك    دعوات في المغرب إلى احتجاجات تضامنية مع الفلسطينيين بعد غارت إسرائيلية أودت ب413 شخصا في غزة    الكاف: وليد الركراكي حقّق إنجازا تاريخيا رفقة المنتخب المغربي    نسبة ملء السدود بالمغرب تتجاوز 35 بالمائة    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    أولمبيك خريبكة يعلن تعيين التونسي منير شبيل مدربا للفريق    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: المملكة تدعو إلى العمل على استعادة الاستقرار والسلم والازدهار بجنوب السودان    ما هي ظاهرة النينيا التي تؤثر على طقس المغرب؟    مجلس الحكومة يتدارس مدونة السير    الخطوط الملكية المغربية تكثف حملاتها الترويجية لتنشيط خط الدار البيضاء – ساو باولو    سعر الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا    بورصة البيضاء تفتتح التداول بالأخضر    المكتب الوطني للفضاء المغربي للمهنيين يناقش تحديات التجارة والاستثمار ويدعو لإصلاحات عاجلة    أربع ميداليات للمغرب في الألعاب العالمية الشتوية - تورينو 2025    كيوسك الثلاثاء | المغرب يتربع على عرش مصنعي السيارات بالشرق الأوسط وإفريقيا    مدرب رينجرز يشيد بإيغامان: "موهبة كبيرة ويمكنه الوصول إلى مستويات عالية في عالم كرة القدم"    الركراكي يصر على قدوم لاعبه الطالبي إلى التدرايب رغم الإصابة والصحراوي يلتحق مصابا    الكونغرس البيروفي يحث الحكومة على دعم مغربية الصحراء    أكثر من 350 قتيل بعد استئناف اسرائيل عدوانها على قطاع غزة    روبنسون الظهير الأيسر لفولهام الإنجليزي: "حكيمي أفضل ظهير أيمن في العالم"    الانتقال الرقمي.. دينامية جديدة للتعاون بين الرباط وواشنطن    الجزائر ترفض قائمة بجزائريين تريد باريس ترحيلهم وتندد بهذه الخطوة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    محمد شاكر يكتب : " حول مقولة "عزوف الشباب عن السياسة    "التراث الإسلامي في طنجة: بين ندرة المعطيات وضرورة حفظ الذاكرة"    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    إسرائيل تشنّ هجوما واسعا على غزة    شراكة استراتيجية تحول جهة طنجة تطوان الحسيمة إلى مركز استثماري أخضر عالمي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    الشباب وصناعة القرار: لقاء رمضاني لحزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير    الترجمة و''عُقْدة'' الفرنسية    "طنجة تتألق في ليلة روحانية: ملحمة الأذكار والأسرار في مديح المختار"    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    الدبلوماسية الناعمة للفنون والحرف التقليدية المغربية.. بقلم // عبده حقي    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    حادثة سير خطيرة قرب طنجة تسفر عن وفاة وإصابات خطيرة    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهندسة الأمنية في فضاء الساحل والصحراء التحديات الأمنية في الساحل والصحراء

التغلغل الجهادي والدعوة والاستقطاب والمطالب الانفصالية والاثنية متعددة الأشكال والنزعات الانفصالية وسهولة اختراق الحدود وتحول مساحات واسعة من الصحراء إلى مجال خارج عن سلطة الدولة، كلها ظواهر أصبحت تطرح مشكلا قائما يهدد بشكل مباشر الاستقرارالهش ويتهدد أيضا التوافقات القائمة منذ الاستقلال التي بنيت عليها وحدة الدول في منطقة الساحل والصحراء، وهي تهدد كذلك مسلسل الانتقال الديمقراطي. هذا الوضع كانت نتيجته هي استفحال التدهور الاقتصادي وتفكيك التنظيم الاجتماعي والسياسي والثقافي وسيكون لهذه التهديدات بشكل رئيسي آثار خطيرة على رهانات السلم والأمن والاستقرار في المنطقة.
ففي أقل من عقد من الزمن, تمكنت الجماعات الجهادية بتواطؤ مع حركات ذات نزوعات انفصالية ومجموعات المهربين وتجار المخدرات من تحويل المنطقة إلى منطقة أزمة دائمة.
فالمسألة الأمنية في المنطقة تطرح من منظور مطلب القانون والعدالة ومطلب الحكامة الجيدة والتعدد الثقافي, ومع ذلك فإن عنصر الخطر الذي تمثله الجماعات الجهادية لم ينته تماما من الساحة. والتحركات السكانية التي أفرزتها الأزمة الليبية أدت إلى عودة مكثفة للمهاجرين إلى مالي والنيجر وتشاد.
والتدخل العسكري الذي وقع في يناير 2013 غير بشكل حصري طوبوغرافيا الجهاد في منطقة الساحل والصحراء وبالمقابل، فإن بنيات وخطورة الازمة تتطلب مقاربة سياسية على المدى البعيد، حاليا لا يطال عدم الاستقرار فقط دول منطقة الساحل والصحراء، بل أيضا جزءا مهما من شمال افريقيا. وأصبح الجنوب الليبي مشتلا حقيقيا للجهاد، وللعصابات الاجرامية بكل أشكالها وبدأ سباق محموم في هذا المجال الجغرافي من أجل السيطرة على كل أنواع التهريب والتجارة غير الشرعية: في البترول والسجائر والمخدرات والأسلحة والأدوية المهربة والأسلحة والنفايات السامة والتجارة في البشر. والجماعات الجهادية تزدهر وتتقوى عبر تجارة الأسلحة أو المخدرات وغياب الدولة في هذا المجال الصحراوي يشجع هذه التجارة غير المشروعة والدولة الليبية عاجزة تماما عن ضمان أمن المواطنين وفرض سلطتها على الجماعات القبلية والملشيات الاقليمية والجماعات الجهادية، وبشكل يتنافض، فإن هذه الجماعات تعمل على حماية الحدود وتعمل في الغالب وفق أجنداتها الخاصة كما توضح ذلك الأحداث الأخيرة التي وقعت في بنغازي وطرابلس، فاستراتيجية الهوية في ليبيا ترتكز أساسا على منطق الجهة والقبيلة والمدينة وهو ما يفسر ازدهار التيارات الجهادية.
فالخريطة الجهادية في الفضاء الصحراوي تتجسد من خلال محورين: المحور الاول يمثل الخط الرابط بين الجنوب الليبي، مع قيادة تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي في شمال شرق الجزائر مرورا عبر الجنوب التونسي، وهو ما يفسر الاحداث الجارية منذ سنة في جنوب تونس والحدود التونسية - الجزائرية. والمحور الثاني هو القائم بين الشبكات الليبية والشبكات الموجود في الصحراء الكبرى. وهذا المحور هو الأخطر. فمنذ شهر غشت 2013 نجح أمير الملثمين السابق مختار بلمختار في توحيد مجموع الجماعات الجهادية ) الملثمون، جماعات التوحيد و الجهاد في غرب افريقيا وجماعات « الموقعون بالدماء» في كتيبة واحدة) وعهد بقيادة هذه المجموعة الى جهادي عربي سابق في افغانستان.
وهذا يفسر الصراع الكبير بين بلمختار ودروكدال، امير القاعدة في المغرب الاسلامي من اجل السيطرة على المجال الصحراوي. وفي اعقاب اختفاء ابو زيد الذي قتل خلال التدخل العسكري في بداية سنة 2013 صدر بيان لتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي في شتنبر 2013 يعلن تعيين قائد جديد لتنظيم» المرابطون» في شخص الجزائري سعيد ابو مقاتل، وسرية يقودها الموريتاني عبد الرحمان ابو طلحة. وتأسيس كتيبات جديدة يفسر السباق والتنافس بين دروكدال وبلمختار حول الشرعية الجهادية. وبالموازاة فإن مسلسل احداث بنيات جهادية جديدة يترجم حيوية التيارات الجهادية على طول المجال الجغرافي الذي يربط بين فضاء الساحل والصحراء وبين شمال افريقيا.
ويكشف تحليل بيانات الجماعات الجهادية مثل جماعة أنصار الشريعة وجماعة انصار بيت المقدس وجماعة أنصار السلفية الجهادية, يكشف عن وجود محور ثالث بين الجنوب الليبي ومنطقة سيناء، ومن خلال خطاب سياسي تبسيطي تؤطره القيم السلفية، تحاول هذه الجماعات توسيع قواعدها الشعبية اكثر فأكثر.
الآثار على السكان والتنمية
في منطقة الساحل والصحراء
اسباب بروز قوة واستمرار الجماعات الجهادية وعصابات المهربين متعددة ابرزها: عدم الاستقرار وغياب الدولة وسوء الحكامة والجفاف والازمة الغذائية. وهذه الاسباب التي تشكل الاكسيجين بالنسبة للشبكات الجهادية وغيرها. التي حلت محل الدولة في وظائفها. فمنذ عشرات السنين يعاني المجال الصحراوي من انخفاض الانتاج الفلاحي و الرعوي.
وهو ما ادى الى تدهور عائدات المنتجات الفلاحية والرعوية, يضاف اليها انخفاض مخزون العائلات من المواد الغذائية وهو ما يؤثر في النهاية على حجم ونوعية أنظمتهم الاجتماعية. فخلال الازمة المالية سنة 2012 تم الوقوف على أهمية الخريطة الغذائية في استراتيجية الشبكات الجهادية من اجل التحكم و السيطرة على المجال الصحراوي. و هذا يفسر الدعم الملموس الذي تتمتع به الجماعات الجهادية على المستوى المحلي. اضافة الى أن غياب بنيات للدولة والفوضى تصبح آليات ووسائل للحكم.
وبالنظر الى فضاءات اخرى, خاصة في غرب وشرق افريقيا، فهذا يعني ان هذه الشبكة الجهادية تشكل تيارا قويا ومجال استقطاب وجاذبية. ويمكن لهذه الوضعية ان تستمر لفترة طويلة وهي تجري اليوم في هذا المجال الذي يمتد من المحيط الاطلسي الى البحر الاحمر. ويتعين توقع التصعيد في دول مثل موريتانيا والجزائر وتونس والنيجر وتشاد أو مصر دون أن ننسى الجنوب الليبي.
دور الدول والمجتمع الدولي
في مكافحة هذه الآفة
إن مجال الساحل والصحراء يعيش على إيقاع تحولات كبرى، وعلى الدول والمجتمع الدولي أن تتخذ استراتيجية لضمان أمن الأشخاص والممتلكات والتنمية الاقتصادية للمناطق الحدودية وتحسين الولوج إلى الخدمات الأساسية والحكامة الجيدة المحلية.
فالأمن مرتبط بالتنمية والرهان هو تعزيز قدرات الدولة، وغياب ذلك يفرز تدهور ظروف عيش السكان, لاسيما في المناطق المتضررة من أزمات متعددة الأشكال. والسياسيون مدعوون لمواجهة هذه التحديات, لأن غياب وظائف الدولة ينتج إفلاسها، ويكمن دور دول المنطقة والهيئات الدولية في تقوية قدرات هذه الدول المفلسة على المستوى المؤسساتي والأمني. وهذه الوضعية تستدعي عدة فاعلين من أجل التدخل مثل الأمم المتحدة ONU وتجمع الساحل والصحراء CENSAD والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ‹(CEDEAO) والمنظمات غير الحكومية من أجل ضمان خروج مستدام من الأزمة. وفي مواجهة عصابات التهر يب والجماعات الجهادية يمكن بلورة بعض الحلول:
- تحديد المناطق والسكان المعرضين للخطر
- إنشاء برامج للتنمية البشرية
- توفير مساعدات ووسائل عيش للرحل المتضررين من نقص وضعف موارد العيش.
- توفير الدعم والمساعدة للأسر الفلاحية المتضررة من الأزمة الغذائية.
- توفير المساعدة للسكان المتضررين من الجفاف
- إدماج اللاجئين والمرحلين
بعض سبل الحل من أجل الأمن الدائم
ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق بخصوص أمن الحدود بين دول المغرب العربي والساحل. فالتعاون الأمني الإقليمي يجب أن يصاحبه شق اقتصادي وتنموي. وحل الأزمات في الفضاء الساحلي والصحراوي يتطلب انخرطا فعليا للمنتخبين وزعماء القبائل والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
- تطوير مقاربة أمنية مشتركة، فشبكات التهريب والتجارة غير المشروعة تستغل ضعف المبادلات بين دول المنطقة وغياب مقاربة أمنية مشتركة.
- تحسين أمن الحدود بالارتكاز على استراتيجيات التعاون الثنائي والإقليمي والدولي، فالطابع العابر للحدود للأزمات يتطلب جوابا إقليميا مندمجا وملائما.
- تعزيز التعاون من أجل مخطط عمل إقليمي وإحداث مجموعات عمل قطاعية في ميادين الأمن والاستخبار والجمارك والعدل.
- تعزيز قدرات دول المنطقة في مجال التجهيزات والتكنولوجيا الجديدة من أجل تأمين أفضل للحدود.
- تعبئة الموارد المالية الملائمة لدعم مشاريع ومخططات العمل والتعاون الثنائي والإقليمي والدولي في مجال أمن الحدود.
- دعم وتقوية التعاون عبر الحدود في مواجهة التهديدات الأمنية في شمال افريقيا وخاصة في ليبيا.
- إحداث آلية للتشاور وتبادل المعلومات.
- الأخذ في الاعتبار جميع الاستراتيجيات والمبادرات الصادرة عن مختلف هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية وكذا كل آليات مكافحة والإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
- إقامة تعاون في مجال مكافحة تزوير الوثائق.
- إعداد لائحة المشاريع ذات الأولوية المرتبطة بالتنمية البشرية الملائمة لحاجيات سكان المناطق الصحراوية.
- تقوية دور الأحزاب السياسية والمنتخبين وزعماء القبائل والمجتمع المدني في مكافحة انعدام الأمن في المجال الصحراوي من خلال إقرار مقاربة أمنية أفقية.
- مراقبة تنقل وتداول الأسلحة المتطورة في المجال الصحراوي وأن تتخذ كل دولة الإجراءات الملائمة لضمان أمن ترابها.
- تشجيع الإسلام السني المالكي وإعادة بناء الحقل الديني.
- دمقرطة مجال الساحل والصحراء.
- إقرار العدالة الانتقالية كخيار في الفترات الانتقالية.
(*) أستاذ باحث - معهد الدراسات
الافريقية - جامعة محمد الخامس
السويسي - الرباط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.