إذا كانت هناك من منطقة تعاني حكم «السيبة» و«بقايا الاستعمار» فهي والماس، إقليمالخميسات، وليس غريبا أن يسهل على المراقبين تسجيل ما يؤكد حياة الخوف التي يعيشها البسطاء و«المحكورين» في هذه المنطقة جراء قبضة النفوذ والهيمنة التي يكتسبها شقيق المحجوبي أحرضان، هذا الذي لايزال في اعتقاده أنه «الوريث الشرعي» للفرنسيين على أراضي المنطقة، حيث اجتاح العشرات من الأراضي والعقارات، حتى أن «غزواته العمياء» بلغت حد هضبة تحمل الشعار الوطني (الله الوطن الملك)، فوضع عليها يده وشيد فوقها منزلا له، وأطلق فيها أغنامه للرعي والتبول، ورغم ذلك تختار السلطات المحلية والإقليمية موقع المتفرج كعادتها رغم احتجاجات الرأي العام، وقد سبق لمفوض قضائي أن انتقل لعين المكان، بطلب من أحد الفاعلين، وأكد الأمر ضمن «محضر معاينة» حصلت الجريدة على نسخة منه، والأدهى أن رخصة بناء المنزل فوق «هضبة الشعار الوطني» تسلمها عبر قريب له يشغل نائبا لرئيس الجماعة. ومن سوء حظ القوانين الجاري بها العمل، أن شقيق أحرضان، ليس مواطنا مثل «أبناء الشعب»، إذ لايزال، ومنذ وقت طويل، يردد ويتبجح بكونه في منأى عن المتابعة القضائية، حتى ما بعد «افتضاح» ملف ضلوع مستشارين ومسؤولين محليين وإقليميين في الاستفادة من بقع أرضية بوالماس بطرق مشبوهة وملتوية فاجأت حتى وحدة الدرك الملكي التي كانت قد باشرت تحرياتها في الملف بأمر من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط. في مقال هام كتبه سليمان الريسوني بأحد المواقع الالكترونية تساءل : لماذا قفز أحرضان في «مذكراتي 1942 1961 » على الحديث عن أصوله وتنشئته «الأمازيغية»، و»الحرة»؟ لماذا - عندما انبرى في مذكراته لتكذيب الزعماء السياسيين- لم يُفرد فصلا لتكذيب المؤرخين الذين نبشوا في الأصول المتأخرة لعائلته وتفاصيل انتقالها وارتباطها بعائلة أخرى، بل وحتى في سبب انتقالها إلى والماس التي يبدأ التاريخ عند أحرضان منها وينتهي فيها؟ وهو نفس التساؤل الذي تطرحه عدة فعاليات متتبعة لأحوال والماس. وقبل أيام قليلة نزل العشرات من مواطني دوار آيت عطا إلى مقر قيادة والماس للاحتجاج ضد شقيق المحجوبي أحرضان ورجاله، الذين تراموا على 40 هكتارا أخرى من أراضيهم الفلاحية (أقلعي)، حيث كان شقيق «الزايغ» قد استغلها منذ الاستعمار وجعلها ملكا له من دون أي سند قانوني، ثم فوتها للكراء بطريقة فوضوية أو باتفاقية شراكة مع شركائه، ولم يفت المحتجين مراسلة مختلف الجهات المسؤولة في الموضوع، وزير المالية، عامل إقليمالخميسات، وكيل الملك، ثم قائد والماس، وحصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة من هذه المراسلة التي جهر فيها المحتجون بما يفيد أن سطوة ونفوذ «أحرضان الحاج» ليست وليدة اليوم، بل «هي متجذرة في سلوكيات المعني بالأمر، حيث تطاول على مساحات شاسعة من أخصب الأراضي الفلاحية التابعة للدولة، والتي تم استرجاعها من المعمرين الفرنسيين وحل محلهم هذا المعمر الجديد، واستأجرها لشركائه من دون أي سند قانوني، وذلك أمام مرأى ومسمع من السلطات المتعاقبة ومصالح الأملاك المخزنية»، وكم تتوقف عقارب المسؤولين كلما دخلت زمن صاحبنا المعلوم. فاعل جمعوي بالمهجر لم تفته الإشارة إلى قيام «القايد الحاج أحرضان» بالتطاول على أهم موقع بوالماس المركز، وهدمه لسور تابع لمركز الشباب والرياضة بهدف تشييد مسكن، ولما استفسرته بعض الجهات المسؤولة في الأمر كان رده هو «ممارسته للسلطة على مدى سنوات طويلة ويرغب في بناء مسكن قرب المسجد للتقرب من الله تعالى»! وذلك رغم امتلاكه لسلسلة من الإقامات بجوار هذا المسجد، وبمجرد انتهائه من أشغال البناء عرض المسكن للإيجار على غرار باقي الإقامات التي يطلق عليها الرأي العام اسم «تيتانيك»، وهناك ممتلكات سكنية ودكاكين بنفس الشارع، وأغلبها مشيد على حساب أملاك الدولة، إلى جانب بنايات في طور الانجاز. وليس غريبا أن يتحدث الشارع المحلي بقوة عن غرائب الرجل، إذ رغم امتلاكه لعقارات عديدة فقد زاحم الفقراء والمحتاجين طلب أرض في إطار محاربة الصفيح (وهناك شهادة يتداولها السكان)، حيث استفاد من أكبر قطعة أرضية بحي بام 2 تحمل رقم 223، إلى جانب أبنية عشوائية خارج تغطية ما تنادي به دولة القانون ومدونة التعمير، إضافة إلى مساحة تتجاوز 1000 متر مربع استولى عليها الرجل وأفراد من أسرته بجوار مقر الجماعة، قبل أن يشرع احد أبنائه في بناء مسكن جديد إلى جوار إقامة والده، وكل ذلك في ظروف فوضوية ما دام صاحبنا يحمل اسمه المخيف بالنسبة لمن يزعمون أنهم «العيون التي لا تنام»، وبقية جبل الجليد تظل في حاجة إلى غوص قانوني لاكتشافه بمنظار العهد الجديد ودولة الحق والقانون. وصلة بالموضوع، عاد فاعل جمعوي بالديار البلجيكية، امبارك الصدراوي، إلى الاتصال بالجريدة لاستعراض أفعال ترام وتطاول على أملاك للدولة وللخواص، منها قضية سبق عرضها أمام ابتدائية الخميسات (ملف رقم 34/ 07/ 9)، وتم استئنافها لدى استئنافية الرباط ( تحت عدد 26/ 1403/ 12)، ولم يكن غريبا أن يتابع الرأي العام مصير هذا الملف باهتمام كبير على خلفية شخصية المتهم في القضية الذي ليس سوى شقيق المحجوبي أحرضان الذي ما فتئ يستغل نفوذه في دواليب السلطة والمال والسياسة بشكل اعتقد الكثيرون أنه ولى مع المغرب القديم. المواطن الصدراوي (ب.ت.و. 5000 X)، قال في رسالة موجهة للعديد من الجهات المسؤولة، وسلم «الاتحاد الاشتراكي» نسخة منها، إنه من غير المعقول الوقوف موقف المتفرج إزاء شطحات المدعو «أحرضان الحاج»، إذ لا سلطة استطاعت إيقافه عند حده، وهو يزيد فيتطاول على ملك للدولة، موضوع المطلب عدد 796/ 16 والمقدرة مساحته بحوالي 400 هكتار، أمام مرأى ومسمع ومباركة من مديرية الأملاك المخزنية والمحافظة العقارية بالخميسات، ما يشجعه على المزيد من التطاول، ولما كانوا يفتحون له أبواب سيارات الدولة لنقله مثلما هي عادته يوم كان قائدا، لم يفت الصدراوي الاحتجاج لدى المسؤول عن مصلحة الأملاك المخزنية، هذا الأخير الذي واجهه بعبارة «مَاشي شغلكْ نْهز فْ سيارة الدولة حتى الحْجَر»، وذلك أمام شهود كثر، يقول الصدراوي في مراسلته التي أرفقها بكل الوثائق الضرورية. وبالعودة إلى تناقضات وتواطؤات الأملاك المخزنية مع «القايد الحاج»، لاحظ الجميع في مضمون محضر مؤرخ في 22 ابريل 2010 ، ان ممثل هذه المصلحة اكتفى بنفس تصريحات له ليوم 11 مارس 2010، أي «أنه يتمسك بالمذكرات التي وضعت بالملف وحفظ حقها بالإدلاء بتصريحات أخرى عند الوقوف على العقار المشار إليه». شكاية المواطن الصدراوي، عبرت عن استغرابها الشديد حيال سلوكيات شقيق المحجوبي أحرضان الذي يتصرف في ملك الدولة، ويتعاقد في شأنها مع الغير للكراء، بل الغريب أكثر أنه زاد فاشترى ما مساحته خمسة هكتارات بجوار ملك للدولة وآخر للخواص، وذلك على أساس فتح مسلك خاص للعبور، ولم يكن الأمر غير تأشيرة للتطاول على ما بالموقع من أملاك للدولة والخواص، وأضاف الصدراوي ما وصفه ب«أضاليل المترامي» الذي عمد بالتالي إلى عقد عملية كراء بالرغم من عدم شرعيته من حيث وجود تحريف مكشوف على مستوى المساحة، ولم يكن منتظرا أن يدلي الرجل بالوثائق المحرفة كسند قانوني، وحتى أمام المحكمة، كما يدلي بوثيقتين لا ترقيان إلى مستوى تذكرتي سفر، إذ أنهما متلاشيتان وموقعتان عام 1970 حيث كان وقتها قائدا، ويعتبرهما من وصولات شراء أرض من معمر فرنسي يدعى «مونفروا»، ولا يتضمن الوصل لا اسم البائع ولا رقم الرسم العقاري، عكس أصحاب الأرض الشرعيين الذين يملكون وثائق مؤشر عليها ومسجلة قانونا، والأدهى أن «خبير حي الرياض» يكون قد استند إلى الوثائق الغامضة، بل إن نفس تقرير الخبير يذكر مرة «القايد الحاج» بشكل منفرد، ومرة يقول «القايد الحاج وشركاؤه»، ما يطرح علامة استفهام حول من يكون هؤلاء الشركاء؟ وهل «الحاج» المعني بالأمر فوت لشركاء ما أملاك الدولة دون علم من الدولة؟. وتبين من خلال مذكرة جوابية لإدارة الأملاك العقارية المخزنية، وجود تلاعب في الجواب، وذلك بإدراج عدة رسوم عقارية بغاية التضليل، من بينها رسم عدد 1465/31 والذي لا علاقة له بدائرة نفوذ المحافظة العقارية بالخميسات، بناء على رمز هذه المحافظة الذي هو رقم 16 وليس 31 من جهة، وثانيا مسألة إدراج رسم عقاري لا صلة له بالموضوع والحامل لرقم 5810/09 وكذا 796/16 وهو مطلب الدولة الذي لا يستند إلى أي أساس بحكم وجود ملكية سابقة وكذا الرسم عدد 18268/16 وكلها رسوم جاء إدراجها للمناورة فقط. المهاجر الصدراوي تحدث عن مصالح المحافظة العقارية بالخميسات، حيث كان قد تقدم عام 2005 بإيداع مطلب تحفيظ فاكتشف أن «القايد الحاج» قد سبقه بإيداع مطلب التحفيظ عام 2001، وكم كانت المفاجأة مثيرة في وضع مطلب 2005 (19240/16) مجاورا لمطلب 2001 (12375/16)، ما وضع أكثر من علامة استفهام حول من السابق ومن اللاحق؟ وكيف علم الرجل بذلك؟ ما يستدعي بالضرورة فتح تحقيق شامل، سيما في تأكيد خبير حي الرياض على أن المساحة المستغلة من طرف «الحاج» هي 60 هكتارا ، 27 آرا، و67 سنتيارا ، بينما تركز الدولة على 400 هكتار يهيمن عليها «الحاج»، ومرة حاول أحد المسؤولين بإدارة الأملاك المخزنية تبرير هروبه إلى الأمام بعدم توفره على الموارد البشرية والمادية لتحديد المساحة الأرضية المتنازع عليها، ويشدد المهاجر المذكور على «أن من يريد الحصول على قطعة أرضية بوسط المركز فإما أن يكون حاملا للاسم العائلي للمعني بالأمر أو من أقاربه نظرا لنفوذ الرجل». من جهة أخرى، تعيش عدة دواوير غير بعيدة عن المنطقة حالات من الاحتقان الشعبي، إذ انتفض سكان دوار أيت داوود الحواديف، قيادة ايت يدين، وراسلوا الديوان الملكي حول ترام على أراض مسترجعة من المستعمر الفرنسي، وطالبوا بفتح تحقيق حول هذه الأراضي، بحيث كان المعمر الفرنسي «كارني» قد اشترى أرضا مساحتها 315 هكتارا و 33 أرا 00 سنتيار كما هو مضمن في الرسم العقاري رقم 5822/ر الموجود بسجلات المحافظة العقارية بالخميسات، وعقب خروج الاستعمار من المنطقة قام الشخص الفرنسي ببيعها للمسمى «ر»، هذا الأخير الذي عمد إلى ضم ما يقارب 1000 هكتار، حسب فحوى الشكاية السكانية، وهي المساحة التي واصل أقارب الرجل استغلالها وزراعتها، ويطالب السكان باسترجاع هذه الأراضي ووضع حد لهذا التطاول الذي عمر طويلا والعودة إلى المستندات المحفوظة بمكاتب المحافظة العقارية بمركز الإقليم. ومعلوم أن منطقة والماس من المناطق الغنية بثرواتها الطبيعية ومياهها المعدنية وضيعاتها الفلاحية إلا أنها لاتزال من المناطق «المحكورة» والمعتقلة بيد حفنة من المترامين والمستثمرين والمفسدين، وسكانها يرون خيرات منطقتهم تتعرض للاستنزاف والهدر والاسترزاق ولا يستفيدون منها، وكل من رفع صوته في وجه ذلك يتهم بالشغب والاستئصال. بعض النقاط من ذات المنطقة لم تستفد من برنامج جبر الضرر، ويعنى بها دوار آيت محمد اوحدو، التابع لجماعة آيت ايشو، هذه التي سبق لسكانها أن انتفضوا أمام مقر القيادة احتجاجا على التلاعب بملف جبر الضرر الجماعي لأحداث (57-58)، المعروفة بأحداث «بلميلودي»، والمطالبة بالكشف عن الغموض الذي طال هذا البرنامج، ومن ذلك اتهام الجماعة بالوقوف وراء تحويل مسار تهيئة الطريق (طريق آيت محمد اوحدو المشيدة خلال حقبة الاستعمار الفرنسي سنة 1942)، والتي حددتها هيئة الإنصاف والمصالحة، إلى وجهة أخرى. وكان هذا الموضوع قد بلغ قبة البرلمان بقصد المطالبة بإيفاد لجنة للتحقيق في شأن ما تم رصده للإقليم، في إطار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة ببرنامج جبر الضرر الجماعي، حيث تحدثت عدة مصادر عن مبلغ 560 مليون درهم تم رصدها للإقليم، إلا أن العديد من الجماعات القروية ظلت خارج تغطية البرنامج المذكور، ومنها مثلا والماس وأقشمير وتيداس وغيرها، ولم يكن غريبا حدوث ذلك بمنطقة كوالماس ، فات لها أن عاشت أطوار ملف رئيس سابق لجماعتها اعتقل هو وبعض مستشاريه بتهم تبديد أموال عامة واستغلال النفوذ وتزوير وثائق إدارية.