حضر الاتحاديون والفيدراليون والجمعويون لمعانقة لحظة وفاء أساسية في المشهد النضالي، تتعلق بمناسبة الحفل التأبيني بإحياء ذكرى أربعينية الراحل إلى دار البقاء المناضل عبد الأحد لعروصي، والذي نظمه الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل والكتابة الجهوية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بفاس، صباح يوم الأحد 26 يناير 2014، بالقاعة الكبرى للمركب الثقافي الحرية . وقد استحضر كل من الإخوة جواد شفيق، عضو اللجنة الإدارية، ومحمد أوراغ، الكاتب الجهوي للحزب بفاس، ومحمد بنيس وفؤاد بنونة، عطاء هذا المناضل البسيط والعملاق في خلقه وسلوكه وعطائه، فعلى مدى ثلاثين سنة كان الفقيد عبد الأحد حارسا وأمينا ومؤتمنا على مقر أحمد أمين، ويشهد له بنزاهته ونكران الذات وكتمان للسر، كان حريصا من أجل الوحدة ومعروفا بصداقته الخالصة للجميع وطيبوبة لا متناهية وحب صوفي للحزب ومناضليه وتراثه ومبادئه. فقد عرفته المدينة ومناضلوها، يؤكد أصدقاؤه في الحزب والعمل النقابي والجمعوي، فاعلا، حيويا، وفيا لحزبه وأسرته وأبنائه وإخوانه وأصدقائه، مناضلا نقابيا فذا بإحدى أكبر المؤسسات الإنتاجية، حيث كان منسقا لخلية عمالية بالاتحاد المغربي للشغل سنوات الرصاص، وبعد أن طاله تعسف الباطرونا تفرغ بشكل يومي للعمل الحزبي مناضلا نشيطا أنجز العديد من المهام في ظروف قاسية وشروط مادية مجحفة، بحيث عرف عن عبد الأحد كثرة حركته وتجواله على الأقدام بين كل مناطق المدينة مبلغا لرسالات حزبية أو بلاغات نقابية، وبالموازاة مع ذلك فقد عرفته أجيال الطفولة مربيا نموذجيا في حركة الطفولة الشعبية، وهو بهذه المهام العظيمة في حينها، فقد جمع المربي وصلابة النقابي ووعي السياسي، وهو ما بوأه مكانة مرموقة لدى كل الأجيال التي عرفته، بحيث كان عبد الأحد صديق الجميع، كاتما للأسرار ، موحدا، مدافعا شرسا عن اختيارات حزبه ونقابته وجمعيته، كما كان رحمة الله عليه، بشوشا وصبورا رغم العوز وقلة ذات اليد، كان لإخوته في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والفدرالية الديمقراطية للشغل علما وسراجا منيرا، التصق ذكره بذكر الاتحاد الاشتراكي في فاس، حيث ظل ثابتا على المبدأ إلى أن وافته المنية . ووجه الأخ محمد بنيس بعد واجب الشكر النضالي ، كلامه لحرم الراحل العزيز، سنده ودعمه في السراء والضراء قائلا في حقها «إنك سيدتي الفاضلة تجاوزت المقولة ( وراء كل عظيم امرأة ) ، لأنك كنت معه حاضنة بيته رائدة في تحفيزه، تيسرين له سبل النضال الذي جبل عليه ولم يكن أمامه شيء سواه ، فنلت بحق شرف النضال بمعناه الواسع: نضال في البيت وفي المجتمع وفي السياسة وفي النقابة من خلال صبرك وأبنائك الطويل، مع نضال عبد الأحد الطويل»، مخاطبا الحضور،«أيها الوفي لما زرعه هذا المناضل فينا ( عطاء وجهد، إخلاص وتضحية)، كم كنت أيها السادة، مخطئا وأنا أصدق أن ليس للزمان غيرة أو انه لا يتألم، ولكن أدركت أن الزمان غار من صبر لعروصي، ومن جلده وهو يمر من كل المراحل الصعبة متسلحا بغنى فقره، مفتخرا بنضاله حتى ولم يعطه النضال شيئا، قويا حتى في ما ابتلاه الله به من مرض، فقد ظل لآخر اللحظات لا يفكر إلا في ثلاثة أشياء : أسرته وحزبه ونقابته»، مذكرا، أن إحياء الذكرى الأربعينية لمواجهة الفراغ الذي تركه الفقيد في صفوف زملائه، وليست كما يقال : ذكرى وفاته، لأنه لم يمت إلا جسدا أصبح جثمانا، ولكن روحه الطاهرة تداعب أغصان الحرية في جنانه حيث مرقده، وتحلق في بيت الاتحاد تزيل التوتر عن نضال المناضلين وترأب صدع التشقق الذي لا يزال يتقلص ويتمدد، مشيرا إلى أن غياب الجسد لا يستطيع أن يغيب شمس أخينا لعروصي عن سمائنا، فقد كان لفاس ولشارع أحمد أمين على وجه التحديد منذ زمان شمس النضال المتواجد في كل المحطات وسيظل حتى لو صار الزمان ركاما. من جهته، صعب على الأخ عبد الرحيم الرماح، الكاتب الجهوي للاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بفاس حصر ما ساهم فيه المرحوم عبد الأحد لعروصي من نضالات على طول فترة 36 سنة، وما خاضه من معارك حزبية ونقابية،التي كان فيها الفقيد حاضرا صامدا مقداما لا يخاف ولا يتردد في إنجاز ما هو منوط به من مهام، مذكرا بأنه تعرف عليه شخصيا وهو شاب سنة 1976 خلال مرحلة تصحيح المسار النقابي بأهم مؤسسات الغزل والنسيج بفاس COTEF، مؤكدا، أنه كان مثالا للصدق والفعل القوي والإقدام النضالي الحقيقي، لقد أجمع ساعتها المناضلون أن يتولى عبد الأحد لعروصي مهام كاتب أول خلية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بهذه المؤسسة، وحتى يقوم بهذه المهمة أحسن قيام لم يدخل الفقيد تشكيلة المكتب النقابي التابع للاتحاد المغربي للشغل، موضحا، أنه وبفضل نضالية الأخ لعروصي وجميع مناضلي ونقابيي كوطيف فاز الإخوة بكل مقاعد ممثلي العمال بداية سنة 1977، كان عبد الأحد إلى جانب باقي كتاب خلايا القطاع مثالا في الانضباط والتضحية بالجهد والوقت والإمكانيات المالية المحدودة أصلا. ولم تفت الأخ عبد الرحيم الرماح، الفرصة وهو يذكر بخصال هذا الرجل، إلا وأن استحضر كوكبة من فرسان النضال النقابي والديمقراطي بأكبر المؤسسات الإنتاجية بفاس في تلك المرحلة، أمثال الأخ الراحل عبد الله المحجوبي المعروف بعبد الله الطراح والأخ أحمد شهاب والأخ عبد الرحمن الصفريوي الذين كانوا يعملون بمعمل كوفيتيكس، ومحمد سلام المعروف بالبلدي والذي كان يعمل بمانيفاكتور،أحمد المتوفق العامل قيد حياته بنسيج المغرب، والأخ أحمد الدك كان كذلك عاملا بنسيج المغرب، بالإضافة،إلى الأخت المناضلة الصلبة الفقيدة عائشة لعروصية رمز النضال النقابي والسياسي النسائي والتي كانت تعمل بمؤسسة بدور المغرب، واللائحة طويلة ولا يمكن للذاكرة الشخصية حصرها، لكن من المؤكد، يقول الأخ عبد الرحيم، أن الأخ عبد الأحد لعروصي والعشرات بل المئات من أمثاله هم من صنعوا أمجاد النضال النقابي والسياسي طيلة عقد السبعينات والثمانينات والتسعينات، مذكرا بأنه إذا كان البعض يعتقد بأن الانتصارات التي كان يحققها حزبنا بفاس كانت سهلة، فهم لم يدركوا كيف كان العصب العمالي يحرك كل الأحياء الشعبية بالمدينة، حيث كان الحزب لا يجد حاجة إلى حملات انتخابية تقريبا، إذ كان الصوت والخطاب الحزبي منتشرا ومقبولا بفضل الحوار السياسي اليومي والمتصل الذي كان يقوم به مناضلو القطاع العمالي الحزبي، حيث أن الفقيد عبد الأحد لعروصي واحد من هؤلاء الجنود النزهاء المتجردين من كل حساب شخصي ضيق، ويحق له أن يفتخر بما حققه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من فوز في جميع معاركه الانتخابية سنوات 76 و 77 و 83 في عز صعود النضال العمالي، لأنه كان أحد صناعه الحقيقيين. وتذكر إخوته في درب النضال وعدهم له يوم دفنه بأن يظلوا مخلصين أوفياء لما ضحى من أجله من قيم ومبادئ، مطمئنينه، وهو في مثواه الأخير ، بأن حزبه ومناضليه ذاهبون في الاتجاه الصحيح للم الشمل وتوحيد الصفوف والجهود لانطلاقة تعيد للاتحاد بهذه المدينة المناضلة، مكانته المستحقة واللائقة والجدير بها، تماشيا مع الرسالة القوية التي وجهها الأخ الكاتب الأول في يوم الوفاء.