1 - حيث أن الدستور المغربي أكد في تصديره، الذي يُشكل جزءا لا يتجزأ منه، التزام الدولة بجعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة. 2 - وبما أن المواثيق الدولية و في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية تؤكد كلها على حق كل فرد في الحياة والعناية الطبية، كما أن العديد من الاتفاقيات الدولية جعلت من الحق في الرعاية الصحية مرتبطا بمفهوم العدالة الاجتماعية التي يجب على الدولة و المؤسسات العمومية العمل على ضمانها للمواطنين بدون تمييز. 3 - وحيث أن الفصل 31 من الدستور ينص صراحة بأن تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: * العلاج والعناية الصحية؛ * الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، و التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛ 4 - وحيث أن المادة 2، من مسودة مشروع القانون المشار إليها أعلاه، تؤكد أن الطب مهنة لا يجوز بأي حال من الأحوال و بأي صفة من الصفات أن تمارس باعتبارها نشاطا تجاريا، و هذا ما يتعارض مع ما جاء في المادة 58 من نفس المشروع، بإعطاء حق حيازة المصحات الخاصة للشركات التجارية 5 - و في الوقت الذي تؤكد كل الدراسات، أن حصيلة من سبق المغرب في فتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة، تنافي هذا الإجراء مع جميع القيم الأساسية للممارسة الطبية الشيء الذي دفع بالعديد من الدول حتى الغنية منها إلى التفكير في التراجع عن التعامل مع القطاعات الاجتماعية، و من ضمنها الصحة، بالمنطق التجاري. 6 - و بما أن كل الدراسات العلمية والميدانية تؤكد مجددا أن الطبيب المعالج هو المسؤول الوحيد أخلاقيا وقانونيا على وصف طرق التشخيص والعلاج و المعني الأول والمساهم الرئيسي في عملية الاقتصاد في مصاريف العلاج، فإنه سيكون من الخطأ تناول موضوع إصلاح النظام الصحي بالاعتماد على المنطق التجاري على حساب أخلاقيات مهنة الطب و صحة المريض، كما سيكون من الخطأ كذلك معالجة إشكالية قطاع الصحة مثل باقي قطاعات المجتمع لأن الممارسة الطبية يتحكم فيها عاملين أساسيين هما العامل الأخلاقي و الطابع الإنساني. ومن الضروري احترام هذه الضوابط للحفاظ على نبل و شرف الممارسة الطبية. لكل هذه الاعتبارات فإن ما جاء في المادة 58 من مسودة مشروع القانون المتعلق بمزاولة مهنة الطب بإعطاء حق امتلاك مصحات طبية للشركات التجارية والسماح بتنظيم المصحات الخاصة على شكل شركات ذات المسؤولية المحدودة أو شركات مجهولة الاسم وفق مقتضيات القانون التجاري المغربي سيفتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة وإخضاع صحة المواطنين للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري وهذا يتعارض مع كل الضوابط والأخلاقيات المؤسسة للممارسة الطبية وحق المواطنين في الحماية من المخاطر المرضية وحقهم في الولوج للعلاجات الضرورية بشكل متكافئ و عادل اجتماعيا و مجاليا و بدون تمييز. الدارالبيضاء يوم الجمعة 17 يناير 2014