نقابات تتشبث بموقفها والوردي يؤكد أن المشروع لن يمس باستقلالية القرار الطبي عبرت مجموعة من النقابات الوطنية الممثلة للأطباء ومهنيي الصحة بالمغرب عن موقفها الرافض لمسودة مشروع مراجعة القانون رقم 94- 10 المتعلق بمزاولة الطب على اعتبار أنه «لا يساهم في إصلاح المنظومة الصحية ويفسح المجال للاتجار في صحة المواطن»، على حد تعبير النقابات. وجددت النقابات ((النقابة الوطنية للتعليم العالي، النقابة الوطنية للصحة (ك.د.ش)، النقابة الوطنية للصحة العمومية (ف.د.ش)، الجامعة الوطنية للصحة (ا.ع.م.ش)، الجامعة الوطنية لقطاع الصحة (ا.و.ش)، والنقابة الوطنية للمصحات الخاصة بالمغرب) ، في رسالة موجهة إلى وزير الصحة، توصلت بيان اليوم بنسخة منها، تأكيدها على «الرفض التام» للمشروع الذي تقدمت به الوزارة والذي، كما تقول الرسالة، يطرح عددا من القضايا الخلافية في عديد من مواده و»لاسيما المادة 57 التي تسمح بإمكانية حيازة مصحة من طرف غير الأطباء كالشركات التجارية أو الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون الخاص». ويأتي إعلان النقابات المذكورة عن هذا الموقف الصريح جوابا على رسالة سبق أن بعث بها وزير الصحة إلى النقابات بتاريخ 10 شتنبر الماضي يدعوها فيها إلى تحديد موقفها من مشروع مراجعة القانون رقم 94- 10 المتعلق بمزاولة مهنة الطب. واعتبرت النقابات أن مسودة المشروع لا تختلف في جوهرها عن المشروع المماثل الذي كان قد تم تقديمه في سنة 2009 على عهد الوزيرة السابقة، حيث أعلنت النقابات والمنظمات الحقوقية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني آنذاك عن رفضها له وخاصة لمواده المتعلقة بتحرير الاستثمار في قطاع الصحة والتي اعتبرت الأطراف المذكورة أنها تشكل خطورة في حال تطبيقها لأنها «ستضرب في العمق الحق في الصحة والولوج إلى العلاج بشكل متكافئ اجتماعيا ومجاليا»، من خلال فتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة وإخضاعها لمنطق السوق، وضرب عرض الحائط بالضوابط والأخلاقيات المؤسسة للممارسة الطبية، وكذا بحقوق المواطنين في المساواة في العناية الصحية والحماية الاجتماعية، كما تفيد الرسالة. ودعت النقابات- التي كانت قد أعلنت مقاطعتها للمناظرة الوطنية حول الصحة المنظمة في شهر يوليوز الماضي- إلى «تنظيم حوار وطني حقيقي» بمشاركة الفاعلين المهنيين والنقابيين والسياسيين والمجتمع المدني من أجل التوافق حول سياسة وطنية للصحة»، وحشد كل الطاقات والإمكانيات الوطنية للدفاع عن الصحة كمرفق عمومي وخدمة اجتماعية لكل المواطنين بشكل متكافئ وعادل، و»الحفاظ على استقلالية القرار الطبي وتعزيز أخلاقيات وضوابط الممارسة الطبية وكل المهن الصحية للحفاظ على نبلها وشرفها وعمقها الإنساني». وكان وزير الصحة البروفيسور الحسين الوردي قد تطرق إلى موضوع مشروع القانون خلال ندوة صحفية عقدها في شهر شتنبر الماضي مؤكدا أن مشروع القانون الذي أعدته الوزارة، والذي يروم إدخال تعديلات على الترسانة القانونية المتعلقة بمزاولة الطب ولاسيما القانون 94-10، أرسل إلى جميع النقابات والهيئات المهنية في إطار سياسة النقاش والتشاور التي تنهجها الوزارة في مختلف أوراش إصلاح قطاع الصحة ببلادنا. وعبر الحسين الوردي بالمقابل عن قناعته بضرورة المضي قدما في اتجاه تحرير القطاع وفتح رأسمال المصحات الخاصة أمام غير الأطباء، معتبرا أن القطاع العام لا يمكن أن يضطلع لوحده بالمشاكل العديدة للصحة بالمغرب في غياب شراكة متوازنة بين القطاعين الخاص والعام. وأكد الوزير أن التخوف الذي يعبر عنه الأطباء خاصة في الجانب المتعلق بالاستقلالية، هو تخوف مشروع، يتعين معه الاشتغال بشكل جماعي من أجل تبديده، مجددا حرصه على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات القانونية لضمان حماية القرار الطبي واستقلالية الأطباء، وأشار إلى إمكانية تنصيص القانون على جعل القرارات الطبية بيد الأطباء بشكل حصري، وتكفلهم بكل ما هو طبي داخل المصحات الخاصة من قبيل توظيف الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية واقتناء الأجهزة والمعدات، دون تدخل من جهة أخرى، بالإضافة إلى التنصيص القانوني على إحداث لجنة للأخلاقيات داخل المصحة تتكون من الأطباء والممرضين، ولجنة للتدبير هي التي يمكن أن تضم أطرا غير طبية. وبرر الوزير سبب قناعته بهذا المشروع الذي وصفه بالحيوي، بالإكراهات التي يواجهها قطاع الصحة في ظل ارتفاع أسعار التكنولوجيا الطبية، وتفاقم الفوارق المجالية التي يعرفها القطاع، حيث أن جل المصحات الخاصة متمركزة في محور فاس - الدارالبيضاء مع انعدامها بشكل تام في المناطق النائية، فمشروع القانون الجديد سيمكن أيضا، كما يقول الوزير، من تقريب المواطنين من العلاج من خلال فتح المجال للاستثمار في البنيات الصحية في المناطق النائية. وفي سياق ذي صلة، ذكر الوزير، في نفس اللقاء، أن أزيد من 60 دولة في العالم قامت بتحرير القطاع، بما فيها دول مماثلة للمغرب، معبرا عن أمله في أن يفضي النقاش الدائر حول المشروع إلى قانون مغربي رائد ومتميز في إطار مقاربة تشاركية تخدم مواقف ومصالح مختلف الفاعلين والمتدخلين، وتجعل مصلحة الوطن والمواطنين فوق كل اعتبار.