نظمت الثانوية الإعدادية الغرب بمدينة سوق الأربعاء الغرب يوما دراسيا تحت شعار: « جميعا من أجل وضع المتعلم في صلب منظومة التربية والتكوين»، وهو اليوم الذي أطره كل من عبد اللطيف اليوسفي(عضو المجلس الأعلى للتعليم)، ومحمد شابلي (النائب االإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالقنيطرة)، وسعيد النجاعي (عضو المكتب الوطني لمنتدى المواطنة). توزعت محاور هذا اليوم الدراسي الذي نشطه الأستاذ محمد الطايع (حارس عام بإعدادية الغرب)، على ثلاث محاور هي: أولا، «التعبئة من أجل الإصلاح»، ثانيا،»الإصلاح، أولويّات» ثالثا، «أيّ مدرسة، وأيّ تلميذ»، مداخلة الأستاذ سعيد النجاعي، عضو المكتب منتدى المواطنة. وقد استهدف النشاط كلّ من: رؤساء المؤسسات التربوية بسوق أربعاء الغرب (18 مؤسسة)، رؤساء جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ أو من ينوب عنهم، عضو عن كل مجلس تدبير بالمؤسسات التعليمية، عينات من الآباء والأمهات، عينة من تلاميذ وتلميذات الإعدادي والثانوي، عينة من هيئة المراقبة التربوية بجميع الأسلاك، ممثلو النقابات التعليمية، منتخبون من رؤساء الجماعات (المجلس البلدي/جماعة قرية بنعودة/ جماعة بني مالك)، السلطات المحلية. في ورقته التقديمية، تساءل منشط اليوم الدراسي، عن السبب وراء عدم نجاحنا (دولة ومجتمعا) في بناء ذاكرة خاصة للإصلاح التربوي، توثق لمختلف الإنجازات، وأيضا الاختلالات، وتسعفنا في انتقاء النموذج التربوي الذي يليق بتحديات القرن الحالي، ويستجيب لانتظارات المجتمع المغربي، رغم تجارب الإصلاح التربوي التي عاشها المغرب على مدى سنوات. مداخلة الأستاذ عبد اللطيف اليوسفي (عضو المجلس الأعلى للتعليم ومدير أكاديمية الغرب الشراردة بني حسن للتعليم سابقا)، ركّزت في طرح «التعبئة من أجل الإصلاح» على مدخل أوّلي وأساس لكلّ إصلاح ناجح، ويتعلق الأمر بالعمل في اتجاه تجديد الثقة في المدرسة العمومية والذي لن يتأتى - حسب المُداخِل- إلاّ من خلال التعبئة العامة (دولة ومجتمعا). من جهة أخرى، أشار الأستاذ المداخِل إلى أنّ المدرسة العمومية يجب أن تكون قطبا جاذبا للتنمية المحلية خصوصا في العالم القروي، فالأوضاع المأساوية التي تعيشها بعض المؤسسات التعليمية والاختلالات التي تعرفها المنظومة التربوية، خاصة في البوادي يجب أن يتحمّل الجميع مسؤوليته فيها، دولة وجماعات ومجتمعا مدنيا. في سياق مواز تحدّث عضو المجلس الأعلى للتعليم عمّا يصطلح عليه ب»التعاقد المنتِج» الذي استدعته الرؤية المستقبلية لإصلاح تعليمنا وتجويده، وهو المنطق الذي استعيض به عمّا عُرف ب «التوافق»، الذي كان مشروطا بسياقات إنتاج الميثاق تاريخئذ (قبيل وفاة الحسن الثاني بقليل)، وهو توافق فرضته تلك اللحظة. وعليه فبناء التعاقد المنتج - حسب اليوسفي- يقتضي بلورة جبهة وطنية حقيقية لحماية المدرسة والجامعة العموميتين واحتضانهما. في ورقته الموسومة ب «الإصلاح أولويات» اختار محمد شابلي (نائب وزارة التربية الوطنية بإقليم القنيطرة) الانطلاق من العنصر البشري أو الفاعل التربوي والإداري كأولوية من أولويات الإصلاح، حيث يقف المداخل على مواصفات الفاعل التربوي والإداري، ويجملها في خمس مواصفات أساس: - حب الفاعل لمهنته وعشقه لمادته ومهمّته، وهي مسألة - يراها شابلي- مدخلية وحاسمة جدّا - حب التلاميذ وتحبيب المادة والمعرفة لهم، وهو ما يخلق الحافزية الداخلية على التحصيل والعطاء وجعل الآخر (المتعلم) يُؤسَر في حب المادة والمعرفة أيضا - الفاعل الذي لديه قضيّة يؤمن بها ويدافع عنها ويعمل لأجلها، فمن لا قضية له لا يمكن إطلاقا أن يؤدي رسالته على الوجه الصحيح والأكمل- مسألة الحكامة، وهي تعني من الفاعل التربوي والإداري زرع الطمأنينة لدى الآخر، لأنها وضعية ضرورية لخلق المردودية والقيمة المضافة داخل المؤسسة التعليمية. يختتم الأستاذ محمد شابلي مداخلته بالتركيز على رهانين أساسيين يرى أنهما مدخلان ضروريان للإصلاح، وهما: أوّلا، التعليم الأولى (ما قبل مدرسي) لأن الكتب والمقررات، خصوصا في السنتين الأوليين من التعليم الابتدائي(قاعدة الهرم وممشى الأجيال كما عبر شابلي) مؤلفة على أساس أن الطفل استفاد من التعليم الأولى. ثانيا، تدريس المواد العلمية الذي أصبح إشكالا يجب اتخاذ القرارات اللازمة فيه. وينهي شابلي ورقته في خطاب صريح وجريء بتشخيص مؤلم للتعليم الابتدائي بقوله: الابتدائي مريض، ويجب الاعتراف بهذا بكل جرأة، وهو في حاجة إلى معالجة سريعة وتدخّل لكلّ الفاعلين على جميع المستويات. آخر مداخلة كانت للأستاذ سعيد النجاعي عن منتدى المواطنة، عنونها ب « أيّ مدرسة ، وأيّ تلميذ نريد؟» وقبل الخوض في عرضه، أشار إلى ضرورة القطع في هذا الإطار مع بعض التصورات الأساسية: أولا، منظور التلميذ والاستعاضة عنه بمفهوم المتعلم. ثانيا، القطع مع منظور الطفل صفحة بيضاء والمراهقة أزمة، فنحن نتعامل مع ذوات منتِجة لها كفاءات وقدرات، والفاعلون التربوين والإداريون مطالبون باحترامها وتقديرها وفق المقاربة الحقوقية. ثالثا، القطع مع المعادلات الخاطئة من قبيل: المدرسة مسؤولة عن سقوط القيم، والحال أنّ المجتمع برمته مسؤول عن هذا السقوط. ينتقل الأستاذ النجاعي في ختام مداخلته إلى الوقوف على مقومات المدرسة والمتعلم الذي نريد، فبالنسبة للمدرسة يتوجّب علينا بناء مشروع الارتقاء بالحياة المدرسية التي تعاني من نقص في الكفاءات والمعطيات، وتفعيل دينامية الحياة المدرسية ومجالسها وآلياتها ، وانفتاح المؤسسة على ذاتها بين الفاعلين التربويين والإداريين، وعلى محيطها. وفيما يخصّ المتعلم الذي نريد، أو صناعة التلميذ المواطِن فينبغي الولوج عبر المداخل التالية: تقوية قابلية التعلم لديه، تقوية جاهزية العمل الدراسي، تقوية دافعية الانشراك في العمل، تقوية حافزية الاندماج، تعلم الاختيار وحق المشاركة. ويختم المداخِل ورقته بالتأكيد على حاجتنا محليا إلى مشروع مندمج للنهوض بالمدرسة وأدوارها يساهم فيه الجميع كلّ من موقعه. بعد مداخلات الحضور المتفاعلة مع الأوراق المطروحة، قرأ منشط اليوم الدراسي التوصيات التي خًلُص إليها الجميع والتي حمّلت مسؤولية النهوض بالمدرسة العمومية وإنجاح الإصلاح إلى جميع الفرقاء والشركاء داخل المجتمع، وذلك في سياق من تتفعيل الأدوار وبناء التعاقدات المنتجة أفقيا وعموديا.