قال الشاعر والإعلامي المغربي ياسين عدنان إن «تعزيز البرمجة الثقافية في التلفزيون العربي بات مطلبا حيويا؛ لأن التلفزيون كوسيط يلعب دورا محوريا في صناعة الرأي العام والوجدان الجماعي». وتساءل صاحب أشهر برنامج ثقافي في التلفزيون المغربي «مشارف» في محاضرة، أمام طلبة كلية الآداب في مراكش: «هل نريد شعوبا يقظة لها حد أدنى من المعرفة والوعي والقدرة على التمييز؟ أم نريد كائنات استهلاكية هشة لا مناعة لها ومستعدة لابتلاع أي خطاب مهما كان سطحياً، وحتى لو كان خطيرا وتتلقى الفرجة السطحية والتفاهات برضى وتسليم؟». واعتبر عدنان أن بعض الفضائيات العربية لعب لعبة الإعلام السياسي التحريضي ونجح في ذلك سياسيا وتجاريا، في المقابل ردت عليه فضائيات أخرى بالمسلسلات المكسيكية المدبلجة؛ وهو ما وجد فيه بعض الأنظمة السياسية الهشة والقنوات الرسمية التابعة لها فرصة لاسترداد المشاهدين، خصوصا من النساء وفئة الشباب. وتابع: ألم يحن الوقت لكي نجرب الطريق الآخر: طريق الفرجة الهادفة والعمق الثقافي والنقاش الديموقراطي ما دمنا جميعا نهفو إلى أفق ديموقراطي؟ ولماذا لا يجرّب التلفزيون العربي طريقاً ثالثاً لا تحريض فيه ولا استبلاد؟». وقال عدنان إن «الثقافة هي عنوان هذا الطريق الثالث. لكن جزءا مهما من الإعلام المرئي العربي يعيش في انفصال تام عن أي خلفية ثقافية، وبدأ يبتعد بالتدريج عن مقاربة قضايا السياسة والمجتمع والفن انطلاقا من منظور ثقافي، رغم أن للثقافة دورا جوهريا في تأطير المجتمع وتحصين المجال السياسي من التطرف والمذهبية المنغلقة، وكذا في إضفاء المعنى والروح والدلالة على الإنتاج الفني بكل أصنافه». وفي رده على سؤال ل «الحياة» عن مسؤولية المثقف تجاه الوضع الذي آل إليه التلفزيون، حمّل عدنان المسؤولية للمثقفين في التدافع من أجل إعلام تنويري هادف. وأكد أن هناك في القنوات العربية من يريد عزلهم داخل «غيتوات» تلفزيونية يتحاورون داخلها بالشفرات والرموز بطريقة تعمِّق اغترابهم عن مجتمعاتهم». وأضاف: «لذلك على المثقفين أن يتحركوا هم أيضا باتجاه التلفزيون للمطالبة بحقهم المشروع في التواصل مع قرائهم، الذين لا يقرأون، عبر الوسيط المتاح والأكثر ديموقراطية، التلفزيون، بلغة رشيقة لا تتعالى على المشاهدين، وأن يبذلوا مجهودا تواصليا لجعل السؤال الثقافي والسجال الأدبي والموقف الفكري في المتناول».