حكومة عبد الله إبراهيم، التي عينها المغفور له محمد الخامس يوم 24 ديسمبر 1958، والتي قضت حوالي سنتين في التدبير الشأن العام، وهي الحكومة الرابعة بعد استقلال المغرب. جاءت بعد ثلاث حكومات الأولى سنة 1955 في إطار الشروط المنصوص عليها في اتفاقية «سيل سان كرود»، وهي حكومة اتلافية، كان يرأسها امبارك البكاي لهبيل. والحكومة الثانية سنة 1956، في عهدها تعمقت هوة الخلاف بين الذين يتمتعون بالإمتيازات، ويتألبون حول الحكم الملكي الذي يربط مصالحهم الخاصة بالمصالح الأجنبية، وبين المناهضين من المناضلين في الحركة الوطنية. والحكومة الثالثة ترأسها أحمد بلافريج سنة 1958، والتي شهدت أزمة حكومية انتهت باستقالتها، والتي قدم فيها عبد الرحيم بوعبيد استقالته من منصبه كوزير الإقتصاد، نتيجة ضعف الحكومة، وأمام القوة الخفية المعرقلة، وفي عهدها وقعت الأحداث الدامية التي عاشتها منطقة الريف ابتداء من أكتوبر 1958 بقيادة الثائر محمد سلام أمزيان. كانت حكومة المرحوم عبد الله إبراهيم، ذات توجه اشتراكي. شهدت فك ارتباط الإقتصاد المغربي مع الإقتصاد الفرنسي، وفتحت أوراشا لبناء المغرب المستقل. هذه الحكومة كان لها مايكفي من الخصوم والأعداء في السر وفي العلن. كانوا يسمونها بعض خصوم حزب القوات الشعبية، بحكومة «سبعة أيام من المشماش»، ومن بينهم المرحوم أحمد العلوي. كان أول قرار جرئ اتخذته هذه الحكومة هو فصل الفرنك المغربي عن الفرنسي وقرار تأميم بنك الإصدار، وذلك بعد تخفيض قيمة الفرنك الفرنسي بشكل مفاجئ من طرف الحكومة الفرنسية وهو قرار يمس لقمة العيش للشعب المغربي، وفي 1 يونيو 1959 قام عبد الرحيم بوعبيد وزير الاقتصاد ونائب رئيس الحكومة، بتأسيس بنك المغرب لإصدار أول عملة مغربية، على أن هناك من عرقل مشاريع مراسيم مهمة، كانت ستعود على المغرب بالمنفعة كما أن هناك من ساعد على خروج رؤوس الأموال من البلاد تحت ضغط المعمرين. ومن أهم المنجزات الإقتصادة والمالية لهذه الحكومة، كما تم في عهد هذه الحكومة إنشاء عدة أبناك وصناديق وطنية، نذكر من بينها: بنك التجارة الخارجية، بنك الإنماء الإقتصادي، الصندوق الوطني للتوفير، الصندوق الوطني للإيداع والتدبير، وضع جهاز رقابة على عمليات تحويل رؤوس الأموال بين فرنسا والمغرب ، وضع برنامج لخمس سنوات من أجل بناء مغرب مستقل، ضم مرفق طنجة إلى المغرب لسد الباب في وجه المضاربين من التلاعب بإمكانيات البلاد. ومن المنجزات الإجتماعية، إعلان الحكومة عن إصدار قانون الضمان الإجتماعي للعمال الذي أنشأ لأول مرة ظهير 31 دجنبر 1959، كما كانت ادارة الأحباس تقدم يد المساعدة للمعوزين، وأدت خدمات جليلة ساهمت في تخفيف من حدة الفقر. وقد شارك في أشغال دورة الأممالمتحدة سنة 1959. عقد عبد الرحيم مؤتمرا صحفيا تحدث فيه عن سياسة الحكومة الاقتصادية والنقدية في 12 يناير 1959، ثم ألقى بيانا اقتصاديا أمام المجلس الوطني الاستشاري في 20 يناير 1959 الذي يترأسه المهدي بنبركة. وبتاريخ 12 فبراير 1959 وقع بوعبيد اتفاقية مع الشركة الايطالية للبترول تتعهد فيها الشركة بانشاء معهد لتكرير البترول في المغرب، وألقى خطابا بتاريخ 2 أكتوبر 1959 في واشنطن أمام مجلس البنك العالمي، وفي 17 أكتوبر 1959 شرح التدابير الاقتصادية المغربية التي لم تعجب العناصر التي كانت تضع العصا في عجلة الحكومة. بعد تسلم عبد الله إبراهيم مقاليد الوزارة الاولى كان المغرب يمر من ظروف انتقال مغربي صعب، حيث عمل الحكم والقوى الرجعية على ضرب هذه الحكومة ومحاصرتها، وحصلت لها توترات وأججت كل طموحات لبناء الدولة المغربية الحديثة. كما أن في تلك الفترة عمل المخزن والقوى الرجعية على ضرب هذه الحكومة ومحاصرتها، وبدأت المناورات إلى أن تم إسقاطها. وكانت البداية بعد 9 فبراير 1960 حين تم اعتقال عدد كبير من مناضلي حزب القوات الشعبية، وفي ذلك الجو المتوتر قدم شيخ الإسلام بالعربي العلوي استقالته من منصبه كوزير مستشار في مجلس التاج احتجاجا على اعتقال المقاومين بتهمة مفبركة نسجت من طرف مصالح الأمن والمخابرات، وهي حكاية محاولة اغتيال الأمير ولي العهد أنذاك الحسن الثاني. وفي تلك الفترة وجه المغفور له محمد الخامس نداء يوم 23 مارس 1960 جاء فيه «... وفي انتظار وضع دستور يخولنا المقاييس التي نعتمد عليها في إسناد الحكم إلى هيئة معينة، أثرنا أن نأخذ الأمر بأيدينا مباشرة ونمارس تسيير شؤون الدولة بواسطة ولي عهدنا رغبة في استقرار الحكم وجمع كلمة الأمة..» ويضيف «...ولايفوتنا بالمناسبة أن ننوه بالمجهودات التي بذلتها حكومة عبد الله إبراهيم ونشكرها على ما عملته لخير البلاد». في 21 ماي 1960 تم إسقاط حكومة عبد الله ابراهيم، عن طريق مكالمة هاتفية من طرف ولي العهد أنذاك الحسن الثاني، حيث قال له: «أمولاى عبد الله هادي راها داركم مفتوحة في وجهك وقت مابغيتو ولكن راه سيدنا عفاكم من المسؤولية ودبا غادي تقول لي الساعة اللي غادي نتلقاو فيها غدا باش نتسلم مهام الرئاسة». وتم تحديد يوم الغد، وفي الساعة الثامنة صباحا من يوم 22 ماي 1960 وجد عبد الله إبراهيم ولي العهد في انتظاره ومن خلفه أحمد رضا كديرا، ورفض عبد الله إبراهيم الجلوس في مقعده وعلى الرغم من أن ولي العهد ترجاه بلطف الجلوس في مقعده رد عبد الله إبراهيم أنه لن يجلس في مكتبه لأنه لم يعد رئيسا للحكومة، وأضاف أنه بالإمكان الإشتغال وقوفا... وفي 23 ماي 1960 انتهت كل علاقة لعبد الرحيم بوعبيد بالمسؤولية الحكومية، وفي أكتوبر 1960 قاد الحملة من أجل جلاء القوات الأجنبية عن المغرب مطالبا المغفور له محمد الخامس بأن لايصادق على اتفاقية 2 شتنبر 1960 التي تسمح للفرنسيين بالاحتفاظ بقواعد عسكرية في شكل مدارس عسكرية يستمر وجودها الى نهاية 1963 . وللتذكير فإن هذه الحكومة تركت منجزات وطنية ومشاريع اقتصادية، بعضها دخل في حيز التنفيذ والبعض الآخر لم ينجز. يقول في هذا الشأن الاستاذ محمد بنسعيد أحد قادة جيش التحرير بالجنوب المغربي والرئيس السابق لحزب اليسار الاشتراكي الموحد : «تصفية جيش التحرير هو إيقاف لمسلسل استكمال التحرر الوطني، وإقالة حكومة عبد الله إبراهيم هي إيقاف لمسلسل التحرر الاقتصادي والاجتماعي للبلاد». الحكومات المتعاقبة من 1960 إلى 1998 * - حكومة محمد الخامس، من 24 ماي 1960 إلى أن توفي بتاريخ 26 فبراير 1961 . قبل أيام من وفاته اعترف المغفور له محمد الخامس أثناء مجلس وزاري بفشل التجربة التي ترأسها. وذلك بعد ثمانية أشهر من إقالة حكومة عبد الله إبراهيم. بعد وفاته، قام الراحل الحسن الثاني وعين أحمد رضا اكديرة مديرا عاما لديوانه، كما أسند إليه عبر التفويض السلطات الموكولة للوزير الأول، علاوة على أنه كان يمارس مهام وزير الفلاحة، وبعد وفاة البكاي تولى اكديرة أيضا وزارة الداخلية وذلك في أبريل 1961 . * - حكومة الحسن الثاني، قبل تشكيل هذه الحكومة، طلب الحسن الثاني من عبد الرحيم بوعبيد المشاركة في الحكومة التي أشرف عليها، لكن عبد الرحيم اعتذر، وقال بما معناه أنه سيكون مستعدا لتحمل المسؤولية، عندما تقرر الدولة الانتقال إلى حياة ديمقراطية، فكان جواب الأمير بأن المغاربة ليسوا بعد مؤهلين للحياة الديمقراطية، وأنهم يحتاجون إلى بعض السنوات يعيشون خلالها في ظل حكم قوي ليتعلموا ما هو الحكم الديمقراطي، ورد عليه بوعبيد، بأن أي شعب يتعلم الديمقراطية، ويتعود على تقاليدها إلا إذا مارسها. كانت الحكومات التي ترأسها الحسن الثاني بدأت من 4 مارس 1961 . واستمرت من 2 يوليو 1961 إلى يناير 1963 . ثم الفترة من 8 يونيو 1965 إلى 11 نونبر 1967 . كان فيها فراغ حكومي ملأه الملك الحسن الثاني. * - حكومة أحمد باحنيني، من 13 نونبر 1963 إلى غاية 8 يونيو 1965 . في عهد هذه الحكومة كانت محاولة إسقاط الحكومة في يونيو 1964 بتقديم ملتمس الرقابة. كما تم إعلان عن حالة الإستثناء، وإغلاق البرلمان وأخذ الملك كل السلط بيديه. واحتد الصراع بين المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية. وفي ظل فراغ حكومي تولى سدة الحكم الملك الحسن الثاني. وهي الفترة التي عرف فيها المغرب أحداثا مؤلمة، كأحداث الدارالبيضاء، والتي واجهها النظام بالقوة والقمع والعنف، حيث تدخلت قوات الأمن بإشراف الجنرال محمد أوفقير بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في الأحياء الشعبية. والتي قال عنها الملك الحسن الثاني في خطاب وصف فيه المدرسين بأشباه المثقفين، ووصف السياسيين بمحركي الفتنة. وكانت اعتقالات وإعدامات في صفوف المناضلين والمقاومين. محمد أحمد باحنيني معروف بولائه للقصر، ساهم إلى جانب أحمد رضا اكديرة في تأسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية «الفديك». * - حكومة محمد بنهيمة من 12 نونبر 1967 إلى 17 أكتوبر 1969 . كانت الحياة السياسية أنذاك مجمدة. منع الأحزاب من ممارسة العمل السياسي ومنع الصحافة التقدمية من الصدور. وكانت سلطات الجنرال أوفقير تتقوى. * - حكومة أحمد العراقي من 17 أكتوبر 1969 إلى غشت 1971 . التي عرفت محاكمات الوزراء في ملفات الفساد الإداري، ومحاولة انقلاب الفاشل في يوليوز1971، كان العراقي ضمن المقربين للملك في انقلاب. وكان أشد المعارضين لبقاء حالة الإستثناء التي سبق أن أعلن عنها الملك الراحل الحسن الثاني. * - حكومة محمد كريم العمراني، هذا الأخير. الوزير الأول الوحيد الذي كان لا يتكلم في البرلمان، لأنه غير متمكن من العربية، ترأس ثلاث حكومات: الأولى من 11 غشت 1971 إلى 2 نونبر 1972، (عرف المغرب انقلابا فاشل). الثانية من 30 نوفمبر 1983 إلى 3 شتبر 1986 . الثالثة من 11 غشت 1992 إلى 25 ماي 1994 . كريم العمراني ترأس المكتب الشريف للفوسفاط، ونمى ثروته في غفلة من الجميع إلى حد أنه أصبح ضمانة معتمدة لدى المؤسسات الدولية للإقتراض. ويعتبر من رجال الأعمال، وصاحب السمعة الإقتصادية الدولية. * - حكومة أحمد عصمان من 20 نوفمبر 1972، إلى 27 مارس 1979 . في عهد هذه الحكومة أفصح وزير الداخلية السابق محمد بنهيمة، لمحمد الحبابي في مكتبه عن لائحة ب 42 اسما من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، يرجح أن تنجح في الحصول على مقاعد في الانتخابات البرلمانية، لكن الحبابي أخبره بأن الحزب يستطيع الحصول على 80 مقعدا في ظل انتخابات نزيهة، كما قال له نرفض الكوطا التي تحاول الداخلية فرضها على الحزب. وبعد ذلك سيتم التزوير في الإنتخابات وأعطيت للاتحاد الاشتراكي 15 مقعدا وتم إسقاط عبد الرحيم بوعبيد في مدينة أكادير. وفي عهدها أيضا كانت إضرابات أبريل، وتم طرد العديد من رجال التعليم من عملهم، واستدعاء بعض رجال التعليم للمقاطعات وضربهم والتنكيل بهم. واشتهر فيها وزير الداخلية السابق إدريس البصري، الذي حر ك آلة القمع. عصمان صهر الحسن الثاني وصديق دراسته، ورد إسمه في عدة ملفات للتقصي حول عدة مؤسسات عمومية ومالية واجتماعية. خلال مقام أحمد عصمان في الوزارة الأولى أسس حزب التجمع الوطني للأحرار، هذا الحزب الذي سمي بحزب الإدارة، وسيعرف انقساما. * - حكومة المعطي بوعبيد، شهدت هذه الفترة إضرابات اجتماعية وإضرابات عامة بسبب القرارات الإرتجالية ورفع أسعار المواد الإستهلاكية الأساسية، مكنها إضراب 20 يونيو، هذه الحكومة نهجت سياسة القمع لمواجهة احتجاج المتظاهرين، التي أسفرت عن سقوط، عشرات القتلى ومئات من الجرحى. المعطي بوعبيد ترأس ثلاث حكومات: الأولى بتاريخ 27 مارس 1979 . الثانية في 5 نوفمبر 1981 . الثالثة في 30 نونبر 1983 . حينما كان بوعبيد وزير أول، أسس حزب الاتحاد الدستوري سنة 1983، الذي سمي بحزب «الكوكوت مينوت». * - حكومة عزالدين العراقي هذا الأخير ترأس حكومتين من 30 شتنبر 1986 إلى 11 غشت 1992، في عهد هذه الحكومة اشتدت الأزمات الإجتماعية، وعرفت بمواقف ارتجالية، وكانت تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي وتفقير الشعب، وغياب الحوار مع المركزيات النقابية، في عهده تم ضرب مجانية العلاج بالمستشفيات العمومية، وهجوم الأواكس على الجامعيين، وتم تخفيض قيمة الدرهم، وارتفعت الأسعار في الماء والكهرباء والبنزين، وتذاكر النقل الحضري والسككي. قضى العراقي على رأس هذه الحكومة ست سنوات. قبل ذلك كان وزيرا للتعليم في حكومة المعطي بوعبيد، الفترة التي علقوا رجال التعليم بالفلقة بالمقاطعات، وطردوا من عملهم، وشردت مئات العائلات. * - حكومة عبد اللطيف الفيلالي، هذه الأخير ترأس ثلاث حكومات متعاقبة، الأولى في 7 يونيو 1994، والثانية في 27 فبراير 1995، والثالثة في 13 غشت 1997 إلى 14 مارس 1998 . الحكومة التي أخرجت المغرب من غرفة الإنعاش حكومة عبد الرحمان اليوسفي التي أخرجت المغرب من غرفة الإنعاش، بعد انطلاق فكرة التناوب التوافقي مع الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1992، ملازمة لنقاش عام عرفته البلاد حول الإصلاحات السياسية والديمقراطية ممثلة في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتدشين مرحلة الانفراج السياسي، وتوسيع نطاق الحريات العامة، إضافة إلى إجراء تعديل دستوري، كان النقاش قويا حول الاصطلاحات الدستورية من بداية التسعينات إلى حين الوصول إلى فكرة التناوب، التي جاءت بعد الإنتخابات التشريعية سنة 1997 التي تبوأ فيها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المكانة الأولى في الخريطة السياسية بالمغرب. وعلى إثرها عين الحسن الثاني الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، وزيرا أول في 4 فبراير 1998 . جاءت حكومة اليوسفي بإرادة التغيير، التي جعلت الأمل يدب من جديد في صفوف المغاربة، وبدأت هذه الحكومة تجسد ممارسة مغايرة لطرق تسيير الشأن العام، وحققت إنجازات كبرى في مجال ممارسة الحريات العامة وحقوق الانسان، واتساع مساحة الحرية بمختلف أوجهها، جاعلة من النقد والمساءلة ممارسة يومية في الاعلام وفي الشارع، وفتحت عدة أوراش، وأتت بعدة مشاريع للإصلاح ونجحت في حل جزء من مشاكل العالم القروي وقضاياه الملحة حيث خصصت الحكومة 48 في المائة من ميزانية الدولة للقطاعات الاجتماعية، وبفضلها تم تعزيز برنامج تزويد العالم القروي بالماء الشروب، بنسبة 43 في المائة بعدما كان من قبل 14 في المائة. نفس الشئ بالنسبة لكهربة العالم القروي. فقد جرت الإستفادة من انجازات بلغت 47 في المائة، بعد أن كانت في السابق 18 في المائة، كما وضعت نظاما متكاملا وطموحا للتغطية الصحية ووضعت ميثاق حسن التدبير، وحدت من مظاهر العجز وساعدت في تعرية ملفات الفساد وإحالتها على القضاء، وإصدار قانون يحدد مسطرة محاكمة الوزراء، وفي مجال قضية الوحدة الترابية للبلاد، ساهمت في دعم هذه القضية لدى العديد من الدول، جاءت حكومة التناوب التي ترأسها عبد الرحمان اليوسفي بعدما عرفت البلاد فسادا إداريا واختلاسات ورشوة واستغلال النفوذ، كما تسلطت عناصر فاسدة على مواقع القرار وفي دواليب الدولة. وعاش المغرب محاكمات وزراء وموظفين سامين. وتم إفراغ صندوق الضمان الضمان الإجتماعي من أموال العمال والموظفين حتى أنهم أصبحوا مهددين في قوتهم حين يصلون إلى سن التقاعد. هذا الصندوق الذي يرجع الفضل لحكومة عبد الله ابراهيم التي أسسته. كما يرجع الفضل، أيضا، لحكومة عبد الرحمان اليوسفي التي جاءت لتنقذه من السكتة القلبية والإفلاس، مثلما أخرجت المغرب من غرفة الإنعاش. كانت حكومة عبد الرحمان اليوسفي فخورة بأن قدمت أمام الرأي العام حصيلة واضحة ومتكاملة. ففي سنة 2001 صادق البرلمان المغربي على قانون الصحافة المعدل، رغم معارضته من طرف بعض الإعلاميين، وكان هذا القانون يحتوي على بعض الإيجابيات، مثل مراجعة العقوبة السالبة للحرية في العديد من الفصول، وتخفيضها في فصول أخرى، التنصيص على الحق في الإعلام والحق في الوصول إلى مصادر الخبر، كما نص أيضا على تمديد أجال الإثبات فيما يتعلق بالسب والقذف، وتخويل القضاء صلاحيات منع الصحف... لقد أصبحت الصحافة الوطنية تعمل في ظروف مريحة في ظل حرية التعبير، حتى أنه ظهرت بعض الأقلام المحسوبة على الاعلام بدل من أن تنتقد بموضوعية عمل الحكومة، التجأت لانتقاد الحزب، وبدأت تقوم بحملات التهجم والتشهير، كانت هذه الحملات التشهيرية القائمة على الاختلاق والكذب، تستهدف الحزب وشهداءه ورموزه، والغريب في هذه الحملات هو التقاء عدة جهات مختلفة متناقضة، في نشر الإشاعات ونهش الأعراض واختلاق الأخبار وممارسة الابتزاز دون أن تولي أي اعتبار لمهنة الصحافة ولا لشرفها، ورغم كل ذلك استمرت هذه الحكومة في تحمل مسؤوليها لإنقاذ البلاد من الهاوية ومن السكتة القلبية، التي أعلن عنها رئيس الدولة أنذاك الحسن الثاني في خطابه الشهير، في افتتاح أول برلمان سنة 1996. حكومة عبد الرحمان اليوسفي، التي سميت بحكومة التناوب، بعد سنوات قليلة من ممارستها الشأن العام حققت إنجازات كبرى لم تحقق منذ أربعين سنة، وأخرجت المغرب من غرفة الإنعاش الذي كان فيها مهدد بالسكتة. وطيلة خمس السنوات خاضت خلالها تحديا كبيرا متصديا لكل الإنتقادات، في ظل وضع تميز بوجود جيوب مقاومة التغيير. ثم جاءت الإنتخابات التشريعية لسنة 2002 والتي رغم مكانة الحزب الأولى في المشهد السياسي، تم تعيين ادريس جطو وزيرا أول سنة 2002 والتي استمرت في أوراش حكومة التناوب.. جاءت الحكومة الإئتلافية لتستمر في المشاريع المبرمجة والإصلاحات الإقتصادية منها إنقاذ المؤسسات العمومية التي أصبحت منتجة بحيث في سنة 2006 خلق المغرب أكثر من 300 ألف منصب شغل. ومن ناحية الدين فإنه في سنة 1998 وصلت مديونية المغرب إلى 23 مليار دولار، وفي سنة 2007 أصبحت 8 ملايير دولار من الدين. وسيتغير الدين الخارجي العمومي سنة 2008، ويصبح 16.4 مليار دولار. في تلك الفترة بدأ التراجع عن المنهجية الديمقراطية، وتم الإعلان عن بداية فشل تجربة التناوب ثم جاء بعد ذلك التصريح التاريخي لعبد الرحمان اليوسفي الذي أعلن في محاضرة ألقاها في بلجيكا، انتقاده لمآل الديمقراطية بالمغرب. ثم فيما بعد جاءت حكومة عباس الفاسي سنة 2007 . التي استمرت في الأوراش. إلى أن جاءت حكومة عبد الاله بنكيران، هذا الأخير ترأس حكومتين الأولى في نونبر 2011، فأثقلت كاهل المواطنين في الزيادات في المواد الاستهلاكية الأساسية وفي مواد أخرى أساسية، وأضاعت الوقت في المناوشات والصراعات، وفشلت في تدبير الملفات الكبرى، كالفساد والريع، وكالملفات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وخاصة ملف الصحراء.. والثانية في يناير 2013 إلى ...الآن. هذه الأخيرة جاءت بعد أزمة وزارية استمرت لعدة شهور. فبدأت عملها بدون برنامج، وحتى قانونها المالي لسنة 2014 داخل الغرفة الثانية تم إسقاطه، حيث صوتت المعارضة ضده ب 95 صوتا، مقابل 56 صوتا لفائدة الأغلبية الأقلية بهذه الغرفة. ومن جهة أخرى أغرقت البلاد في الدين، حيث سيقفز الدين الخارجي العمومي من 22 مليار دولار في سنة 2011 إلى 26.4 مليار دولار في النصف الأول من سنة 2013 . وبهذا يتضح أن حكومة عبد الاله بنكيران متجهة نحو السكتة القلبية.