السجن المركزي عين قادوس بفاس، يعيش وضعية صعبة، من ناحية تفشي الرشوة، والاعتداءات المتكررة، والمحسوبية والزبونية وبعض الخروقات الأخرى. هناك استغلال لأيام الأسبوع، حيث يتم تقسيم أيام الأسبوع خلال الزيارات، بدءا بالأيام التي تعرف الاكتظاظ، مرورا بالأيام التي تعرف أقل، وصولا إلى الأيام التي تهم فقط طبقة معينة. هناك ممارسات عدة وسلوكيات لا إنسانية بهذه المؤسسة السجنية، كعملية انتقاء الزوار. وهناك من له صلاحيات واسعة في المؤسسة يتصرف فيها وفق ما يحلو له دون أي وازع، أو ضابط قانوني يلجأ له، وليس لأحد الحق في التعقيب أو الرد على كل السلوكيات المنافية للصفة الآدمية. وهناك أيضا تجارة المخدرات تروج عبر أبواب الزنازين، وتباع بأثمنة خيالية. أما من ناحية عملية تفتيش الزنازين، فيتم استهداف فقط الفئة المحرومة والبسيطة، من أبسط الحقوق أما «السيلونات» التي تهم أباطرة تجارة الممنوعات ورجال الأعمال فلا تقرب ولا تفتش.. بعض الموظفين يجدون صعوبات في التأقلم مع المحيط الفاسد داخل المؤسسة، ويطلبون من المسؤولين والساهرين على حرمة المندوبية أن يكونوا لجن المراقبة، ليقوموا بزيارات من حين للآخر للوقوف على بعض المخالفات وللضرب على أيدي كل من سولت له نفسه أن يخالف القانون واستغلال وظيفته. يلاحظ أن هذه المؤسسة السجنية فقدت مسؤوليتها تجاه السجناء، وأصبحت الفوضى تضرب أطنابها. فرغم ما قامت به المندوبية العامة لإدارة السجون واعادة الادماج، من اصلاحات في البنية و الهيكلة اللوجستيكية للمؤسسة السجنية الى حد ما، إلا أنها تبقى سطحية ولم تمس العمق المتوخى في الإصلاح والتغيير، بحيث لا يزال الواقع السجني بسجن عين قادوس بفاس يعيش في وضعية تغلب عليها مظاهر الانحراف والفساد. وفي هذا الإطار يروج هذه الأيام أن التامك سيعين في منصب مندوب عام للمندوبية السامية لإدارة السجون وإعادة الإدماج، خلفا للمندوب السابق حفيظ بنهاشم. المندوب الجديد الذي يحمل دكتوراه في تحليل الخطاب، قضى فترة اعتقال ضمن مجموعة مكناس سنة 1977 دامت خمس سنوات، بسبب دفاعه سابقا عن أطروحة الانفصال، وكان سفيرا سابقا في النرويج. ولهذا نتمنى من المندوب الجديد أن يتحرك لإنقاذ هذه المؤسسة السجنية من الفوضى ومعاقبة ومحاسبة المسؤولين عن ذلك...