«إنهم يرهنون مستقبل المغرب»، هي الجملة/التعليق التي اختار محمد العشاري عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال لقاء جمعه يوم الثلاثاء بدار الشباب سيدي عثمان بمناضلات ومناضلي هذه المنطقة المناضلة بمناسبة تخليد الذكرى 38 لاغتيال الشهيد عمر بنجلون، أن يختتم بها عرضه، في إشارة إلى خطوات حكومة عبد الإله بن كيران، وذلك من خلال القرارات اللاشعبية التي اتخذتها سواء في نسختها الأولى أو في نسختها الثانية، التي تزيد من تأزيم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة، في الوقت الذي كانت فيه حكومة التناوب تحت رئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي قد استطاعت أن تعيد للمغرب توازناته المالية الكبرى، وان تضع المغرب في سكة الإصلاح الهيكلي، والتي يتضح للجميع بأن كل الاوراش التي تنجز اليوم هي ثمرات عملها، رغم إنكار رئيس الحكومة عليها ذلك، إلى أن نبهه جلالة الملك بأن هناك تراكما إيجابيا لعمل الحكومات السابقة. العشاري أشار في بداية عرضه إلى دلالات إحياء الحزب لذكرى أليمة هي ذكرى اغتيال شهيد التحرر والديمقراطية والوطن عمر بنجلون، الذي ألهم فكره الجميع، والذي قدم الشيء الكثير من أجل النضال الديمقراطي والنضال من أجل الديمقراطية، والذي بحت حناجر الاتحاديين ومعهم المغاربة بكتاباته وشعاراته ومن بينها «الإرهاب لا يرهبنا والقتل لايفنينا وقافلة التحرير تشق طريقها بإصرار»، معتبرا أنه الشعار الذي كان الاتحاديون يعتقدون أنه انتهى عند تشكيل الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي لحكومة التناوب، في خطوة لتجاوز الماضي والقيام بالعدالة الانتقالية، من خلال اللجنة التي أنيط بها الكشف عن الحقيقة خلال سنوات الرصاص، لكن اليوم يتبين على أن هناك حاجة كبيرة إلى رفع هذا الشعار خاصة وان الذكرى 38 لاغتيال الشهيد تخلد في ظروف خاصة جدا، أولها تماشيا مع تخليد يوم الوفاء لشهداء الحركة الاتحادية، لكن كذلك تزامنا هذه السنة مع من قاموا بمسيرة بالدارالبيضاء لمساندة لمجرمين والذين أمروا وخططوا لاغتيال شهيدنا، الذين يتبوؤن اليوم رئاسة الحكومة، مذكرا بأنه خرج من الدارالبيضاء عبد الإله بنكيران وعبد الله باها وزيره في الدولة بدون حقيبة، في مسيرة لمساندة المجرمين وللاحتجاج على الذين اعتقلوا الذين نفذوا جريمة الاغتيال، وبالتالي فهذا الشعار لابد من رفعه اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى حين انتهاء معركة التحرير وتنقية المغرب من الفكر الإرهابي التي هي مسؤولية الاتحاديين والاتحاديات إلى أن تتم تصفية هذا الملف. عضو المكتب السياسي الذي كان يخاطب الاتحاديات والاتحاديين وجمهور من العاطفين، استعرض مناقب وخصال وشيم الشهيد عمر بنجلون، مستحضرا بعدا من العناوين الكبيرة التي تميز بها ومن خلالها، ومنها عمر السياسي الذي ترك إرثا كبيرا في الفكر الذي كان يؤمن بالانتصار بالخصم لا الانتصار عليه، وهنا جاءت فكرة المؤتمر الاستثنائي والدخول في استراتيجية النضال الديمقراطي، العشاري أشار إلى أن عمر لم يكن سياسيا فقط بل كان مناضلا نقابيا، عانى السجون، وعاني من التضييق قبل تأسيس البديل النقابي سنة 1978 على بعد 3 سنوات من اغتياله، وإلى ربطه نضال الطبقة العاملة بالديمقراطية ورفضه أن يكون نضالها من أجل الخبز، مسلطا الضوء كذلك على كتابات عمر الصحافي الذي كان يعمل على بعث روح النضال في صفوف القوات الشعبية في كل مناطق المملكة من خلالها، معتبرا بأنه الشخصية المتميزة التي كانت قادرة على الجمع بين النضال السياسي والنقابي والحقوقي والصحافي بعد ذلك انتقل عضو المكتب السياسي إلى استعراض الوضعية السياسية الراهنة، مشيرا إلى أنه قد مرت سنتان على انتخابات 25 نونبر، وعلى تصويت الشعب المغربي على دستور فاتح يوليوز، مذكر بهذا المسار الذي بدأ بخطاب 9 مارس، عندما دعا الملك لتعديل الدستور بطريقة جديدة تختلف عن مقاربات الماضي التي كان يرفضها الاتحاد الاشتراكي لكونها دساتير ممنوحة، وبالتصويت بنعم السياسية على دستور 1996، وأضاف العشاري انه رغم مرور هذه المدة فكل المغاربة ما يزالون ينتظرون خروج القوانين التنظيمية لتفعيل الدستور، التي يجب أن تنزل وفقا لروح وفلسفة صياغة الدستور انطلاقا من مقاربة تشاركية، والحال انه لاشيء خرج لحيز الوجود باستثناء القانون المتعلق بالتعيين في المناصب السامية، مستنكرا أن يستمر رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران في الاشتغال بدستور 1996. من جهة أخرى وقف العشاري عند بعض الكتابات الصحافية المجانبة للصواب والتي تقف دون الإشارة إلى مكامن الخلل الحقيقية وإلى المغالطات التي يتم الترويج لها، مشددا على أنه لن يكون لرئيس الحكومة وفريقه الحكومي أي ذريعة لتبرير فشلها، متسائلا أين هي الوعود التي وعد بها بن كيران الشعب المغربي من قبيل تحقيق 7 في المئة من النمو، تشغيل المعطلين وحملة الشواهد العليا، فك الحصار عن العالم القروي، تحسين أوضاع المتقاعدين، إصلاح التعليم ...، العشاري اختتم عرضه بالتطرق إلى مؤشرات 3 قوية تؤكد على أن الحزب هو بخير اليوم، أولاها نجاح عملية الاندماج من خلال جمع جزء من العائلة الاتحادية، ثانيها الحشد الجماهيري الكبير خلال تجمع يوم 5 أكتوبر، الذي له دلالاته السياسية والجماهيرية، ثم التحالف مع حزب الاستقلال الذي غادر الحكومة لان رئيس الحكومة كان يتعامل كزعيم حزب وليس كرئيس للحكومة، مؤكدا على أنه في كل اللحظات الصعبة في المغرب منذ الكتلة الوطنية بعد انقلاب 1971 و 1972، الحركة الوطنية ممثلة في الاتحاد والاستقلال كانت تتحمل مسؤوليتها، ولم تكن ساعتها تهدد حتى في لحظات ضعف الدولة، بحيث لم يسجل يوما على الحركة الاتحادية ولا الحركة الوطنية على أنها هددت وقامت بالابتزاز، بل كانت تغلب مصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة، هو ما جسده الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي حين ساهم الاتحاد في إنقاذ البلاد من السكتة القلبية من خلال حكومة التناوب، مشددا على أن المعارضة اليوم هي معارضة وطنية عكس الحكومة التي وصفها بالردة والرجعية، وهو ما يتضح في كل شيء حتى في قضية العنف ضد المرأة، مشددا على أن من ليس قادرا على الوفاء لزوجته وأبناءه لايمكن ائتمانه على ملايين المغاربة؟ وكان عبد الحق مبشور كاتب الفرع قد أكد في كلمته التقديمية على الدور الذي قام به الشهيد عمر بنجلون في سبيل بناء استراتيجية النضال الديمقراطي التي أدخلت الحزب في مسلسل جديد قوامه الرهان على إشراك جماهير الشعب المغربي في عملية التغيير، مشيرا إلى انه حارب كل أشكال الخلط والتضليل ونهج طريق الوضوح الفكري والسياسي سواء داخل الحزب أو مع الخصوم، معتبرا بأنه ليس غريبا أن تمتد إليه أيادي الغدر الظلامية ذات الطبيعة الارهابية، في محاولة لقتل وخنق كل منارات التحرر والديمقراطية، الشيء الذي أكد بشكل لاغبار فيه بان تجار الدين هم العدو الأول للدبمقراطية والحداثة، وهو ما تأكد، يقول مبشور، طيلة هذه السنوات ليس فقط في المغرب وإنما على مستوى العالم العربي، كما تبين في اغتيالات المناضلين الديمقراطيين في تونس الشقيقة في المدة الأخيرة، وبذلك يعتبر الشهيد عمر بنجلون أول ضحية للارهاب الاسلاموي المعادي لكل تقدم وتحرر. من جهة أخرى شهد اللقاء تقديم أحد الأشقاء الفلسطينين لشهادة في حق الشهيد عمر بنجلون ودوره في دعم القضية الفلسطينية وتدخلاته لإصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر وتبديد بعض الخلافات بين قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، معتبرا أن هذه اللحظة هي لحظة قوية تعجز فيها الكلمات عن التعبير عن حقيقة المقام الجلل، وبكتاباته لأجل القضية وهو الذي أصدر جريدة عنوانها فلسطين، داعيا له بالرحمة وبديمومة كل من سار على دربه وخطاه حتى هذا اليوم.