صدر عن مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع بالقاهرة رواية الكاتبة وفاء شهاب الدين السادسة «طوفان اللوتس»، ومن خلال الرواية نقرأ عالماً روائياً يتشكل من خلال لغة روائية تعتمد على البوح المحمل بقدر كبير من الشاعرية، ومشاعر الأنثى «البطلة» التي قاست لوعة الحرمان والوحدة وقسوة الواقع وتجبُّره. وتنساب اللغة الروائية للكاتبة من خلال البطلة «الساردة» المعنية منذ البداية برسم ملكوتها الخاص ووصف مشاعرها، والمستسلمة لتداعباتها خلف عالم الرجال، وتتداعى الشخصية عبر بوحها بين الممكن والمستحيل بين الأمل والرجاء في مقابل اليأس، لتبدأ الشخصية لحظتها الروائية المحاصرة بالوحدة واليأس والحرمان وتنفتح مشاعرها وتذكاراتها رويدا نحو ملامسة عالمها ، الممكن الذي تجسده عبر تداعياتها الحلمية المتأرجحة على أعتاب الحياة، إلا أنها تضطر لخوض تجربة أخرى موازية وفاضحة لواقعها الذي يقف خلف معاناتها، ومن ثم تفر إلى الماضي البعيد لتنقل ملامح الواقع البليد الغبي الإنساني بغرض كشف وفضحه. إذا كانت الرواية مغلقة على عالم المرأة الداخلي إلى أنها منفتحة على واقعها ، وإن كانت آملة في لحظة مثلى من الحياة المستقبل إلى أنها متجهة إلى الخلف في ذات الوقت لتمارس فضح هذا الماضي الذي يشكل حاضر الشخصية ومعاناتها .. ثمة وثيقة إدانة كبيرة لواقع منهار إنسانياً، تبدأ واقعات السرد من أقصى لحظة تذكُّرية بعيدة في حياة البطلة ليستمر السرد متجها إلى الأمام مقتربا من اللحظة الحاضرة في حياة الشخصية، وما بين الماضي والحاضر، والقريب والبيعد ، والعام والخاص ، والظاهر والمخفي أو الداخل والخارج، والوصف والبوح، والذاتي والجماعي، والنفسي والواقعي، الريف والمدينة يتشكل العالم السردي من تفاعلات حية بين هذه الثنائيات، ويترسم أمامنا عالم متجنٍ، نفعي، حسي ،استغلالي ، ذكوري مقابل عالم حالم مثالي نقي تتغياه الشخصية وتتمناه وتحلم به وتفر إليه بمشاعرها ، ومن دون أن تنسى أن تجلد الواقع أمامنا.. ثمة ملامح كثيرة لعالم متجبر يقف خلف مأساة الشخصية ، ومن ثم فالرواية وثيقة إدانة وفضح لهذا العالم باتجاه ترسيم قيم بديلة تتسم بالإنسانية والنبل ونقاء الضمير.