قدمت المندوبية السامية للتخطيط بحثا وطنيا أنجزته حول الحركية الاجتماعية بين الأجيال لسنة 2011 بالمغرب، يوم أمس بالرباط. ويتوخى هذا البحث الوطني المنجز لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 20 سنة فما فوق، ينتمون ل 60000 أسرة، تحليل التحولات التي طرأت على الخصائص السوسيومهنية والاجتماعية لهذه الفئة العمرية مقارنة بآبائهم. وأكد أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط بهذه المناسبة أن هذا البحث يشكل أول مقاربة للحركية بين الأجيال بالمغرب وسيكتسي أهمية أكبر ودلالة أجدى فائدة في المستقبل إذا ما توفرت بحوث أخرى حول أجيال أخرى اعتمادا على تصنيفات منسجمة وقارة للحرف والكفاءات. وأضاف لحليمي، الذي كان يتحدث أمام عدد من المهتمين والمتخصصين، أن هذه الدراسة التي تعد الأولى من نوعها، ينبغي اعتبارها بداية الانفتاح على أشغال جديدة يتعين على كافة تخصصات العلوم الاجتماعية وجميع أطر وخبراء المندوبية السامية للتخطيط أن تساهم في تطوير هذا المجال من البحث وتحيين نتائجها. وكشف هذا البحث أن المغرب قد عرف حركية اجتماعية مطلقة مرتفعة نسبيا، ذلك أن 68 % من الأفراد البالغة أعمارهم 35 سنة فما فوق، ينتمون إلى فئة سوسيومهنية تختلف عن فئة آبائهم مع مقارنتها بما هو مسجل في بلجيكا 74.8 % وبكندا 78.8 %. ويتضح من خلال هذه الدراسة أن الحركية الاجتماعية الإجمالية تهم بالأساس العنصر النسوي والوسط الحضري، حيث تبلغ نسبة الحركية 78.6 % لدى النساء مقابل 63 % لدى الرجال و75.1 % بالنسبة لساكنة المدن مقابل 59.2 % بالنسبة للساكنة القروية. ويتضح من خلال تحليل العوامل التي ساهمت في هذه الحركية الإجمالية أن التحولات السوسيو اقتصادية ذات الطابع البنيوي شكلت العامل الرئيسي للتغيير بالوسط القروي في صفوف النساء، حيث أن الحركية التي تسمى بالحركية البنيوية ساهمت بحوالي 76 % من الحركية المطلقة بالوسط القروي مقابل 52 % بالوسط الحضري وبما يناهز 70 % لدى النساء مقابل 55.7 % لدى الرجال. وبخصوص العوامل المسؤولة عن هذه الحركية الاجتماعية التصاعدية، فهناك أولا المدرسة التي تعتبر محركا للترقي الاجتماعي حيث تبين من تحليل محددات الحركية الاجتماعية التصاعدية أن فردا نشيطا حاصلا على مستوى التعليم الأساسي يتوفر على حظ يفوق 1.6 مرة نظيره « بدون مستوى دراسي» للحصول على وضعية اجتماعية أحسن من وضعية أبيه ، وتنتقل هذه النسبة إلى 4.6 مرة بالنسبة للنشيطين ذوي التعليم الثانوي، وإلى 16.2 مرة بالنسبة للنشيطين ذوي التعليم العالي. وإجمالا، يساهم ارتفاع عدد سنوات الدراسة بسنة واحدة في تحسين حظوظ الترقي الاجتماعي ب 13.7% . وعلى صعيد آخر يتبين من البحث أن نسبة الترقي الاجتماعي، تنتقل على الصعيد الوطني من 26.5 % في صفوف النشيطين الذين لا يتوفرون على أي دبلوم إلى 84.3 % في صفوف خريجي المدارس والمعاهد العليا. وتنتقل هذه النسبة حسب الجنس من 37.1 % إلى 86 % لدى الذكور ومن 8.5 % إلى 78.9 % لدى النساء. كما توضح نتائج البحث أنه بالرغم من الحركية البنيوية القوية التي تعرفها النساء، يبدو أن ضعف ولوجهن إلى حركية اجتماعية تصاعدية (18 %) يتحكم فيها بشكل كبير عامل التمييز المرتبط بالنوع الاجتماعي. وهكذا فإذا أخذنا نفس العمر ونفس وسط الإقامة ونفس المستوى الدراسي ونفس الوضع السوسيو مهني للأب، نجد أن الرجل يتوفر على حظ يفوق 7.1 مرات مما هو عليه لدى النساء للولوج إلى وضعية اجتماعية أعلى من وضعية الأب.