أطفال ومراهقون من الجنسين ذكورا وإناثا، باتوا عرضة للتيه والتشرد بين شوارع الدارالبيضاء، تلك هي الخلاصة التي يمكن استنتاجها من تصريحات آباء وأمهات وأقارب لهذه الفئة من المجتمع، التي تعاني من الاضطراب في النمو في صمت، بعيدا عن اهتمام كل الجهات المختصة سواء تعلق الأمر بوزارة الصحة، وزارة التربية الوطنية، وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وعن المجالس المنتخبة المهتمة بتدبير الشأن العام المحلي. أمهات وآباء قدموا شهادات دامية والدموع تنهمر من أعينهم، وقلوبهم تعتصر ألما، صباح أمس الثلاثاء، بعد أن اتخذت مصالح وزارة التربية الوطنية بنيابة الحي المحمدي عين السبع بالدارالبيضاء قرارا بإخلاء مدرسة طه حسين من الأقسام التعليمية التي لم تكن تحتضن عامة التلاميذ فقط، وإنما بعض الأطفال التوحديين كذلك تفعيلا لقرار الإدماج في الفصول الدراسية، حتى يتمكن هؤلاء الأطفال من الاستفادة من تكوين تربوي وتعليمي إسوة بغيرهم من «الأصحاء»، بحضور المربيات المصاحبات لهم داخل هذه الفصول. قرار كان وقعه قويا لحرمان الأطفال من عنصر أساسي في المقاربة التربوية التي يخضعون لتفاصيلها والمتمثلة في الإدماج، فكان أن تم الاتصال بالمصالح المعنية بهذا القرار، حيث وعدوا بأن يدمج أبناءهم وبناتهم بفصول عادية بمؤسسات أخرى، لكن دهشتهم ستتعاظم مرة أخرى بعد أن قبلت بعض هذه المؤسسات بالأطفال لوحدهم دون المربيات، في حين رفضت أخرى الطفل والمربية على حد سواء، والحال أن دور المربية المرافقة يعد أساسيا في العلاقة بالطفل التوحدي، وهي المعلومة التي ربما يجهلها القائمون على الشأن التربوي والتعليمي ببعض المؤسسات التعليمية! مفاجأة الآباء والأمهات ستتعاظم بعد أن طالبت نيابة التعليم أستاذتين بالمؤسسة التي تشتغلان بها مع التوحديين منذ موسم 2009/2010 بمغادرتها لأنها فارغة صوب مؤسسات أخرى تشتغل، مما ينذر بمستقبل غامض لهاته الفئة التي تتكون من 37 توحديا، 4 مدمجين في الأقسام العادية، و 8 في طور الإدماج بقسم نموذجي. هذا في الوقت الذي قضى فيه أطفال من الجنسين سنوات عدة تحسن خلالها المستوى السلوكي والتربوي لهم، وهو ما أكدته عدة أمهات ومن بينهن جدة «سكينة» التي يبلغ سنها 15 سنة، التي وجهت صرخة لكل المسؤولين وهي تتساءل عن مستقبل حفيدتها بعيدا عن هذه المؤسسة التي تحولت إلى فضاء خاص بها تنتظر الساعات لتعود إليه يوميا، وعلى نفس منوالها عبّرت جدة طفل توحدي آخر، استقدم من فرنسا لفشل المقاربة المتبعة مع التوحديين هناك، والذي التحق بباقي التوحديين المنضوين تحت لواء جمعية إدماج للتوحد بالحي المحمدي، عن هلعها من مصيره في حال استمرت الأقسام بدون تأطير الأستاذات اللواتي غادرنها كفائضات بمدارس أخرى. وضعية دفعتنا للاتصال برئيس الجمعية الذي رفض التعليق على هذا الأمر، بدعوى وجود تدابير إدارية وإجرائية تقوم بها الجمعية مع الجهات المعنية.