انتقدت حسناء أبو زيد، بشدة، الوضع السياسي المتردي الذي يعيشه المغرب، وكذلك التراجعات الخطيرة على عدة مستويات من طرف الحكومة. وخاطبت البرلمانية الاتحادية الحكومة وأغلبيتها في لجنة الداخلية يوم الاثين الماضي متساءلة ماذا سنكتب للمستقبل وللتاريخ وللتشريع وللزمن السياسي. ونحن نناقش مشروع ميزانية قطاع الداخلية. في ظل لا تنصيب برلماني ولا أغلبية حكومية، وفي إطار برنامج حكومة صوت ضده فاعل أساسي اليوم في الاغلبية. ومن ثمة تساءلت باسم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب عن أي أفق سياسي يمكن أن نتحدث عنه، وعن مضمون اللغة التي سنسوقها في إطار الاصلاح السياسي، وكيف نتحدث عن حكومة سياسية في ظل تراجع عن الدستور، واعتبرت ذلك ضربة قاضية للعمل السياسي بشكل عام، بحكم العودة الى المنظومة المتقادمة. وأكدت أننا أمام دستور يتخيل إلينا أنه وصل الى مداه في الاصلاح. وهو الاصلاح الذي جاء بعد 15 سنة عن دستور 1996 الذي قادته احزاب الحركة الوطنية في ايام صعبة، وبتضحيات فهمها الشعب المغربي وآمن بالقوى الحية الديمقراطية، مشيرة الى أن الوثيقة الدستورية تمت في ظل توافق إلا أنها سجلت التراجع الحاصل في هذا الباب. كما ذكرت بالتصريح الحكومي الذي قدمه المجاهد عبد الرحمان اليوسفي يوم لم يكن التصريح منصوصا عليه في الدستور، وكانت، تضيف، خطوة إيجابية استباقية من أجل بناء الاصلاح. إلا أننا وجدنا أنفسنا اليوم مع رئيس حكومة يعاند هذا الامر، ورغم أن ذلك لن يكلفه أكثر من هذه التنازلات التي تمت مع الاحزاب في إطار تدبير الحقائب الوزارية. وتساءلت هل المصلحة الوطنية تقتضي منا ان نساهم في مناقشة مشاريع الميزانية، متسائلة عن نوع الرسالة السياسية التي يمكن أن نبعثها في هذا الباب، مؤكدة أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية له قراءة مختلفة لمصلحة الوطن، إذ أن قراءتنا تكمن في الاصلاح عكس الحكومة التي تراها في الارقام. والاصلاح السياسي الحقيقي الذي يستدمج الإشكال المرتبط باي دولة نريد وأي اصلاح نريد. مؤكدة أن الميزانية المقدمة هي ميزانية إدارية. كما أوضحت أن الاغلبية الحكومية وعلى رأسها الحزب الاغلبي ستتحمل المسؤولية في تعطيل البلاد لأشهر عديدة. مما جعل المغاربة يقتنعون أنهم ليسوا في حاجة الى فاعل سياسي. ووصفت الحكومة بأنها أضعف من الاصلاح ومن الفعل السياسي نفسه. ورأت أن مرجعيات مشاريع ميزانيات الوزارات هي البرنامج الحكومي لسنة 2012 الذي صوت عليه التجمع الوطني للاحرار. وفي هذا الباب وجهت خطابها للحكومة وللأغلبية «الله يخليكم عطونا لغة نسوقها، لأننا لم نعد نملك من اللغة ما يحمينا من نظرات كثيرة من تخوين وتسميم الأجواء وضرب الفعل السياسي، وتساءلت هل المقولة المرتبطة بالتغيير في إطار الاستقرار، مازالت صالحة. وبخصوص وزارة الداخلية، أكدت حسناء أبو زيد أن هذه الوزارة هي الفاعل الوحيد والاوحد بالنسبة للقضية الوطنية، مطالبة بإشراك رئاسة الحكومة ومؤكدة أن ذلك مطلب أساسي لإصلاح الدولة. وفي إطار الملكية البرلمانية، دعت البرلمان الى لعب أدوار حقيقية، مضيفة أن الداخلية هي الفاعل الوحيد بحكم ما يخول لها من اختصاصات وتاريخ النزاع، والعلاقات الوطيدة مع الهيئات المنتخبة. مما جعل هذا التواجد، كما تقول، غريبا في علاقة مع المجتمع المدني وجعل هذه المنظومة التركيبية على مستوى المناطق الجنوبية شاذة ولن تنتج إلا المشاكل. داعية الى التفكير في كلفة هذا التدبير. وكشفت أبو زيد أن القضية اليوم ابتعدت عن الحلبة الدبلوماسية وعن التوازنات الجيو استراتيجية السياسية الدولية، حيث لا يمكن أن نتحكم فيها، وانتقلت اليوم الى الحلبة الداخلية، مشيرة الى التقارير الوطنية للمجلس الوطني لحقوق الانسان عبر الجهات، وكذلك الزيارات المفتوحة وهي كلها آليات تعبر عن إرادتنا في الانخراط في المنظومة الدولية والقانون الدولي، لكن في ذات الوقت هناك ملاحظات موجهة الى وزارة الداخلية، مرتبطة بعدم تنفيذ احكام قضائية والمنع من إعطاء وصل الايداع لبعض الجمعيات منها جمعية ضحايا حقوق الانسان. ورأت أن منح الترخيص هو ربح للمغرب وليس العكس كما دعت البرلمان الى القيام بمهامه في هذا الباب. وحذرت من السكوت عن الانزلاقات التي يمكن ان تتطور ،داعية الى عدم التضييق على الحريات، وأي صورة من صور تفييء القناعات على مستوى المنظومة الحقوقية لا يخدم القضية الوطنية. ورغم أن هذه الحريات التزمنا بها دستوريا وقانونيا وحتى في البرنامج الحكومي.