يتضمن الكتاب الأبيض للسينما المغربية، الذي تم تقديمه مساء الخميس بالرباط، 128 توصية تتوزع على ستة محاور تغطي مختلف حلقات صناعة الفن السابع بالمملكة، وتتوخى تثمين المكتسبات المتحققة على مستوى وتيرة الإنتاج والارتقاء بجودة المنتوج السينمائي وإشعاعه الدولي. ويتوزع الكتاب الأبيض للسينما المغربية، الذي انبثق عن المناظرة الوطنية للسينما في أكتوبر 2012، على محاور تشمل "الإنتاج السينمائي المغربي"، "التوزيع والاستغلال : أزمة هيكلية في حاجة إلى حلول"، "مهن السينما : الموارد البشرية والتكوين"، "حماية حقوق الملكية الفكرية في المجال السينمائي الوطني"، "نحو إشعاع فعال للسينما الوطنية"، ثم "المداخل المؤسساتية والقانونية الأساسية للإصلاح". وفي مجال دعم الإنتاج، دعا الكتاب الأبيض إلى القيام بتدقيق قبلي في شروط تربط الحصول على الدعم بضمان حد أدنى من المردودية التجارية أو الفنية، أو هما معا، وتطوير الترسانة القانونية بما يضبط العلاقات التعاقدية بين جميع المتدخلين ويضمن الالتجاء الى الكفاءة المهنية، واعادة إدراج المنحة على الجودة للأفلام المغربية في دفتر التحملات الجديد. كما توصي الوثيقة بسن سياسة تشجيعية تجاه الفيلم الناطق بالأمازيغية والحسانية وتعزيز مكانة كتابة السيناريو والرفع من مساهمة القنوات التلفزيونية العمومية وسوق الاشهار في دعم الانتاج السينمائي الوطني. وعلى صعيد التوزيع والاستغلال، شملت التوصيات دعم اعادة تأهيل القاعات ورقمنتها وتشجيع احداث المركبات السينمائية المتعددة الشاشات وحث الجماعات الترابية على المساهمة في انشاء القاعات السينمائية واعتماد سياسة تواصلية جديدة في ترويج وتوزيع الافلام المغربية، خاصة في الخارج. وانكبت اللجنة العلمية التي أعدت الكتاب الأبيض، برئاسة الباحث عبد الله ساعف، على إشكالية مهن السينما والموارد البشرية والتكوين، حيث أوصت بتشجيع التخصص لاسيما بين مهنتي الاخراج والانتاج، والاستثمار في التكوين في مجال كتابة السيناريو وتوفير فرص لقاءات المخرجين والكتاب وضبط وتعريف وتقنين مهنة المنتج السينمائي. وبخصوص الممثل، شددت الوثيقة على اعتماد قانون الفنان كمرجعية لتأطير مجال اشتغال الممثلين، لاسيما اعتماد بطاقة الفنان كضامن لاولوية التشغيل بالنسبة لهذه الفئة، واشتراط ابرام عقود قبلية مع الممثلين قبل وضع ملفات الانتاج لدى لجنة الدعم السينمائي، وتحسين ظروف اشتغالهم وحماية حقوق الممثلين المشتغلين في الانتاجات الأجنبية. وفي مجال التكوين، طالب الكتاب الأبيض بتقنين القطاع بما يحترم معايير الجودة والمهنية للخريجين واخضاع تصاريح المدارس الحرة لدفتر تحملات واضح وتوحيد سلطة الوصاية والمتابعة الميدانية ووضع معايير بيداغوجية دقيقة لمنح تراخيص التأسيس والاعتراف بالدبلومات المحصل عليها في مجال التكوين السينمائي والسمعي البصري. واستأثرت حماية حقوق الملكية الفكرية في المجال السينمائي باهتمام واضح لدى لجنة اعداد الكتاب الأبيض، التي أوصت بتبسيط المساطر المتعلقة بتسجيل الانتاجات السينمائية وضرورة وجود عقود مهنية حرفية قانونية نموذجية تراعي حقوق جميع الأطراف وخلق شباك وحيد يتعلق بعملية التسجيل والترخيص واعادة النظر في كيفية استغلال التلفزة المغربية للمنتوج السينمائي والابداعي، واعادة النظر في العقود وفق مبدإ الحق في التعويض بالنسبة لاعادة البث. كما أوصى الكتاب في هذا المجال بالتحسيس بأهمية محاربة القرصنة وانجاز دراسات في هذا المجال وخلق مقاربة اجتماعية بديلة لممارسي القرصنة. وتعزيزا لاشعاع السينما الوطنية، أوصى الكتاب الأبيض بانخراط جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية في استراتيجية شاملة ومتكاملة للرفع من مستوى المهرجانات السينمائية تدبيرا وتمويلا وتقنيا وفنيا، واسهام السلطات المحلية في تمويل المهرجانات والعمل على تنظيم سوق الفيلم المغربي في المهرجانات الكبرى التي تنظم داخل وخارج المغرب. وأبرزت الوثيقة أهمية العمل على احياء الدور التثقيفي والاشعاعي للأندية السينمائية وتشجيع الصحافة المتخصصة وتنظيم مهنة الناقد وايلاء اهتمام أكبر للخزانة السينمائية الوطنية وحث القنوات العمومية على انتاج وبث برامج للتعريف والترويج للسينما الوطنية ولمبدعيها عن طريق برامج متميزة شكلا ومضمونا وتقوية مكانة السينما الناطقة بالأمازيغية والحسانية اعلاميا واعتماد أساليب حديثة في الترويج للعمل السينمائي. وتطرق الكتاب الابيض إلى رهان تعزيز الدبلوماسية السينمائية من خلال ضمان حضور متواصل للفيلم المغربي في المراكز الثقافية المغربية في العواصم العربية والأوروبية وتكثيف التواجد في المهرجانات الدولية الكبرى. وخلص، في ما يتعلق بالشق المؤسساتي والقانوني، الى التوصية بتعديل القانون المتعلق بتنظيم الصناعة السينمائية وتحيين النصوص المؤطرة للمكتب المغربي لحقوق المؤلف واعداد قانون الفنان وتطوير المنظومة القانونية للمركز السينمائي المغربي. ويتطلع المهنيون الى أجرأة فعلية لهذه التوصيات التي شارك في صياغتها مختلف المتدخلين في الصناعة السينمائية، في أفق نقل الفن السابع بالمملكة الى مرحلة جديدة تتجاوز مكسب الوتيرة الانتاجية الرائدة افريقيا وعربيا، الى توطيد دعائم صناعة سينمائية يتضافر فيها الانتاج الكمي مع مقومات الجودة والبعد التثقيفي فضلا عن الاشعاع الاقليمي والدولي لصورة مغرب سينمائي مبدع ومتجدد.