انعقدت أول أمس الخميس دورة أكتوبر بمجلس مدينة الدارالبيضاء. وتعد هي أول دورة تنعقد بعد الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، والذي خص فيه ملك البلاد حيزا وافرا للدار البيضاء وضعف الحكامة فيها، والاختلالات التي يعرفها تدبير الشؤون بها. ولقد عرفت هذه الدورة حضورا استثنائيا للمنتخبين، إذ بلغ عدد المستشارين الحاضرين 116 من أصل 174، وهو رقم قياسي بالمقارنة مع الدورات السابقة. وبعد العرض الذي ألقاه رئيس مجلس المدينة عن نشاط المكتب المسير، أعطيت الكلمة في البداية، لممثلي الأحزاب السياسية بالمجلس. وفي هذا الإطار تدخل ممثل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كمال الديساوي، الذي ذكر في البداية أن بعد الولاية الأولى لهذا المجلس سنة 2009، نظمت أحزاب اليسار محاكمة رمزية لتدبير شؤون الدارالبيضاء، حيث تغيب رئيس مجلس مدينة البيضاء السيد محمد ساجد وناب عنه نائبه وقتها مصطفى الحيا. ووقفت هذه المحاكمة الرمزية على جملة من الاختلالات وسوء التدبير وأدانت تسيير مدينة الدارالبيضاء ومسيريها خلال الفترة ما بين 2003 و2009، وأضاف الديساوي في مداخلته، أنه لا يود في هذه الكلمة التشفي في مدبري الشأن المحلي بالدارالبيضاء لأنه اليوم بعد الخطاب الملكي، أصبح هناك إجماع واعتراف حتى من طرف رئيس المجلس ومكونات الأغلبية، وأن الاتحاديين، الذين تربوا في المدرسة الوطنية يهمهم أساسا مصلحة البيضاء ومصلحة الوطن، لأن القراءة الحقيقية للخطاب الملكي بالبرلمان - يقول الديساوي.. إنما هي جعل الدارالبيضاء قضية وطنية باعتبارها قاطرة الاقتصاء الوطني، وأن الاختلالات بها تمس تنمية ومصالح الاقتصاد الوطني، وبالتالي تمس التماسك الاجتماعي واستقرار وتنمية البلاد، وأن مستشاري الاتحاد، يمدون أيديهم لكل شرفاء مجلس مدينة الدارالبيضاء والفعاليات الأخرى، قصد وقف النزيف والفساد، واتخاذ الإجراءات الاستعجالية الضرورية دون، أن ننسى أن الدارالبيضاء محتاجة لبرامج استراتيجية لتنميتها، كي تأخذ خطا تصاعديا بعد الاخفاقات التي عرفها التدبير في السابق، وأن الاتحاد الذي شنت عليه حروب بوسائل قذرة، خلال الانتخابات الأخيرة من طرف اللوبيات المتعددة، التي تريد إخفات صوت الاتحاد بالمدينة، لأنه يزعج هذه اللوبيات، هو مستعد، بعد أن أدى ضريبة النضال، أن يعمل جاهدا لصالح ساكنة البيضاء ومن خلالها مصلحة البلاد. كما أكد أنه كان يطمح أن يكون من تجليات هذه الدورة، تسجيل نقط من صميم اهتمامات الساكنة والتي وردت في الخطاب الملكي، حاضرة بقوة في جدول الأعمال، إذ كان من المفروض - يقول الديساوي - أن تكون الخدمات البلدية من إنارة عمومية وتطهير سائل ونظافة ونقل.. هي النقط الأساسية في جدول الأعمال، كي نبلور إجماعنا حول الخطاب الملكي، لا أن يكون الخطاب في واد وجدول الأعمال في واد آخر. كما سجل الديساوي أن الميزانية المقترحة هي ميزانية، أعدت كسابقاتها، ولم تتغير الأولويات ترجمةَ للخطاب الملكي، و تمنى أن تكون هناك تعديلات، تصحح هذه الوضعية الشاذة. بعد التدخلات بخصوص مناقشة عرض رئيس مجلس المدينة، عادت «ريما إلى عادتها القديمة» فصوتت الأغلبية في ظرف بضع دقائق على باقي نقط جدول الأعمال، ومن ضمنها الميزانية بدون تعديل، كالنقط التي تهم بعض ممتلكات المدينة، والتي ألغيت عقودها، ولائحتها أعدت بصفة انتقائية ولم تشمل جميع الممتلكات المعروفة والمسكوت عنها، حيث سجل أنه إلى يومنا هذا ومنذ 2003، لا يوجد جزء حقيقي وشامل لممتلكات مدينة البيضاء. دورة وقع فيها إجماع خطابي، يجمع من خلاله جميع الفاعلين بمن فيهم الرئيس، على وجود اختلالات، لكن الفعل السياسي بقي على حاله، واستخدمت الآلة المعروفة لتمرير نقط جدول الأعمال في بضع دقائق. كما تدخل عدد من المستشارين من مختلف الفرق، مطالبين محمد ساجد بوضع دفتر تحملات قطاع النظافة أمام ممثلي المدينة طبقاً للقانون، وإدخال تعديلات عليه تجعله لا يقصي أية شركة ويضمن الشفافية والنزاهة أمام المتبارين. وشكك عدد من المستشارين في كون المشروع الجديد يحمي مصالح شركات أجنبية وَوُضِعَ على مقاسها من أجل أن تفوز شركة معينة بصفقات النظافة، وهو ما جعل محمد ساجد، الذي اعترف ضمنياً في كلمته بضعف هذا القطاع، وضعف الرقابة، يعد بمراجعة بنود دفتر التحملات الجديد. وصادق المجلس بأغلبية 67 عضوا ومعارضة اثنين على عدد من نقط جدول الأعمال، وبينها الحساب الاداري سنة 2014 ، وكذا فسخ عدد من العقود التي أبرمتها الدارالبيضاء مع عدد من الشركاء، وضمنها عقدة مقهى «السقالة» التي كانت مُكتراة ب 700 درهم للشهر، رغم أن مساحتها 1010 أمتار، وكذك الأمر بالنسبة للمركب السياحي الليدو وزناتة والمركب السياحي للتنس لمولاي رشيد وكذلك فسخ عقدة سوق الجملة القديم وغيرها من القرارات، إلا أن هذه النقطة أثارت جدلا واسعاً، إذ تدخل عبد الحق مبشور ليوضحو بصفته مقرراً للجنة العقود والممتلكات، أن ما يضيع على الدارالبيضاء هو حوالي 50 مليار، نتيجة عدم تفعيل محمد ساجد لنتائج اللجنة التي قُدمت إليه في 25 يوليوز 2012، وأشار تقريرها إلى أن عددا من الموارد تضيع على المدينة بسبب سوء الحكامة وعدم الاهتمام بدراسة الملفات وأملاك المدينة. وأعرب مبشور عن دهشته لغياب الإرادة في حماية المال العام، موضحاً أنه قام بما يملي عليه الضمير، هو وأعضاء اللجنة وهم لا يتحملون أية مسؤولية بعد الآن. من جهتها، أثيرت قضية لوائح الإشهار التي تتناسل بدون ترخيص حسب تدخلات المستشارين، مطالبين المكتب بالشروع فوراً في منع مثل هذه التصرفات، حماية للقانون وصوناً لمالية المدينة. وركزت كل التدخلات بما فيها تدخل العمدة على أهمية قراءة المرحلة الجديدة بناء على توجيهات الخطاب الملكي الأخير في افتتاح البرلمان. ووجهت مختلف الفرق اللوم إلى المكتب لعدم استيعابه مضامين الخطاب، بل إن أعضاء طالبوا بإعادة قراءة الخطاب وعقد دورات استثنائية لمواجهة مشاكل الدارالبيضاء والخروج من المأزق الذي تعيشه.. ومن النقط التي أثارها المستشار لحسينية وجود إحدى المحاميات ترافع عن مدينة الدارالبيضاء بدون أن تجمعها معها عقدة، وأنها استغلت في أحد مقالاتها الاستعجالية عبارة «تنفيذاً لتعليمات ملكية سامية»، وذلك في مواجهة عدد من ساكنة كاريان سانطرال، مطالباً السلطات بالتحقيق في هذه النازلة واستغلال اسم جلالة الملك في رفع هذه الدعوى، والتي صدر حكم فيها مبني على نفس الحيثية.