قرر محمد ساجد أن يرفع جلسة دورة فبراير لمجلس الجماعة الحضرية للدار البيضاء التي انعقدت أطوارها صباح أول أمس الخميس للمرة الثانية على التوالي في نفس الصبيحة، وذلك حوالي الساعة الثانية عشرة ظهرا و 10 دقائق، بعدما رفعها قبل ذلك في الساعة العاشرة و 50 دقيقة محددا لها توقيتا جديدا في الخامسة مساء. ساجد حاول تبرير الأمر بانعدام ظروف الاجتماع والاشتغال، فيما حمل عدد من المنتخبين المسؤولية لسلطة الوصاية، معلنين عن خوضهم اعتصاما مفتوحا بعد أن وضعوا شارات الاحتجاج الحمراء على أذرعهم وطالب بعضهم بحضور وزير الداخلية للإشراف على تحقيق حول الخروقات والتسيب الذي يتخبط فيه المجلس. وكان عدد من المستشارين قد احتلوا منصة قاعة الاجتماعات بمقر ولاية الدارالبيضاء الكبرى بعد أن تجاوزت عقارب الساعة التاسعة صباحا موعد انطلاق أشغال الدورة، رافعين شعارات تطالب برحيل ساجد، ومشددين على ضرورة قيام المصالح المركزية بافتحاص مالي للمجلس منذ سنة 2003، رافضين ما اعتبروه سوء تسيير تتخبط فيه العاصمة الاقتصادية، كما رفعت لافتة باسم حركة 25 فبراير لمنتخبي المجلس التي ورد فيها «كلنا ضد الفساد بمدينة الدارالبيضاء»، وانبرى آخرون لترديد شعارات تدعو إلى محاربة استغلال النفوذ ونهب المال العام، والمطالبة بمحاكمة المفسدين. في حين غاب محمد ساجد رئيس الجماعة الحضرية الذي لم يظهر إلا في الساعة العاشرة والنصف عكس الدورة السابقة التي رفعها في توقيت قياسي، متذرعا بغياب النصاب القانوني . حضور محمد ساجد رفقة بعض نوابه لم يمكنه من افتتاح الدورة إلا بعد تدخل ممثل سلطة الوصاية الذي حاول تهدئة الأجواء، الأمر الذي مكنه من الشروع في تلاوة نقاط جدول الأعمال في الساعة العاشرة و 37 دقيقة، وهو الأمر الذي لم يستطع إتمامه، إذ بعد تعالي أصوات الاحتجاج والتنديد من جديد، ومحاولة أحد المواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة أخذ الكلمة، عمل رئيس الجماعة الحضرية للدار البيضاء على رفع الجلسة معلنا عن توقيف أشغالها لمدة 10 دقائق. وهي المدة التي لم تقف عند حدود الدقائق العشر، وإنما تجاوزتها لتصل إلى 40 دقيقة، قبل أن يعود مرة أخرى إلى قاعة الاجتماعات ليظل جالسا رفقة نوابه يتأمل في القاعة والمنتخبين الغاضبين، ثم عاد ليعلن من جديد رفعها مرة أخرى. وفي السياق ذاته فقد أفاد عدد من المستشارين أن ساجد قد اتخذ قراره بعدما تبين له أن المقترح الذي تقدم به لبعض الفرق المتمثل في مناقشة كافة نقاط جدول الأعمال الخمس عشرة، وتأجيل نقطة الحساب الإداري إلى غاية دورة أبريل لم يجد صداه، في حين اعتبر آخرون أنه لا يمكن للدورة أن تنعقد في غياب شروطها الممثلة في المادة 83 من الميثاق الجماعي التي تقضي بانعقاد اللجان 10 أيام قبل تاريخ انعقاد الدورة ومناقشة جدول الأعمال والخروج بتوصيات، الأمر الذي انتفى خاصة مع عدم تقديم الوثائق التي تبرر صرف الميزانية من أجل مناقشة الحساب الاداري. ودعا عدد منهم إلى تفعيل دور المجلس الجهوي للحسابات من خلال التقارير التي رفعها إلى المجلس الأعلى قصد القيام بانتدابات قضائية لمحاسبة المفسدين في المدينة المتسببين في الاختلالات التي تعيشها، والتحقيق في مآل 327 مليار سنتيم لم تقدم بشأن صرفها أية وثيقة. من جهته اعتبر الأخ كمال الديساوي عضو المجلس ورئيس مقاطعة سيدي بليوط أن إشكال تدبير المدينة هو إشكال الحكامة الذي انطلقت فصوله منذ سنة 2003 ، حيث « نبهنا للأمر في حينه واليوم يتبين أن هناك شبه إجماع على الأمر، وبأن الطريقة الوحيدة لرد الاعتبار للشأن المحلي هي تفعيل آليات المراقبة ومحاربة كل من ثبت في حقه فساد أو تلاعب بالمال العام وكل من شارك في ذلك»، وأضاف الديساوي أن « البيضاويين يكونون فكرة عن السياسة والانتخابات من خلال منتخب القرب ومن خلال خدمات البلدية المقدمة لهم، ومن خلال التجهيزات التي أنجزها المنتخبون، وبأن العزوف عن الانتخابات ما هو إلا شكل من أشكال غضب الساكنة، وبأن الاحتقان الاجتماعي لا يمكن تجاوزه إلا بتفعيل المساءلة والعقاب وفي غياب ذلك سترتفع حدته وسيزيد التظاهر في الشارع». الأستاذ مصطفى الابراهيمي طالب من جهته بحل المجلس لكافة مكوناته لأنه لا يشرف سكان الدارالبيضاء، مؤكدا على ملفات الفساد التي أصبح الجميع على اطلاع بتفاصيلها وهو « الفساد الذي يندرج في إطار اختيارات فوقية هدفها الاستفادة من خيرات المدينة، وتعمل على توفير الحماية للمفسدين وتشجع المنعشين العقاريين على تدبير الشأن المحلي على كل المستويات»، متسائلا حول إذا ما كان» من وضعوا وابتكروا صيغ تدبير المدينة عن طريق الانتخابات وغيرها، يستشعرون خطورة ما فعلوه على استقرار وأمن الدارالبيضاء، وسلامة البلاد ككل وأمنها من خلال تصوراتهم اللاشعبية التي تهدف إلى تحقيق الغنى الفاحش للطبقات التي يمثلونها».