من جديد وفي وقت حرج جدا إثر الاحتقان الذي تعرفه الدارالبيضاء، يرفع مسيرو مكتب مجلس مدينة الدارالبيضاء شعار الفرار، تاركين وراءهم عشرات المنتخبين في اندهاش ووقفة لشباب جاء لطرح أسئلة التدبير بدون أجوبة. لقد استغرب جميع من حضر دورة فبراير لمجلس مدينة الدارالبيضاء يوم أمس، كيف أن ساجد رئيس مجلس مدينة الدارالبيضاء وبرلماني مدينة تارودانت، حضر في رمشة عين ليعلن، بدون أية لحظة انتظار كما هو معتاد، بأن النصاب لم يكتمل وبالتالي فإن الدورة لن تنعقد !؟ ويعلم المتتبعون بأن هذا السيناريو كان مهيأ قبل أيام، خصوصا وأن اجتماعات اللجن تعثرت في خمس مناسبات دون أن تلتئم على أي قرار، وكذا بعد علم المسيرين بأن وقفة احتجاجية سينظمها بعض شباب الدارالبيضاء أمام مقر الجماعة ، احتجاجا على التدبير الذي تعرفه مدينتهم والذي يغيب في جانبه الأشمل كل ما هو سوسيو اقتصادي وثقافي، واجتماعي، ورياضي. وكما توقع المسؤولون بالفعل، حضر بعض الشباب ورفعوا شعارات ضد ساجد وبعض الأعضاء، منددين باغتناء أفراد منهم بعد دخولهم إلى الجماعة وبنفاق آخرين في المواقف، ومتهمين البعض بنهب الأموال واستنزاف مالية الساكنة، مطالبين بتغيير مثل هذه الوجوه ومنددين بالتهميش وانتشار البطالة في الدارالبيضاء وغياب المرافق والمنتزهات وتأميم بحر الدارالبيضاء من طرف البعض ... وفي هذا الإطار صرح كمال الديساوي أنه «في الوقت الذي يرجى من المنتخبين المحليين النزول إلى الشارع للتخفيف من حدة الاحتقان، خاصة في هذا الظرف الذي تعرفه فيه بلادنا موجة من الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية، أبقى هؤلاء المسيرون على تكتيكاتهم البئيسة التي تتفنن في خلق سيناريوهات الفرار، مهددين بذلك أمن واستقرار المدينة، وأعتقد، يقول الديساوي، أنه حينما لا نناقش مشاكل هذه الساكنة كمشكل الدور الآيلة للسقوط، وخدمات ليدك وأسعارها المرتفعة، ومعضلة الكاريانات، والنقل .. وهي الأمور التي يجب أن تناقش في المؤسسات الدستورية، أعتقد أنه لا يبقى أمام الساكنة سوى التظاهر». و»هنا يجب، يضيف الديساوي، التعجيل بإصلاحات سياسية حقيقية تطرح مدونة انتخاب جديدة تهدف إلى إبعاد الفاسدين والمنهشين، وتبسط الطريق لنخب محلية همها الوطن والساكنة، وفي غياب ذلك ستبقى جميع الإصلاحات عرجاء لأن الحكامة المحلية حلقة ضرورية في المجهود الوطني لمحاربة الفقر والتهميش وحل الإشكالات السوسيو اقتصادية». مصطفى محمد الابراهيمي من جهته قال خلال الندوة التي عقدها الأعضاء عقب فرار ساجد، أن قرار تأجيل الدورة بدعوى عدم اكتمال النصاب بعد نصف ساعة عن موعد انعقادها ،هو هروب مرة أخرى من النقاش الجاد حول ما كان مبرمجا في جدول الأعمال السابق من نقاط، خاصة مسألة «ليدك» وضرورة استدعاء مديرها العام قصد الإجابة عن تساؤلات المستشارين التقنية، أخذا بعين الاعتبار أن النصاب لم يكن خلال دورات سابقة يكتمل إلا بعد مرور ساعات، مضيفا بأن التهرب كان مرده أيضا غياب أجوبة حول عدم التوفر وعدم الإدلاء بالوثائق الحسابية المبررة للحساب الإداري المطروح للنقاش. وفي السياق ذاته شدد مصطفى محمد الابراهيمي على ضرورة وضوح مواقف بعض المستشارين الذين منهم من يوجهون انتقادات لاذعة لسوء تسيير المدينة خلال اجتماعات اللجان وقبل عملية التصويت، ثم تنقلب احتجاجاتهم وانتقاداتهم خلال وقت الحسم إلى دعم ومباركة من خلال التصويت مع ساجد، في حين تبقى المعارضة وفية لمواقفها تتفرج على هذا السلوك غير العادي، علما بأن السياسة هي سلوك حضاري وجدية واختيارات ، حيث لا يجوز منطقيا لمنتخب أن يكون في آن واحد في موقف المعارضة وفي موقف الأغلبية، وأن يكون ضد التوجهات والتدبير الفاسد لساجد، يضيف الابراهيمي، ويسانده ويصوت لفائدته في آن واحد، إذ أنه سلوك يشوه سمعة المنتخب المحلي لدى الرأي العام البيضاوي، ويبرز عدم جديته وصدق مواقفه. ودعا الإبراهيمي إلى التصويت ضد الحساب الإداري من أجل رفع المعاناة عن الدارالبيضاء وساكنتها، الناتجة عن سوء التسيير، وذلك حتى تتمكن سلطات الوصاية من التدخل، أما أن يتم الاستمرار في الاحتجاج تارة والتصويت في آخر المطاف فذاك عبث غير معقول ويبرز سلوكات لاحاجة لوصفها. من جهته قال مصطفى رهين خلال هذه الندوة بأن ما فعله الرئيس يعد خرقا للقانون، إذ أن من الواجب عليه ألا يرفع الجلسة إلا بعد أن يطرح ملتمسا برفعها للتصويت، وهو ما نعتبره، يقول رهين، جبنا سياسيا وبأننا أمام رئيس يفر من المسؤولية. فبدل أن يلتقي بالشباب المحتج وأن يجيب عن أسئلته خصوصا في هذه الظروف التي تعرفها بلادنا، اختار الفرار وهو ما يدل على أنه يفتقد لأجوبة حول الأسئلة المطروحة سواء من طرف المنتخبين أو الشباب المحتجين، وهي الأسئلة التي تهم الإفلاس الذي بلغته الدارالبيضاء، والأخرى التي تهم ملفات الفساد التي هو متورط فيها مع بعض أعوانه، حسب تعبير رهين، قبل أن يضيف بأنه ومجموعة من الأعضاء يتعرضون للتهديدات من طرف المنتخبين النافذين داخل المدينة، كالقول بأنهم يخلقون البلبلة والفتنة داخل المدينة، معتبرا أن من يخلق الاحتقان هم ناهبو ميزانية الدارالبيضاء، وناهبو أراضي الدارالبيضاء، وبائعو مناصب الشغل، عوض توظيف المعطلين المحتجين، وهم مستغلو أملاك الجماعة من شاليهات وفيلات ومرافق ومقاه ، قبل أن يوجه كلامه للسلطة بالقول أنه كمنتخب بمعية زملائه يطرحون ملفات الفساد في كل دورة، ويوجهون اتهامات رسمية إلى مسؤولين بعينهم، ولا يتم فتح أي تحقيق، في المقابل يتلقون التهديدات من طرف جهات غير معلومة. محمد فهيم بدوره اعتبر بأن التسيير في الدارالبيضاء هو شريط لمسلسل من الخروقات آخرها الدورة الاستثنائية التي لم تكتمل حيث رفعها الرئيس بدون أي سند قانوني، وحمل مسؤولية عدم اكتمال النصاب إلى الأحزاب الممثلة في التسيير وليس إلى السلطة أو ساجد على اعتبار أنها هي من أمرت أعضاءها بعدم الحضور، وقال بان هناك من الأعضاء من يساوم بحضوره إلى الدورة خصوصا مع المشاكل التي تعرفها الدارالبيضاء، قبل أن يختتم بأنه وبعض المنتخبين هم بصدد إعداد ملف لمجموعة من الاختلالات سيعرضونها على وسائل الإعلام. وارتباطا بموضوع الاستهتار الذي يعرفه مجلس مدينة الدارالبيضاء، علمنا أن ساجد رخص لشركة الصابو بإضافة عدادات جديدة بمنطقة ابن جدية في مجموعة من الأزقة ليبعث بحراس السيارات هناك إلى «الشوماج»، وقد وقعت اشتباكات يوم الدورة بين الحراس وعدد من المواطنين وأصحاب هذه العدادات، حيث منعوهم من وضعها، بمساندة رئيس مقاطعة سيدي بليوط الذي احتج على قرار ساجد. الى ذلك علمنا أن مجموعة من المستشارين ظلوا معتصمين داخل القاعة.