قال علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل :»أن مؤشراتنا الاقتصادية والاجتماعية تبرز بجلاء أن الاقتصاد الوطني يسير نحو حافة الهاوية من طرف الحكومة « وتحدث لطفي عن الحكومة الجديدة غير منسجمة يغلب عليها طابع التقنوقراط باطروحاتهم ومقارباتهم,رغم ان لا احد يشك في كفاءتهم , فهي حكومة هاجسها توزيع حقائب بدل التفكير في صياغة وبلورة برنامج بأولويات اجتماعية واقتصادية .... { كيف تقيمون الوضع الاجتماعي وارتباطه بالطبقة العاملة ؟ نعتقد في تقييمنا المتواضع أن مؤشراتنا الاقتصادية والاجتماعية تبرز بجلاء أن الاقتصاد الوطني يسير نحو حافة الهاوية, وقد وصلت هذه المؤشرات إلى مستويات جد سلبية وغير مسبوقة , بسبب سوء الاختيارات الحكومية وتدبدب قراراتها وانصياعها الأعمى إلى المؤسسات الدولية. لم يعد أحد يجادل في أن المغرب يعاني اليوم من أمراض مختلفة في القطاع الاقتصادي والمالي, كما يعاني من أزمة خانقة على المستوى الاجتماعي, وخاصة على المستوى التعليمي الذي يعتبر جهاز المناعة الحقيقي ضد التخلف والبوابة الرئيسية والفعالة والوحيدة لبلوغ مستوى عالي من التطور والتقدم ,كما فعلت عدد من البلدان المتقدمة , لكن العكس هو ما نشاهده اليوم ببلادنا تكريس التخلف والأمية وتدمير المدرسة والجامعة العموميتين . هذه هي النتيجة التي أوصلتنا إليها الحكومة الحالية . فالشلل قد أصاب الاقتصاد الوطني, فلولا سياسة «الدوباج « و»الانعاش المؤقت «التي ينهجها بنك المغرب لتوفير السيولة لكانت الكارثة الكبرى .... نحن لا نزايد إذا قلنا اننا نعيش ازمة متعددة الأبعاد, فمنطلقاتنا تعتمد على الواقع المعيش و على التقارير والمعطيات والحقائق. بالفعل لقد اثبتت كل المؤشرات والتقارير الدولية وحتى تلك الصادرة عن بعض المؤسسات الوطنية,كالمندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب والمركز المغربي للظرفية عن خطورة الوضع الاقتصادي وانعكاسه على الوضع الاجتماعي, حيث أكدت على بلوغ هذه المؤشرات مستويات غير مسبوقة من التراجع خلال السنتين الاخيرتين في مستويات العجز والتضخم والمديونية الداخلية والخارجية ,فضلا عن مؤشر البطالة والفقر والأمية والمرض. إننا امام حكومة عاجزة و غير قادرة على مواجهة الاستحقاقات المقبلة والتحديات المطروحة على بلادنا,وخصوصاً معالجة الملف الاقتصادي و الاجتماعي وملفات الطبقة العاملة عبر الحوار والتفاوض مع الأطراف الاجتماعية والاقتصادية من ارباب عمل ونقابات . الخطير في الأمر أننا امام حكومة جديدة من الصعوبة بمكان ان تكون منسجمة كما كان الحال لدى سابقتها ,يغلب عليها طابع التقنوقراط باطروحاتهم ومقارباتهم,رغم ان لا احد يشك في كفاءتهم , فهي حكومة هاجسها توزيع حقائب بدل التفكير في صياغة وبلورة برنامج بأولويات اجتماعية واقتصادية الى درجة ان رئيس الحكومة استبق الأحداث بتوجيهه لرسالة تأطيرية لميزانية لم يتم الاتفاق حولها من طرف مكوناتها الجديدة . حكومة بدون برنامج ولا استراتيجية واضحة تجعلها قادرة على إنقاذ الاقتصاد المغربي من الهلاك وانقاذ الوطن من المخاطر المحدقة به. {ماهي الاستعدادات التي تتخذها نقابتكم للدخول الاجتماعي ؟ مما لاشك فيه أن الوضعية الحالية تفرض علينا مواصلة النضال والمقاومة الاجتماعية ضد التفقير وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة وبوادر الإجهاز على مكتسبات الشغيلة المغربية في التقاعد على الأبواب, وسنكون أول المبادرين الى الاحتجاج والقيام بإضرابات اجتماعية اذا مست هذه الحقوق . وفي هذا الإطار,لقد سطر المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل برنامجا أوليا يمتد إلى نهاية السنة الحالية, ينطلق بعقد تجمعات عامة على مستوى الجهات والأقاليم بعد فترة العيد ,وصولا الى انعقاد الدورة الثالثة للمجلس الوطني للمنظمة في شهر نونبر للمصادقة على البرنامج النضالي والإشعاعي والتنظيمي لسنة 2014. كما تقرر القيام باحتجاجات وإضرابات على مستوى عدد من القطاعات وتنظيم مسيرة وطنية احتجاجية ضد السياسية التفقيرية للحكومة وإجهازها عن مكتسبات الطبقة العاملة سيحدد تاريخها المجلس الوطني .كما سنواصل دعمنا لكل للحركات الاجتماعية المناضلة من تنسيقيات الأطر العليا المعطلة والتنسيقيات الميدانية للمجازين المعطلين والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة, علاوة على مواصلة الدعم اللامشروط لعمال وعاملات الإنعاش الوطني والمهاجرين بالمغرب وكل الحركات الاجتماعية المهمشة . { ماذا تتوقعون من الحكومة برسم الميزانية الجديدة ؟ إن الوضع الراهن من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية في تراجع كما سلفنا, وبلغة الأرقام فمشروع ميزانية سنة 2014 ستكون أسوأ من سابقتها وسيظل الرهان على التساقطات المطرية والموسم الفلاحي , سيتم الضغط مجددا على القدرة الشرائية للفقراء والطبقة العاملة والتجار الصغار والحرفيين الذين باتوا غير قادرين على دفع مستحقاتهم الضريبية بفعل العجز والركود الاقتصادي والمنافسة غير الشريفة . فما بالك عن تغطية نفقات العلاج والاستشفاء لهذه الفئة التي لا تتوفر على أية تغطية صحية بجانب ملايين المواطنين الذين يشتغلون ويمارسون الاقتصاد غير المهيكل. فما يقارب 30 في المائة من المغاربة عاجزون عن تغطية لقمة العيش وعدهم رئيس الحكومة بدعم مالي مباشر منذ توليه وحزبه المسؤولية الأولى في تدبير الشأن العام , ووعدهم بتوجيه حوالات شهرية الى حساباتهم البنكية ووعدهم بمجانية العلاج والدواء عبر نظام المساعدة الطبية لذوي الدخل المحدود وتحويل الأموال الى صندوق التماسك الاجتماعي بعد خصمها من أجور الطبقات الوسطى, ولا شيء من هذا تحقق ووعد العمال المغاربة في المهجر الذين يعانون من تداعيات الأزمة بنفس المساعدة اي الراميد ولا شيء من هذا كان .ووعد بتشغيل العاطلين وساهم في استدامة بطالتهم ووعد باحترام الدستور وكان أول من خرق الدستور في مجالات متعددة بدءا بالاقتطاع من أجور المضربين إلى رفض تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة لصالح المعطلين وهلم جرا.. { بعث رئيس الحكومة بمذكرة تدعو إلى تجميد كل الترقيات في القانون المالي 2014 ,ما هو موقفكم ؟ بالفعل الرسالة التوجيهية أو التأطيرية لرئيس الحكومة الموجهة لكل القطاعات الوزارية قبل حلول النسخة الثانية كانت بمثابة قنبلة موقوتة موجهة للطبقة العاملة والمعطلين خاصة انها ستمس ترقية الموظفين وستقلص بشكل كبير من مناصب الشغل. ونحن اليوم أمام ظاهرة الأطباء العاطلين وهي سابقة في تاريخ الحكومات , فرغم الخصاص المهول في التعليم والصحة والعدل والمالية والضرائب والتشغيل وصعوبة تحقيق الجودة دون موارد بشرية كافية, فإن الرسالة التوجهية لرئيس الحكومة يحكمها هاجس التوازنات الماكرو اقتصادية ومالية ولا يهمه ان تتوفر مدينة طاطا على طبيب او ممرضة قابلة او مدينة كلميمة على أستاذ الرياضيات في قسم الباكالوريا او استاذ المعلوميات في جامعة محمد الخامس بالرباط على سبيل المثال. انها توجهات عامة لإعداد ميزانية تقشفية بامتياز تذكرنا بسنوات التقويم الهيكلي التي اوصلت المغرب الى السكتة القلبية .تبرز بجلاء ان المالية العمومية والاقتصاد المغربي يقترب شيئاً فشيئاً من الموت السريري لذا اختارت الحكومة الحلقة الضعيفة الفقراء والطبقة العاملة, من خلال التخلص التدريجي من صندوق المقاصة الداعم لقدرتهم الشرائية, وثانيا الاستمرار في الضغط الضريبي على أجور الطبقة العاملة والحد من الترقية ومن مناصب الشغل علاوة على تقليص النفقات العمومية الموجهة للفقراء والمعوزين وذوي الاحتياجات الخاصة { ماهي الإجراءات والتدابير التي اتخذتموها بعد الزيادات الأخيرة ؟ قرارات الزيادة في أسعار المحروقات كانت لها تأثيرات مباشرة على عدد من المواد الغذائية والخدمات, وبالتالي وابلا على القدرة الشرائية للمواطنين. واتت دفعة واحدة بعد النفقات والمصاريف الثقيلة لشهر رمضان والعطلة الصيفية والدخول المدرسي واليوم يعاني المغاربة مع مصاريف عيد الأضحى بسبب غلاء الأضحية والمضاربات في اسعار تذاكر النقل والسفر, كل ذلك امام مرأى ومسمع الحكومة ورئيسها , وهي تعرف ان الأغلبية الساحقة من الموظفين والمستخدمين لم تتوصل بأجرتها الشهرية ولا تستفيد من دعم او منحة خاصة بعيد الأضحى على خلاف بعض الأطر والقطاعات الوزارية, كأننا أمام صنفين من أعوان الدولة والعمال .علما كذلك ان نسبة هامة من الموظفين والعمال تلجأ الى مؤسسات القروض التي تستغلها فرصة العيد لنهبهم وإثقالهم بالديون. إن هذه الزيادات تهدد معيشة المغاربة ونعتقد انها مقدمة لسلسلة من القرارات والإجراءات الأخرى اللاشعبية التي ستتخذها الحكومة مستقبلا . ستهدد المواطنين وخاصة الفئات المستضعفة والطبقة المتوسطة وحقوقهم الانسانية في الشغل او في تلبية حاجتهم إلى الغذاء ( ارباب المخابز يهددون بالزيادة في ثمن الخبز بعد عطلة العيد ) الى الماء والكهرباء والمياه والنقل والتعليم والاستشفاء.... الوضعية الحالية إذا استمرت ولم تعالج القضايا الكبرى الرئيسية وعلى رأسها معضلة البطالة قد تؤدي لا محالة الى انفجار اجتماعي بدت معالمه تظهر بتزايد الاحتجاجات في عدد من المدن والقرى المهمشة كسيدي افني وتتغير والناضور والحسيمة وغيرها من الأقاليم والمداشر, فضلا عن الاحتجاجات اليومية لخريجي الجامعات المعطلين. فالمنظمة تدق ناقوس الخطر اتجاه الوضع الذي نعيشه اليوم وتحمل الحكومة كامل المسؤولية فيما يقع. وقد أصدرنا بلاغات ووجهنا رسائل الى رئيس الحكومة في هذا الشأن نندد فيها بهذه القرارات اللاشعبية, وعبرنا عن انخراطنا الواسع واللامشروط في كل اشكال الاحتجاج الاجتماعي السلمي المسؤول لمواجهة هذه الوضعية, وكانت لنا مشاركة مميزة مع اخوتنا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المهرجان الكبير الناجح ضد الاستبداد الحكومي, كما شارك وساهم مناضلون ومناضلات من المنظمة الديمقراطية للشغل في مسيرة «اليوم الوطني للمعطل «بالرباط يوم 6 نونبر 2013 ونستعد اليوم للقيام بمسيرة عمالية في القريب بعد القيام بالترتيبات الخاصة بذلك. { ماهي الاستعدادات التي باشرتموها كنقابة من أجل توحيد المواقف ضد سياسة هذه الحكومة ؟ معركتنا بجانب الحركات الاجتماعية المناضلة من اجل الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة والمظلومين والمهمشين والعاطلين لم تتوقف وهي من صميم رسالتنا النقابية وفي مقدمة وأولوية خطنا النضالي ومبادئنا النقابية والاجتماعية . واعتقد انه كلما كانت هناك مبادرة جادة لتوحيد صفوفنا وجهودنا من اجل مواجهة سياسة التفقير الحكومية إلا ووجدتنا في مقدمة المنخرطين ودون تردد وقد استجبنا لنداء حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ولنداء المعطلين وسنشارك وندعم غدا في مسيرة عمال وعاملات الانعاش الوطني و مسيرة المتقاعدين ... ونعلن اليوم عبر جريدتكم الموقرة إننا جاهزون لأي عمل تنسيقي وحدوي في ساحة النضال من اجل مواجهة السياسة الحكومية وانتهاكاتها المستمرة لحقوق العمال ومحاولتها لتفكيك النقابات وإجهازها على حقوق الشباب العاطل عن العمل في الشغل والكرامة. { هل من إطار لتجميع جهود الطبقة العاملة حول ملف مطلبي استعجالي ؟ أعتقد أنه آن الأوان لمشاركة كل القوى الفاعلة في المجتمع من أحزاب ديمقراطية ونقابات عمالية اجتماعية و هيئات اقتصادية وحقوقية وشبابية تقدمية ونسائية ، لمواجهة الوضع الحالي . تنظيم تحركات أوسع تضمّ مختلف الشرائح المغربية التقدمية سيكون هو التوجه و الحل الحقيقي لفرض تفعيل الحوار بين كل اطراف الانتاج الوطني بهدف الاتفاق على مشروع مؤسسة للحوار الاجتماعي تعالج فيه حال الركود الاقتصادي من جل الاشكالات الكبرى حسب اولويات متفق حولها وتضم بالأساس مطالب الحركة النقابية من اجور وحماية اجتماعية واستقرار الشغل والشغل اللائق. نحن نسعى اليوم جاهدين لتوحيد مواقفنا اتجاه ما يطبخ في طنجرة الحكومة الحالية لاصلاح نظام التقاعد, وعلى المركزيات النقابية تحمل مسؤولياتها التاريخية , اننا نرفض نظام الرسملة ومعدل العشر سنوات لاحتساب المعاش وإثقال كاهل الموظفين والمستخدمين بمساهمات جديدة .فعلى الحكومة احترام مكتسبات الموظفين والعمال في نظام التوزيع وآخر اجرة .وان تتحمل مسؤولية ازمة صناديق التقاعد وما عانت منه من فساد وتبذير وقلة مناصب الشغل المحدثة سنويا وتعدد الصناديق وتشتت المنخرطين. نعتقد ان الطريقة التقليدية التي يدبر بها الحوار حاليا أصبحت متجاوزة وعقيمة ,دون جدوى او نتائج ايجابية على الطبقة العاملة . بالتالي على النقابات تغيير مقاربتها في التعاطي مع الوضع والحكومة بحيث أصبح من المفروض بلورة دفتر مطلبي متفق عليه بين النقابات يحدد الأولويات والغايات ويضع منهجية للحوار وسقف وأجندة وتشخيص وبدائل ومقترحات معززة بدراسات وأرقام وبداغوجية طرح الملفات المطلبية المشتركة , لقد أصبحت للنقابات دور طلائعي في تأطير العمال والدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي من الواجب على الحكومة احترام النقابات وعدم المساس باستقلاليتها والامتناع عن التفضيل السياسي بين النقابات والانحياز إلى نقابة الحزب الحاكم وعلى الخصوص مأسسة الحوار الاجتماعي من اجل بناء تعاقد اجتماعي. وهذا الأخير ليس سهلا ولا يمكن تحقيقه بالشعارات والتقارير السنوية, فهو بالطبع يمر بالضرورة عبر حوار مؤسساتي والجلوس حول طاولة المفاوضات وإشراك كل الأطراف بمن فيهم ممثلو المتقاعدين و المعطلين والتجار الصغار والمهنيين والاستجابة لمطالبهم العادلة باعتماد حلول واختيارات اقتصادية واجتماعية تعيد للعامل والمتقاعد و للمواطن حياة كريمة وللعاطل حقه في الشغل والكرامة وتحفز الجميع على تمكين بلادنا من تحصين ومناعة قوية ضد الرياح العاصفة التي قد تؤدي الى عدم الاستقرار والتماسك الاجتماعي وتهدد وحدته وكيانه .