من خلال عريضة جماعية، طالب أطباء وممرضو قسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة ، بتوفير الحماية الأمنية للعاملين بالقسم الذي يعتبر نقطة ساخنة داخل شبكة خدمات المستشفى الإقليمي الذي يعج بالاختلالات. أطباء وممرضون يحكون للجريدة مشاهد يومية عنوانها امتهان مهنة الطب والاجتراء على المرفق العمومي وسلوك غير مواطن لفئة من المرتفقين يعتبرون حالتهم الصحية أو حالة أقربائهم مبررا للقفز على جميع القواعد بما فيها واجب الاحترام للأشخاص ، بغض النظر عن مهامهم أو وظائفهم: « لقد تحول الأمر إلى فوضى حقيقية، لم يعد من الممكن تدبير خدمة قسم المستعجلات في أجواء مريحة إن لم نقل آمنة. لقد أصبحنا نتعرض للسب والتهجم المجاني من طرف المواطنين بشكل يومي. يرفضون انتظار دورهم، و يتعاملون مع الممرضين والأطباء بعدائية مفرطة. قبل أيام ، أثناء مداومتي الليلية، خاطبني أحد المواطنين قائلا: «إلى كنت راجل خرج عندي ونوريك»! فهل جئت لأداء واجبي المهني في شروط سليمة أم للتعارك والتعرض للضرب والتهديد بشكل يومي؟وأنا أتساءل في هذا الباب لماذا يتصرف المواطنون باحترام بالغ وينتظرون دورهم بغير قليل من الصبر في عيادات الطب الخاص حيث يدفعون أحيانا تعرفة تصل إلى 300 درهم، في حين يتهجمون على أطباء القطاع العام بهذا الشكل؟» يتساءل طبيب بقسم المستعجلات بالمستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة. مستخدمو الشركة المفوضة لتدبير خدمة الأمن الخاص بدون فعالية، ولا يحظون باحترام المواطنين لاعتبارات متعددة، وبالتالي فالمستشفى برمته بدون أمن ، فما بالك بقسم المستعجلات الذي يستقبل ضحايا الحوادث، السكارى، ضحايا الاعتداءات بالأسلحة البيضاء، ضحايا الشجارات الليلية، ضحايا محاولات الانتحار وغيرها. وكل حالة تأتي برفقة أفراد أسرتها أو الأصدقاء الذي يكون بعضهم خارج السيطرة بسبب تعاطيهم المخدرات والخمور. « نستقبل حالات ضحايا اعتداءات بالسلاح الأبيض، وبعض الحالات يرافقها شباب منحرف وعنيف في الوقت ذاته. يتلفظون بكلام نابٍ ويتصرفون بفظاظة، وإذا طلبنا منهم الهدوء أو انتظار دورهم يتهجمون علينا لفظيا ، بل ويهددوننا بالأسلحة البيضاء. وأذكر في هذا الباب حالة الممرض الذي لم تنقذه إلا ساقاه ساعة هاجمه شابان بالسكاكين. كاد الأمر يتحول إلى كارثة حقيقية في غياب الأمن» يحكي أحد الممرضين العاملين بقسم المستعجلات. كل الحالات واردة وقد هجع الجميع إلى المضاجع وخلت شوارع الصويرة ومرافقها من مرتاديها، يستمر أطباء وممرضو قسم المستعجلات في عملهم في جوف ليل يحمل الكثير من المفاجآت غير السارة. الاعتداءات تبدأ عند بوابة المستشفى، وضحاياها مستخدمو الأمن الخاص الذين باتوا بدورهم هدفا لبعض المنحرفين الذين يصفون حسابات مواقف قديمة. وفي حال تيسر لهم الدخول إلى قسم المستعجلات، تصبح سلامة العاملين والمرضى على كف عفريت: « في إحدى الليالي ، عاينت حادثة اعتداء مؤسفة في قلب قسم المستعجلات. دخل شاب مصاب القسم قرابة الثانية صباحا طلبا للعلاج، فجأة ظهر من العدم شاب في مقتبل العمر عالجه بطعنة على مستوى الوجه قبل أن يطلق ساقيه للريح. كيف دخل؟ كيف خرج؟ وما هي دوافع جريمته؟ تلك أسئلة تتجاوز اختصاصنا، كما أن هذه المشاهد قابلة للتكرار في غياب رجال الأمن. فكل أقسام المستعجلات بمستشفيات المملكة تتوفر على الأقل على شرطي، لماذا يستثنى المستشفى الإقليمي سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة؟» تساءل ممرض بقسم المستعجلات. إلا أن محنة العاملين بقسم المستعجلات لا تتوقف عند هذا الحد، فالأطباء يضطرون أحيانا كثيرة إلى تغطية غياب ممرضات الحراسة عن نوباتهم الليلية ببعض الأقسام ، كقسم طب النساء مثلا. « هذا الأمر يدوم منذ شهور وأصبح لا يطاق لأنه يطرح مشاكل مهنية تتجاوز مهامنا وقدراتنا. كيف يعقل أن يبيت مرضى قسم معين بدون ممرضة الحراسة؟ ولماذا أجد نفسي كطبيب مستعجلات مضطرا إلى تغطية غيابها في حين أن مهامي واضحة». صرح للجريدة طبيب قسم مستعجلات بغير قليل من الغضب. الواضح أن مشكلة الأمن مستفحلة بقسم المستعجلات إلى درجة باتت تهدد حياة العاملين والمواطنين على حد سواء، والواضح كذلك أن بعض المواطنين باتوا يركبون على اختلالات المستشفى الإقليمي لاستباحة حرمة المرفق وكرامة العاملين وفرض قانونهم الخاص، والواضح أيضا أن الإدارة غائبة عن صورة ما يقع منذ شهور. وبالتالي فإن أطرافا كثيرة مدعوة إلى تجميع وسائلها وجهودها لأجل إيجاد حلول لهذه الوضعية المقلقة.