مع إحتدام الأوضاع في الشارع العربي خلال العقود الأخيرة، وبداية البث الفضائي لعدد كبير من المحطات الإخبارية والعامة المتميزة، احتل نجوم الإعلام مكاناً بارزاً في المشهد، وشغلوا حيزاً كبيراً من إهتمام المشاهد. وباتت محطات الأخبار الأكثر متابعة بفعل الحروب والقلاقل، وبات مذيعو الأخبار، أو مقدمو البرامج الحوارية، سياسية كانت أم إجتماعية، نجوماً لا تقل أهميتهم، وشهرتهم، وأجورهم أحياناً، عن نجوم الفن والغناء. كيف دخل هؤلاء مجال الإعلام، ووصلوا إلى الشهرة؟ وماهي اللحظة المهنية الفارقة التي غيّرت حياتهم ووضعتهم أمام الدرجة الأولى من سلم النجومية؟ أسئلة نطرحها ويجيب عليها هذا التحقيق، الذي تنشره إيلاف على جزأين، عدد من نجوم الإعلام، يسردون من خلاله قصص نجاحهم، وتجاربهم الشخصية. الإعلامية اللبنانية جيزيل خوري لم تكن جيزيل خوري تحلم وهي صغيرة بأنها ستكون إعلامية شهيرة، إذ كان طموحها يتجه إتجاهاً علمياً بحتاً، وكانت تأمل بأن تكون مهندسة معمارية. لكنّ مشهداً أثر بها خلال الحرب اللبنانية، غيّر نمط تفكيرها. وتستذكر الإعلامية اللبنانية الحدث قائلة: «كنا في خضم الحرب اللبنانية، وكنت أرافق والدتي التي كانت مسؤولة في منظمة الصليب الأحمر اللبنانية خلال إستقبالها لمهجري منطقتي الدامور والجية، وأثر بي المشهد كثيراً في حينها، فكانت الحرب وآثارها ما دفعني للتفكير بالعمل في مجال الصحافة والإعلام». الخطوة الأولى عن الخطوة الأولى تقول: «في أوائل الثمانينات كانت محطة ال LBC في بداياتها، وأخذوا طلاباً من الجامعة في السنة الأولى أو السنة الثانية، وقاموا بعمل إختبارات لهم «كاستينغ»، وكنت من بين الناجحين في هذه الإختبارات، لكن المحطة تعرضت للإغلاق، ومرت حوالي أربع سنوات، كنت قد تزوجت وأصبحت أماً، وعندها عادت المحطة لتفتح أبوابها في آب عام 1985، فزرت الشيخ بيار الضاهر وقلت له بأنهم سبق وعملوا إختباراً لي ونجحت فيه، وبأنني أرغب بالعمل في المحطة، وبالفعل تم توظيفي كمقدمة برامج ثقافية وإجتماعية في أيلول عام 1985 وإستمريت بالعمل معهم لمدة 16 سنة. ثم كان إنتقالي من ال LBC إلى ال MBC وبدأت بتقديم برنامج «بالعربي». حوار العمر وحول نقطة التحول في حياتها المهنية تقول: «مع بداية البث الفضائي للمحطة كانت إنطلاقة برنامج «حوار العمر» الذي حقق لي شهرة عربية، أما شهرتي المحلية فكانت قد تحققت من خلال برنامج ألعاب ثقافي بعنوان «مميزون». لحظات تلفزيونية لا تنسى وحول أهم لحظة تلفزيونية مرت بها في تاريخها المهني ولا يمكن أن تنساها وشكلت لحظة فارقة بالنسبة لها تقول: هما لحظتان فارقتان الأولى في برنامج «حوار العمر» مع الفنان زياد الرحباني، كانت حلقة مهمة جداً، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة، ومتابعة كبيرة من الجمهور اللبناني والعربي، لا يمكن أن أنساها، وكأن زياد منحني من شهرته وشعبيته في تلك اللحظة». أول دخولها شمعة بطولها أما اللحظة الفارقة الثانية في مسيرتها المهنية فجاءت مع إنتقالها لمحطة MBC في مرحلة تهديد الرئيس بوش بغزو العراق، وتقول عنها جيزيل: في حينها إختارني وزير الخارجية العراقي «طارق عزيز» ليرد من خلالي على خطاب بوش، وكان هذا السبق كما يقول المثل: «أول دخوله شمعة بطوله» متزامناً مع دخولي للمحطة، وهي لحظة لا يمكن أن أنساها وكانت في أيلول من عام 2002 «. وتتذكر ضاحكة: « كان حواراً نقلته كافة وسائل الإعلام حول العالم وترجم الى كل اللغات، كنت ترينني على مختلف الشاشات مرة أتحدث بالألمانية ومرة باليابانية، وغيرها، وكان هذا الحوار « سبق حياتي» في حينها». وترى جيزيل أن حوارها مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك وتصريحاته بشأن الشيعة وأجندتهم في المنطقة، وأن ولاءَهم ليس لدولهم وإنما ولاؤهم لولاية الفقيه، حظي حينها بتغطية إعلامية دولية واسعة ،وكان ذلك في 2006 أو 2007 تقريباً. مسيرة مستمرة وحافلة حاورت جيزيل خوري عبر مسيرتها الإعلامية أغلب الرؤساء العرب، بالإضافة الى الرئيسين شيراك وكارتر، ووزراء خارجية أغلب الدول، بالإضافة الى شخصيات دولية هامة، وشعراء، ومفكرين، ومثقفين عرب، مثل إدوار سعيد، ومحمد حسنين هيكل ، وغيرهما كثر. وتقول إن عملها في مجال الإعلام أكسبها صداقات مع أغلب من حاورتهم، وحول رأيها في مصير بعض القادة في دول الربيع العربي وفيما إذا كانت قد حزنت على مصير أي منهم تقول بانها كانت ومازالت وتعتقد بأن أي صحافي لديه حس إنساني، يفترض أن يتفق معها بالرأي بأن العنف المبالغ به والقتل أمر مستهجن، بالتالي فهي تكره النهايات البشعة، ومع المحاكمات الحضارية العادلة لأي شخصية أخطأت مهما كان المنصب أو المقام. فضيلة السويسي (سكاي نيوز عربية) رغم أنها درست الأدب الإنجليزي إلا أن طموحها كان بإستمرار العمل في مجال الإعلام، وعملت فيه لفترة ببلدها الجزائر لكنها سرعان ما غادرته بحثاً عن فرصة أكبر، واستقر بها المقام في تلفزيون أبو ظبي كصحافية، ثم تدرجت حتى أصبحت قارئة نشرة أخبار، ثم جاءتها بعد ذلك فرصة التقديم التلفزيوني. الإعلامية الجزائرية فضيلة السويسي خمس ساعات تغطية مباشرة يوم سقوط بغداد وتتذكر فضيلة نقطة التحول الفارقة في مسيرتها المهنية قائلة: «كانت قناة أبوظبي من بين القنوات الأولى التي غطت الحرب على العراق في عام 2003، واستعدت للتغطية قبلها بعدة أشهر، وكانت متميزة جداً في نقل مجريات الأحداث، ونقلت عنها أكثر من 120 محطة حول العالم ما كان يجري في بغداد على مدار 20 يوماً». وتذكر أنها في حينها كانت تغطي فترة البث الصباحي، وصودف وصول القوات الأمريكية على مشارف بغداد، وبقيت على الهواء لفترة خمس ساعات كاملة في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ المنطقة وتاريخها المهني. تقول فضيلة: «كنت ملمة بالشأن العراقي بشكل كبير لأنني استعديت جيداً طيلة الأشهر التي سبقت الحرب، وكنت أستمع الى المحللين العسكريين، والخبراء، وأدرس خارطة العراق والمناطق الساخنة، ومسارح الأحداث، وأختزن المعلومات، وبالتالي شكل إدائي في ذلك اليوم لحظة فارقة في مسيرتي المهنية، حيث شعر القائمون على المحطة بأن فضيلة أكثر من مجرد قارئة نشرة عادية، وأنها تستحق فرصة أكبر، وأنها أهل لأن تقدم النشرات في أوقات الذروة «برايم تايم»، ومن يومها أعطيت مساحة أكبر وانتهزت الفرصة الممنوحة لي لإثبات ذاتي أكثر فأكثر». فهي كانت تدرك جيداً بأن الفرصة تأتي مرة واحدة إما أن تستغلها وإما أن تضيع من يدها الى الأبد، فهناك آلاف غيرها صادف وجودهم على الهواء خلال أحداث جلل لكنهم عجزوا عن إثبات ذاتهم، لأنهم لم يكونوا مستعدين جيداً. مثير للجدل استمرت بعدها كقارئة نشرة رئيسية، بالإضافة لعملها كمذيعة رئيسية في برنامج المدار الإخباري التحليلي، ثم في ما بعد وبتكليف من الإدارة إستكملت برنامج بانوراما لمدة سنتين، وإستمر في نجاحه معها، حيث قدمت 100 حلقة تناولت فيها قضايا سياسية آنية. ومن بعدها أتت نقطة التحول الكبرى عندما شاركت في مؤتمر أبو ظبي للإعلام وقدمت جلسة عن تأثير الدراما في العالم العربي سياسياً وثقافياً وإجتماعياً، ولاقت نجاحاً كبيراً، ويومها رأت إدارة قناة أبوظبي أن فضيلة قادرة على إدارة حوار متعدد الإتجاهات، فخرجت من عباءة السياسة لأفق أكثر رحابة، وولد برنامجها الأشهر «مثير للجدل» من حيث لا تدري ودون أن تسعى إليه، وفي وقت لم تكن تتوقعه بتاتاً. استمرت فيه على مدار أربع سنوات قدمت خلالها 160 حلقة تناولت فيها قضايا سياسية، وإجتماعية، وقضايا رأي عام وكانت مصرة أن لا تسقط في فخ الإثارة الرخيصة، ونجح البرنامج وحقق لها حضوراً لافتاً على المشهد الإعلامي وتوقف بقرار منها عندما جاءتها فرصة رأت أنها لا تعوض.. إلى سكاي نيوز عربية بحثاً عن أفق جديد وإيماناً منها بأن التغيير ضروري من حين لآخر قررت الإنتقال الى المحطة الوليدة، والمساهمة في تأسيسها مع فريق عمل محترف وبأسلوب جديد ومختلف في التغطية الإخبارية تسعى للتوازن بعيدة عن الأدلجة المسيطرة على الإعلام العربي، ورغم أن إيقاف برنامج في ذروة نجاحه على محطة كأبو ظبي والإنتقال الى المجهول قد يشكل للبعض مخاطرة، لكنها تعتبر أنها كانت مخاطرة محسوبة، تثق في نتائجها. وفيما إذا كانت قراءة النشرة تكفيها بعد أن كانت محاورة في برنامج له شعبية واسعة تقول، بأن مذيع المحطات الإخبارية في العالم يتمتع بنفوذ ومصداقية عاليين ويرتبط به المشاهد بشكل كبير، لكن هذا لا يعني بأن فكرة تقديمها لبرنامج حواري مستبعدة ولكنها يجب أن تكون محسوبة بدقة، علماً بأنها تقدم ساعة حوارية أسبوعياً في حوار الليلة، وفكرة المحطة تقوم على تقديم 24 ساعة إخبارية، مقسمة على فترات مع مذيعين لكل فترة بعيداً عن البرامج الحوارية النمطية، وهو نموذج سعت قنوات أخرى الى تقليده. وبعد مرور سنة ونصف تقريباً تقول فضيلة بأنها كسبت الرهان، وتعتبر أن سكاي نيوز قدمت منتجاً جديداً يستحق المشاهدة، وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تعتبر أن سكاي نيوز كسبت أرضية كبيرة في مصر، وحازت على ثقة المشاهد المصري وهو أمر ليس سهلاً. نجوى قاسم (العربية الحدث) الصدفة قادت الإعلامية اللبنانية نجوى قاسم إلى العمل في مجال التقديم التلفزيوني، فهي درست هندسة معمارية لكن الظروف غيّرت مسار حياتها وأخذتها حيث لم تكن تتوقع. وتعود بالذاكرة الى أيام الحرب اللبنانية وتقول: كنت نشيطة على الأرض، مارست العمل التطوعي في فرق الدفاع المدني، والمجموعات التي كانت تعنى بالمهجرين، كما كنت ناشطة سياسياً في حينها، وانتسبت إلى حزب يساري، وتعرضت لإزعاجات، وعانيت من مشاكل مع أحزاب أخرى، وتكمل ضاحكة: ومازلت يسارية بقلبي حتى يومنا هذا، لكنني لم أعد حزبية». إصرار الأم الإعلامية اللبنانية نجوى قاسم ورغم بعد تخصصها الجامعي عن مجال الإعلام إلا أن شغفها بالسياسة لم يخمد أبداً خلال سنوات الدراسة، وكان دخولها إلى مجال الإعلام نزولاً عند رغبة والدتها التي كانت تحاول إقناعها منذ أن أنهت دراستها المدرسية بالإنتساب الى كلية الإعلام، لكن نجوى كانت ترفض الفكرة حيث لم يكن هناك سوى تلفزيون لبنان في حينها، بالإضافة الى بضع محطات حزبية وليدة، وكانت ترى أن الفرص ضعيفة، والفكرة سخيفة. إلا أن حجج نجوى لم تقنع والدتها التي كانت مصرة بأنها يجب أن تكون مذيعة، فرضخت لرغبتها وتقدمت للعمل كمذيعة، وتم قبولها بالفعل في تلفزيون الجديد، وعملت فيه لفترة قصيرة كمذيعة ربط فقرات ودون تعيين، كانت متعاونة، ومع إفتتاح تلفزيون المستقبل إنتقلت للعمل فيه كمذيعة أخبار. الرقم واحد وتلفزيون المستقبل وتقول نجوى إن تعيينها في قناة المستقبل كان مرتبطاً بمفارقة غريبة حيث أنها كانت أول من يتم مقابلتها خلال إختبار المذيعين، وكان طلبها يحمل الرقم واحد، كما كانت قارئة لأول نشرة أخبار بثت على تلفزيون المستقبل، وتقول بأنها فوجئت بهذه المعلومة، عندما علمت بها لاحقاً، وربما لو عرفت بها قبل أن تقدم النشرة لكانت شعرت بالرعب. وحول نقطة التحول الفارقة في حياتها المهنية تقول : «عشت حياة مهنية حافلة، لم يكن فيها روتين ، وكان هناك دوماً شيء ما يحدث على هذا الصعيد، ولكني أعتقد بأن تجربتي في العراق كانت محورية في حياتي المهنية، كنت لا أزال في تلفزيون المستقبل الذي بدأت فيه كمذيعة رئيسية، وهو عكس السائد، حيث عادة يبدأ الشخص مراسلاً ثم يتحول إلى مذيع، لكنني عكست الآية، وطالبت الإدارة بأن أترك الأستوديو وأنزل للميدان كمراسلة، وإستغربوا الأمر، وكانت هناك ممانعة في البداية، ولكن مع الإصرار، وبعد جهد جهيد وافقوا، وذهبنا إلى بغداد. من أوائل النساء العربيات في تغطية الحروب تقول نجوى عن تجربتها في العراق: «كنا في قلب الحرب، نعمل وفق تعليمات وزارة الإعلام العراقية، ولم يكن لدينا إتصال بالعالم الخارجي، فالفضائيات ممنوعة في العراق، ولم نكن نشاهد أنفسنا أو نعرف تأثير المادة التي نرسلها على العالم الخارجي خارج حدود بغداد، حيث كنا في عزلة تامة». وعن سبب اختيارها لهذه المهمة كنقلة نوعية في حياتها المهنية تقول: « كنت من بين أوائل النساء العربيات اللواتي غطين حروباً خارج بلدهن لصالح محطة عربية، وكانت معي الزميلة ديانا مقلد في شمال العراق، ونجاة شرف الدين في الكويت بالمنطقة الجنوبية، وكانت محطة المستقبل هي المحطة الوحيدة التي أرسلت مراسلات حربيات في حينها لتغطية الأحداث في العراق، وكان ذلك بإصرار وطلب منا، وبالطبع ككل جديد في العالم العربي كان للأمر وجهان سلبي وإيجابي حيث هاجم البعض فكرة إرسال المحطة نساء لتغطية الحرب، وفي المقابل كان هناك من دعم الفكرة وإستحسنها، وبالتالي لقيت هذه المسألة أصداء واسعة وحققت لي شهرة لم ألمسها إلا بعد خروجي من بغداد ووصولي الى الفندق في عمان وكيفية إستقبال الناس لي». وتضيف: «يمكنني القول جازمة بأنني وزميلاتي مهدنا الطريق لأخريات للعمل كمراسلات حربيات ويمكن أن نلمس هذا في حرب لبنان عام 2006 ، كان هناك عدد هائل من النساء يغطي الحرب على الأرض». تجربة العراق شجعتني للعمل خارج بلدي وحول أثر تجربتها في العراق على مسيرتها المهنية تقول : «كانت الصعوبة تكمن في أنني أغطي حرباً على أرض غير أرضي لا أعرفها، بعكس خبراتنا السابقة خلال حرب لبنان فلم تكن المسألة بنفس الصعوبة لأننا نعرف المناطق ودهاليز البلد، فتعلمت كيف أعمل في الخارج، كما أن هذه التجربة ساعدتني في أن أحسم قراري بالإنتقال للعمل خارج لبنان حيث كنت مترددة قبلها، كنت أشعر أن الأفق في لبنان محدود، وأنني إذا أردت التطور لابد لي من الخروج وهكذا كان». بغداد مرة أخرى إنتقلت نجوى بعدها إلى قناة العربية، وعادت إلى بغداد مرة أخرى أواخر أغسطس 2004 وبقيت لغاية آواخر نوفمبر من نفس السنة، ونجت خلالها من محاولة خطف، وحادث تفجير مكتب العربية في أكتوبر 2004. تقول: «إستغربت في حينها من التغيير الكبير الذي اصاب العراق خلال أشهر قليلة، لم أعلم بمخطط خطفي مقابل فدية إلا بعد خروجي من العراق، وقيل لي حينها بأن ما أفسد هذا المخطط هو تفجير مكتب العربية، وانتقالنا إلى مكان آخر، كان خطف الصحافيين مقابل فدية سائداً في حينها وبعضهم خطف وقتل، وأعتبر نفسي محظوظة بنجاتي من هاتين الحادثتين». سنوات الخطر تنتهي «بنهاية الأسبوع» بالإضافة للعراق، غطت نجوى في الكويت حرباً على الإرهاب، وانتخابات الكويت والبحرين وإيران، بالإضافة لعدد من القمم العربية، قبل أن تعود للعمل في الإستوديو من خلال برنامج «نهاية الأسبوع»، ثم قدمت فترة صباحية يومية، وبدأ الربيع العربي وكانت خبرة جديدة ومختلفة. اللحظات الأصعب على الهواء وحول اللحظة المهنية الأصعب على الهواء والتي لا يمكن أن تنساها تقول: قد يعتقد البعض أن تفجير العربية كان اللحظة الأصعب حيث أنني كنت على الهواء بعد خمس دقائق من التفجير أنقل عبر الهاتف ما حصل، لكنها ليست كذلك، اللحظة الأصعب كانت أنني بقيت ثلاث ساعات على الهواء مباشرة أنقل من الأستوديو حدثاً دمر أعصابي لدرجة أنني كنت أخذ حبوباً مهدئة لأتمكن من الإستمرار، وكان ذلك بعد وفاة زميلتنا أطوار بهجت في العراق، فخلال الدفن تعرضت جنازتها لأكثر من كمين اطلاق نار، وتفجير سيارة أمام المقبرة، وتعرضوا للحصار في المقبرة، وبقاؤهم معنا على الهواء كان ما يحميهم، ويبقيهم على قيد الحياة، لحين وصول قوة من الجيش العراقي أنقذتهم، كنت أخشى انقطاع الخط، وأعيش معهم لحظات الرعب مباشرة، وإذا سكت زميلنا 3 ثوانٍ أشعر بأنني سأموت رعباً». واللحظة التي بكت فيها على الهواء تقول: «وقت وفاة الرئيس الحريري كنت أغطي الجنازة ولحظة رفع النعوش كنت أقف الى جانبهم، حاولت أن أتماسك لكن حالة الحزن الهائلة التي كانت سائدة من حولي تضاعفت في تلك اللحظة وتحشرج صوتي وإختنق، وإحتجت لدقيقة حتى أتماسك، وأكمل التغطية، كانت لحظة غيّرت لبنان إلى الأبد». نموذج جدي للمهنة تقول نجوى : عندما دخلت هذا المجال، كان هدفي دوماً أن أرسخ لنموذج جدي للمهنة ، يقدمها كما أرى أنها يجب أن تقدم». وكانت ترى أنها لابد أن تلم بكل ما يخرج من غرفة الاخبار، بدءاً من كتابة الخبر، والتحقيق، مروراً بالوثائقيات، والتغطية على الارض، وصولاً إلى الخبر العاجل، والمقابلة، إدوات صحفية لابد أن تتقنها كلها بإحتراف وجدية لتكون ال Anchor وهي كلمة تعتقد بأن لا مرادف لها باللغة العربية، عملت وفقاً للمفهوم الغربي ولكن بأسلوب عربي وكانت تجرب بنفسها. فعندما بدأت العمل في هذا المجال لم يكن هناك نموذج عربي تقتدي به، فكانت مضطرة لأن تتبع حدسها وقلبها، ولم تلحق الموضة في المهنة، ولكنها ترى بأنها أسست لنموذج عربي مختلف من خلال حياة مهنية إستمرت 20 عاماً. وترى أن الاخبار مجال متكامل عكس المفهوم السائد في العالم العربي بأن التطور الطبيعي لمذيع الاخبار أن يقدم برنامجاً حوارياً. وحول التماذج الذي تأثرت به في مجال الإعلام تقول بأنها تحب تجربة كلير شازال وكريستيان امانبور مع قليل من التحفظ حول ما تقدمه أحياناً. من بعد العربية إنتقلت نجوى قاسم الى «العربية الحدث» التي تتوقع لها أن تحقق حضوراً مختلفاً على المشهد الإعلامي في الفترة المقبلة.