توصلت الشرطة القضائية بفاس في ساعة مبكرة بإشارة من مجهول، تفيد بالعثور على جثة شاب بزنقة الشارقة تجزئة ابن مزيان شارع الزهور 1رقم المنزل 8 بملابسه الداخلية ويحمل جرحا في صدره جهة القلب وجرحا آخر على مستوى البطن . معلومة حركت المصالح الأمنية التي انتقلت إلى مكان الحادث وباشرت تحرياتها في سعي منها لكشف ملابسات النازلة ومعرفة تفاصيلها، حيث تبين ان الامر يتعلق بالمسمى «أ.ب» الذي قدم من مدينة الناضور الى مدينة فاس رفقة أخته لعرضها على الطبيب، لكن رغبته في قضاء بعض الوقت وبحثه عن الفتيات، قادته لولوج شقة شاب آخر من مدينته «الناضور»يشتغل بفاس، حيث لقي حتفه دون أن يحصل على متعته . التحريات الأولية دون نتيجة لم تسفر التحريات الأولية للضابطة القضائية عن نتيجة باعتبار أن المجني عليه لم يكن يحمل أي وثيقة تثبت هويته ، كما لم يؤكد أحد من سكان المنطقة معرفته، مما يؤكد فرضية وقوع الجريمة في مكان آخر وجر الضحية بعد تجريده من ملابسه وأوراقه إلى هذا المكان و الغاية هي تضليل العدالة ، خصوصا وأن كل ما يثبت هوية القتيل قد تم التخلص منه. غموض القضية وعدم توفر الشرطة على أي دليل مادي للوصول لمدبر هذه الجريمة، جعل البحث يتجه نحو الفرضية الأولى، حيث انطلقت عناصر الشرطة و بعض المساعدين في البحث عن المنطقة التي وقع فيها الحادث و من هنا يمكنهم الوصول الى الجاني الحقيقي الذي أصبح قريبا من يد العدالة. بالمقابل ومن خلال عملية التشريح و التحليلات الأولية والإجراءات المختبرية، تبين بأن القتيل شاب مغربي يبلغ من العمر 24سنة يعمل في تجارة تربية الدجاج و يسكن مدينة الناضور، أعزب لا سوابق عدلية له . أسباب التواجد بفاس سافر (ب. أ) الى مدينة فاس دون أن يعلم بأنه لن يعود لها مرة ثانية و ان القدر و أجله سيكون بمدينة فاس و من طرف أحد أبناء مدينته، يتكلم لغته و لهجته و تربى بمنطقته . بفاس كان لأخت الضحية المريضة موعد مع الطبيب بخصوص إجراء عملية جراحية نظرا لظروفها الصحية و خضوعها طيلة اليوم للتحليلات الطبية و دخولها المصحة من اجل إجراء العملية في صباح اليوم الموالي جعل التعب يجعله يبحث عن مكان آمن للبحث عن المتعة و الراحة . أراد (أ.ب)ضرب عصفورين بحجرة واحدة: إجراء العملية الجراحية لأخته ثم الاستمتاع و تضييع الوقت في إحدى الحانات بالمدينة التي لم يسبق أن تواجد بها . وفي طريقه لتنفيذ مخططه أو برنامجه الترفيهي التقى بفتاة ممن تمتهن الدعارة و بيع الهوى حيث ابتسم له الحظ بسرعة دون عناء في البحث عمن «تواسيه» في ليلته، فرافقته الى إحدى العلب الليلية حيث امضيا الليلة في شرب الخمر و مقارعة الكأس والرقص حتى الساعات الأولى من اليوم الموالي، وبالطبع كان لابد من ختم ذلك الجو الحميمي الساهر بجلسة غرامية لتلبية الشهوة الجنسية . لقاء ابن البلدة بينما (أ.ب) وخليلته يتدبران الأمر في إيجاد مكان لإتمام السهر و تتويج ليلتهما الحمراء التي لم يشبها أي خلل يذكر، صادفا (ح.أ) الذي ينحدر من مدينة الناضور ويعيش لوحده في شقة بحي الزهور بفاس، الذي عندما نظر للفتاة التي زادها الخمر جمالا وجعلها تتكلم بدون تكلف اقترح عليهما كرمه وحسن ضيافته لقضاء ما تبقى من السهر في بيته. دعوة ارتاح لها الخليلان فقد جاءت ضيافة ابن البلدة في الوقت المناسب ووجدت صداها لدى الخليلين، وفي لحظة وجيزة توجه الجميع عبر سيارة أجرة صغيرة الى البيت المذكور، الذي حضّر فيه ابن البلدة كل ما يتوفر عليه من حلال و حرام واستمر السمر والحديث وتبادل النكت والضحك، وعيون ابن البلدة تغازل الفتاة في الوقت الذي يحاول الطرف الآخر الانفراد بها . من مكان للمتعة الى مسرح للجريمة تواجد فتاة و رجلين في مكان واحد مع الخمر يعني انطلاق التنافس و إظهار عضلات كل واحد لكسب «الغنيمة»، مما يجعل بين الفينة و الأخرى ظهور بعض المناوشات في النقاش لتتحول الى جدال خاصة مع الخمر، حيث أكد ابن البلدة أنه يرفض ان تدخل بيته فتاة دون ان ينال نصيبه منها ، و لهذا بدأ يلمح للحضور بأنه صاحب الشقة وبدأ يتبادل نظرات الحب والإعجاب ويلوح بإشارات التفاهم مع الفتاة التي بادلته نفس الإعجاب والرغبة خاصة وأنها تريد قضاء يومها نائمة داخل الشقة وليس في الشارع خوفا من دورية أمن، مع العلم ان ابن البلدة أبان لها عن كرمه الحاتمي ونقوده الكثيرة التي جعلتها تطمع في البقاء معه . بالمقابل لم يكن (أ.ب) ليقبل بأن يصبح مجرد وسيط يقدم لرفيقه خليلته التي صرف عليها ماله طيلة اليوم ولن يتنازل عنها بسهولة مهما وقع، الشيء الذي جعله يدخل في نقاش مع نفسه لإيجاد حل لإبعاد ابن البلدة عن خليلته، الا ان ابن البلدة أصبح هو الأقرب للفريسة التي لم تكن وفية وصادقة مع خليلها الذي هو من التقطها من الشارع وكرمها مما أصابه بخيبة كبيرة . وقع نقاش من جديد لكن هذه المرة بلهجة حادة بين الأطراف، فتحول إلى شنآن وعراك وصراخ، حيث لم يتمالك (أ.ب)نفسه خاصة بعدما تيقن بأنه أصبح يلعب دور الوسيط، مما زاد من عصبيته وقام بتهديد ابن بلدته، في الوقت الذي رفع سلاحا أبيض من المائدة ووجهه الى ابن بلدته الذي كان في حسبانه هذا القرار وتفادى حركة صديقه ثم أخذ مطرقة من الحجم الكبير و نزل بها على رأسه من أجل الدفاع عن نفسه، أسقطت الضحية على الأرض ثم اخذ سلاحه الأبيض و طعنه على مستوى الصدر ثم على مستوى البطن. فرار الفتاة وسقوط الجاني في الفترة التي كان فيها الطرفان يتبادلان الضرب والرفس والمعركة على أشدها، استطاعت الفتاة أن تغادر البيت في هدوء كبير دون أن يعلم أحد بذلك ، ولم تترك داخل الشقة أي دليل أو أثر لوجودها. هذا في الوقت الذي كانت ضربة المطرقة وطعنات السكين كافية لكي يلفظ (ب.أ) أنفاسه، حيث عمد القاتل بعد ذلك الى سلبه محفظة نقوده و أخذ منها مبلغ 600درهم، وجمعها مع الأدوات التي نفذ بها جريمته واخرج الضحية الى خارج البيت وقطع بها ثلاثة أحياء ليضعها بملابسه الداخلية فقط بمدخل إحدى العمارات حتى لا تحوم الشبهات بالحي الذي يسكنه . وإمعانا منه في إبعاد التهمة عنه، عمل (ح.أ)على الذهاب للمحطة الطرقية و إحداث معركة هناك من اجل الحصول على ورقة الركوب في الحافلة المتجهة إلى مدينة الناضور، وهكذا تمكن من الحصول على ورقة الركوب حيث استقل الحافلة المتجهة صوب الناضور لكنه نزل في الطريق وعاد لمدينة فاس ليراقب من بعيد تطورات القضية . من جهتها واصلت مصالح الشرطة التحريات التي استدعت عددا كبيرا من بائعات الهوى والمدمنين على الحانات والمراقص الليلية لمحاولة الوصول للقاتل الحقيقي من خلال إعطاء صورة الضحية، وتمكنت المصالح الأمنية في اليوم الثاني من إيقاف الشخص المشتبه فيه داخل إحدى الحانات حيث حاول بكل ما لديه من قرائن نكران المنسوب له، لكن أثناء التحقيق معه ومن شدة التعب وعدم النوم اعترف بكل المنسوب له، فقامت المصلحة الولائية بإعادة تشخيص الجريمة بكل تفاصيلها وتمت إحالة الملف على النيابة العامة بتهمة الضرب والجرح المؤديين إلى الموت مع السرقة وإخفاء معالم الجريمة.