المعطلون أو الأطر المعطلة هم فئة اجتماعية مثقفة عريضة يحجون الى الرباط كل أسبوع للنضال في حين يكتفي بعضهم بالنضال على مستوى الجهة أو المدينة التي ينتمي إليها من أجل الحق في الشغل. منذ تسعينات القرن الماضي برزت هذه الفئة الاجتماعية وجسدت تواجدها بقوة فعلها النضالي حيث قدمت شهداء ومصابين وجرحى ومعطوبين ورغم كل التحديات التي واجهت وتواجه هذه الفئة الباحثة عن حقها في الشغل إلا أن كانت في مستوى التطلعات إذ نالت حقوقها في أكثر من مناسبة وظلت مكافحة ومستمرة عبر سنوات طوال فكانت تتجدد بتجدد الأعوام والشهادات وكرست وجودها على مستوى الرأي العام ولدى صانعي القرار. بل أكثر من هذا أصبحت حركة المعطلين أكثر مما يتصور بعد واقعة البوعزيزي في تونس والراحل عبد الوهاب زيدون بالمغرب. فلم تعد الحركة تقرأ كما كانت بل أنها أصبحت تجسد الفعل النضالي الكبير الذي يطمح للحرية والكرامة والعيش الكريم. وبعدما كانت الحركة تجسد نضالا متفرقا وموسميا. هاهي اليوم تجسد فعلا نضاليا أكثر قوة من ذي قبل، حيث سعت الى تأسيس عهد جديد من النضال الوحدوي من خلال رسم معالم جديدة أبرزها تأسيس يوم وطني للمعطل فما الهدف والغاية من ذلك. وقبل كل هذا ما الدافع وراء تأسيس هذا اليوم الذي ينضاف الى الأيام الوطنية لكن ليس بإرادة السياسي وإنما سعيا لإجبار السياسي على الاعتراف بحقوق أصبحت مكتسبة في تاريخ المعطل؟ لم تكن فكرة اليوم الوطني للمعطل أمرا سهلا بل تطلبت مخاضا طويلا نتيجة نقاش معمق وكبير داخل أوساط حركة الأطر المعطلة فرغم التعقيدات والصعاب التي تعترض المعطلين من اختلاف الأفكار والتصورات إلا أن ذلك لم يكن مانعا من الالتقاء على تصورات واضحة هي الإيمان المطلق بوحدة الهدف. فحركة المعطلين استطاعت بنضالاتها الميدانية والنقاشات الموازية أن توفر تصورا نظريا ساعدها على بناء توجه جديد أصبح الكل من داخل الحركة يؤمن بأن وحدة نضالات الأطر المعطلة هي الجديرة بانتزاع حق أراد خصوم الحركة الإجهاز عليه تحت مبررات واهية من قبل الطعن في شرعية التوظيف المباشر تارة والتحجج ببدائل بئيسة من قبيل المباريات تارة أخرى. لكن زمن خداع الجماهير قد ولى بعد فورة الحراك الكبير الذي شهدته منطقة الشمال الإفريقي والشرق الأوسط. هكذا كان لزاما على الحركة أن تأخذ طريقا جديدا هو تأسيس لحمة واحدة لمواجهة كل أشكال الالتفاف التي تطال حق الحركة في مطلب التوظيف الذي يعد أهم متطلبات الإنسان في العيش الكريم. ونتيجة للوعي الكبير الذي تولد من داخل المعطلين تشكل موضوع وحدة الأطر العليا وأصبح خيارا وليس اختيارا لأن الوحدة أو تنسيق النضالات على الأقل هو السبيل للوقوف أمام الهجمة الشرسة التي يتعرض لها شباب طموح لم يكن مسعاه سوى الحصول على شغل يجنبه فقرا حوله الى كافر بعقيدة حكومة خبيثة أنتجها الربيع فخانت مطالب الجماهير ولم تعد تتقن سوى فن الإجهاز وقمع الحريات واغتصاب جيوب المواطنين جراء الزيادات الصاروخية للمواد الغذائية والأساسية. إن حركة المعطلين تعبر بيومها الوطني للمعطل الذي اختارت له يوم السادس من أكتوبر عن نضج جديد وطموح يجعل من «الحق ينتزع ولا يعطى « عقيدة نضالية لا تلين ومذهبا يحصن الدفاع عن المكتسبات التي بنتها بل وجعلت السياسي مرغما على تبنيها والاعتراف بها فكيف يمكن أن تتراجع الحركة بعد هذه المجهودات الكبيرة التي تطلبت وقتا طويلا لتجسيد ثقافة حق الحركة. فالتوظيف المباشر اليوم أصبح الإجهاز عليه يساوي إسقاط الحكومة لدى المعطل إذا هي لم تبالي الى الأخذ بزمام المبادرة وجعل الملف ضمن استراتيجيات عملها فكلما سعت الحكومة المغربية نحو الإجهاز على حق حركة المعطلين كلما كان عمرها قصيرا وكلما هددت تماسكها واستمرارها. فحركة المعطلين اليوم جزء من المجتمع المغربي وليست كيانا هلاميا فهي حركة كل الجهات وحركة كل الفقراء والمستضعفين لكنها حركة كل مؤمن بأن النضال هو الفعل الوحيد القادر على تحصين المكتسبات والدفاع عن الحقوق المغتصبة في وطن أسس دستوره لثقافة الحق وأرادت حكومته أن تلتف عليها باسم فهوم خاطئة وتصورات عارية وباطلة فما العيب في إنقاذ حياة إنسان سخر جهده في الاجتهاد والتحصيل متمنيا يوما ما أن يكون خادما لوطن لطالما ينشد التقدم والنهضة اقتضاء بالجيران والأصدقاء. *باحث في الدراسات السياسية والدولية - عضو مجلس التنسيق الميداني للأطر العليا المعطلة.