التمرين قديم قِدم الكتابة التي هي، بالإضافة للدعارة، أقدم مهنة في العالم: تقديم نصائح لمشاريع الكُتاب. أسماء لامعة عديدة مارسته بكل اللغات، من بودلير وريلكه إلى أمبرطو إيكو. ملحق الكتب لموقع «لو نوفيل أوبسرفاتور» أحيى التمرين هذا مؤخرا، فطلب من ستة كتاب تقديم وصفات للكتاب الناشئين الذين لم يحصلوا بعد على تأشيرة الطبع من قبل دور النشر، من بينهم الروائية والمحللة النفسية ماري داريوسِك، التي أصدرت مؤخرا «يجب أن نحب الرجال كثيرا»، والكاتب دومينيك نوغيز الحائز على العديد من الجوائز الأدبية وصاحب «سنة تبتدأ جيدا». «لا تحتسِ كثيرا من النبيذ!»، إلى هذا الحكم خلصت الروائية ماري داريوسِك وهي تقدم نصائحها للكتاب المبتدئين. كتبت داريوسِك، التي راكمت كما لا يستهان به من الروايات والنصوص السردية والدراسات والكتب الفنية والمسرحيات، في شهادتها: «في رواية «المثقفون» لسيمون دي بوفوار، يستشيط الكاتب الأمريكي لويس بروغان، المعروف بنيلسون ألغرين، غضبا أثناء مجريات نقاش أدبي: «لماذا نكتب؟ لمن نكتب؟ إذا شرع المرء في طرح هذه الأسئلة على نفسه، فإنه سيكف عن الكتابة! تكتب، هذا كل ما في الأمر، ويقرأك بعض الناس. نكتب للناس الذين يقرؤوننا. الكُتاب الذين لا يقرأ أحد أعمالهم هم الذين يطرحون على أنفسهم مثل هذه الأسئلة!» «من شأن هذه الأقوال التلقائية أن تزعج. خاصة أنها صدرت في 1950، في مرحلة كان الكتاب يضطلعون في رحمها برسالة. الدعوة إلى الكتابة من أجل الكتابة، حينها، كانت موقفا مثيرا للشك، خدمة مقدمة للرجعية: كان على الكتاب، في تلك الحقبة، اختيار خندقهم أو الصمت. «ومع ذلك، فالكتابة من أجل الكتابة هي النصيحة الوحيدة التي يمكن تقديمها لكاتب شاب. هكذا هو الأمر، وبعده الطوفان! إذا لم يقرأ أحد نصوصك، فتساءل عن السبب. وإذا فاق عدد قرائك حدود المعقول، فتساءل أيضا عن السبب. أما إذا لم تكن الكتابة مرادفا للحياة بالنسبة لك، فدعها جانبا. وإذا تحولت لديك إلى مرض، فحاول عدم الإفراط في احتساء النبيذ. هكذا هي الأمور!». أما الكاتب دومينيك نوغيز، فقد فضل إعمال السخرية في نصائحه، هو الذي سبق له الحصول على الجائزة الكبرى للسخرية السوداء سنة 1999: «- أولا: لا تبدد وقتك في وضع كاتب شاب. ابدأ ككاتب مسن. إذا حالفك الحظ قليلا، فستنتخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية. أما إذا كنت جد محظوظ، فستستدعى للتلفزيون قصد الحديث عن المطر والجو الصحو بمعية السيد فيليب تيسون والسيدة ماري-فرانس غارو. «- ثانيا: لا تحلم كثيرا حتى وأنت مسن، إذ ستتم استضافتك في التلفزيون أقل من لاعب سابق لكرة القدم أو مقدمة برامج تلفزيونية خلال سنوات 1970. وبالمقابل، وفي حالة إحسانك التصرف، فستعين ضمن لجنة تحكيم إحدى مسابقات الجمال أو ضمن محكمة تحكيمية. «- ثالثا: بالإضافة لما سلف، عليك أن تأخذ بعين الاعتبار النصائح العملية التالية. فيما يخص الجنس الأدبي، تجنب النصوص السير-ذاتية، ذلك أنه يمكن لبعض الأشخاص متابعتك قضائيا بسببها. لا تفرط في كتابة النصوص التخييلية أيضا، فالناس قد يتعرفون على أنفسهم ضمنها كذلك. انتبه للنصوص السياسية حول المواضيع التي تغضب. أما إذا كتبت نصا سياسيا، فاحرص على أن تقدمه سيمون فيل. اترك جانبا أيضا حكايات مغتصبي الأطفال. «- رابعا: الأسلوب، يجب أن يكون متقشفا، بل جافا. لا نعت، لا مجاز، لا صيغة مبالغة، لا إطناب، لا نقطة وفاصلة ولا علامة تعجب. «- خامسا: بالنسبة لتاريخ الإصدار، عليك تفادي الدخول الأدبي، سواء دخول شتنبر- أكتوبر- نونبر أو دخول يناير- فبراير. لا تحلم بعطلة يونيو- يوليوز- غشت، فهي مخصصة لروايات الشواطئ الأنجلو- ساكسونية الضخمة الحجم. تجنب كذلك أبريل وماي، فهما شهرا الانتخابات. «- سادسا: لا، من الأفضل لك بكل تأكيد اختيار مهنة أخرى! لا أحد يقرأ اليوم وعدد الكتاب الموجودين كافٍ إلى حد بعيد».