لا زالت خطوة تحرير قطاعنا السمعي البصري لم تتضح فيه بعد الرؤية بما يكفي، مادام أن عملية تحرير القطاع عرجاء وناقصة بدون منح تراخيص إنشاء قنوات تلفزيونية خاصة، واقتصر الأمر فيه فقط على منح تراخيص إحداث المحطات الإذاعية الحرة أو الخاصة. هل لازالت لم تنضج بعد خطوة التحرير التلفزيوني من حيث الأرضية القانونية والمهنية والتقنية والسياسية، وبالتالي لا زالت لم تحصل القناعة لدى حكماء الهيأة العليا للسمعي البصري ومن ورائهم الماسكون بقطاع الإعلام ببلادنا للإقدام على خطوة تحرير الفضاء التلفزيوني، وأن منح التراخيص التلفزيونية لا زال لم يحن وقته بعد؟ أم أن إحجام «الهاكا» والمسؤولين المعنيين بالقطاع والفاعلين في المجال التلفزيوني عن منح تراخيص إنشاء القنوات التلفزيونية الخاصة، يعود في مجمله إلى كون هذا النوع من التراخيص بالذات، قد يجر عليهم متاعب لا يعلم مبتداها ولا منتهاها، خاصة وأن تجارب دول عربية عديدة وبلدان الجوار في هذا المجال شاخصة وماثلة للعيان. لقد سبق للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن تلقت طلبات تراخيص إنشاء محطات تلفزيونية خاصة، مع الجيل الثاني من تراخيص «الهاكا» التي أعقبت تحرير قطاع السمعي البصري بالمغرب. واستمعت بالفعل «الهاكا» إلى أصحاب المشاريع المقترحة في المجال الإعلامي الذي يعتزمون الاستثمار فيه سواء في المجال الإذاعي أو التلفزيوني، واستقر رأيها في الأخير على منح تراخيص إحداث إذاعات خاصة واستبعدت ملفات طلبات التراخيص التلفزيونية. وأثارت آنذاك إمكانية منح تراخيص إنشاء قنوات تلفزيونية مجموعة من التفاعلات على الساحة الإعلامية المغربية، وهي تداعيات وملابسات لها علاقة مباشرة ووطيدة بأخلاقيات المهنة، وبمدى التقيد بمقتضيات وقوانين الهيئة المانحة نفسها، ومدى الالتزام بشروط دفتر التحملات في تبني مبدأ التعددية في الفكر والرأي والانفتاح على مختلف التوجهات والحساسيات السياسية. وهنا يأتي بيت القصيد. فالحقل السمعي البصري الخاص منه والعمومي بالمغرب، وجهت وتوجه لأدائه مؤاخذات وانتقادات حادة فيما يتعلق بتدبير الاختلاف والتعددية السياسية في برامجه ومواده الإعلامية، التي تبث على وسائل الإعلام المرئية بالتحديد، (على شاشة التلفزيون) التي تمثلها القناة التلفزيونية الثانية وقنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، التي ذهب كثير من الفاعلين السياسيين والباحثين في المجال السياسي وحتى من لدن صحفيين ومشتغلين بالإعلام التلفزيوني إلى إثارتهم للعديد من الإشكالات الموضوعية التي تطفو على سطح الإعلام التلفزيوني العمومي، من خلال الإشارة إلى برامج سياسية وحوارية تلفزية، سواء على القناة الأولى أو الثانية لم تستطع إلى حدود الآن تحقيق تعددية واضحة وانفتاح موفق على كل التوجهات السياسية والانتماءات الحزبية، وكذا على مختلف المقاربات الحقوقية والفكرية التي تمر بها الساحة الوطنية.