تبعا لبرنامجه الحكومي ، تعهدت حكومة عبد الإله بنكيران بإعادة الثقة في المدرسة العمومية وذلك بالتأكيد على قضايا الحكامة وجودة النظام التعليمي واستعادة وظيفته التربوية والاهتمام بوضعية الأطر التربوية وذلك في إطار ? كما يؤكد البر نامج الحكومي? على : * نهج منهجية تعاقدية واضحة تضع المتعلم في صلب العملية التربوية، وتحدد نتائج دقيقة قائمة على تمكين مختلف الفاعلين من الصلاحية اللازمة لانجاز وتوفير الإمكانيات المتاحة لهم والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة. * الحكومة وضعت ضمن تعهداتها التفعيل الأمثل والسريع للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي باعتباره فضاء ديمقراطيا يزاوج بين التمثيلية والتخصص ويبدي رأيه في السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التعليم والتكوين والبحث العلمي ويسهم في تقويم السياسات والبرامج العمومية في هذه الميادين * الحكومة التزمت بإطلاق مدرسة التميز وبتفعيل اللامركزية وترسيخ التعاقد في المؤسسات التعليمية من خلال مشاريع قابلة للتقويم وربط توفير الإمكانيات بمستوى الانجاز وتوسيع هامش حرية التدبير التربوي والمالي للمؤسسات التعليمية وربط المسؤولية بالمحاسبة. * منح المؤسسة التعليمية سلطة فعلية في القرار واستقلالية فاعلة في التدبير .. كما تتعهد الحكومة بتوفير الوسائل الضرورية والمؤهلات المناسبة للاضطلاع بمهامها وأدوارها التربوية، مما سيجعل ? في تقدير البرنامج الحكومي - الأطر التربوية والإدارية للمؤسسات منخرطة ومعبأة ومسؤولة اتجاه النتائج المحصل عليها. ومن أجل بلوغ هذه الأهداف، حددت الحكومة ملامح الإصلاح في خمسة مبادئ في إطار اللامركزية التربوية وفي مقدمتها : * الاستقلال في التدبير لتعزيز القدرة على اتخاذ المبادرات والقرارات المتصلة بالميادين والإدارة مع التنزيل المتدرج لذلك. * التقييم المنتظم لمنتوج وأداء المؤسسات التعليمية لمواكبة مبدأ اللامركزية وربط المسؤولية بالمحاسبة بما يسمح بقياس النتائج والإنجازات ، ويساعد على قيادة النظام التربوي. * الانفتاح المؤسساتي بما يمكن المؤسسة التعليمية من تقوية علاقاتها مع محيطها التربوي والإداري والمجتمعي ، و دعم القدرات التدبيرية للمؤسسة بالنظر للأدوار المتعددة المسندة لإدارتها. * كل مؤسسة ? حسب منطوق البرنامج الحكومي - مطالبة بوضع برنامج تربوي لأجرأة الأهداف الوطنية ومراعاة الخصوصيات المحلية ... ولضمان نجاعة أفضل في تدبير النظام التربوي، تعد الحكومة بتوسيع صلاحيات مختلف الوحدات الإدارية الخارجية المكلفة بالتربية والتكوين، وتطوير قدراتها التدبيرية وتنظيم العلاقات معها على أساس تعاقدي، بأهداف تهم المجالات التالية: تعميم التمدرس ومحاربة ظاهرة الهدر المدرسي والتكرار و تأهيل المؤسسات التعليمية والبنيات التحتية، والتجهيزات والوسائل الديداكتيكية الأساسية. إلى جانب تطوير النموذج البيداغوجي بما ينسجم ومطالب جودة التعليم وتحسين جودة خدمات المؤسسات التعليمية، وذلك عبر تحديد مؤشرات تهم بالخصوص مخططات المكتبات المدرسية والقاعات المتعددة والوسائط والمختبرات العلمية والتكنولوجية، والرياضة والصحة المدرسيتين، والدعم المدرسي للتلاميذ الذين يعانون من الصعوبات، وكذا أنشطة الحياة المدرسية، والتكوين المستمر وتدبير المؤسسات. والرفع من مستوى التأطير التربوي والقيمي للمؤسسات التعليمية. البرنامج الحكومي يتعهد بالارتقاء بمهام المدرسة الوطنية وأدوارها بإعادة النظر في نوعية ومناهج ومقاربات التعلمات وفي الممارسات التعليمية، وفي أشكال التنظيم واشتغال المؤسسات التعليمية. ومن هذا المنطلق تتعهد الحكومة بتبني مجموعة من العمليات المركزة على المتعلم، تشمل التتبع والمراجعة المنتظمة للمناهج من أجل تحسين وملاءمتها وضمان الانسجام بين مكوناتها باعتماد نتائج البحث والتجديد التربويين، مع استحضار البعد الجهوي والمحلي في تصريفها. وترسيخ مبادئ ومقومات التربية على منظومة القيم. وتقوية وتحديث تدريس اللغات الوطنية والأجنبية،والعلوم والتكنولوجيات. وتقييم التعلمات وللمؤسسات التعليمية وللموارد البشرية. إلى جانب تحسين طرق ومساطر الإعلام والتوجيه. وتقوية التأطير لفائدة المدرسين والأطر الإدارية التربوية. ومضاعفة «برنامج تيسير» وتوسيع قاعدة المستفيدين منه، ودعم وتطوير خدمات الداخلية والمطاعم المدرسية. ومواصلة الاهتمام بالأقسام التحضيرية للمدارس العليا وتأهيل المتعلمين لولوج سوق الشغل من خلال الاعتناء بأقسام التقني العالي. وإحداث شبكات مدرسية تضم، حول كل ثانوية تأهيلية روافدها من ثانويات إعداديات ومؤسسات ابتدائية تتيح استعمالا مشتركا وشاملا للوسائل المادية والبشرية. حكومة بنكيران كشفت - في برنامجها- عن ملامح المدرسة المغربية من خلال التأكيد على تعزيز دور المدرسة في نشر قيم المواطنة والأخلاق والآداب الحميدة وتقوية مكانة التربية والتأطير الإسلاميين والتربية على المساواة وحقوق الإنسان، وثقافة الإنصاف والتسامح، ونبذ الكراهية والتطرف. وتطوير التعليم العتيق والأصيل وضمان حقوق العاملين فيه في إطار شراكة فاعلة ومشاريع مندمجة بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزارة التربية الوطنية . تقليص الحكومة للاعتمادات المالية الموجهة للقطاع حال دون تحقيق الأهداف المسطرة سجل الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ملاحظاته على السياسة العمومية بقطاع التربية والتكوين ? بعد مرور أزيد من سنة على تنصيب الحكومة - ومن أبرز الانتقادات الموجهة ندرج ما يلي : * على مستوى العرض التربوي سجل الوسيط غياب إحداث مؤسسات تعليمية جديدة ، حيث تم الاقتصار فقط على استكمال أوراش بناء 533 مؤسسة تعليمية ، علما أن البرنامج الاستعجالي لم يحقق الأهداف التي سطرها في مجال التعليم ما قبل المدرسي و في مجال البنايات المدرسية ، و كذا على مستوى تحسين الجودة و المردودية الداخلية للتعليم المدرسي ، بالمقابل كرس استمرار ظاهرة التكرار و الهدر المدرسي ، فحوالي 100 ألف تلميذ يغادرون المدرسة قبل إتمام التعليم الابتدائي .. * على المستوى البيداغوجي، فقد سجل الوسيط غياب مرجعيات محددة للتأطير التربوي تؤسس لتعاقد مهني بين مختلف الأطراف العملية التربوية الإدارية داخل المنظومة التربوية بمقابل التأرجح و الفراغ على مستوى التعاقد البيداغوجي بين المدرس و المتعلمين بحكم الإلغاء المفاجئ للمقاربات البيداغوجية التي تمت في سياق تفعيل البرنامج الاستعجالي . * جمود المجالس الإدارية للأكاديميات و التي من المفروض فيها تطوير اشتغالها من أجل التكريس العملي لمبدأ التعاقد ، و امتداد التأثير السلبي لغياب التعاقد في شأن تدبير القطاع على العلاقة بين الأكاديمية و النيابة ، مما يرهن هياكل تدبير النظام التربوي المغربي بتراتبية القرار المركزي . * استمرار التردد الذي يطبع سياسة القطاع مركزيا في علاقته بالجهات من خلال تفويض جزئي للصلاحيات الممنوحة للأكاديميات و انعكاس ذلك على مستوى النيابات و المؤسسات التعليمية .. * تأخر الحكومة في إعداد مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي الذي أدرجه الدستور المغربي ضمن هيئات الحكامة ، و الذي سيضطلع حسب الفصل 168 من الدستور ، بإبداء الآراء حول كل السياسات العمومية و القضايا الوطنية التي تهم التعليم و التكوين و البحث العلمي ، ذلك أن برمجة إحداثه على مستوى المخطط التشريعي خلال سنة 2013 ، يعكس عدم الانسجام بين التنصيص على اعتبار التعليم أولوية وطنية ، و على التسريع بإخراج الآليات الداعمة لذلك، فإخراجه و إعماله افتراضا سنة 2014 سيتزامن مع بداية نهاية الولاية الحكومية .. * النقص و الانخفاض المستمر بالنسبة للميزانية المخصصة للتربية الوطنية ، مما يحد من إمكانية تطوير المنظومة التربوية و لا يساعد على الوصول إلى الأهداف المسطرة و منها رهانات التعليم و الجودة , كما أن المناصب المحدثة لن تمكن الوزارة من استدراك الخصاص المسجل في مواردها البشرية الذي يصل ? حسب تأكيد وزير التربية الوطنية ? إلى ما يقارب 15 ألف . * عدم التزام الحكومة بإعادة النظر في المناهج التعليمية بسبب القرارات ذات الصبغة البيداغوجية التي تم اتخاذها في غياب حوار وطني حول موضوع الإصلاح الشامل للمناهج على غرار التجربة السابقة التي عرفها المغرب نهاية القرن الماضي، مما يترجم المقاربة التقنية التي نهجتها الحكومة في مجال يستدعي استحضار الاختيارات الكبرى لمجتمع الغد ، أي مشروع التربية و التعليم في علاقته بالمشروع المجتمعي . إن التزام البرنامج الحكومي بتطوير موقع المؤسسة التعليمية عبر الاستقلالية في التدبير و الانفتاح المؤسساتي كان يقتضي ? حسب الوسيط ? تقديم إجراءات ملموسة على المستوى التشريعي و التنظيمي و التربوي ، غير أن الحكومة في حصيلتها السنوية لم تقدم ما يدعم ذلك على مختلف هذه المستويات ..