نجحت ولاية أمن طنجة في تنفيذ خطة أمنية استهدفت اقتحام بعض المناطق بمقاطعة بني مكادة، كانت تصنف ضمن البؤر الأمنية السوداء بالمدينة، باعتبارها مرتعا لتجار المخدرات الصلبة والأقراص المهلوسة، وهي ذات المناطق التي كان يستحيل على القوات الأمنية الاقتراب منها باعتبارها أحد أكبر معاقل تنظيم «السلفية الجهادية» طيلة السنتين الأخيرتين، حيث نجح هذا التيار في فرض سيطرته على المناطق التي تمكن من بسط نفوذه عليها، مثلما هو الحال بحي «أرض الدولة»، الذي كان مسرحا لأحداث عنيفة يوم 02 أكتوبر 2012، على إثر إقدام السلطات العمومية على تنفيذ حكم قضائي بإفراغ أحد المساكن، وما لقيته القوات الأمنية من مقاومة عنيفة بتوجيه من قيادات التنظيم السلفي. الخطة الأمنية التي رصدت لها إمكانات بشرية ولوجستيكية كبيرة، تم الشروع في تنفيذها، تحت الإشراف المباشر لعبد الله بلحفيظ والي أمن طنجة، يوم 28 غشت المنصرم واستمرت لثمانية أيام، مكنت من إخضاع حوالي 4000 موقوف لإجراءات الكشف عن الهوية، حيث تم اعتقال حوالي 700 شخص، من ضمنهم 120 مبحوثا عنه، كانوا موضوع مذكرات بحث وطنية ومحلية في جرائم مختلفة. وحسب مصدر أمني، فإن معظم المعتقلين تم تقديمهم للقضاء بسبب تورطهم في قضايا ترويج المخدرات الصلبة، السرقة بالعنف واستعمال السلاح الأبيض، الضرب والجرح واعتراض المارة.... وعن توقيت اقتحام هاته البؤر وعدم وقوع أي اشتباكات أو مقاومة للعناصر الأمنية مثلما كان متوقعا، أفاد ذات المصدر أن التحضير لهاته العملية الأمنية الواسعة بدأ منذ عدة أشهر وبالضبط بعد أحداث أرض الدولة في أكتوبر من السنة الماضية، حيث قامت المصالح الأمنية بتوقيف العديد من قيادات الصف الأول للسلفية الجهادية، وهم من كانت لهم القدرة على الحشد والتنظيم، كما أن تشديد الطوق وتكثيف عمليات الملاحقة الأمنية في حق قيادات أخرى من ذات التنظيم دفعهم إلى مغادرة المدينة ومنهم من نجح في مغادرة المغرب وتوجه نحو سوريا. هاته الضربات الأمنية المركزة، كان لها الأثر في إضعاف نفوذ وهيمنة السلفية الجهادية بهاته المناطق، بل على العكس من ذلك تم تسجيل تعاون السكان مع القوات الأمنية في ضبط بعض المجرمين. وفي سؤال للجريدة حول أسباب تحول معاقل السلفية الجهادية إلى بؤر سوداء للجريمة وتجارة المخدرات القوية وملجأ للمبحوث عنهم، أكد المصدر الأمني أن التحريات الأمنية أفضت إلى وجود ما يمكن تسميته بتبادل المنافع والمصالح بين الطرفين. فتجار المخدرات والمجرمون كانوا يستفيدون من «الحماية» التي توفرها السلفية الجهادية التي كانت تتصدى للقوات الأمنية عند أي محاولة لدخول هاته الأحياء، بالمقابل كان تجار المخدرات والمبحوث عنهم يقدمون إتاوات مالية لقيادات السلفية نظير حمايتهم من الملاحقة الأمنية!... وختم المصدر تصريحه للجريدة بأن اعتقال وفرار رؤوس السلفية الجهادية لم يساهم فقط في اقتحام القوات الأمنية لمعاقل هذا التنظيم، بل ساهم أيضا في تحرير العديد من الشوارع ممن يعرفون بالباعة الجائلين، ذلك أن هذا التنظيم السلفي كان إلى عهد قريب يتحكم بشكل شبه مطلق في نشاط الباعة المتجولين، أو ما بات يعرف بالفراشة، إذ كانوا يقدمون الإتاوات لقيادات السلفية الجهادية التي كانت تمنحهم الحماية، وتقود الاحتجاجات في مواجهة السلطات العمومية. يذكر أن هؤلاء الفراشة تحولوا إلى ورقة ضغط في يد هذا التيار تم توظيفها في صراعه مع السلطات العمومية، أمام ارتباك كبير للإدارة الترابية التي بدت فاقدة لأي تصور أو استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذا الخطر الزاحف في صمت، خاصة مع إكراهات الغليان الشعبي إبان تظاهرات حركة 20 فبراير.