تعرف فرنسا نقاشا كبيرا حول ضرورة « معاقبة « نظام بشار الأسد المتهم من طرف فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية باقتراف جرائم ضد الإنسانية, باستعماله لأسلحة محرمة دوليا ضد شعبه. طبعا أغلبية الرأي العام الفرنسي ضد هذه الحرب, حسب مختلف استطلاعات الراي التي تمت في الأسبوع الأخير،وكذلك اغلب أحزاب المعارضة الفرنسية وعلى رأسها الاتحاد من اجل حركة شعبية الذي قاد زعيمه نيكولا ساركوزي الحرب بليبيا, يعارض اليوم هذه الحرب . لكن هذه المواقف من الحرب بفرنسا تحكمها الاعتبارات الانتخابية أكثر منها المبدئية. الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم يدعم موقف الرئيس والحكومة الفرنسية بضرورة معاقبة نظام بشار الأسد ،وكذلك حزب الخضر ، أما الحزب الشيعي الفرنسي, فقد اختار معارضة هذه الحرب باعتبارها غير قادرة على حل المشكل السوري. خاصة أن هذا البلد يتكون من فسيفساء من الأقليات, بالإضافة إلى الأغلبية السنية. هذا التعقد الاثني والجيوستراتيجي لسوريا هو المشجب الذي تستغله عائلة الأسد منذ الانقلاب العسكري الذي جعل اقلية تحكم الاغلبية باسم القومية العربية بسوريا ، لتتحول اليوم سوريا الى المحور الشيعي ، الذي يتكون من ايران ،العراق وحزب الله بلبنان في مواجهة أغلبية سكان سوريا من جهة والبلدان السنية بالمنطقة تركيا،السعودية والإمارات وقطر. اليوم ننقل لكم وجهة نظر الوزير والمحلل اللبناني جورج قرم, من خلال حواره مع جريدة لومانيتي الفرنسية, و الذي يعرف مشاكل المنطقة بفعل مسؤولياته السابقة وانتمائه إلى الأقلية المارونية بلبنان, والذي يرى الوضع بالمنطقة بشكل آخر ,ولا يعتبر أن الحرب هي بين الشيعة والسنة, بل بين محور جيوسياسي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها بالمنطقة للسيطرة على الشرق الأوسط ومحور آخر تقوده روسيا وإيران وحلفائهما يحارب هذه الهيمنة, وهي وجهة نظر تحترم. بالنسبة لجورج قرم, يرى «أن هذه الحرب خطر على المنطقة و انعكاساتها التي تنوي فرنسا وامريكا القيام بها ستكون مختلفة حسب مدتها،إذا كانت قصيرة سوف تتم دون أن تكون هناك ردود فعل كبيرة او تنجم عنها مواجهات واسعة.لكن إذا حدثت خسائر بشرية كبيرة أثناء الهجوم لا يمكننا ان نعرف الانعكاسات ويمكن أن يخرج منها النظام أقوى من السابق.» وحول اختيار الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها العودة إلى الحرب بعد 10 سنوات من فشل تجربة الحرب بالعراق يقول إن « الغرب السياسي تحت قيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية ،أصيب بحمى الحرب منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، ويقوم بقصف وغزو بلدان ذات سيادة بشراهة كبيرة، تحت ذرائع أخلاقية آو بدافع انتقائي لحقوق الإنسان. وهي ظاهرة لم تتعرض للتحليل بالشكل الكافي.» وأضاف « أن النزعة الحربية بالغرب ليست وليدة التحالف مع دول الخليج بل توجد بالغرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية «. واعتبر أن إسرائيل والسعودية هما زبونان أساسيان للولايات المتحدةالأمريكية بالمنطقة، ويعتبران عامل استقرار بالمنطقة،.» وتحدث جورج قرم «عن تزايد التفجيرات في بغداد بالاحياء الشيعية، وكذلك بروز النزعة التكفيرية بلبنان والتي عرفت تفاقما مع الحرب بسوريا والتي ارتبطت بها ،وهو ما يعطي انطباعا في الحالتين بحرب بين السنة من جهة وبين الشيعة من جهة اخرى ، لكن الحقيقة هي انها حرب بين محورين جيوسياسيين ، من جهة المحور الذي يدعم الهيمنة الامريكية الاسرائيلية،السعودية التركية بالشرق الاوسط ، ومحور يرفض هذه الهيمنة والذي يجمع اليوم ايران،روسيا،الصين،النظام السوري وحزب الله اللبناني حلفائه المحليين الذين ينتمون الى جميع التوجهات من جهة اخرى. انها معركة كبرى تجري اليوم بسوريا واخرى اقل اهمية بالعراق ولبنان.» يرى جورج قرم أننا» عدنا إلى ما يشبه حرب باردة من خلال نقط ساخنة متعددة ومتفاوتة، المسألة الإيرانية يمكن أن تعرف تطورا خطيرا في أية لحظة،كما هو الشأن بالنسبة للمسألة السورية، الوضع أيضا بأقصى الشرق شهد تغييرا,حيث تقوى الوضع العسكري للصين, وهو ما يمس بالوضعية التي كانت لليابان في السابق . لكن الحقيقة هي ان النزعة الحربية للغرب هي التي يجب تهدئتها وتحليلها.» حسب جورج قرم.