تحت شعار «شراكة فاعلة، نتائج مطمئنة»، تحتضن جماعة شراط بإقليم بنسليمان أيام 30 - 31 غشت وفاتح شتنبر 2013، الدورة الثامنة لموسم العنب والذي يتضمن العديد من الأنشطة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويشكل ملتقى للفاعلين في قطاع الكروم للتفكير في المداخل العملية للنهوض بهذا القطاع الذي تعد منطقة بنسليمان رائدا فيه على المستوى الوطني. وتنظم المهرجان جمعية رواد لتنمية قطاع العنب بجماعة شراط ووزارة الفلاحة والصيد البحري وعمالة اقليم بنسليمان. ويرى أحمد الزيدي رئيس جمعية رواد ورئيس جماعة شراط أن مهرجان العنب بلغ سنته الثامنة وقد حقق الكثير من أهدافه ليس فقط في ما يرجع إلى الإشعاع الثقافي والفني، ولكن، بالأساس، في ما يرجع إلى تحقيق التنمية المحلية والمساهمة في جعل جماعة شراط وإقليم بن سليمان عامة، على سكة التطوير والتحديث. فقد انطلق المهرجان ثقافيا بالخصوص، وتوسع ليصبح مؤسسة للتواصل بين قبائل المنطقة، وأساسا للتواصل الاقتصادي من خلال عملية العرض L?exposition لمؤسسات إنتاجية وخدماتية، بلغت في الدورة الماضية حوالي الخمسين عارضا. ويضيف الزيدي أن الأساس في مهرجان العنب بجماعة شراط، هو تحوله إلى مؤسسة ومناسبة للتفكير في تنمية قطاع الكروم، والتداول في شأن إمكانيات القطاع ورافعاته وأساسا في الأدوات التي يتعين توظيفها لتحقيق هذه التنمية. وقد حرص المنظمون هذه السنة على تنويع أكثر لبرامج هذه التظاهرة. ففي الشق الاقتصادي تم الحرص على جودة المعرض والبحث عن ملاءمة المعروضات لواقع وحاجيات المنطقة، سواء في مجال المكننة الفلاحية وبالخصوص ما يتعلق بزراعة الكروم، أو تحسين الانتاج والتقنيات الجديدة في هذا المجال وتقنيات الري المحافظة على الماء. وستكون الدورة الثامنة لموسم العنب مناسبة للإعلان عن ميلاد مشاريع إنمائية مهيكلة بجماعة شراط، إذ سيتم وضع الحجر الأساس لإنجاز أول منطقة صناعية بالجماعة على مساحة عشرين هكتارا، والتي ستشكل دعامة أساسية لمركز شراط الصاعد وأداة لجذب استثمارات في قطاعات تلائم ظروف وسياق وحاجيات الجماعة والإقليم على أساس رؤية الاستدامة والحفاظ على البيئة والتعمير المنسجم مع السياق الجغرافي للجماعة. وفي إطار برامجه التعبوية والتحسيسية، حرص منظمو الموسم على تنظيم ندوة علمية لفائدة المنتجين بمشاركة خبراء في قطاع الكروم، تتناول دور ومكانة قطاع الكروم في التنمية الاقتصادية ورفع تحدي نقص مياه الري. وفي الشق الاجتماعي التضامني، وسع المنظمون من الخدمات المقدمة للمحتاجين في اطار الحملة الطبية التي تنظمها جمعية روهاد وجمعية الطب الاستعجالي وجمعية أصدقاء مرضى مستشفى الاطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط ووزارة الصحة، حيث تم توسيع خدمات الحملة لتشمل الكشف عن بعض السرطانات خاصة لدى النساء بما في ذلك سرطان الثدي والرحم والمبيض، وإجراء عمليات جراحية ، بالإضافة الى عملية إعذار حوالي مائتين وخمسين طفلا وتشخيص امراض القلب والشرايين والضغط الدموي وأمراض العيون والفم والأسنان. وقد حرص المنظمون على إشراك شباب جمعيات المجتمع المدني في تأطير هذه الحملة وفي عمليات التنظيم والتحسيس والتوعية لضمان انسيابيتها ولتحقق أهدافها، خاصة لجهة استهداف الفئات المحتاجة وبالخصوص النساء والأطفال. ومن شأن هذه المقاربة ان تشكل تمرينا آخر لشباب الإقليم المنخرط في العمل المدني، على خدمات القرب، ووسيلة لتكريس روح التضامن والتطوع لديه. وكانت الحملة الطبية برسم الدورة السابعة لموسم العنب قد تجاوزت أهدافها باستفادة حوالي ألف شخص من خدماتها. وفي الشق الثقافي والفني، وبالإضافة الى عروض الفروسية التي يشارك فيها مئات الفرسان من قبائل المنطقة المشهود لهم بإتقان ثقافة الفرس وفنون التبوريدة التقليدية، تنظم سهرات فنية بمشاركة فنانين ذوي صيت وطني وفرق محلية يعتبر الموسم بالنسبة لها مناسبة للتواصل مع الجمهور المحلي، بالإضافة إلى برمجة عروض مسرحية ومسابقات رياضية. وقد حرص المنظمون على تكريس التنوع في مسعى لتكون العروض الفنية عاكسة للغنى اللغوي والفني والثقافي الذي يزخر به المغرب. وقد نجح موسم العنب بجماعة شراط في التحول الى مؤسسة ولحظة للتفكير والاقتراح الجماعي لسبل النهوض بقطاع الكروم في إقليم يتوفر على المؤهلات المناخية والطبيعية ويستفيد من عامل القرب من الاسواق الكبرى ليكون رائدا في إنتاج عدد من أجود أنواع العنب في المغرب والعالم. في هذا الصدد، حسب أحمد الزيدي، وعلى أساس مقاربة تشاركية، وبفضل المجهود العمومي الذي تبذله وزارة الفلاحة وتعبئة جمعيات المنتجين، تدخل اتفاقية الشراكة بين وزارة الفلاحة والصيد البحري وهيئة المنتجين بشأن تطوير قطاع الكروم (بإقليم بن سليمان ممثلة في جمعية روها اد لتنمية قطاع العنب) حيث تم بالفعل تهيئة وتجهيز وغرس مائة هكتار، وهي المساحة التي سترتفع إلى 2000 (ألفي هكتار) بعد ثلاث سنوات بهدف أساسي هو تجديد الأغراس وإعادة الحياة لأصناف من العنب انقرضت أو كادت مع أنها ظلت الطابع المميز للمنطقة «كالموسكة الأصلية». وستكون لهذا البرنامج دون شك انعكاسات جد إيجابية على القطاع من حيث مضاعفة الإنتاج وتحسينه، واستعادة بعض أنواع الكروم التي أصبحت مهددة والتخليف واقتصاد الماء والتجهيزات المستعملة في الإنتاج. ومواكبة لذلك، وبالنظر إلى الدور الأساسي للموارد البشرية في هذا المشروع، تم إحداث مدارس الحقل من أجل تكوين الفلاحين في الميدان على مختلف تقنيات الغرس والإنتاج والجني وغيرها، وهي تجربة رائدة ونموذجية من شأنها تطوير الثقافة الإنتاجية وتعميق علاقة الفلاح بالأرض وخيراتها، وبالأساس حسن تدبير هذه الخيرات. وبالفعل ستمكن البرامج المنجزة خاصة بفضل التحول من زراعة الحبوب الى غرس الكروم، من مضاعفة مداخيل المنتجين عدة مرات والرفع من القيمة المضافة التجارية والتصديرية لمنتوجات الاقليم، كما يؤكد على ذلك عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري . وتبرز هذه البرامج أهمية تأطير المنتجين وعقلنة الدعم ونجاعة المواكبة الميدانية العمومية ممثلة في وزارة الفلاحة، والمدنية ممثلة في هيئة المنتجين.