صدر حديثاً عن المنظمة العربية للترجمة كتاب «فكر اللغة الروائي»، وهو من تأليف فيليب دوفور، وترجمة الدكتورة هدى مقنص. ويمثّل كتاب «فكر اللغة الروائي» المسار البحثي الذي خطه الكاتب لنفسه، مواصلا مسألة تمثيل اللغة في الرواية، كما في كتبه السابقة. والجدير بالذكر أن الكاتب ينطلق من كوْن روائيي القرن التاسع عشر كانوا قد أدركوا انعكاسات الثورة الفرنسية عام 1789 على اللغة واستخداماتها، فعكسوها على مستويين أساسيين: المستوى الأول هو الذي يتمثّل في شعرية الحوار التي عولجت في القسم الأول من الكتاب، والثاني، اللغات الجديدة التي عبرت من المجتمع إلى الرواية، في القسم الثاني. وقدم القسم الثالث التصورات اللغوية لثلاثة روائيين، هم: ستاندال، فلوبير، وهوغو. ومن ثمّ يفترض دوفور أنّ روائيي القرن التاسع عشر، على رغم مشاربهم الجمالية المختلفة، تواصلوا جميعا بفكر روائي ذي تصوير للغة خاص بكل منهم، يرسم معالم ما سماه دوفور «رواية فقه اللغة». واعتمد أساليب أدبية في كتابته النقدية، فأصغى بانتباه الى اللغات الروائية التي عبّرت عن التغيرات اللغوية في المجتمع، وعرض أكثر من ألف استشهاد لعشرات الكتاب والروائيين والشعراء، محددا بدقة التمايز بينهم. لهذا يعتبر دوفور أنّ الثورة الفرنسية لمْ تسقط الملك عن عرشه وحسب، بل أسقطت اللغة الأدبية أيضاً من برجها العاجي. شهد القرن التاسع عشر في فرنسا عصر انتصار الرواية بعد طول احتقار، إلا أنها رواية قد اخترقتها لغات الشارع والفلاحين والفقراء ومختلف المناطق، التي لم تكن تجد مكاناً لها في الأدب إلا من باب السخرية والهزل. كتاب فيليب دوفور هذا يحكي لنا حكاية اللغة في رواية القرن التاسع عشر عبر استعراض وتحليل أدب تلك المرحلة بلغة لا تخلو بدورها من نفحة أدبية