اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان: نحن على استعداد لتبنى الملف لكن في إطار الوضوح المعتصمون : ضرورة العودة الى طاولة المفاوضات بإشراك كافة الأطراف المعنية في الوقت الذي قضي فيه معظم المغاربة هذا الشهر الفضيل مع عائلاتهم و في اجواء حميمية في منازلهم، يعيش جزء كبير من ساكنة إميضر فوق جبل ألبّان يفطرون ويتسحرون ويصلون تراويحهم فوق الجبل، في اجواء أصبحت مألوفة وعادية رغم قساوة الظروف الطبيعية والحرارة المفرطة.. أجواء عادية بالنظر إلى كون اعتصامهم جاوز سنته الثانية، ويعتبرون أن لا شيء يلوح في الأفق، وأن حل المشكل استعصى لدرجة تداخل فيه ماهو مطلبي اجتماعي محض بماهو اقتصادي وقضائي، وهناك من يتحدث عن غطاء سياسي، لكن المهم هنا هو أن المشكل استعصى على الحل لأسباب قد تبدو للبعض موضوعية وقد تبدو للبعض الآخر مجرد مزايدات ليس إلا، فكل واحد ينظر إلى المشكل من وجهة نظره الخاصة. نحاول من خلال هذا التحقيق ملامسة المشكل في عمقه النضالي، خاصة وأنه يخلد للذكرى السنوية الثانية لانطلاقته، ذكرى تحل اليوم وعيون الشباب هنا في قلب الجنوب الشرقي من المملكة تتوق إلى اليوم الذي يطوى فيه الملف بشكل نهائي وتستأنف الأسر الإيمضيرية حياتها اليومية بشكل اعتيادي. للمرة الثانية على التوالي يقضي المعتصمون شهر رمضان الأبرك في المعتصم على قمة جبل البان، وما يقدم في وجبات الفطور هو ما يتناوله الإميضريون في منازلهم، حيث تقوم الساكنة بجمع المواد الغذائية في أماكن خاصة من كل مدشر لتقوم سيارة بنقله للمعتصم، حيث تقوم لجنة الإفطار بتقسيمه على مجموعات أو تناوله بشكل إفطار جماعي ووفق ماصرحوا لنا به، فإن التمويل يتم بشكل ذاتي وتضامني بين ساكنة إميضر. ورغم الظروف المحيطة بالمعتصم واستغلالا للوقت، يستفيد ابناء المعتصمين من الأنشطة التربوية، إذ تقوم مجموعة من المعطلين المجازين بتقديم حصص يومية في تدريس اللغات للشباب المعتصمين و دروس دينية. مع اقتراب موعد الافطار ينقسم المعتصم إلى مجموعات بحسب درجة القرابة أو بحسب الصداقة التي تجمع بين الأفراد.. يتحلقون حول الموائد ليفطروا في جو لايخلو من المرح الممزوج بالكآبة، وفي طقوس تغلب عليها تطورات الأوضاع والتعليقات الخاصة بشأنها، بعدها ينطلق كل واحد إلى حيث يجد راحته، تتنوع الأنشطة ولاتخرج عن المتعارف عليه في هذا الفضاء. جو ليلي رطب يضفي هالة على المكان ويبعث في النفس أحاسيس بعظمة الفضاء، حلقات نقاش هنا وهناك توحي لك بأنك ضمن مجال أوسع من أن تحتضنه قمة جبل، فالقضية بدأت تأخذ أبعادا أكبر مع الأيام، والمكان بدأ في الحصول فيه على قدسية من نوع آخر، فمطالب السكان المعتصمين فوق الجبل منذ حوالي سنة تتعلق بالتشغيل والصحة والبيئة والتعليم. صرح أحدهم معقبا على ما آلت إليه الأوضاع: «.. كيف لأرض تخرج من بطنها الفضة الخالصة المرتفعة الثمن أن تتوفر على مدارس آيلة للسقوط ومستشفى بلا طبيب وبلا معدات ويتوفر فقط على ممرضة ل 8000 نسمة. وكيف لأرض تضم منجما يحتل المرتبة العاشرة إفريقيا يعاني السكان المحيطون بها البطالة والعوز. وكيف لكل هذا الثراء ألا يعود على الساكنة بجفاف آبارهم وسواقيهم وتهديد مواشيهم ووحيش أرضهم..» تساؤلات مشروعة تقابلها توضيحات من طرف الشركة لاتخلو من واقعية أيضا. إميضر والمجلس الوطني لحقوق الإنسان هكذا تواصل ساكنة جماعة إميضر اعتصامها المفتوح فوق جبل آلبان على مشارف إيمضير بإقليم تنغير والذي دخل عامه الثاني في فاتح غشت الجاري، اعتصام عرف في بدايته حركة مد وجزر بين الأطراف المتدخلة في الملف، شركة منجم إميضر التابعة لمجموعة مناجم من جهة، والسكان وتقف السلطة المحلية في منزلة بين المنزلتين للتوفيق بين وجهات النظر في محاولة منها إيجاد حل يرضي جميع الأطراف، لكن هناك طرف ثالث كان من المفروض أن يتحمل مسؤوليته للوساطة لأجل إيجاد حل للمشكل وفض الاعتصام على اعتبار أن المطالب في جملتها لها ارتباط مباشر بحقوق الإنسان كالحق في التشغيل والصحة والبيئة والتعليم.. ونقصد هنا المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي غاب عن النزاع بشكل لافت لدرجة تناسلت الإشاعات حول السبب الحقيقي وراء عدم تبنيه الملف. فبحسب ماصرح لنا به المعتصمون بخصوص هذا الغياب فقد أكدوا للجريدة أنه «.. بعد شهرين من بداية الاحتجاجات و الاعتصام بإميضر، عقدت اللجنة الحوارية اجتماعا مع الفرع الجهوي للمجلس الوطني لحقوق الانسان وارزازات خرج إلى إتفاق على أساسه يرعى و يتوسط الفرع الجهوي لحوار قيل انه سنعقد يوم الثلاثاء 04 اكتوبر 2011 على الساعة العاشرة صباحا بمقر الجماعة القروية لإميضر، بين ممثلي المحتجين مع الاطراف المعنية (ممثلي شركة معادن اميضر، و السلطة المحلية ممثلة في عامل عمالة تنغير، وبحضور المجلس الجماعي لاميضر ووساطة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان)، لقاء تخلفت عنه هذه الاطراف المعنية دون تقديم اعتذار او توضيحات ! وفي مارس 2012 طلبنا من محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان التدخل التوسط والتدخل في القضية لإيجاد حل يرضي الجميع وذلك خلال لقاء جمعنا به بمكتبه بالرباط، و تفاجأنا بحجم المعطيات الخاطئة التي اوردها حول القضية و التي سوقتها الشركة و تقارير السلطة المحلية، تماما كما صرح بها وزير الداخلية بمجلس المستشارين يوم 13 شتنبر 2012 من قبيل ان مناجم خصصت 50 % من مناصب الشغل لأبناء جماعة إميضر بالشركة الآم، واتهامات خطيرة للإميضريين. وبعدما صححنا كل هذه المغالطات وقدمنا له ملفات و تقارير حول القضية، اتفقنا على اساس ان ينسق مع اللجنة الجهوية لحقوق الانسان من اجل التدخل في القضية في أفق إيجاد ارضية لحوار سيكون وسيطا فيه لحل القضية، لكنه منذ ذلك الوقت لم يحدث شيء يذكر، و دخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في صمت مبهم» انتهى كلام المعتصمين... اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان توضح إذن ما الذي منع المجلس الجهوي لحقوق الإنسان واللجنة الجهوية الراشيدية ورزازات؟ سؤال طرحناه على رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالمنطقة فأكدت أنه لا وجود لأحكام أو مواقف مسبقة من المشكل وأن الحديث عن غياب محتمل للجنة لا أساس له من الصحة على اعتبار أن اللجنة تواكب الملف من خلال ماينشر على أعمدة الصحافة الوطنية، وهي تنتظر أن يطرح عليها المعنيون بالملف رسميا لمباشرة الاشتغال عليه. رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الأستاذة عراش فاطمة أضافت في تصريحها «.. نحن على استعداد تام لتبني الملف والمساهمة في إيجاد حل نهائي للنزاع بالشكل الذي يحفظ للجميع حقوقهم والقول بأننا تخلفنا عن الحظور في لقاء 04 أكتوبر 2011 لا أساس له من الصحة فنحن لم نتوصل بأية دعوة في الموضوع ولا علم لنا به، أما عن عدم مباشرتنا للنظر في الملف ومباشرة الاشتغال فيه فلكوننا وبعد زيارات رصدية متتالية للمعتصم لمسنا نوعا من انعدام الثقة بين الأطراف والقول بأن جميع المشاكل يمكن أن تحل دفعة واحدة منطق خاطئ فلا يمكنهم أن يكبلوا أنفسهم باجتماع أكراو، لأن حل المشاكل يحتاج إلى جرأة ورغبة ويحتاج إلى بناء الثقة بين جميع الأطراف، خاصة وأن هناك بالفعل مشاريع انطلقت بشراكة بين النسيج الجمعوي و شركة مناجم، ونحتاج الآن إلى مباشرة حوار هادئ وواضح بين الأطراف لإيجاد الحلول الممكنة لطي ملف عمر أكثر من اللازم، وأقولها بكل وضوح، فإن أكراو هي من زادت من تعميق المشكل، وبالتالي فيجب اعتماد منهجية جديدة من قبل الساكنة، لأنه لايمكن أن يكون هناك إجماع مائة في المائة ونحن بحاجة إلى الوضوح ولاشيء غير الوضوح في تناول هذا الملف..» هكذا إذن أصبح أكراو هو العائق الرئيسي لأي حل محتمل للقضية فالمتحاورون لا يمكنهم المبادرة إلا بعد الرجوع إلى الجهاز التشريعي للجماعة والمتمثل في أكراو والمبدأ الأساسي لأكراو هو الإجماع، وهو مالا يمكن توقع حدوثه لاعتبارات عديدة. مايرفضه الاميضريون و اقتراحات بديلة لحل الملف يعتبر المعتصمون أن الشركة تريد استنزاف الساكنة المعتصمة ودفعهم لليأس والانكسار، لكن كل هذه المرواغات ليست إلا ضياعا للوقت و المجهودات، لأن ساكنة جماعة إميضر بتنظيمهم المحكم في الإعتصام اتفقوا على ضمان تمثيلية كل العائلات في المعتصم عبر استقرار شخص واحد على الاقل من كل عائلة في المعتصم و هذا امر انضبط له الجميع من الدواوير السبعة. وهذا ما يتبين من خلال المسيرات الحاشدة التي تنظمها حركة على درب 96 والتي يشارك بها الآلاف من السكان و كان اخرها «مسيرة المقاومة» يوم السبت 07 يوليوز 2013 قضية إميضر في شموليتها هي قضية حقوقية في شمولية الحقوق وفي كونيتها، هي أيضا قضية إنكار العدالة بامتياز. هي مسألة حقوق مدنية انتهكت بحكم توظيف القضاء للزج بالمواطنين في السجن ومحاكمتهم محاكمة غير عادلة انتقاما لنضالهم وصمودهم كما حدث مع المناضل مصطفى اوشطوبان الذي لا يزال يقبع في السجن المحلي بوارزازات، وكما يرى المعتصمون من زاوية استغلال النفوذ أيضا بحكم توظيف السلطة السياسية لحماية مصالح اقتصادية لفئة معينة، كما انها قضية كل الديمقراطيين والإعلاميين وكل المهتمين بقضايا الإنسان وبقضايا التنمية. مؤكدين ان حركتهم حركة احتجاجية اجتماعية مستقلة عن اي كيان سياسي اوإيديولوجي، وتدين كل الإتهامات التي تشنها الشركة ضدهم ومحاولة إظهارها على انها اقلية متطرفة مدفوعة من جهات اجنبية او سياسية، معتبرين انها اتهامات تقليدية تروج لها الشركة عبر بعض المنابر إلاعلامية التي تعمل على تلميع صورتها. لكل هذا يرفض الاميضريون التعامل الاحادي التي تقوم به الشركة مع الملف و رغبتها فرض و جهة نظرها الترقيعية و مقترحاتها دون اشراك كافة الاطراف المعنية و أهمها الساكنة. يقول السيد موحا «لقد سبق ان طرحنا مقترحات جدية خلال الجولات الحوارية التي جمعتنا مع ممثلي الشركة، و حتى بعد الإتفاق المفبرك نبين فيها اهم النقط العالقة التي تحتاج الى إرادة حقيقية و جدية من طرف الشركة و السلطات للإستجابة لها، من بينها ، إيقاف استنزاف الثروة المائية لجماعة إميضر خاصة على مستوى بئر تاركيط منذ 1986 بدون اي سنذ قانوني و تقنين استغلال المصادر المائية و الاراضي المستغلة، إعطاء الاولية لتشغيل ابناء الجماعة في المنجم، فلا يعقل ان تستمر الشركة في الإقصاء الممنهج لشباب الجماعة منذ عقود مقابل اتباع سياسة غير ديمقراطية ترتكز على توريث العمل بالمنجم، إضافة الى سن سياسة تنموية حقيقية بعيدا عن منطق التصدق و الإحسان والبرامج التنموية المشوهة و الوهمية.» ويضيف آخر «.. منذ بداية الاحتجاجات و الاعتصام المفتوح، و نظرا لطبيعة المطالب السوسيو إقتصادية المرفوعة ، فإن قضية اميضر لقيت تضامنا و تعاطفا كبيرا من طرف ساكنة المناطق المجاورة و كذا جمعيات المجتمع المدني و الهيئات والمنظمات الحقوقية، وشهدت هذه الفترة مجموعة من القوافل التضامنية، أما بالنسبة لعائلاتنا و أهالينا من الجالية المقيمة بالخارج فهي تقدم للمعتصمين كل الدعم و المساندة، و هناك من يقضي فترة عطلته في المعتصم.» وفي ظل تأزم الوضعية وبحثا عن نفق للخروج منها وفي خطوات عديدة حسب المعتصمين سبق ان طرحوا مجموعة من الاقتراحات الجدية لإيجاد حل توافقي للقضية، كما طرحوا مجموعة من المبادرات في هذا السياق لكنها كلها تصدم بتعنت إدارة الشركة عبر رفضها العودة للحوار لمناقشة هذه المبادرات، ويرى المعتصمون أن الحل الإستراتيجي لحل القضية هو تحلي الشركة بالمسؤولية والجدية و العودة الى طاولة المفاوضات بإشراك كل الأطراف المعنية من ممثلي المعتصمين و النقابة العمالية والسلطات المحلية و المصالح الخارجية والمنتخبين. شركة مناجم توضح ادارة الشركة أفادتنا بأنها لم تدخر جهدا في سبيل إيجاد حل نهائي للمشكل بشكل متوافق عليه ضمن شروط معقولة ومقبولة، وأنها وهي تلتزم بما تم الاتفاق عليه ، تؤكد أنها من منطلق أنها شركة مواطنة مستعدة للانخراط في أي برنامج تنموي ليس بإيمضر فقط ولكن في الجهة برمتها كما كانت تقوم به وماتزال ضمن استراتيجية تنموية شاملة بجميع الجماعات مع مايتماشى مع إيمانها الكبير بالتنمية المحلية. وأضافت الشركة أنها تعاملت مع المشكل بوعي ومسؤولية والتزام بالحوار بالرغم من استغرابها لمجموعة من المطالب غير المعقولة والتي تجعل المرء يطرح أكثر من سؤال حول خلفية هذه المطالب التعجيزية والتي تزيد من تعقيد المشكل لعدم واقعيتها. وأن الالتزامات التي قدمتها والمضمنة في المحضر الاتفاقي مع المنتخبين والأعيان تشكل بالفعل عنصرا قويا يبين بما لا يدع مجالا للشك أن جل المطالب قد تم التجاوب معها بشكل ايجابي بل أكثر من ذلك هناك التزامات أضيفت لبنود الاتفاق لصالح السكان من دون أن تتضمنها لائحة مطالب الساكنة، وهو يدل على الحس الوطني للشركة ورغبتها في المساهمة في إخراج الجماعة من وضعها الحالي والنهوض بها، ليس فقط من ناحية التنمية البشرية بل من حيث تطوير بنياتها التحتية، وهذا الأمر ليس بجديد على الشركة، تقول ادارة المؤسسة .. فقد كانت الشركة دائما تلتزم بكل الاتفاقيات المبرمة وتسعى الى تنفيذ المشاريع المتفق عليها رغم العراقيل التي كانت تواجهها. ففي ما يتعلق بالتشغيل المباشر داخل المنجم، التزمنا بتخصيص 30 منصب شغل آني لأبناء الجماعة مع تخصيص 20 % من مناصب الشغل القارة خلال السنوات المقبلة حسب احتياجات الشركة، شريطة أن لا يقل العدد عن 20 منصب شغل سنة 2013. إضافة الى تخصيص الشركات المناولة ل 60 % من مناصب اليد العاملة غير المؤهلة لشباب الجماعة عند كل عملية تشغيل. 20 عاملا على الأقل سنة 2012 عند الشركات المناولة مع إيداع ملفات حاملي الشواهد التقنية من أبناء جماعة إميضر لدى الموارد البشرية للشركة وإيلائها عناية خاصة عند كل مناسبة تشغيل التقنيين وهو ماتم بالفعل حيث تم تشغيل مجموعة من أبناء المنطقة على دفعات كما توفر الشركة مناصب شغل موسمية للطلبة التابعين للجماعة، والذين يتابعون دراستهم في مستوى ثاني باكلوريا وما فوق أثناء العطلة الصيفية، على قدر احتياجات الشركة وطبقا للمعايير الموضوعة من طرفها مع رفع عدد الموسميين بالتناوب من 12 عاملا الى 18 عاملا مع الاحتفاظ بالطريقة المتبعة لتشغيلهم ففيما يتعلق بالمشاريع التي انخرطت فيها الشركة، فتبلغ الكلفة الإجمالية لهذه المشاريع التنموية التي أطلقتها شركة مناجم تقدر بأزيد من 1700.000 درهم. وقد أنجزت ومولت من طرف المجموعة المنجمية مناجم، بشراكة مع الجمعيات والجماعات المحلية. وتندرج كل هذه المشاريع ضمن المخطط الاستعجالي للتنمية، والذي رصدت له مجموعة مناجم ميزانية إجمالية تناهز 10 ملايين درهم لتمويل 37 مشروعا ذات طابع استعجالي بالنسبة للساكنة المحلية. ويأتي تسليم الدفعة الأولى من المشاريع ليجسد الوفاء بالالتزامات المتعهد بها والإنجاز الفعلي للبرنامج التنموي للمناطق المعدنية بالجهة الجنوبية الشرقية، المقترح على هامش لقاء زاكورة المنعقد شهر أبريل 2012، بتشاور وبشراكة مع الشبكة الجمعوية للتنمية والديمقراطية بزاكورة ومنتدى بدائل المغرب بمعية المؤسسات والجماعات المحلية. المشاريع التي تم إطلاقها بشكل عملي والمنجزة فعليا تجسد المسعى التشاركي والمتجدد للمجموعة، تهم ترميم وتجهيز المراكز المتعددة الاختصاصات للسيدات (جماعة واكليم، إقليم تنغير) وتشييد مدرسة خاصة بأبناء الرحل وسكن وظيفي (دوار تيامارزكوين، جماعة واكليم، إقليم تنغير)إضافة إلى اقتناء حافلة للنقل المدرسي (دوار تيمادروين، جماعة واكليم، إقليم تنغير)، وتجهيز مركز تصفية الدم (تنغير). ومن بين المشاريع ، أيضا، نجد ترميم وتجهيز المراكز المتعددة الاختصاصات للنساء تم إنجازه في إطار الاتفاقية المبرمة مع الجماعة القروية لواكليم، والمتعلقة بإعادة تأهيل المراكز المتعددة الاختصاصات لفائدة نساء 6 دواوير تابعة للجماعة. وبخصوص النقطة المتعلقة بالجانب البيئي، وباتهامات السكان للشركة باستنزاف الفرشة المائية، أكدت الشركة أنها شديدة الحرص على احترام الجانب البيئي في كل مراحل إنتاجها، وأن المنجم يولي اهتماما خاصا بالبيئة الأمر الذي دفعه إلى الانخراط في منهجية تسيير البيئة تمكنه من استباق واستبعاد الأخطار المحتملة لأنشطته على محيطه، حيث إن فضلات الاستغلال تخضع لمسار مضبوط للتخزين، ولحجز المياه وتدويرها قصد إعادة استعمالها في مسار معالجة المعدن. وفي إطار إستراتيجيته في مجال التنمية المستدامة واحترام البيئة، خصص منجم إميضر استثمارات جد مهمة وذلك بإدخاله تقنيات إنتاجية وتكنولوجيا عالمية لتحسين الإنتاج وحسن تدبير البيئة وأنهى دراستين، الأولى تتعلق بدراسة التأثير والثانية ببرنامج بيئي يهدف إلى الحصول على شهادة أيزو (ISO)14001 وقد حصل عليها بالفعل كما تقوم الشركة بتتبع برنامج المراقبة لجودة المياه الجوفية والنفايات الصلبة والسائلة أما في ما يخص الماء، وزيادة على أن كل الدراسات التي أنجزت في هذا الصدد، أثبتت انعدام أي تأثير لاستغلال الثقب المزودة للمنجم على المياه السطحية (الخطارات) بالدواوير المجاورة، والدليل تقول الشركة أنه مرت لحد الآن سنتان على قطع الماء عن المنجم بمعنى أن الحديث عن استنزاف الشركة للفرشة المائية لإميضر أصبح غير ذا معنى ومع ذلك فإن الشركة على استعداد للتعامل مع أي مكتب دراسات يتم اختياره وملتزمون بخلاصاته وتوصياته فالشركة تولي اهتماما خاصا لهذه المادة الحيوية وتحرص على تقنين وترشيد استغلالها في جميع مرافقها الصناعية كما أن الشركة تسير في برنامج تدبير وتوسيع الغطاء النباتي والمساحات الخضراء داخل المنجم حيث أشاروا إلى ان الدراسات أكدت ان الاراضي الفلاحية قد تضاعفت في المنطقة منذ بداية الاستغلال بالمنجم، مما يبطل هذا الادعاء. فالحديث عن الإستغلال غير القانوني للمياه من قبل الشركة أمر غير صحيح ومردود عليه فالشركة تؤكد أنها تتوفر على جميع التراخيص المتعلقة باستغلال الموارد المائية بشكل قانوني وإن كان هناك خرق للقانون فهو الذي قام به من أغلق أنابيب المياه عن الشركة لأكثر من سنتين. على سبيل الختم الأمر ليس بالهزل، فهو جد الجد، مايفوق سنتين من الإعتصام أمام هذا الوضع يحق لنا أن نتساءل، ألايوجد بين هؤلاء رجل حكيم؟ فليس من الحكمة التشدد ولا الإستهانة بنضالات شباب استوطنوا قمة الجبل كرها للإعتصام وإسماع صوتهم الطالب للكرامة وإثبات الذات، كما أنه ليس من الحكمة التشدد في المواقف والتعجيز والتعامل بمنطق الإستقواء بالرأي العام والتعاطف ، فالقاعدة تقول مالايدرك كله لايترك كله، والحكمة أن يتم القطع مع سياسة حوار الصم وفتح الطريق أمام حوار مسؤول بعيدا عن المزايدات وقطع الطريق على المتاجرين بقضية نبيلة عمقها مطالب اجتماعية مشروعة ولاغبار عليها، وكل من ينكرها فهو يتنكر لنضالات أجيال عانت من التهميش ما لايمكن لأحد أن يتصوره، فليس من رأى كمن سمع، وليس من عايش همومهم كمن تابع أخبارهم من بعيد. اليوم، وبعد سنتين الإعتصام وبعد أن أطلقت الشركة برنامج تنمية المحيط المنجمي وخرجت إلى الوجود بعض المشاريع التنموية نجد أنفسنا محاصرين بكم كبير من الأسئلة لعل أهمها : لماذا لا يطرح موضوع معتصم البان على النقاش العلني بحضور جميع المهتمين من متتبعين ومسؤولين ليتم قطع الطريق على هؤلاء المتاجرين بالقضية ؟ ثم من هي الجهة في هرم الدولة المخوّل لها إنصاف سكان إميضر وضمان حقوق الشركة وتحويلها إلى محرك قوي للتنمية ليس بالإقليم فقط، بل للجهة بأسرها؟ هي أسئلة يستوجب الإجابة عنها بغير قليل من الوضوح إن كنا فعلا نبحث عن حل مُرض للجميع في ملف طال تداوله وانتعش منه قناصو الفرص، وهو يشكل بحق مؤشرا على التوجه العام للتعامل مع ملفات من هذا القبيل. فلقد أبان السكان عن وعي كبير وهم يتعاملون مع تطورات الأوضاع، بدءا من اليوم الأول للإعتصام وصولا إلى سنته الثانية، لكن الشركة أبانت عن توجه تدريجي للتعامل مع مطالبهم المشروعة ولوحظ سيل من التنازلات وصولا إلى التوقيع على بروتكول تنمية الإقليم، فالآن نحن بحاجة إلى من يقرب آراء الطرفين، بحاجة إلى إشاعة الثقة المفقودة بين الطرفين، فالسكان في تشددهم يخافون أن تضيع نضالاتهم وتضحياتهم لقاء فتات المطالب، فمن جهة هناك «القضية الايميضرية» وكما سبق أن قلنا من قبل، قضية تحول فيها جبل البان الى رمز للصمود لساكنة جماعة ومن جهة أخرى هناك شركة مناجم المغرب والتي تعتبر أن مقترحاتها والتزاماتها وبرنامجها التنموي فاق كل تقدير او تصور ولايمكنها مسايرة مطالب تتجدد كل يوم، وشباب وكهول ونساء ورجال وأطفال يعتبرون بأنه مازال هناك الكثير الذي يستوجب القيام به قبل رفع الاعتصام ...