تشكل الصياغة القانونية ، أي كتابة النص القانوني ، آلية مركزية في نجاح نقل إرادة مشرع ما عبر قواعد قانونية أو دستورية واضحة تمكن الأفراد من إخضاع سلوكهم إليها، وبالتالي احترامها من جهة ، كما تكون آلية لنقل الالتزامات المجتمعية الفرد في المجتمع باعتبار هو موضوع وغاية تلك القواعد القانونية. لذا، فصياغة النص يعطيها فقهاء القانون بصفة عامة أهمية قصوى وعيا منهم أن كلمة أو حرف أو نقطة أو فاصلة قد تجعل القواعد القانونية تعني شيئا مختلفا عما أريد لها أن تكون عليه. إن أهمية الصياغة وكتابة النص تجد أكبر مظهر من مظاهر تطبيقها في اللغة التي استعملت في تحرير مواد مدونة الأسرة مثلا ، إذ استطاع محرروها أن يستعملوا اللغة للجواب عن الإشكالات العويصة والمعقدة التي تناولتها مدونة الأسرة، باعتبارها قانونا يهم في الجوهر إعادة تشكيل العلاقات الأسرية بنقلها لوضع المرأة من وضع تابع لإرادة الزوج المطلقة إلى وضع المرأة التي تحظى بمساواة غير مسبوقة في تاريخ القوانين في المغرب بل وفي عدد كبير من الدول. لكن سيلاحظ المتتبع أنه بقدر ما كانت اللغة التي استعملت في تحرير مدونة الأسرة آلية قوية لتطويع وضع اجتماعي صعب و نجحت في تقديم الأجوبة الصحيحة لوضع معقد، بقدر ما كانت اللغة والصياغة التي استعملت في كتابة مشروع القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية متأخرة ومتراجعة، بل وأقل جودة من اللغة التي كتب بها القانون التنظيمي للمجلس الدستوري الجاري به العمل. إن إشكالية الصياغة في اللغة ليست شكلية كما قد يبدو بل إنها مقررة في جوهر وكنه الحقوق والواجبات والاختصاصات التي تسند لهذه المحكمة التي أراد الدستور أن ينقلها من مجلس إلى محكمة ، مسايرا آخر التطورات التي عرفتها المحاكم الدستورية في جل الدول الأوربية، بالنظر إلى الاختصاصات الجوهرية والأدوار الرئيسية المعهودة للمحاكم الدستورية في أوربا القيام بها. إن الملاحظات المرتبطة بالصياغة واللغة التي يمكن إثارتها بخصوص النص المقترح من قبل الحكومة وهي ملاحظات عامة تهم النص بكامله، ثم ملاحظات خاصة تهم كل مادة على حده. بخصوص الملاحظات العامة إن من يقرأ مشروع القانون التنظيمي الذي تدارسته الحكومة الحالية ومقابلته مع نص القانون التنظيمي للمجلس الدستوري الحالي سيلاحظ بدون عناء أن مواده ما هي إلا نقل حرفي في جله، وأحيانا بالأخطاء في الصياغة التي لحقت القانون التنظيمي للمجلس الدستوري. فمن جهة أولى، هذه الملاحظات تؤكد من جهة، ما تتداول من كون الحكومة أخذت على عجلة من أمرها أمام الضغوط التي مورست عليها بسبب تأخرها في إخراج القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور، فلجأت إلى الحل السهل وهو النقل الحرفي لنص القانون التنظيمي للمجلس الدستوري بشكل متسرع ترك أثاره في نقل مشاكل الصياغة الموجودة في نص القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ، أو في محاولة غير ناجحة لتغيير بعض الكلمات دون الالتفات إلى الآثار القانونية لتلك التغييرات. من جهة ثانية، إن الثقل الذي يكاد يكون حرفيا، يطرح سؤالا مؤسسيا ويتلخص في القيمة المضافة التي أتت بها هذه الحكومة على النص القانوني القديم وهو ما يؤدي منطقيا، وسياسيا، إلى القول بأن الحكومة عدوة لتطبيق الدستور،. الخلاصة ليست اتهاما سياسيا، وإنما هو واقع قانوني ومؤسساتي، يتجلى في كون مشروع القانوني التنظيمي للمحكمة الدستورية ما هو إلا نسخة أقل من الأصل للقانون التنظيمي للمجلس الدستوري. من جهة ثالثة، فإن الحكومة، وهي تقدم نصا منقولا عن نص القانون التنظيمي للمجلس الدستوري، لم ترد أن تتنبه إلى أن المحكمة الدستورية، هي مرحلة متطورة و مختلفة جذريا عن المجلس الدستوري، سواء من حيث الاختصاصات المخولة لها أو من حيث كيفية تشكيل الأعضاء. فإذا كان، فإن المجلس الدستوري كان يعطي لكل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين حق تعيين 3 أعضاء ولا يلزمهم الدستور 1996 إلا باستشارة الفرق، فإن دستور 2001 أخرج مهمة التعيين من سلطة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين وأسندها إلى سلطة الانتخاب التي أوكلها لكل مجلس ودون اشتراط أن يكون من سينتخب عضوا في المجلس أم لا. هذا الفرق الجوهري والمؤسسي، لا نرى له أثرا في مشروع القانون التنظيمي الذي قدمته الحكومة، وكأن هذا التغيير الدستوري القوي لم يشكل حدثا. وهو من هذا الموقف، يعني أن الحكومة إما لها إرادة في عدم تطبيق الدستور وإما أنها لم تلتقط التحول الذي سنه دستور 2011. من جهة رابعة، المتعلقة بالاختصاصات فإنه واضح -كل الوضوح- أن الحكومة بمشروعها، تعبر عن إرادتها في عدم مسايرة ما نص عليه دستور2011 .و هذه الإرادة الواضحة -والتي لا تحتاج لا إلى تفسير ولا إلى تبرير- تتمثل في إبقائها على الوضع القائم الحالي من الاختصاصات المتعلقة بمراقبة مطابقة القوانين التنظيمية و الأنظمة الداخلية لمجلسي البرلمان فقط ، مع تغيير فقط في الاسم من مجلس دستوري إلى محكمة دستورية دون أن تلتفت للاختصاصات الجديدة التي أعطاها الدستور للمحكمة الدستورية . يتجلى موقف الحكومة ذاك مما ضمنته في المادة 42 من مشروعها من تأجيل أهم اختصاص أتى به دستور 2011 في المادة 133 منه المتمثل في حق المواطن في الطعن في دستورية بعض القوانين عند نظر المحاكم في بعض النزاعات. فالحكومة قررت أن تؤجل ،لأجل غير مسمى ، تطبيق حق المواطن في الطعن في دستورية القوانين. كما قررت أن تبقى المحكمة الدستورية المقبلة نسخة أقل من الأصل في المجلس الدستوري و حصرها في الاختصاصات العادية التي لا تمس المواطن العادي في حياته اليومية. إن موقف الحكومة هذا يستحق المساءلة ، أي لماذا أفرغت الحكومة المحكمة الدستورية من أهم اختصاص من اختصاصات وأجلته الى قانون تنظيمي آخر؟ وحتى لا يقال بأن ما قامت به الحكومة ما هو إلا تطبيق لما ينص عليه الدستور 131 الذي يتكلم في فقرته الأخيرة عن أن شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون سيحدد بقانون تنظيمي، فإن الرد على ذلك نجده في الفصل 131 من الدستور الذي تكلم هو كذلك عن القانون التنظيمي مرتين في الفقرة الأولى وفي الفقرة الرابعة.مع ذلك، نظم مشروع القانون التنظيمي للحكومة المقتضيات التي يتكلم عنها القانون التنظيمي في الفقرة الأولى المتعلقة بتنظيم وسير وإجراءات و وضعية أعضاء المحكمة الدستورية من المادة 1 إلى المادة 20 من جهة، وتضمن كذلك ما نص عليه القانون التنظيمي المذكور في الفقرة الثانية من نفس الفصل في المواد من 4 إلى 11 من جهة أخرى. فلماذا لم تضمن الحكومة القواعد المتعلقة بأعمال الفصل 133 في مشروعها، وهي الاختصاصات التي ينتظرها المواطن والتي تشكل التحول الحقيقي الذي حمله دستور 2011 . هذه بعض الملاحظات الأولية العامة المتعلقة بصياغة ولغة المشروع المقدم من قبل المحكمة. بخصوص الملاحظات الخاصة بكل فصل الفقرة 2 من المادة 4 هذه الفقرة نقلت حرفيا نص المادة 4 من القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ونقلت معها كلمة "الشخص الاعتباري" مع ما تحمله هذه الكلمة من غموض حول الغرض منها، والجهة التي تتوجه إليها، إذ من هو، قانونا، الشخص الاعتباري من أشخاص القانون العام. هذه الصياغة لا تساعد على الوضوح خصوصا وأن النص يتكلم عن حالات التنافي . المادة 5 هذه المادة، استعملت عند كلامها عن حالات التنافي مع المهن الحرة كلمة " كل " المهن الحرة، وهو ما يعني أن كل المشغلين في المهن الحرة يمنع عليهم أن يكونوا ، في نفس الوقت، أعضاء في المحكمة الدستورية. مع أن الفقرة الثانية من الفصل 131 لا تذهب إلى إلغاء كل المهن الحرة، وإنما تتجه إلى التخصيص في بعض المهن الحرة التي قد يوجد من يمارسونها في حالة تنازع للمصالح و التي هي وحدها المستثناة. ومما يؤكد هذا الفهم هو أن مشروع الحكومة نفسه نص في المادة 11 على أن شرط تقديم الاستقالة لترشيح لعضوية المحكمة الدستورية لا تنطبق على من يمارسون مهنة حرة. فالمادة 11 تلزم كل عضو من أعضاء المحكمة الدستورية يريد الترشح إلى مهنة انتخابية أن يقدم استقالته من المحكمة ، بينما استثنت تلك المادة العضو فيها الذي يريد أن يترشح في انتخابات داخلية مهنية غير نقابية أو سياسية مثل نقابة المحامين مثلا ، التي ليس لها لا طابع نقابي ولا سياسي ، مما يعني أن المحامي لكي يكون عضوا في المحكمة لا يطلب منه تقديم استقالته منها إذا أراد الترشح في الانتخابات الداخلية لمهنته. فهذا المقتضى المنصوص عليه في المادة 11 متناقض مع صيغة الحسم والقطع الذي وردت في المادة 5، كما أنه متناقض مع الفقرة الأخيرة من المادة 8 التي تتكلم على نشاط خاص. المادة 6 نصت على كلمة "بوجه عام" عندما نقلت حرفيا نص المادة 5 من قانون المجلس الدستوري، مع أن هذه الكلمة ليست كلمة قانونية، لأنها ليس لها مضمون قانوني يمكن الوقوف عليه والاتفاق عليه، فهذه الكلمة هي صياغة لغوية أدبية وليست قانونية، فكان على محرر مشروع القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية وهو ينقل حرفيا نص المادة 5 من قانون المجلس الدستوري أن يلتفت إلى هذه الكلمة وأن يبادر بإزالتها على الأقل. المادة 8 في هذه المادة كذلك تم نقل حرفي للمادة 7 من قانون المجلس الدستوري بما فيها أخطاؤها اللغوية كالإبقاء على كلمة "ينال" من استقلاليته بينما الكلمة المستعملة في جميع القوانين والتي لها حمولة قانونية هي كلمة "يمس" باستقلاليته . المادة 12 تعتبر هي كذلك نقل حرفي للمادة 10 من قانون المجلس الدستوري بما فيها نقل للأخطاء الواردة فيه وتناقضاته فبالإضافة للنقل الحرفي ، حملت المادة 10 من القانون المنظم للمجلس الدستوري تمييزا واضحا عن المادة 9 من نفس القانون وهو المتعلق بتاريخ بداية أثر الاستقالة ، إذ نصت المادة 10 من قانون المجلس الدستوري أن اثر الاستقالة يبدأ من تاريخ تعيين من يحل محل العضو المستقيل بينما المادة 9 اعتبرت الاستقالة تبدأ من تاريخ تقديمها. هذا النقل الحرفي ترك مجال النقاش مفتوحا حول بداية أثر الاستقالة مع ملاحظة الاختلاف بين الحالة التي تنظمها المادة 9 وتلك التي تنظمها المادة 10 و مع ذلك فإن مشروع الحكومة نقل حرفيا تلك المادة و لم يستغل هذه المناسبة لتقديم توضيح بخصوص الغموض الذي تثيره. المادة 12 دفعت عملية النقل الحرفي لنص قانوني المجلس الدستوري إلى نقل كلمة "وزير العدل" المذكورة في الحالة الرابعة من المادة 10 من القانون المنظم للمجلس الدستوري الذي يتكلم عن الجهة المؤهلة للإحالة على المحكمة الدستورية لإنهاء العضوية بها ، وهي مادة نقلت حرفيا ولم يغير منها إلا رقمها. إذ بدل رقم 10 في القانون التنظيمي للمجلس الدستوري سيصبح رقم 12 في مشروع الحكومة للمحكمة الدستورية. غير أن عملية النقل هاته، إذا كان لها في جميع المواد طابع أخلاقي و علمي، أي أن الحكومة لم تبذل أي مجهود علمي أو فكري، وإنما استولت على مجهود مشرع سابق يعود إلى سنة 1994، وبالتالي رجعت بالمغرب بسنوات إلى الوراء ، فإن عملية النقل الحرفي للمادة 10 من المجلس الدستوري بما فيها كلمة وزير العدل تعيد إلى الأذهان إشكالية دور وزير العدل في علاقته مع النيابة العامة والتي لها وحدها حق تحريك الدعوى العمومية، وهي الدعوى المعنية بالفقرة الأخيرة من المادة 12 . فهل الأمر يدخل في باب السهو عند عملية النقل الحرفي، أم أنها إرادة تتجه إلى المستقبل وتهم قوانين تنظيمية أخرى لم تظهر بعد للوجود في مجال آخر هو مجال القضاء. المادة 13 نص هذه المادة، جعل الحكومة تسقط في أخطاء عواقب النقل الحرفي، عندما استعملت كلمة "يعين" وهي تتناول حالات الوفاة والاستقالة والإعفاء. فالحكومة نقلت حرفيا نص المادة 11 من قانون المجلس الدستوري الذي كان محقا في استعمال كلمة "يعين" لأن أعضاء المجلس الدستوري حسب الفصل 76 في سنة 1996 كلهم "معينون"، إما من قبل الملك أو معينون من قبل رئيسي مجلسي البرلمان . بينما التحول الذي أحدثه دستور 2011 هو أن ستة أعضاء الذين يمثلون البرلمان أصبحوا منتخبين، ثلاثة أعضاء من كل مجلس وليس معنيون من قبل رئيسي المجلسين كما كان الحال في دستور 1996. لذا ،عندما نقول بأن الحكومة قامت بنقل حرفي لما ينص عليه قانون المجلس الدستوري و أن النقل كان بالأخطاء، نجد في المادة 13 أكبر نموذج لذلك. وهو ما يؤكد أن الحكومة لم تقم بأي مجهود فكري جديد وأن هذه المادة، لهي حجة قوية على هذه الخلاصة. المادة 14 هذه المادة، تريد أن تنظم حالة من حالات الحلول، وذلك بأن لا تتجاوز فترة العضو الجديد أطول من الفترة المتبقية للعضو القديم، إلا أن الصياغة كانت ركيكة، وهي كذلك منقولة حرفيا، بركاكتها، عن المادة 12 من قانون المجلس الدستوري. المادة 16 وهذه المادة أراد محرر مشروع الحكومة لقانون المحكمة الدستورية أن يجتهد و يغير مضمون المادة 15 من قانون المجلس الدستوري ، فقام باستبدال كلمة " إذا عاقه " بكلمة " إذا تغيب" ، دون استحضار أن كلمة " تغيب " قد تعني حتى التأخير أو عدم الحضور المؤقت لسبب خارج عن إرادة الرئيس وهو ما يؤدي إلى خلق ظروف للجدل في رئاسة عقد الجلسة و الذي يجب أن تتجنبه مؤسسة كالمحكمة الدستورية. المادة 17 في هذه المادة أراد محررها أن يقدم شيئا جديدا على صياغة المادة 16 من قانون المجلس الدستوري بأن أضاف فيها بعض الفقرات. لكن، عند قراءة صياغة المادة بكاملها سيلاحظ بأنها ستؤدي إلى عرقلة سير أعمال المحكمة منذ أول اجتماع لها. ذلك أن تشكيل المحكمة الدستوري هو تشكيل نظمه الدستور في الفقرة الأولى من الفصل 130 الذي نص على أن المحكمة الدستورية تتألف من 12 عضوا: 6 يعينهم الملك و3 منتخبون من مجلس النواب و3 ينتخبون من مجلس المستشارين، وهي الفقرة التي نقلها مشروع الحكومة في المادة 1. لكن هل يمكن لمجلس المستشارين اليوم أن ينتخب 3 من أعضائه ، مع أنه اليوم هو مجلس مخالف للقانون بعدما انتهت المدة القانونية لوجوده. وأنه لا يمكن الرد على هذا المأخذ بكون الفقرة الثانية من الفصل 130 تعطي للمحكمة الدستورية حق ممارسة عملها دون احتساب أعضاء هذا المجلس، وذلك لسبب بسيط وهو أن الفقرة الثانية المذكورة لا تتعلق بفترة تأسيس المحكمة الدستورية، وإنما تتعلق فقط بفترة تجديد ثلثها المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من الفصل 130 . وهو ما يعني أن المحكمة الدستورية حتى بعد التصويت على مشروع الحكومة فإنها لن تشكل دستوريا، لأن 3 من أعضاء مجلس المستشارين لا يمكن انتخابهم اليوم، لأن الحكومة لم تقرر بعد إجراء الانتخابات الجماعية حتى يصبح لمجلس المستشارين الوجود القانوني الذي يؤهله لانتخاب 3 من أعضائه . ومن جهة ثانية ، فإن قراءة المادة 17 يتبين منها أن محررها ترك فسحة قانونية تتمثل في كون نصاب الثلثين الواجب توفره لاتخاذ القرارات، يمكن تجاوزه بأن تتخذ القرارات بالأغلبية، و هو ما يظهر أنها وسيلة لتجاوز أي عرقلة لعمل المحكمة. لكن محرر تلك المادة أبقى على قاعدة كون نصاب الثلثين أو نصاب الأغلبية هو مأخوذ من الأعضاء الذين تتألف منهم المحكمة، أي 12 عضوا وليس من الأعضاء الحاضرين . وهو ما يؤدي إلى افراغ آلية الانتقال من الثلثين إلى الأغلبية من أي معنى، وكان يتعين الاكتفاء بنصاب الأغلبية فقط. وبما أن مجلس المستشارين لا يحق له قانونا ودستورا، أن ينتخب 3 أعضاء المحكمة الدستورية كما سبق بيانه، فإن قرارات المحكمة ستتخذ في أول الأمر ب 9 أعضاء وفي حالة الأغلبية المطلقة ب 7 أعضاء. ومن جهة ثالثة، فإن إشارة الفقرة الثانية من المادة 17 إلى أن مداولات المحكمة لا تكون صحيحة إلا بحضور 7 أشخاص هو إعلان عن عرقلة عمل هذه المحكمة. إذ أن الغياب سيصبح آلية لوقف عمل المحكمة وهو الأمر غير المقبول بالنظر للدور الذي عهد لهذه المؤسسة . المادة 22 صياغة هذه المادة بالإضافة لعملية النقل الحرفي أحدث فيها محررها ثغرات قد تؤدي إلى عرقلة أعمالها. ذلك أن المادة 21 من قانون المجلس الدستوري تنص على أن الوزير الأول يحيل القوانين التنظيمية على المجلس الدستوري و تلزم أن تكون الإحالة فور. بينما نص المادة 22 من مشروع الحكومة أسقطت كلمة فورا، و نصت على أن إحالة القوانين التنظيمية تعود إلى رئيس الحكومة بدون النص على أي صيغة تفيد إجباره على تلك الإحالة في زمن معين. مع أن الفارق بين مؤسسة الوزير الأول ومؤسسة رئيس الحكومة فرق جد كبير. إذ أن الأول كان معينا من قبل الملك، وكان الدستور يسمح للملك بعزله، بينما رئيس الحكومة لا يوجد نص في دستور 2011 تنص على إمكانية عزله. وأن إعطاءه سلطة الإحالة بدون قيود يعني كذلك إعطاءه حق الإحالة كما له الحق في التأخير في الإحالة. والمغرب اليوم، له سابقة بخصوص تعامل رئيس الحكومة مع السلطات التي أعطاها له الدستوروهي التجربة المتعلقة بالتأخير في عرض استقالة وزراء حزب الاستقلال على الملك متذرعا بأنه لا يوجد أي نص في الدستور يلزمه بأجل معين لعرض تلك الاستقالات. هذه بعض الملاحظات حول الصياغة المستعملة في مشروع الحكومة القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية، التي طبعها طابع وحيد هو النقل الحرفي لقانون المجلس الدستوري بأقل جودة وبأقل تطور.