شهدت الذكرى الثانية والتسعون لتخليد معركة أنوال التي جرت فعاليتها يوم الأحد الماضي، مواجهات عنيفة بين مجموعة من المحتجين المنتمين للحركة الامازيغية بالريف وعناصر القوات العمومية، استعملت فيها الهراوات لفض الاحتجاج. وقد أسفر التدخل الأمني عن إيقاف ثلاثة من المحتجين، فيما تعرض احدهم لجروح وصفت ب»البليغة» على مستوى الرأس. وجاء تدخل عناصر القوات العمومية، في الوقت الذي رفع فيه المحتجون شعارات مطالبة الحاضرين من رجال السلطة المحلية ورؤساء المصالح الخارجية ب»الرحيل» بدعوى أن تخليدهم للنشاط المذكور يعتبر «مسرحية وطمسا للهوية التاريخية». ورفع المشاركون في الوقفة الاحتجاجية لافتات مكتوب عليها بشكل واضح « دعوهم يرقدون فلو نطقوا لقالوا ارحلوا»، تخليد ذكرى معركة أنوال مبدأ وقناعة وتنمية الريف حق وليست تبرعا». وقالت مصادر من المحتجين في تصريحها ل»الاتحاد الاشتراكي»، ان المنطقة عاشت استنفارا أمنيا منذ الساعات الأولى من الصباح ، تم من خلالها تخويف المحتجين وتهديدهم قبل الشروع في تنفيذ الوقفة الاحتجاجية. وقد دفع التدخل الأمني بالمحتجين إلى الاحتماء بمرتفعات الجبال ورشقهم بالحجارة، الأمر الذي سهل المأمورية أمام المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لاستئناف فعاليات ذكرى معركة أنوال الشهيرة. وألقيت بالمناسبة في النشاط كلمة بالنيابة عن المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي تم من خلالها التأكيد على أن معركة أنوال الخالدة جسدت أروع صور النضال والجهاد وأبهى آيات الكفاح والصمود في مواجهة الاحتلال الأجنبي، والتصدي لأطماعه التوسعية بزعامة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، فيما تغيب عن الحفل عامل عمالة إقليم الدريوش. وتشكل ذكرى معركة أنوال، مناسبة للإشادة بالتضحيات التي قدمها المجاهدون الريفيون بقيادة البطل مولاي موحند في سبيل نصرة قيم المواطنة واستكمال الوحدة الترابية، كما تعد مناسبة لاستلهام دلالات الحدث الرمزية وأبعاده العميقة، والحرص على ترسيخ شمائل الروح الوطنية وقيم المواطنة الإيجابية في نفوس الناشئة. وتم خلال اللقاء تكريم ثلة من المقاومين وتوزيع مساعدات مادية على بعض أفراد أسرة المقاومة وجيش التحرير، فضلا عن تنظيم حفل تأبيني للمقاوم المرحوم محمد المنيشي، إكراما لروحه واستحضارا لمسيرته النضالية الزاخرة . وكان محمد بن عبد الكريم قد تميز في معركة أنوال «بدقة التنظيم وقدرة الاستقطاب وبالتخطيط المحكم والإتقان في الأداء، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في اكتساح الميدان وإصابة الأهداف «. وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الإسباني والفرنسي ، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأتباعه الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة دخل خلالها في مفاوضات معهما، فتمت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة «.